جاء خطاب فخامة الأخ الرئيس مهدي المشاط أمس خلال تدشينه المرحلة الأولى لمواجهة حالات في مؤسسات الدولة ، تعبيراً عن إرادة الانتصار الكامل والشامل وبما يعكس التوجهات الصادقة والمسؤولة لديه في بناء الدولة الوطنية العادلة، ذلك أن تحقيق الاستقلال يقتضي القضاء على الفساد في مؤسسات الدولة، والقضاء على الفساد قرار مرهون بالإرادة المعبّرة عن إرادة الشعب ومصالحه العُليا.
وما أكده الرئيس في خطابه أننا أمام مسار هام من مسارات مشروع “يدٌ تحمي ويدٌ تبني” ، يتركز في مواجهة الفساد بكافة أشكاله وصوره ومسميّاته، لتحقيق المبتغى من المسؤولية، والغاية منها المتمثل في خدمة الشعب ورعاية مصالحه ، لا استغلاله والتسلط عليه، معتبراً ذلك معركة مفتوحة وشاملة لا تقف إلا بالقضاء على الفساد بتمظهراته المتعددة أكانت رشاوى أو إتاوات تحت الابتزاز والاستغلال الذي يتعرّض له المواطن لدى معاملاته في مؤسسات الدولة ، ومواجهة كل ذلك معركة تتوازى وتتكامل مع التصدي للعدوان الإجرامي البغيض في جبهات الحرب العسكرية .
وقد عبّر الأخ الرئيس مهدي المشاط تعبيراً أميناً وصادقاً عن آمال وتطلعات اليمنيين في مختلف المدن والمحافظات والقرى ، وما تضمنه من مفاهيم عميقة تكرّس أن المشروعية للحاكم مُسْتَمَدّة من رعاية المصالح وحماية الأعراض والحُرمات ، وفي أن العلاقة بالمحكوم ترتكز على قاعدة “كلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته” ، كما أنه أتاح لكل مواطن أن يسهم في هذه المعركة بفاعلية عالية ، فضلا عن أن الخطوات العملية والإجرائية التي ضمنها الخطاب تعكس رؤية ثاقبة في القضاء على ثقافة الفساد والاستغلال والابتزاز التي سادت داخل مؤسسات الدولة منذ مراحل سابقة.
لم يقتصر على التذكير بمخاطر ومظاهر الفساد في مؤسسات الدولة ، بل وضع رؤية موضوعية شاملة لما اعتبرها حرباً مفتوحة ، وفقاً لمتطلبات المرحلة ولما تقتضيه مصلحة الشعب، وهي في مجملها تعبير عن المبادئ والقيم التي يجب الالتزام بها ، وانطلاقة حقيقية لمسيرة بناء الدولة على أساس العدالة والحرية، وبوضوح كامل فإننا أمام مرحلة جديدة من الحكم والمسؤولية، لا مكان فيها للفساد والنهب والابتزاز ، ولا موقع لمن يبنون علاقاتهم في مناصبهم ومسؤولياتهم وفق أهداف نفعية ومصلحية ، ذلك أن مفهوم الدولة في خدمة الشعب صارت قاعدة ارتكاز للتقييم والتصويب ، كما هي قاعدة الانطلاق باليمن في الاتجاه الصحيح.
ووفقاً لمقتضيات المعركة التي أعلنها الرئيس ، فإننا أمام عملية تغيير شاملة تكرّس نهجاً عادلاً من المسؤولية والحكم ، تتطلب إلى جانب الإرادة الصادقة جهوداً إضافية وصادقة من الجميع ، ذلك أن الانتصار في هذه المعركة مرهون بمدى تضافر الجهود وتكاملها ، ومطلوب من المواطنين والإعلاميين والسياسيين والأحزاب والنقابات والهيئات المعنية بمكافحة الفساد الإسهام الفاعل في هذه المعركة المفتوحة ، وتغليب المصلحة الوطنية العليا للشعب للقضاء على كل الاختلالات والفساد العابث بمؤسسات الدولة، ولما يعزز من جهود المواجهة التي يخوضها الرئيس والهادفة إلى تطهير مؤسسات الدولة من الفساد المنظّم والقادم من حكم المراحل السابقة كثقافة متوارثة ، ولما يحقق لليمنيين الرخاء والاستقرار وبناء دولة يمنية عادلة وسلطات حكم تقوم على أُسس وطنية ومعايير مهنية احترافية.
إن ما أكده الأخ الرئيس في خطابه من قيم ومبادئ تكرّس انحيازه الدائم للشعب واصطفافه العادل إلى جانبه ، لابد أن يُجسّد في توجه عملي يقيم مساراته على قاعدة “دولة للشعب لا شعب للدولة” ، وما يجب فهمه أن هذه المعركة التي أعلنها الأخ الرئيس ليست منقطعة الصلة عن مواجهة العدوان والتصدي له ، بل هي وجه آخر للبطولات التي يسطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية في كل المحاور والجبهات، وهناك الكثير من حلقات الارتباط بينهما والتكامل في المهام والواجبات والمسؤوليات ، انطلاقاً من مبدأ الانحياز للشعب ، والدفاع عنه ورعاية مصالحه بما يقتضيه ذلك من أن يكون الجميع خداماً وحراساً مؤتمنين على آماله وتطلعاته وتضحياته.
ويقع على الحكومة بعد هذا الخطاب التاريخي مسؤولية التنفيذ، بما يسرع وتائر البناء والتصحيح، وبما يجعل من ذلك نقطة بداية حقيقية نحو التغيير الشامل ، فيما يقع على كل المسؤولين أن يقدموا من خلال التنفيذ العملي للتوجيهات التي أعلنها الأخ الرئيس المثال والبرهان على أنهم عند مستوى الثقة التي في مواقعهم ومناصبهم ، ومن المهم أن يعي جميع المسؤولين اليوم أن أعين المواطنين ستبقى مسلطة عليهم ، وأن أداءهم سيخضع لتقييماتهم فإن أحسنوا فسيجدون الجميع إلى جانبهم يساندونهم ، وإن تقاعس أي منهم فإنه سيسقط لا محالة.
هي مرحلة جديدة بدأت وحرب مفتوحة مع الفساد ، وعلينا جميعاً وبالأخص الإعلاميين أن نكون جنوداً في هذه المعركة إلى جانب الرئيس مهدي المشاط ، ولنكن أنموذجاً فاعلاً في الرقابة والتقييم ومواجهة الفساد بمختلف أشكاله ، لنبني دولة يمنية عادلة مستقلة ومزدهرة ، لا مجال للفساد ولا بقاء للفاسدين فيها ، فبقدر ما ذلك استحقاق للشعب اليمني ، فإنه عهد سيسألناه ألوف الشهداء والجرحى والصابرين والصامدين ،سيسألنا عنه الرئيس الشهيد الذي فدى شعبه بدمه وافتداه بروحه ، ولا مجال بعد اليوم للإتكالية والتقاعس والاستهتار ، ولا مكان للفساد والفاسدين والعابثين في دولة عنوانها ” خدمة الشعب”.
وأخيراً..
وكما أن توجهات القيادة حاسمة لمواجهة الفساد ، فإن الحاجة ضرورية لتعزيز الجوانب العملية والإجرائية من أجل تحقيق الأثر الفاعل في أن يلتقي الجميع حولها في تكامل وتلاحم وثيقين ، وأن يتعاملوا مع مهامها ومسؤولياتها بصدق وإخلاص ، وبُوركَ في شعبنا اليمني الذي ظل وسيبقى عنواناً للوفاء والنزاهة والشجاعة في مواجهة أي طغيان أو فساد.
Prev Post
Next Post