مستشار المجلس السياسي الأعلى العلامة محمد أحمد مفتاح لـ”الثورة “: إحياء المولد النبوي يستنهض وعي الأمة لاستعادة عزتها.. وانتصار اليمن وشيك
شدد مستشار المجلس السياسي الأعلى العلامة محمد أحمد مفتاح على أهمية احياء ذكرى المولد النبوي، معتبراً أنه في الظروف الراهنة للأمة “صار بمقام الواجبات الشرعية الكبرى”، لكونه “استنهاضاً حقيقياً لوعي الأمة وعزيمتها لاستعادة عزتها”.. موضحا أن تشنيع الاحتفاء بالمولد النبوي امتداد لانكباب الطواغيت عبر العصور منذ الملك العضود وحتى آل سعود على الانتقاص من مقام النبي وتحريف سيرته وتشويهها بروايات مدسوسة بهدف تغييب نهجه القويم وتقديس كل منحرف في التاريخ الإسلامي وتحويل الأمة إلى قطيع خاضع لاستبداده ونهب مقدراته.
وشخّص العلامة مفتاح أبرز عوامل فرقة الأمة وتمزقها وضعفها وتخلفها علميا وفكريا واقتصاديا وصناعيا في الفكر الوهابي الذي أكد أنه امتداد لكل الانحرافات في التاريخ الإسلامي أحياه المستعمر البريطاني وتبناه المتغطرس الأمريكي كأداة لإخضاع الأمة ونهب ثرواتها.. منوها بأن الوهابية السعودية كانت موجهة في الأصل بريطانياً لضرب عقيدة اليمنيين التي تجيز الخروج على الحاكم الظالم وإحلال الوهابية التي تحرم ذلك.
وكشف مراحل اختراق الوهابية لليمن وتوغلها حد التحكم بقراره ودولته واقتصاده والتعليم والإعلام فيه.. ومبشرا في الوقت نفسه بأن “العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن تمزق وانكشف سياسيا وعجز وفشل عسكريا وانتصار اليمن صار وشيكا”، وغير ذلك من القضايا التي تطرق إليها في هذا اللقاء:
الثورة /
جمال الظاهري
بداية.. ما أهمية إحياء ذكرى المولد النبوي في مثل هذه الظروف التي يمر بها اليمن؟
أبارك أولاً للشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية حلول هذه الذكرى الأغلى والأهم والأسمى على البشرية جمعاء، ولادة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. ولإحياء هذه الذكرى أهمية كبرى في هذه المرحلة الحساسة للشعب اليمني والأمة، فللأسف المشروع الأمريكي أوصل الأمة إلى الحضيض وركع الأمة وسلب خيراتها وصار الأمريكي يتحكم في مقدرات الأمة ويعبث بحاضرها ومستقبلها.
وأمام هذا العبث والاستنزاف لخيرات الأمة كان لا بد من استنهاض الإرادة الجمعية للأمة في وجه الغطرسة الأمريكية التي وجدت بأن أسهل ميدان لممارسة الاستنزاف والاهانة في الميدان العربي والإسلامي، أمم كثيرة كان لها موقف من هذه الغطرسة الأمريكية فالشعب الصيني والشعوب الأوروبية والكثير من شعوب العالم وقفت رافضة لهذه الغطرسة الأمريكية، وللأسف الشعب العربي والإسلامي لم يكن له موقف من ذلك والسبب تسلط الأنظمة الإسلامية المرتهنة والعميلة للأمريكان.
لذلك فإن إحياء مناسبة ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمثل استنهاضاً للأمة ولكي تعرف بأنها أمة عزيزة وكريمة لا ينبغي لها أن تخضع لهؤلاء الفراعنة من الطغاة والعابثين بدماء أبنائها، وبمقدراتهم وإحياء المناسبة استنهاض حقيقي للأمة لمواجهة المخاطر المحدقة بها، واستعادة لهويتها ودفاع عن هويتها التي تجرف بأموال الأمة التي تتعرض للتغريب الممنهج.
تقصد أن إحياء ذكرى المولد النبوي غدا ضرورة؟
احياء هذه المناسبة اليوم أصبح ضرورة وفي مقام الواجبات الشرعية الكبرى لأنه إن لم نستنهض الأمة ومصدر عزتها وفخرها الذي هو الدين الذي بُعث به خاتم الأنبياء الذي امتن الله به علينا حيث قال تعالى : “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”، وختم بقوله: “ذلك فضل الله” أي أن هذه الأمة التي بعث فيهم خاتم الأنبياء وجعله منهم وعليه لن تقوم للأمة العربية والإسلامية قائمة إلا ببعثة محمد والبعثة جاءت بعد الولادة، فالمناسبة فرصة لاستنهاض الأمة واحياء القيم السامية والنبيلة وتجديد الولاء لنبينا العظيم والارتباط به، قال تعالى “ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين”.
أمام هذا القانون الرباني وسننه تعالى نجد أن الأمة المؤمنة أتباع رسولنا محمد تعيش المهانة والإذلال والأساطيل والطائرات والقوات الاستعمارية تجوب بحارنا وأجواءنا وبرنا ولا حرمة لنا ولبلداننا ولا لما تكتنزه أرضنا ولا لمستقبل أجيالنا، فكان وأمام هذا التغول الاستعماري الكبير يجب استنهاض الأمة واحياء ذكرى مولد النبي كمحطة أساسية لاستنهاض الأمة.
ما هي دلالات هذا الزخم الاحتفائي بذكرى المولد النبوي في ظل العدوان والظروف الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني؟
الشعب اليمني أكثر شعوب الأمة استهدافا من قِبَل المتغطرس الأمريكي لأن هذا الشعب يكاد أن يكون الأكثر تميزا بين شعوب المنطقة بحفاظه على قيمه وموروثه الأخلاقي العظيم وعلى تماسكه الاجتماعي، وبالنتيجة فهو مستهدف أكثر من شعوب المنطقة ومن دلائل ضخامة الاستهداف الاستعماري لهذا الشعب أنه ومنذ خمس سنوات والعدوان والحصار لم يتوقفا، عدوان استخدم فيه أفتك الأسلحة وكذلك سخر للعدوان امبراطوريات السلاح والإعلام والمال تهويلا وتضليلا، اجتمع كل ذلك من أجل قمع الشعب اليمني وتركيعه وإذلاله.
أمام هذا الاستهداف الممنهج والكبير ليس أمامنا إلا استنهاض مكامن العزة في شعبنا وهي ما كتبها الله لنا، العزة بإيماننا بالله وبرسوله فإحياء ذكرى ولادة النبي بأعلى وأكبر زخم فيه الكثير من استنهاض قيم العمل والصبر وقيم الصمود والمواجهة والاقتداء بالنبي الذي واجه طاغوت قريش وطغيان العرب واليهود والمتآمرين والجاهلية الأولى ونحن اليوم أمام الجاهلية الأخرى، ولا بد أن نستنهض هذه الروح التي فيها فائدة كبيرة للمجتمع فكم ذُكرت من أداب وأخلاق وقيم ودروس وعبر عن النبي في هذه الاحتفائيات المتعددة والكبيرة، كل هذا النشاط فيه مادة تثقيفية وتعبوية إيمانية وروحية كبيرة، جعلت الشعب اليمني لا يبالي بما جمعوا ويستهين بالحصار ويحتقر المعتدين ويزداد ثقة بالله ويخطو خطوات واثقة وكبيرة نحو النصر فيندفع الشباب نحو الجبهات وترفدها الأسر بالمال والمؤن، حتى يأذن الله بالنصر لشعب أراد الطغاة استباحته وإذلاله ولو تمكن منا الأعداء لعبثوا بنا وعبثوا على مستوى المنطقة.
عن قصد أو ربما عن جهل تعرضت السيرة النبوية لكثير من التحريف والتشويه حدثنا عن أبرز التداعيات في واقعنا اليوم؟
بل عن قصد، كانت محاولة تحريف السيرة النبوية وتغييب المنهج النبوي القويم كان مقصودا من الطغاة الذين أرادوا أن يجعلوا الأمة مزرعة تابعة لهم ولذراريهم كما هو حاصل الآن ويتجلى في النظام السعودي الذي جعل أكبر مساحة جغرافية في الجزيرة العربية وأعظم ثروة في المنطقة وأقدس مكانين في العالم – جعل كل ذلك تابعا له ونسب كل تلك البقاع، الحجاز ونجد وتهامة وجنوب الجزيرة ووسطها وعسير ونجران وجيزان، كل ذلك وصفه باسمه ونسبه له مصادرا الهويات والتاريخ، هوية الشعب وتاريخه وجغرافية الأرض وسماها باسم شخص “سعود” وأطلق عليها اسم “المملكة السعودية”.
لا يولد لهذه الأسرة الطحلبية مولود ذكراً أو أنثى- إلا وهو صاحب سمو وأصبح عدد الأمراء والسمو أكبر من أعداد التجمعات السكانية في المنطقة التي يعينون بها، وبحيث ما عادت تتسع المناطق ولا الشركات لأصحاب السمو لكي يرأسوها ويديروها فتحول الشعب والأرض إلى مزرعة أو مجرد قطيع يعمل في مزرعتهم “كسخرة” لا قيمة لهم ولا مكانة، فالذين عبثوا بالأمة في السابق من أيام “الملك العضود.. أيام معاوية ابن ابي سفيان هم من حرفوا السيرة والنهج النبوي وكان التحريف ممنهجا، من أجل أن يبرروا ظلمهم وتسلطهم وعبثهم بمقدرات الأمة وغيبوا النهج النبوي القويم.
هل من علاقة أو رابط بين ما حدث من استهداف في الماضي وما يتعرض له الدين والسيرة النبوية اليوم؟
الاستهداف القديم للإسلام ومحاولاتهم جعله أداة قمع وتسلط بيد الحكام، هذا الاستهداف يعكس نفسه على الحالة القائمة الآن فما تركه الأوئل يعتبره المعاصرون تراثا يعتد به من يسمون أنفسهم اليوم بالسلفيين، أي المقتدين بالسلف، وحسب دعواهم بأن أولئك السلف الصالح، والواقع أن أغلب دفاعهم واقتداءهم وحرصهم منصب على السلف الطالح الذي نكب الأمة حين جعل مال الأمة دولاً وعباد الله “خولاً” واستبعد الأمة وابتز خيراتها لفترات طويلة ومزق الأمة وترك تراثاً يشرع للتمزيق والتفريق والتسلط، يستخدمه ويستند إليه طغاة اليوم للتفريق والتمزيق.
هل الفكر الوهابي امتداد لفكر وثقافة جماعات متطرفة في التاريخ أم أنه صنيعة استعمارية للنيل من الأمة من بوابة المعتقد؟
الفكر الوهابي امتداد لكل الانحرافات في التاريخ الإسلامي، والاستعمار عمل على إحياء هذا الفكر وجعله يتجسد في جماعة وكيان متطرف يدّعي الحرص والغيرة على الإسلام ويقدم نفسه على انه من يمثل الإسلام الصحيح، وحقيقته أنه إنما يمثل كل الانحرافات وعمل أعداء الامة والمستعمر على احياء هذا الفكر وتجسيده في جماعة الوهابية لكل تمزق وتخضع الأمة لأجندته الاستعمارية الغربية.
ما هي أبرز تجليات الانحرافات الوهابية في واقع الامة وواقع اليمن بشكل خاص؟
أبرز تجليات الوهابية والنظام السعودي بشكل خاص وغيره من الأنظمة المرتهنة للمشروع الصهيوني والغربي تتمثل في ما تعيشه الأمة من حالة تمزق في كل الأقطار والأماكن التي يوجد فيها مسلمون من داخل الصين وإلى كل التجمعات والجاليات المنتشرة في أمريكا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، صار الوسم الرئيسي للمسلم بأنه أول الإرهابيين ، وصوروا المسلم على أنه مخلوق متوحش وبدائي لا علاقة له بالإنسانية متوحش يقتل ويفجر الناس بوحشية.
أبرز سمات التسلط الوهابي الإجرامي على مقدرات الأمة وثقافتها وفكرها يتجلى في أنها تعيش في حالة ضعف وتمزق لا سابقة لها في تاريخها، وأن الأمة تعيش حالة من الفرقة، بحيث لا يستطيع المسلم الانتقال بأمان وأن يسير بين مدينة وأخرى وبلد وآخر ،بل يجد نفسه محاصراً في أضيق نطاق.
من تلك التجليات مظاهر التخلف التي تسود معظم بلدان العالم العربي والإسلامي، وهذا ما أرادوه وعملوا عليه كي تبقى الأمة متخلفة عن ركب الحضارة، متخلفة علمياً وتقنياً واقتصادياً وتظل في حالة صراع بين اقطارها استنهضوا كل مقومات الصراع البشري صراع القوميات عربي كردي، تركي، فارسي، أمازيغي “البربري” ، عربي افريقي، ويديرون هذه الصراعات بين أبناء الأمة الواحدة شركاء الحضارة الإسلامية .
بدأوا بصناعة التناقضات بين المكونات القومية، ثم حركوا الصراعات المذهبية وأنشأوا جماعات جديدة من أجل إثارة الفتن وتفجير الصراعات، ومن ثم بين المكونات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد شمالي وجنوبي، غربي وشرقي، قبطي ومسلم، يمني شمالي مع يمني جنوبي، تيار إسلامي وتيار قومي، غذوا التمايزات وحولوها إلى تناقضات تباعد ولا تسمح بالتنوع الخلاق المفيد الذي يغني ويثري الحضارات وينهض بالمجتمعات من خلال الاستفادة من التنوع الحضاري والفكري والقومي للنهوض بشعوب الامة كبقية الشعوب، فأمريكا على سبيل المثال تتكون من حضارات وثقافات واثنيات متنوعة ، ومع هذا عملت على جعل الاختلافات في العالم العربي والإسلامي عوامل فرقة وانقسام كي يتسنى لها ابتزازنا ونهب ثرواتنا وطمس حضارتنا وهوتينا في حين أنها تستفيد من ذلك التنوع لديها .
ماذا عن صورة ومقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الفكر الوهابي؟
يتعمد الفكر الوهابي التقليل والانتقاص من مكانة ومقام النبي صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، ويحاول تغييب النبي ودوره الإنساني الرائد في حياة البشرية تماماً .. بحيث يكون مثلنا وقدوتنا “السلف الصالح” الذي يمثله معاوية ويزيد وكل منحرف في التاريخ الإسلامي في فكرهم يمثل “السلف الصالح” بينما تمثُّل النبي وأفعاله آخر ما يأتي في أذهانهم ،ومن أساليبهم في ذلك يأتون بأفعال وقصص يكتبونها ويقدسونها ويدلسون بها على الامة وينسبونها إلى رسول الله وهي في معظمها مكذوبة ومفتراة على نبينا الكريم ومصادر الكثير منها الإسرائيليات وشعوبيات وخزعبلات.
أتوا بهذه القصص ويريدون أن يجعلوا منها سنة لنبينا، سنة الذبح وقتل الناس وهم حين يرتكبون هذه الجرائم يعتبرون ذلك سنة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم وجهاداً في سبيل الله ويقولون بأنهم يقتدون بالصحابة وبالسلف الصالح -حسب زعمهم- ويتفاخرون بذلك مثلهم في ذلك مثل أحد الامراء الظلمة الذي قال بعد صلاة العيد “أيها الناس اذهبوا فضحوا أما أنا فقد ضحيت بفلان” وهذا أحد رموز سلفهم “الصالح” الذي يقتدون به!؟
بمثل هذه الروايات المدسوسة والوقائع المشوهة هي “السنة” التي أرادوا بها التنقيص من مقام النبي والتشويه للدين وتصدير صورة سلبية وبشعة عن الإسلام والنبي وسنته المطهرة.
هل يدخل في هذا وصف احياء ذكرى المولد النبوي أنه “بدعة ضالة”؟
نعم الوجه الآخر لهؤلاء يتجلى في مناسبات عديدة لا يعتبرونها من العقيدة، ،فحيث يأتي الناس لإحياء ذكرى المولد النبوي يعتبرون ذلك بدعة ويشنعون على الناس “وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار”، ويكفرون الناس بل ويفجرونهم، وليس بعيداً علينا هذه الممارسات فلا زلت أتذكر أنهم قبل بضع سنوات قاموا بتفجير الناس في ذكرى المولد النبوي في مدينة إب في المركز الثقافي واستشهد في تلك الجريمة مجموعة من الناس منهم عدد من شباب حزب الأمة بينهم الشاب حمزة الغرباني الذي كان من خيرة شبابنا، رحمة الله عليهم أجمعين، يمارسون هذه الجرائم في الجوامع وفي أكثر من بلد، أفغانستان والعراق وسوريا واليمن، لماذا ؟ لأنهم حسب ثقافتهم يرتكبون البدع وإحياء ذكرى المولد النبوي بدعة!.
ماذا عن الدور الغربي الاستعماري في ظهور وانتشار الوهابية؟
الوهابية ربيبة المستعمر البريطاني ثم تبناها المتغطرس الأمريكي فأصبحت أداة للمستعمر الغربي بشكل عام وراعيها الرسمي هو البريطاني ومتبنيها كتوظيف هو والامريكي والصهيوني لتمزيق الامة بالشراكة مع بريطانيا وكل من له مصلحة في ابتزاز المسلمين والعرب، فالوهابية إحدى أدواتهم في تمزيق الامة.
مثال على ذلك حين وجدوا أن إيران أصبحت قوة سخروا الوهابية للنيل منها تحت عناوين كثيرة: الشيعة والمجوس والرافضة والمد الشيعي ….الخ.
ماذا عن هذا الصراع الوهابي الإيراني حدثنا بتفصيل أكبر؟
والحقيقة أنه في عهد الشاه لم يكن من ذلك شيء وكان هؤلاء يذهبون لتقبيل يد الشاه ويطلبون ود إيران لأنها كانت تدور في الفلك الغربي..
الأن وبعد أن أصبحت إيران ذات سيادة وقرارها مستقلاً ولا تخضع للأمريكان جاءت التوجيهات الامريكية للحكام العرب باستهداف ايران كي يمزقوا الامة تحت مسمى “سنة وشيعة” وتناسى هؤلاء الوهابية وصنائع المستعمر الغربي من الحكام أننا اخوة ونطوف البيت الحرام ونلبي ونتعبد معاً سُنة وشيعة ومن كل المذاهب ونجسد العقيدة السليمة فالأمة واحدة وتشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن القرآن كلام الله وان الكعبة المشرفة قبلة كافة المسلمين، ومن هنا نسأل: لماذا تفرقون وتشنون هذه الحملة الدمائية الرهيبة وأظن أن النظام السعودي قد انفق اكثر من 3 تريليونات دولار فقط في حملة التمزيق للمسلمين منذ أن قامت الثورة الإسلامية في ايران وحتى اليوم وهم يشنون حملتهم عبر الإذاعات والقنوات والمنشورات واموال توزع هنا وهناك على مستوى العالم …لماذا؟ من أجل زرع الشقاق والصراع بين المسلمين.
ماذا عن تاريخ وبداية الوهابية في اليمن وكيف تغلغلت ادواتها ووسائلها في المجتمع والنظام السياسي؟
وصلت الوهابية اليمن مع بدايات نشأتها قبل سقوط الدولة السعودية الأولى التي سقطت على يد حاكم مصر محمد علي باشا وأصلا عندما أنشأ البريطانيون الوهابية كان القصد والهدف منها اليمن قبل غيره، لماذا ؟ لأنه كان في اليمن فكر سياسي خلاصته أنه من الواجب على المؤمنين الخروج على الحاكم الظالم ولو كان أباه، وهذا الأمر في نظر المستعمر البريطاني يشكل خطراً على تواجده ويجعل من السيطرة على اليمن مستحيلاً.
لقد استطاع البريطاني السيطرة على كل البلدان العربية ولم يستطع اخضاع المنطقة التي يسودها فكر الخروج على الحاكم الظالم فتوقف لأنه أدرك أنه سيصطدم بهذا الفكر .. وتقول القراءة الاستراتيجية لهذا المستعمر أن هذا الفكر الذي يدعو ويقول سنقاتل الحاكم الظالم ولو كان أبي أو ابن قومي أو عشيرتي ما دام ظالماً كواجب ديني، فكيف لو عملنا على السيطرة على منطقة هذا فكرها وما يعتقده أهلها، بالتأكيد سيقاتلوننا وسيعتبروننا حكاماً ظالمين ومعتدين ومختلفين عن أهليهم ديناً وعادات وتقاليد وجنساً ولغة، نختلف عنهم في كل شيء فكيف سيكون قتالهم لنا وهم من يؤمنون بقتال الظالم ولو كان من اقرب الناس إليهم وكانت النتيجة أن توقفوا عند حدود هذه المنطقة ولم يجرؤوا على احتلالها احتلوا كل المنطقة العربية ما عدا هذه المنطقة من اليمن ومكة المكرمة خوفاً من ثورة اليمنيين عليهم وأثرها على بقية الشعوب المستعمرة التي ستتأثر بهم وتثور عليهم.
هذا ما يفسر ارتكاز الفكر الوهابي على تحريم الخروج على الحاكم بأي حال؟
كان من أهداف انشاء الفكر الوهبي ان يحتل مكان الفكر الذي يوجب الخروج على الحاكم الظالم، فكر يوجب الطاعة والخضوع للحاكم الظالم ما دام لم يصدر منه كفر بواح وإن كان فاسقاً وجائراً.
قال لي أحد المفكرين الأتراك واسمه “قكري تونة” كان يأتي إلى اليمن لقراءة الخرائط التركية أيام المفاوضات اليمنية السعودية.. قال: عقيدة طاعة ولي الأمر وإن كان مجاملاً وظالماً سببت انهيار الدولة الإسلامية التركية تحت جور الحكام الفاسدين والظلمة لأنه لم يكن هناك من يقاوم ومن ثم جاء الكفر البواح فأغلقوا الجوامع وحولوها إلى بارات ومراقص ولم يثر عليهم أحد لأننا كنا قد دجنا الأمة بينما أنتم في اليمن فإن عقيدتكم بقتال الحاكم الظالم حمتكم من الاحتلال البريطاني وجعلت اليمن آخر قلعة لحماية المعتقدات والقيم الإسلامية والموروث الحضاري لهذه الأمة، واقتصرت محاولات البريطانيين على إرسال الدعاة لنشر الفكر الوهابي إلى اليمن وكان أن دمر هؤلاء القباب ووصلوا إلى صنعاء ودمروا عدداً من قبابها وكذلك احتلوا تهامة ودمروا مساجد وقتلوا الناس بالمئات في المرحلة الوهابية الأولى.
أتمنى بهذا المناسبة بأن يتم تبني وطباعة مذكرات أحمد بن عبدالكريم إسحاق، أحد المعاصرين المسماة “لفحات الوجه من فعال نجد” كتب مؤلفه الواقع الذي عاشته اليمن وفعال الوهابية في حملتها الأولى المدعومة بريطانياً، كذلك ومع بدايات الوهابية أرسل إلى محمد بن إسماعيل الأمير شرحاً عن الوهابية وأهدافها وأنها تخدم الإسلام وأنها وأنها، ثم جاءه سليمان ابن عبدالوهاب أخو أحمد بن عبدالوهاب وعلماء من أبناء نجد مخالفين للوهابية وأطلعوه على الحقيقة، فقال في ذلك قصيدته الشهيرة التي ضمنها في أول ديوانها وقال في مطلعها: “رجعت عن القول الذي قلت في النجدي والقصيدة طويلة ويمكن للمهتم أن يطلع عليها وشرحها الذي جاء فيه: “فقد بدا لي غير ما صح الذي عندي” .. هذا عن بدايات الوهابية والذي يدل على انها كانت موجهة لضرب اليمنيين ومعتقدهم وما يؤمنون به.
وإذن.. كيف استطاعت الوهابية اختراق اليمن رغم انكشافها لعلمائه؟
الوهابية استغلت ما حدث في ثورة 26 سبتمبر لاختراق المجتمع اليمني، فقد كانت تمكنت من السيطرة بمؤامرة غربية بريطانية على عسير وجيزان ونجران وتوقفت على تخوم صعدة وحرض والجوف وعجزت عن اختراق المجتمع اليمني بعدها وحتى عام 1962م في ثورة 62 سبتمبر وما حدث بين اليمنيين من انقسام وجدت فيه فرصة لاختراق المجتمع اليمني ووقع اليمنيون في فخ حيث انتهى عهد القرار اليمني المستقل.
كانت بداية الاختراق القوي في عام 1962م حيث صدور القرار اليمني المستقل وتقاسمته حينها مصر أيام جمال عبدالناصر والآخر يخضع للنفوذ السعودي وتحول اليمنيون إلى مجرد أدوات صراع تتحكم فيهم أدوات النظام الغربي ” الحلف الأطلسي” ممثلاً في المنطقة بالسعودي و”حلف وارسو” والذي كانت تتمثله مصر، وأصبحت اليمن ساحة صراع لتلك المحاور وأدواته أبناء اليمن، وبعدها حين حدثت نكبة 1967م وتمكن إسرائيل من بسط سيطرتها على سيناء وقناة السويس، أذعن ناصر للهيمنة السعودية وسلمها الملف اليمني في اتفاقية الخرطوم التي انتهت بموجبها الحرب بين ما كان يسمى الملكيون والجمهوريون.
ومن حينها أصبحت اليمن مزرعة خلفية للسعودية وأصبح النظام السعودي المنفرد والمتحكم بالقرار اليمني حتى أن النظام السعودي صار يقرر من يحكم اليمن ومصيرها ويسير الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في اليمن ومن يومها تحكمت السعودية بالتعليم وأنشأت الجامعات وأوفدت أول جيل من المدرسين وطبعت المناهج الدراسية بعد المنهج المصري ولم تسنح لليمنيين الفرصة لتحرير التعليم وصارت اليمن تابعة في الإعلام والتعليم والسياسة وفي إدارة الدولة.
وحتى أنها صارت المتحكمة في أبسط القرارات، فكانوا يتدخلون في تعيين مدير مديرية أو مركز تربوي في منطقة ما، أقيلوا فلان وعينوا فلان من الناس، ناهيك عن قرارات التعيينات للوزراء والمؤسسات الحكومية وأغرقت المسؤولين وقادة المجتمع بالهبات عن طريق اللجنة الخاصة ابتداء من رئيس الدولة ونائبه ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب والقادة العسكريين والأمنيين ومشائخ القبائل وعلماء دين وأساتذة الجامعات وصار ولاء كل هؤلاء للسعودية.
كان الحاكم اليمني مجرد سائق يمسك المقود أمام الناس والعالم، صحيح يصدر القرارات ويوقعها ويخطب في المناسبات والقمم العربية والإسلامية ولكن حقيقة الأمر أن من كان يُسير اليمن هو النظام السعودي. الذي منع اليمنيين من الاستفادة من خيرات بلادهم ومن استخراج ثرواتهم النفطية والمعدنية ومن إحداث أي نهضة زراعية واقتصادية وعلمية، ومارس التجويع والافقار الممنهج للشعب اليمني وكذلك التجهيل وحولهم إلى مصدر عمالة رخيصة متواضعة لديه يعبث بمصيرهم كيفما شاء، يطرد هذا ويبقي هذا ويفرض عليهم نظام الكفيل، يطردهم بأعداد كبيرة مليون وأكثر، وهذا العبث لا زال يمارس بحق اليمنيين حتى اليوم.
ما الذي تزفونه من بشرى للشعب اليمني في هذه المناسبة؟
قال الله تعالى “وبشر المؤمنين”، وبعد أن أثبت اليمنيون جدارتهم في تحمل المسؤولية وتقدم الأمة في معركة تحرر الوعي والإرادة الشعبية، نستطيع أن نقول للشعب اليمني بأننا على مشارف انتصار كبير على المستويين العسكري والسياسي، ففي الشق العسكري قواعد الاشتباك أصبحت ثابتة وأصبح العدو غير قادر على التقدم وصرنا نحن من يتقدم ويحرر الأرض.
على المستوى السياسي حلفهم الذي بدأ كبيراً تداعى إلى أبعد حد، بدأوا بقرابة 60 دولة وبدا سلمان كبيراً وانتهى بمخازٍ كبيرة، فحلفهم الإقليمي تمزق خرجت قطر من الحلف وهي من داخل الداخل الخاص بالحلف وغيرها كالمغرب والأردن … إلخ وإن لم يعلنوا انسحابهم من التحالف مجاملة للنظام السعودي لما يغدقه عليهم من أموال ولخوفهم من الأعمال التخريبية التي قد يعملها ببلدانهم، فنجد أنهم لا يزالون يؤيدون ويصرحون بذلك.
لقد وصل الأمر بهذا الحلف أن دب الاختلاف بين قطبيه الأساسيين الإمارات والسعودية، هذا الخلاف انكشف وصار واضحاً ويتجلى ذلك بوضوح في صراعات مرتزقة التحالف من اليمنيين ووصل الصراع حداً يصعب معه أن يلتئم لهم شأن والحال نفسها بالنسبة للإمارات والسعودية.
صار انتصار اليمنيين وارادتهم وشيكا إذن ؟
العدو على المستوى السياسي قد تمزق وانكشف، وعلى المستوى العسكري عجز وفشل، الآن الشعب اليمني يحب أن يستثمر صبره وتضحياته في الحاق الهزائم العسكرية بالعدو، وتوجيه الضربات الموجعة له وفي مراكمة النجاحات السياسية، ونضرب هنا مثالاً من البدايات حين أرادوا التمثيل علينا فطلبوا الحوار في جنيف، حينها السعودية تحكمت بحركة الوفد الوطني وعبثت في تنقلاته أيما عبث وأخرته في جيبوتي ذهاباً وإياباً، في المرة الثانية كان الوفد يسافر عبر مطار صنعاء بشكل محترم ويستقبل بشكل لائق ويفرش له السجاد الأحمر، وفي القادم إن شاء الله سيفتح مطار صنعاء غصباً عنهم بفضل صبر وحراك اليمنيين.
أي مباحثات قادمة لن تكون بين “ذيل الذيل” من مرتزقة العدوان وبين قوى الشعب الحرة، المحادثات القادمة ستكون بين أبناء الشعب اليمني والمعتدي مباشرة ومع من يقف وراءه، الأمريكي وغيره، وسنحمل المعتدين وداعميهم مسؤولية ما لحق بأبناء الشعب اليمني، المسؤولية القانونية والتاريخية والحضارية، وسنسائلهم أمام العالم عن الذنب الذي اقترفه أبناء اليمن لكي يتم الاعتداء عليهم بهذه الوحشية.
أُبشِّر الشعب اليمني بأن الواقع تغيّر وما الحصار مؤخراً إلا ورقة ضغط أخيرة سرعان ما ستنكسر، وهذه آخر حلقات العدوان في محاولته كسر وتركيع الشعب اليمني، وما بعد الشدة إلا الفرج الكبير إن شاء الله.