رسائل سريعة من العلماء للقضاة
عبد العزيز البغدادي
في الندوة التي نظمتها رابطة علماء اليمن يوم الخميس الماضي في 2 ربيع الأول 1441هـ الموافق 31 أكتوبر 2019 تحت عنوان: (القضاء بين الواقع والطموح) ضمن الاحتفاء بذكرى نبي العدل والحرية والسلام وبنبرة صوته المملوءة بالصدق وإخلاصه الذي أعطى ويعطي كلماته قوة النفاذ إلى القلوب أرسل مفتي الجمهورية العلامة المجاهد شمس الدين شرف الدين رسائل للقضاة تستحق تعميمها على القارئ الكريم مع بعض ملامح ما قدمته الندوة عموماً:
الرسالة الأولى:
أنّ مواكبة الندوة للاحتفال بالمولد النبوي جاء تأكيداً على أن مثل هذه المناسبة ينبغي أن يحتفى بها بالتكريس العملي لمنهج الرسول في الحث على العدل ونبذ ورفض المبالغات الشكلية لأنها تسهم في تغييب الوعي، والمطلوب والواجب هو التأكيد على أهمية المبادئ التي بعث بها النبي محمد عليه الصلاة والسلام والعمل على نقلها إلى واقع الحياة، وهي مبادئ تقوم على العمل الجهادي بمعناه الأشمل ورفض سلوك كل من يقولون ما لا يفعلون ويأتي تحقيق العدل في مقدمة هذه المبادئ لارتباطه العميق بالإنسان والانسانية.
الرسالة الثانية:
أنّ تبني الرابطة لعقد الندوة عن القضاء لا يأتي من باب التدخل في شئونه كما يفهم البعض لأن الجميع يقدر أهمية مبدأ استقلال القضاء وحريته والرابطة تبذل قصارى الجهد من أجل تعزيز هذا المبدأ بما يمكن الهيئات القضائية من أداء واجبها الديني والقانوني والأخلاقي في تحقيق العدالة، ومبادرة الرابطة هذه تأتي في إطار استشعارها لواجبها الديني والأخلاقي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق.
الرسالة الثالثة:
أن كل قاضٍ حر شريف وكل مواطن مهتم يدرك أن شأن القضاء والارتقاء بمستوى أداء هيئاته ومدى تمثلها لمبادئ العدالة التي تضمنتها(شريعة القرآن) ليس شأناً خاصاً بالقضاة ولا بفئة أو جماعة أو طائفة أو حزب بل هو شأن كل المجتمع لأن العدالة واجبة على الدولة وحق لكل من يقطن في إقليمها بغض النظر عن جنسه أولونه أو جنسيته أو مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية أو انتمائه السياسي أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبار آخر(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم – آية (8) سورة المائدة .
الرسالة الرابعة:
أن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبدأ عام يشمل كل معروف وكل منكر ويبيح التدخل في شئون القضاء بمعنى النصح ومواجهة القاضي الظالم بكل وسائل المواجهة المشروعة ويجب أن لا يترك الحبل على الغارب للقضاة باسم استقلال القضاء لأن التدخل غير المشروع إنما هو التدخل بالضغط على القاضي بكل أشكال التدخل لكي يحكم بالباطل بمعنى آخر هناك حدود قانونية وأخلاقية تحد مبدأ استقلال القضاء ينبغي على الجميع والقاضي في المقدمة الالتزام بها.
الرسالة الخامسة:
في معرض الحديث عما تناولته ورقة القاضي نبيل القانص التي عبر فيها عن رأيه بأنه لا يجوز تحكيم القضاة ولو في قضايا غير منظورة أمام المحاكم ثنّى المفتي على المقترح الذي يعد درءاً لأي استغلال من قبل بعض القضاة المحكّمين لمكانة القضاة وعلاقاتهم بزملائهم وما قد يؤدي إليه من تعاون على الإثم.
الرسالة السادسة: أكد العلامة مفتي الجمهوري بأن الرابطة بذلت وستبذل ما بوسعها لتحسين أوضاع القضاة الاقتصادية ليتمكنوا من العيش بكرامة ويساعدهم على صب كل جهودهم واهتمامهم في تحري العدل وحماية الحقوق في أحكامهم ويبعدهم عن الانشغال بهموم الحياة.
الرسالة السابعة:
لابد من إعادة النظر في الولاية القضائية وشروطها وأحكامها بما يمكن من حسن الاختيار بعيداً عن المحاباة والمجاملة والمحسوبيات فهذه الأمور كانت الأساس في إثقال كاهل هيئات القضاء بالمتردية والنطيحة وما أكل السبع من المحسوبين قضاة لمجرد تخرجهم من معهد القضاء ولايمكن بناء هذه الهيئات دون وقفة جادة أمام إعادة النظر في شروط توليهم العمل القضائي والتركيز على أهمية البحث عن أفضل الطرق في حسن اختيارهم وكيفية إيصال القاضي الكفؤ والعادل إلى منصة القضاء والحكم.
ملاحظة:
إشارة فضيلة المفتي في معرض كلمته إلى المرأة التي شكت إليه بالقاضي الذي سمته هذه الإشارة أمام رئيس مجلس القضاء وجمع من القضاة تعد بلاغاً يجب أن يجد طريقه للتحقيق واتخاذ القرار المناسب، لأن التسامح في حقوق الناس لا علاقة له بفضيلة التسامح.
ختاماً:
مفتي الجمهورية ورابطة علماء اليمن بهذه الرسائل وكل معدي الأوراق التي كانت تستحق القراءة والمناقشة لولا ضيق الوقت، الجميع يستحقون التحية.
الصدقُ مفتاح النبوة والبناءْ * هو حصنه وسلاحُهُ الإخلاصُ