في فبراير من العام 2008 م أعدت إحدى شركات التسويق اليمنية برنامجاٍ لاستضافة المطربة العربية أصالة نصري لإحياء أمسيات فنية في مدينة عدن بالتزامن مع ما يسمى بعيد الحب ( الفالنتاين) وما أن تم الإعلان عن موافقة الفنانة أصالة على المجيء إلى اليمن وبدء الترتيبات لإحياء الحفلات الفنية حتى بدأ بعض المتشددين من اليمن ومن خارجها يتحسسون ما في جعبهم من إكليشات فتاوى التحليل والتحريم لتبدأ الحملة عبر وسائل الإعلام بتحريم الحفاوة بالمناسبة وتفسيق من يروج لها و …الخ لتصل بعد ذلك إلى الدعوة عبر المواقع الإلكترونية والمنشورات ومن على منابر المساجد لمقاطعة أي فعالية فنية للاحتفاء بالمناسبة وانبرى خطباء وكْتاب وبرلمانيون يوجهون النقد ويطالبون بمحاسبة الحكومة اليمنية على سكوتها ثم على موافقتها ثم تواطؤها في اقتراف جريمة استضافة الفنانة أصالة نصري والحفاوة بها
وحين أيقن الظلاميون أن أحداٍ لم يعر فتاوهم وصراخهم اهتماماٍ وأن المنظمين للاستضافة ماضون في عملهم وأصالة نصري عازمة على إحياء أمسياتها الفنية وأن الجمهور اليمني يحتشد من كل محافظات اليمن للحفاوة بالفنانة الأصيلة أصالة.. حينها تحرك طابور الخفافيش بشكل آخر .. وكشف عن وجه الوحشية والتطرف والعنف وبدلاٍ من الفتاوى والدعاوى والإرشادات والتحذيرات تطوِر الأمر إلى رسائل تهديد مباشرة وغير مباشرة بتصفية الفنانة أصالة واستهداف فعالياتها الفنية وجمهورها .
وعند هذا المستوى من الجنون ازداد الجمهور اليمني اصراراٍ على تجاهل المنغلقين وخفافيش الظلام وسارعت أجهزة الأمن إلى التأكيد بأنها ملتزمة بحماية ضيفة اليمن أصالة وتأمين فعالياتها كما هو الحال بأية فعالية فنية أو اقتصادية أو ثقافية في حين انبرت الفنانة أصالة نصري بوعي عالُ وشجاعة منقطعة النظير تؤكد أنها ستأتي إلى اليمن وتلتقي جمهورها وتطرب محبيها وتقيم حفلاتها غير آبهة بمايقوله أو يهدد به أو يحضر له المتطرفون والمغالون والرجعيون والمنغلقون.. وأبت أصالة أن تمنح هؤلاء فرصة تحقيق انتصار معنوي عليها وعلى فنها وعلى فكر الحاضر وقيم الحياة المعاصرة وبالفعل جاءت أصالة إلى صنعاء وإلى عدن وأقامت احتفاليتها والتقت جمهورها الذي احتشد بعشرات الآلاف إلى حفلتها التي أقامتها في الهواء الطلق..
وبالمقابل كان رجال الأمن حاضرون يزرعون مفردات الطمأنينة ومهيأون لأي احتمال قد يغامر بصنعه متهور هنا أو هناك.. لكن شيئاٍ لم يحدث من هذا القبيل وما حدث أن أصالة أبدعت وأمتعت الجمهور الذي شاركها الانتصار وغمرها بالحب والحفاوة في مدينة عدن وكذلك الملايين الذين تابعوها عبر القنوات الفضائية اليمنية التي نقلت أصالة مبدعة وشجاعة على الهواء مباشرة في حين لم يكن أمام فقهاء التطرف والتخلف والانغلاق والإرهاب إلا أن يتواروا وينهزموا .
أصالة نصري الإنسانة العربية والفنانة الواعية والمواطنة التي تعي ما يدور حولها وفي وطنها العربي الكبير والمؤمنة برسالتها الفنية النبيلة والمراهنة على جمهورها الواعي المثقف المتحضر المدركة خطورة الانكسار أمام الظلام والظلاميين غامرت وصممت على مواجهة الغلو والتطرف والإرهاب ولم تبالي بالتهديد والوعيد وكان بإمكانها أن تنسحب أو تتراجع وتتجنب المغامرة والمقامرة بإلغاء حفلة فنية في اليمن هي تعلم أن مردودها المادي والمعنوي لا يساوي لحظة قلق .. لكنها أدركت أن المسألة أكبر بكثير من “إلغاء حفلة أو فسخ عقد أو تلبية دعوة”..
جاءت أصالة إلى اليمن على صخب مراهنات تشير بأن أصالة تحمل رأسها بين كفيها لتواجه خياري ” تكون أو لاتكون” فكانت أصالة .
ولأن الحدث بمثله يذكر تمثل تجربة أصالة اليوم في أذهان الجماهير اليمنية والخليجية والعربية في خضم الاستعدادات لإقامة بطولة خليجي 20 في اليمن والتي ستقام معظم فعالياتها في ذات الملعب الذي أحيت فيه أصالة إحدى أمسياتها الفنية وبحضور عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الذين كللوها بالحب والحفاوة وعقود الفل وهم وأمثالهم – بل وأضعافهم- من رجال ونساء وأطفال ومبدعي وفناني ومثقفي اليمن ينتظرون أشقاءهم الرياضيين من دول الخليج العربي ليحتفوا بهم ومعهم بأكبر تجمع رياضي خليجي انتظر اليمنيون لسنوات يوم استضافته وحين اقترب موعد اللقاء والفرحة قفز إلى واجهة الصخب أعداء الحياة والفرح أعداء الحب والنجاح أعداء النور والبهجة أعداء الإخاء والتواصل أعداء اليوم والغد والمستقبل يبثون سموم عقلياتهم المتطرفة المتخلفة على أمل أن يرهبوا الجميع ويفسدوا فرحة الجميع ويحققوا – على حساب فرحتنا – انتصاراٍ ليس على منتخبات واتحادات الكرة اليمنية والخليجية وحدها ولا على الحكومة اليمنية وحدها ولا على دول مجلس التعاون الخليجية وحسب- بل على حاضر ومستقبل المنطقة والرياضة كلها والإنسان أينما وجد
وسيكون مؤسفاٍ أن يتحقق لهؤلاء انتصار بانهزامنا وهو ما يمكن أن يتحقق بأي خيار لتأجيل أو نقل أو إلغاء البطولة أما عدا ذلك فلن يحقق الإرهابيون والفوضويون والمتطرفون شيئاٍ على أرض الواقع وسيكون أبناء اليمن رجالاٍ ونساءاٍ وأطفالاٍ بإرادة واحدة وعلى قلب إنسان يؤمن بالحياة والحاضر والمستقبل سياجاٍ يحيط الأحبة والضيوف والبطولة ويصنع الفرح ويصِد جنون المجانين ويدحض هرطقات المهزومين والمخدوعين والمزوبعين وطابور الزيف والإرهاب والتهويل ومن كان لديه ذرة شك أو ريبة فليسأل الأصيلة أصالة نصري ويسترشد بتجربتها .
وصحيح أن الفارق كبير بين حجم ومستوى رسائل التهديد والإرهاب التي اقتصرت في تجربة أصالة نصري على فتاوى منشورة وتحريضات معلنة ورسائل وبيانات مكتوبة مباشرة وغير مباشرة بينما وصلت اليوم حد دفع عناصر إجرامية لتنفيذ عملية دموية في أحد ملاعب عدن لكن رسالة الإرهابيين جوبهت وتم الرد عليها بضبط المجرمين وتقدميهم للمحاكمة وهذا أولاٍ.. أما ثانياٍ وعاشراٍ فإن اليمن واليمنيين من أصغر مواطن إلى أكبر مسئول غدوا في حالة تأهب لمواكبة الحدث ومواجهة الإرهاب والإرهابيين وأراجيفهم بالقول والفعل جنباٍ إلى جنب مع أجهزة الأمن وأفراد القوات المسلحة الذين لن يتركوا على هامش الحدث مساحة يتسلل فيها أو منها مجرم أو متطرف أو فوضوي أو ظلامي.. وسيعلم المرجفون ودعاة الشر والفتنة ألاِ مكان يتسع لجنونهم أو حمقهم وأن الشعب اليمني بما فيه ومن فيه قادر على وأد الزيف وأهله .
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا