التأكيد على قيم التآلف والتآخي والوحدة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الذي علم المتعلمين اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هديهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الشريعة ما جاءت إلا لمصلحة العباد فدين الله هو النظام الإلهي الذي وضعه الله -تعالى- لإصلاح حياة البشر ولإسعادهم في دنياهم وآخرتهم ومعادهم فالإنسان هو المحتاج إلى الدين.
وإلا فالله تعالى غني عن عباده لا تنفعه طاعة ولا تضره معصية. إن الذي ينتفع بالطاعة ويضار بالمعصية هو الإنسان نفسه قال تعالى »من عمل صالحاٍ فلنفسه ومن أساء فعليها«.. أي فعلى نفسه.
وقد شرع الله تعالى العيد لمقاصد متعددة ومصالح متنوعة ومعان رائعة تعود على المجتمع بالخير في الدنيا والثواب العظيم في الآخرة نتعرض لبعضها في النقاط التالية:
1- التلاقي بين المسلمين والتصافح تصافح القلوب وتصافح الأيدي ونرى أن شريعة الإسلام تدعو إلى هذه الروح الجمعية والجماعية في تصعيد تدريجي جميل فتدعو إلى صلة الأرحام بين الأسرة والأقارب حتى يحدث التلاقي والتواصل والتزاور والتحاب فتقوى الأسرة ويقوى بناؤها ثم يدعو الأسر إلى الاجتماع بصورة أكبر في بيوت الله لأداء الصلوات الخمس في جماعة حيث إن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة.
ثم يدعوهم إلى التجمع بصورة أكبر في صلاة الجمعة إذ إنها عيد أسبوعي للمسلمين ثم بصورة أكبر في صلاة العيدين حيث يخرج الجميع لصلاة العيد الكبار والصغار والرجال والنساء وذوات الأعذار من النساء ليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ثم بصورة أكبر في حج بيت الله الحرام حيث يلتقي المسلمون من أنحاء العالم ويستشعرون معنى الأمة الواحدة ومعنى المساواة ومعنى تعظيم شعائر الله وتحقيق العبودية له سبحانه ومعنى العرض على الله للحساب يوم الحساب.
2- صلة الأرحام والصفح عن المسيء ومقابلة الإساءة بالإحسان والقطيعة بالصلة والحرمان بالعطاء والإيذاء بالعفو والغفران فمن غفر غفر الله له ومما لا شك فيه أن التصالح والتصافي خصوصا في يوم العيد له أثره في راحة القلب وطمأنينة النفس وراحة البال واستجلاب محبة الله. قال تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) وقال تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).
3- ومن معاني العيد التوسعة على الفقراء والمساكين ولذلك شرعت زكاة الفطر من رمضان ولذلك كان العمل الصالح بكافة أشكاله بما فيه مساعدة المحتاجين في العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى وكذلك التوسعة على الأهل والأولاد فإن من أحب الأعمال إلى الله أن تدخل السرور على قلب مسلم.
4- ومن معاني العيد ومقاصده العظيمة التضحية حيث شرعت الأضحية إحياء لذكرى خليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم مع ابنه اسماعيل وقد فدى الله تعالى إسماعيل بذبح عظيم مكافأة له على طاعته لربه وطاعته لوالده واستسلامه لحكم الله تعالى وهذا هو جوهر الإسلام.
5- ومن مقاصد العيد الفرح بالله وبرسوله وبالقرآن وبفضل الله وبرحمته قال تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) وقال تعالى (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان).
فالفرح عند المسلم مرتبط دائما بطاعة الله تعالى فعيد الفطر يأتي بعد طاعة الصوم وشهر رمضان بما فيه من الطاعات المختلفة وعيد الأضحى يأتي بعد الليالي العشر وقد مضت معظم مناسك الحج.
فالفرح عند المسلم له دواعيه الجميلة المتمثلة في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والفرح بنعمة الإسلام (وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) والفرح بنصر الله للمؤمنين في كل مجالات الحياة المختلفة والفرح بالخير للآخرين. ولذلك كله تكون فرحة المسلم الكبرى فرحة بلقاء الله تعالى حيث يتلقى كتابه بيمينه ويبلغ من فرحه أن ينادي في الناس قائلا (هاؤم أقرأوا كتابيه) وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمدلله رب العالمين.
• نائب رئيس البعثة الأزهرية في اليمن
