تمتلئ مدارسنا بطلبة مشغولين بفرض سيطرتهم على أقرانهم واشباع عقدة النقص لديهم بالقوة وخرق القوانين والتعليمات وقد يكونوا متواجدين في حصة صفية أمام معلم جاء بهدف إعطاء الدرس لهم ، وغالبا ما تتضمن كل حصة صفية ما بين طالب إلى ثلاثة طلاب من هذه النوعية الذين يفقدون إلى الأخلاق في تعاملهم ، ولم يتلقوا أي تربية في اسرهم أو مدارسهم، كانوا نتاج تربية الشارع ورفقاء السوء .
يقف المعلم وجها لوجه متحديا هذه النوعية التي لا تستطيع ان تمكث ساعة واحدة بلا مزاح لفظي أو جسدي وهذا يعمل على اضاعة الحصة الصفية ، وكذلك اضاعة هيبة المعلم .
هنا تتقاطع اهداف المعلم مع هدف هذه النوعية، فالمعلم يريد حصة منضبطة وآذاناً صاغية وعقولا متفكرة متأملة للدرس اليومي وهؤلاء يميلون لاستبدال الحصة بمزاحهم وسخريتهم وتأمين أكبر قسط من الضحك وفرض شخصيتهم على الجميع، وبالتالي يمكن التعامل مع هذه النوعية باتخاذ اجراءات وقائية منذ البدء:
على المعلم في بداية عامه الدراسي ان يعطي انطباعا جديا حازما أمام طلبته حتى يحافظ على هيبته فهي سلاحه الوحيد في العملية التربوية في وقتنا الحالي ، وان يتحلى بالشخصية القوية الجدية ولو في بداية الأمر لإعطاء انطباع ايجابي يمكنه من فرض سيطرته واحترامه على الجميع ، وهذا مما يسهم في ضبط الطلبة المشاغبين بداية الأمر ، فالطالب المشاغب يستطيع أن يحدد المعلم الضعيف من المعلم القوي من أول حصة ، فإن وجد ردة فعل حازمة هدأ واستكان وإن وجد ردة فعل عادية تزايدت سلوكياته السلبية بهدف اثارة المعلم واخراجه عن طوره ، وبذلك يكسب الطالب المشاغب فرصته في فرض سيطرته على زملائه .
المعلم الناجح قبل أن يدخل على أي حصة صفية يجب أن يحدد نقاط قوته في التعامل مع هؤلاء الطلبة والتي تبدأ بهيبته المستندة إلى دوره كمعلم وكذلك فرق العمر وفرق الخبرة والمعرفة ، وإذا استخدم المعلم أدواته بطريقة صحيحة يمكنه ذلك ضبط الطالب المشاغب.
مثال : إذا دخلت على حصة صفية فحاول أن تهدأ وأن تصمت وان تنظر بحدة في عيون الطالب المشاغب تشير له بالجلوس ، فالهدوء أحيانا أقوى سلاح لأنه يخبئ خلفه شخصية مجهولة يخشاها الطالب ، ثم تكلم بنبرة قوية وثقة عالية وعرِّف بنفسك جيدا ، وابدأ بتوجيه النصائح عن العام الدراسي الجديد ، وتكلم عن المادة بشمولية ، فمقدار معرفتك بالمادة هي قوة أمام الطالب ، واذا وجدت حركة سلبية فحاول التغاضي عنها قدر الامكان حتى لا تظهر جميع اسلحتك في التعامل ، وابدأ الدرس فإن تكرر فعل سلبي فاستخدم أسلوب تغيير المقاعد ، واطلب من الطالب المؤدب أن يغير مكانه بالطالب المشاغب حتى تتجنب التعامل معه مباشرة وتعطيه فرصة أخرى ، واكمل الدرس وحاول ان تضبط عملية المشاركة فهي مطلوبة لإثراء الحصة ولكنها ثغرة يمكن أن يستغلها المشاغب في إثارة الازعاج ، ولذا ركز على رفع اليد ولا تسمع لمن يتكلم بعشوائية .إن تكرر تصرف من طالب محدد خلال الحصة الصفية فهنالك أسلوب رادع لضبطه ، فاطلب منه ان يتقدم نحوك وأسأله عن رقم هاتف والده ، ويمكنك ان تتصل بوالده بنفس اللحظة وتطلب منه القدوم بهدف التعرف عليه شخصيا ، ولا تخبر ولي الأمر بوجود شكوى ولكن عليك أن تؤكد انك تسعى للتواصل مع ولي الأمر ، هذه المكالمة قد تكون حلاً جذرياً للطالب إن كان ولي الأمر يشكل رادعا قويا في البيت ، وستسهم في ضبط البقية مباشرة ، ولكن إذا لم تستطع القيام ذلك فيمكنك أن تنتظر لنهاية الحصة ، وتطلب من المشاغب أن يرافقك.
أن تجلس مع الطالب المشاغب وتتكلم إليه كرجل يعطيك احتراما وتقديرا بحيث يخجل أن يؤذيك بحصتك مرة أخرى ، فيمكنك أن تجلس معه وتكلمه عن مستقبله وعن طموحه ، وحاول أن تحدد دوافعه الشخصية ، فقد يكون هذا الطالب قد لاقى عنفا أسريا في بيته ، وقد تكون ظروفه المحيطة سلبية للغاية ، فمحاولة التقرب إليه كأخ كبير واسداء النصح ، وبطريقة عملية بدون مثالية في الوعظ والارشاد ، سيجعلك تبدِّل سلوكه السلبي لسلوك ايجابي.
إذا وجدت ان الطالب المشاغب يقوم بالإزعاج فقط لمجرد التسلية ولفت الأنظار فعليك أن تعطيه قدرا من الثقة ، وتشعره بالمسؤولية كأن تقول له (( جميع المعلمين أخبروني بأنك قيادي ومميز وأنك مرح جدا ومحبوب من الجميع ولذا فأنا أحب هذه الشخصية ، ولكن هنالك بعض التصرفات السلبية التي اريد مناقشتك بها !!!!!
هنا فقط يمكنك أن تدخل لقلبه وأن تكسب محبته وأن تكرر اهتمامك به وأن تشغله بالأنشطة اللامنهجية الموجودة بالمدرسة أو المقتصرة على المادة
يمكنك ضبط الطالب بمقدار الحب الذي تستطيع أن تزرعه في صدره تجاهك ،فلا تبخل بذلك ،فالمعلم الناجح هو من يعلم ليغير لا يعلم لينهي المنهج الدراسي.