الاحتفال بالمولد النبوي الشريف .. فرض أم بدعة ؟!
منير اسماعيل الشامي
يمثل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم العلم الأول للأمة والقدوة المثلى والنور الأزلي الذي لا يأفل عنها ولا يغيب ، أمر الله تعالى أمته بالاقتداء به واقتفاء أثره والسير على دربه، والتمسك بنهجه وهديه، والتحلي بأخلاقه العظيمة، وتجسيدها في التعامل مع الناس كما كان يتعامل معهم مسلمين وغير مسلمين، أصحاباً كانوا أو أعداء، والالتزام بتأدية العبادات على النحو الذي كان يؤديها صلوات الله عليه وعلى آله ومصداق ذلك هو قوله تعالى ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) صدق الله العظيم .
والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يتحقق إلا بمعرفتنا الكاملة وإلمامنا الشامل بكل تفاصيل حياة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله صغيرها وكبيرها من ولادته وحتى لحاقه بربه ومتى ما تحققت معرفتنا الكاملة بشخصية رسولنا الكريم ، نشأته وحياته، سيرته وهديه، دعوته وجهاده، علمه وبيانه، أخلاقه وسماته …إلخ ، فحينئذ يكون الاقتداء به فرضا واجبا والسير على نهجه أمرا لازما، لأنه لا يمكن أن نقتدي به ونحن جاهلون بتفاصيل حياته ونشأته وبعثته ودعوته وحركته وكل ما يتعلق بتفاصيل حياته صغيرها وكبيرها والتزامنا بالاقتداء يجعل رسولنا الأعظم صلى الله عليه وعلى آله حاضرا في أعماقنا وكأنه مقيم بيننا يأمرنا فنطيعه، ويدعونا فنجيبه، ويهدينا فنستنير بهديه، ويستنصرنا فننصره، ويتحرك فنتبع حركته على دروب الهدى والإيمان، والصلاح والتقوى ، فتقوى الأمة، ويعظُم الحق، فيُزهق الباطل وتعلو كلمة الله.
ولأن بداية هذه المعرفة ومنطلقها هو ذكرى ولادته فقالوا أن الاحتفال بهذه الذكرى العظيمة «بدعة» !!!
ولماذا؟ لأن حادثة ولادته الشريفة نقطة فاصلة في تاريخ البشرية بين حقبتين زمنيتين من حياة البشر على سطح الأرض، فما قبل ولادته صلوات الله عليه وعلى آله يختلف اختلافاً جذرياً عما بعدها بأمور شتى، ففي لحظة ولادته تغيرت سنن وتبدلت نواميس كونية، احتفالا بشروق نور الله الذي أنار السموات والأرض ، فكانت لحظة ولادته هي اللحظة التي احتفل فيها كل من في السموات والأرض بقدوم حبيب الله وحلول رحمته ومشكاة نوره، وخاتم رسله وأشرفهم وأكرمهم، وأعلاهم منزلة، وأرفعهم قدراً في الدنيا والآخرة.
وهذا ما لا يريد الشيطان وأتباعه أن يعرفه الناس، لأن معرفة ذلك توِلد الحب في قلوب المسلمين لرسولهم وتخلق القداسة والتعظيم لشخصيته الشريفة في نفوسهم، والتعظيم لأعظم شعائر الله (النبي الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله ) التي أمر الله عباده بتعظيمها لأن ذلك يورث التقوى في قلوبهم، والاعتصام بالله، والتمسك بالثقلين، وهو ما لا يرضى به الشيطان وجنوده لعباد الله، ويستحيل أن يسكتوا عنه، باعتبار ذلك هو الخطوة الأولى نحو معاداتهم والنجاة من الوقوع في حبائلهم.
لهذا السبب فالله سبحانه وتعالى قد أكمل حجته علينا و أنزل في كتابه أمرا لنا يأمرنا بالاحتفال الدائم بفضل الله علينا وبرحمته، بسائر أيامنا فقال جل من قائل (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
صدق الله العظيم يونس الآية (??)
ومعلوم أن فضل الله الأعظم علينا هما النوران النور المرسل والنور المنزل عليه وهو القرآن الكريم بدليل قوله تعالى في سورة الجمعة الآية (?) — (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) و(ذلك) هو اسم اشارة إلى ما ذكر قبل هذه الآية وما ذكر قبلها هو النبي الأمي والكتاب الذي يتلو على قومه آيات الله ويعلمهم الكتاب والحكمة.
كذلك فرحمة الله العظمى هي في ذلك النبي الذي ارسله رحمة للعالمين فهو الرحمة وهو الفضل وحامل الفضل والذي انزل عليه الفضل ومعلم الفضل والحكمة .
وإذا كنا مأمورين بإظهار الفرح والبهجة بفضل الله وبرحمته في سائر الأيام فكيف يكون بدعة بذكرى ولادة الفضل والرحمة ؟؟؟ ما لكم كيف تحكمون؟؟
ثم أليس إظهار الفرح والبهجة والسرور هو المعنى الحقيقي لمفهوم الاحتفال الذي أكد الله عليه في ذات الآية أنه خير من أموال الدنيا وكنوزها وثرواتها ؟
فعجباً لمن يحرم الاحتفال بذكرى المولد النبي الشريف ويصفه بالبدعة، وهو يعلم أن الله شرع لنا عيد الفطر لنحتفل بتمام فريضة الصوم، وشرع لنا عيد الأضحى لنحتفل بتمام فريضة الحج !!
فأيهما أولى أن نحتفل ؟! .. بتمام فريضة أم بذكرى ولادة من جاء بالدين كله؟
أم لكم كتاب فيه تدرسون ؟ إن لكم لما تخيرون !!
وعجبا لمن يحرم الاحتفال بميلاد خير البشر، واحبهم إلى الله واشرفهم إليه واكرمهم، لكنه:
– يحتفل بأعياد ميلاد أولاده
– ويحتفل بالسنة الميلادية
– ويحتفل باليوم الوطني لبلده
-ويحتفل بعيد الحب
-ويحتفل بعيد الشجرة
– ويحتفل بيوم زواجه
-ويحتفل بعيد العمال
-ويحتفل بسروال المؤسس
وذكرى المبعسس !!!
كذبتم وافتريتم على الله الكذب بإنكاركم احتفالنا بمولد رسولنا، فضللتم وأضللتم وغويتم وأغويتم، فكنتم للشيطان أعوانا، ولجهنم دعاة وأنصارا، بتعظيمكم طواغيت الأمة ومجرميها، وصرفكم الناس عن رموزها وأعلامها، وقادتها وعظمائها الذين فرض الله علينا تعظيمهم، والاقتداء بهم، والتمسك بنهجهم، وأولهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأعلام بيته الأطهار عليهم السلام.