لا تزال ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مستمرة في حربها ومعركتها ضد قوى الشر والإرهاب منذ 2014م، وحتى اليوم، بعد أن تربعت تلك القوى على هرم السلطة وسيطرت على القرار السياسي، فتحولت اليمن إلى مرتع خصب لتلك العناصر بمختلف مسمياتها الإرهابية، وكانت جرائم الاغتيالات والقتل في كل شارع وحي ومدينة، وبات منتسبو الجيش والأمن يعجزون عن ارتداء بزتهم العسكرية الرسمية ورتبهم خوفا من الاستهداف والقتل، الذي طال المئات منهم، ليصل الأمر لأن يتم ذبح 15 جنديا في حضرموت عقب إنزالهم من باص النقل الجماعي من قبل العناصر الإرهابية، وهي تلك المجزرة التي اهتزت لها الضمائر وثارت الأنفس ونفد صبرها لتؤكد ضرورة تطهير اليمن من رجس الإرهاب واستكمال مسيرة ثورة 21 سبتمبر لتشمل كل اليمن.
الثورة/ إدارة التحقيقات
مشروع تنظيف اليمن
حققت ثورة 21 سبتمبر في شهورها الأولى من النجاحات ما لم يتحقق قبلها في عقود وخصوصا على الصعيد الأمني، وهو ما أكده رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط، قائلاً: إن ثورة 21 سبتمبر كانت قد بدأت مشروع تنظيف اليمن من تنظيم القاعدة، وكل مهددات الحياة والسكينة العامة للمجتمع، وفي هذا الصدد حققت نجاحات مذهلة بدءاً بالقضاء على جيوب هذا التنظيم الظلامي في أمانة العاصمة، ودك أوكارها في أرحب والبيضاء والحديدة ومعظم المناطق في جنوبنا المحتل، فأمن المواطن واطمأن التاجر والمسافر، وبدأت تختفي عناصر القاعدة وداعش من الوجود إلى أن عادت من جديد على ظهور دبابات دول تحالف العدوان لتصبح مكونات وفصائل أساسية في هذا التحالف البغيض كما هو معروف.
إنهاء براميل التقطعات
ولم يقتصر دور الثورة السبتمبرية على حربها ضد الإرهاب بل توسعت اهدافها ومهماتها في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وتثبيت السكينة العامة، حيث تراجعت في ظل هذه الثورة الكثير من الظواهر السلبية التي لازمت سلطات ما قبل الثورة – لسنين طويلة – من قبيل ظاهرة الفساد والثارات، واختفت تماما ظواهر مزمنة من قبيل ظواهر السطو المسلح، وقطع الطرقات، وبراميل ما يسمى بالقطاعات والتقطعات، وحافظت الثورة الخالدة على مؤسسات الدولة وعلى الممتلكات العامة والخاصة في فترة ما قبل العدوان واحتفظت بهذه المكاسب في ظل العدوان أيضا.
حيث يشير مدير عام التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بوزارة الداخلية العميد محمد محمد الآنسي إلى أهمية إدراك حقيقتين بالغتي الأهمية، الأولى تتجسد في حجم الجهود الأمنية التي بذلها رجال الأمن منذ ثورة 21 سبتمبر 2014م، للوصول إلى هذا المستوى الكبير من الإنجازات الأمنية والثاني إدراك حجم مؤامرة العدوان وعدد محاولاته التي تكشف قبحه وتعري حقيقته في استهداف الأمن والاستقرار.
8132 جريمة اغتيال خلال 25 عاما
ووفقا لإحصائيات رسمية فإن جرائم الاغتيالات والإخفاء القسري خلال 25 عاما مضى تجاوزت ارقاماً مخيفة جداً، إذ يتطرق العميد الأنسي لهذه الجزئية حيث يقول: “إذا كانت قوى الإجرام والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وأدواتها الإجرامية العميلة استطاعت أن تتلاعب بالأمن والاستقرار في بلادنا قبل ثورة 21 من سبتمبر وتنفذ أكثر من ثمانية آلاف و132 عملية اغتيال وإخفاء قسري وهذه الأرقام من إحصائية أمنية للفترة من 1990 حتى 2014م فإنها بعد ثورة ٢١ سبتمبر فشلت حتى انخفضت عمليات الاغتيالات إلى أدنى رقم”.
الوصاية على اليمن
وترى القيادات الأمنية أن الوصاية والارتهان لدول الخارج سبب رئيسي لاتساع جرائم الارهاب والتخريب، حيث يؤكد مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية، أن الوصاية على اليمن رحلت ورحل معها أدواتها وعملاؤها كما رحلت معهم عمليات الاغتيال والتفجيرات والاختطافات والتعذيب الوحشي والانتهاكات البشعة في سجونٍ ومعتقلاتٍ علنيةٍ وسرية عديدة وكثيرة منتشرة في المناطق والمحافظات التي تقع تحت تسلط الغزاة وأدواتهم الإجرامية، ولم يعد هذا خفيا على أحد بل بات حديثا وحقيقة يعرفها الجميع في الداخل والخارج.
استجلاب تنظيمات ارهابية
وشهدت اليمن قبل ثورة 21 من سبتمبر 2014م، الكثير من الأعمال التي تقزم من السلطات الأمنية والعسكرية حينها، إلى جانب تأكيدات العلاقة التي كانت تربطها بقوى تحالف العدوان، واستطاعت قوى الإرهاب أن تقتحم وتسيطر على وزارة الدفاع وسط العاصمة صنعاء وفي وضح النهار وتقتل وتفجر في كل مرافق الوزارة، إذ يقول العميد عزيز راشد مساعد المتحدث الرسمي باسم الجيش، إن مرحلة تواجد التنظيمات الإرهابية وجلبها عمل النظام السعودي والأمريكي وأتباعهم في الداخل ممن كلفوا بمهمة استجلاب تنظيمات إرهابية منذ وقت مبكر على الانتشار قرب المنشآت النفطية في مارب وشبوة وحضرموت والبيضاء والدفع بعدد من الانغماسيين إلى العاصمة صنعاء وشمال شرق محافظة صعدة للقيام بعمليات إجرامية ضد الشعب ومؤسسات الجيش حيث نفذت العديد من العمليات الإرهابية بحق مناطق عسكرية وقيادات عسكرية وأمنية واغتيال شخصيات سياسية واجتماعية هامة واستهداف ضباط التدريب والتأهيل وصولاً إلى استهداف حافلات الدفاع الجوي وبروز إسقاط الطائرات العسكرية وتفجير البعض منها في قاعدة الديلمي الجوية، وصولاً إلى استباحة وزارة الدفاع واقتحامها بسيارات مفخخة وحوالي سبعة عناصر إجرامية ثبت في ما بعد انهم من جنسيات سعودية قامت بمهمة قتل الأطباء والممرضات والعسكريين والضباط بصورة مهينة والقتل بدم بارد حتى للنساء اللاتي طلبن النجدة.
ذريعة الإرهاب الأمريكي
وفي إحدى محاضراته يقول الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي أن أمريكا اذا أرادت استباحة أي بلد او احتلاله وجهت إليه تهمة الإرهاب ودعم الإرهاب، حيث يؤكد مساعد ناطق الجيش ان الهدف من كل هذه الأعمال الإرهابية التي تعرض لها بلدنا قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م، هو إيصال قناعة لدى اليمنيين بأن الجيش اليمني والأمن اليمني لا يقدر على حماية نفسه فكيف سيحمي مواطنيه وعليه لابد من إعادة هيكلة الجيش على الطريقة الأمريكية ابتداء بوصول خبراء عسكريين من مستشارين عسكريين أمريكيين وقواعد عسكرية أمريكية في عدن وثكنات عسكرية في صنعاء شيراتون والسفارة ومناورات عسكرية مشتركة بالإضافة إلى اخذ الصواريخ التي كانت في باب المندب والمخازن وتسليمها وتفكيكها وتدميرها بحجة منع وصول هذه الصواريخ لأيدي التنظيمات الإرهابية القاعدة وداعش وأنصار الشريعة.
300 اغتيال وجريمة
أما الإعلامي عبدالحميد الغرباني مراسل قناة المسيرة، فقد سجل انطباعه عن ثورة 21 سبتمبر حيث يؤكد وجود حملات واسعة تركز على تصوير ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م كخطأ مأساوي وكارثي وانقلاب دون أن تستند هذه التوصيفات إلى معطيات حقيقية تدين الفعل الشعبي الذي شهدته البلاد قبيل خمسة أعوام وتوضح أنه لم تكن ثمة حاجة شعبية ملحة وضرورة قصوى ومحطة مهمة نحو إعادة بناء الدولة التي نخرها الفساد والإفقار دلل عليه (اعتراف حكومة باسندوة أن ما يقارب 45% من الشعب اليمني يعيشون تحت خط الفقر).
ويضيف: إن حكومة باسندوة على لسان وزير ماليتها، أعلنت عجزها عن مواجهة التحديات الأمنية والهجمات الدموية التي تشهدها البلاد والتي ضربت في ذروتها قلب وزارة الدفاع نفسها ومستشفى العرضي ومسلسل الاغتيالات والإحصائيات المرعبة لها والتي فاقت 300 اغتيال وجريمة وقعت في وضح النهار برعاية كل من الفرقة الأولى مدرع وسفارتي الرياض وواشنطن اللتين كانتا تقرران لليمن ماذا يقول وماذا يفعل وأي حالة يجب أن يكون عليها وصولا إلى استهدافهما الدائم لميزات اليمن الاستراتيجية المختلفة المرتبطة بموقعه الجغرافي وإنسانه وإرثه الحضاري والتاريخي وصولا إلى دوره الذي يمكن أن يلعبه في حال توفرت الإرادة المستقلة والطموحة، وقد كان مدخل هذا الاستهداف هو إصرار القوى الأجنبية على فرض تقسيم البلاد إلى كانتونات وكيانات تتصارع في ما بينها.
مسرح للجرائم المنظمة
لقد ساهمت ثورة 21 سبتمبر في رفع مستوى العمل المخابراتي في اليمن وحدّت من الأعمال الإرهابية تدريجيا حتى تم القضاء عليها، حيث يؤكد الكاتب والناشط السياسي إسماعيل المحطوري أن دور أجهزة الاستخبارات اليمنية برز بعد ثورة 21 سبتمبر 2014؛ نتيجة الانتكاسات الأمنية التي ألقت بظلالها على مخرجات نشاطات هذه الأجهزة وعملها في ميدان البيئة الأمنية الداخلية قبل ثورة 21 سبتمبر، حيث كانت العاصمة صنعاء والمحافظات مسرحا للجرائم المنظمة وأجهزة الاستخبارات الدولية وملاذا آمنا للعناصر الاجرامية الدولية من مافيا وغيرهم من الجواسيس الدوليين الذين تديرهم الدول كالكيان الصهيوني وامريكا وبريطانيا، مشيراً إلى أن تحالف العدوان الأمريكي السعودي حاول اختراق الجبهة الامنية التي تصدت لهم بكل حزم وصمود في ظل القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد القائد حفظه الله ، بمتابعته المستمرة والحثيثة والتي شهدت المؤسسة الأمنية والاستخباراتية نقلات نوعية حيث أصبحت العاصمة والمحافظات التي تخضع للمجلس السياسي الأعلى في شبه انعدام للجرائم المنظمة .
وقد انعكس البناء المتواصل للمؤسسة الأمنية ومنها الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، بنحوٍ فعال على أسلوب إدارة أجهزة الاستخبارات من خلال إعادة النظر في الهيكلية، والتنظيم، والأسلوب، والأداء الاستخباراتي الوطني؛ فإعادة النظر من دمج جهاز الامن القومي وجهاز الامن السياسي في جهاز موحد جهاز الامن والمخابرات جاء نتيجة الحاجة الملحة إلى دور فعال لهذه الأجهزة ، وبالنتيجة فإن مجال عمل هذه الأجهزة ينعكس سلباً وإيجاباً على واقع البيئة الأمنية الوطنية.
عمق العدو
وبعد خمسة اعوام من انطلاق ثورة 21 سبتمبر، ها هي المؤسسة الأمنية تدشن عملية امنية استخباراتية ناجحة في عمق العدو في محافظة مارب المحتلة من قبل العدوان وأدواته وبنفس الاقتدار تتوعد العمق الاقليمي خارج اليمن من خلال استراتيجية “العمق الإقليمي” والتي تهدف إلى كسر مصدات الأجهزة والمنظمات الداعمة لنشاطات التنظيمات التخريبية التي يدعمها ويديرها العدوان الأمريكي السعودي، فمبدأ الدفاع في العمق هو استراتيجية يمكن وصفها بأنها الأنضج والأصلح لأداء مؤسسات الأجهزة الأمنية اليمنية من خلال تفعيل نشاطاتها وتقليل جوانب ضعفها وتعتبر هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في تاريخ المؤسسة الأمنية والاستخباراتية اليمنية.
سد الفراغ الأمني
وسدت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وفقا لمراقبين، الفراغ الأمني بتشكيلها لجاناً شعبية وثورية من فتية مؤمنين تولوا حماية المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة وتأمين مكتسبات كل أبناء الوطن شعورا منهم بالمسؤولية الدينية والوطنية تجاه وطنهم وشعبهم ,فبذلوا كل غال ونفيس دون أي مقابل ..فجاعوا ليشبع غيرهم وسهروا لينام سواهم قرير العين ,مفترشين الأرض وملتحفين السماء ,لم يكترثوا بالبرد والحر تاركين أسرهم ومنافعهم ومصالحهم وراءهم , ولم يتوقفوا عند تلك المعاناة بل استبسلوا وضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل أن يحيا ويعيش الآخرون في أمن واستقرار ,تصدوا لعناصر الفوضى والإرهاب مرسخين دعائم الأمن والاستقرار إلى جانب أبناء القوات المسلحة والأمن ومحافظين على الممتلكات العامة والخاصة , عملوا جاهدين على استرداد منقولات المواطنين المسروقة أو المنهوبة وبادروا في حل قضياهم دون أن يحملوهم أدنى تكاليف أو عناء إلى جانب قيامهم بالرقابة الثورية في المؤسسات والمرافق الحكومية لمكافحة الفساد وإنصاف المظلومين .
تماسك الثورة
إن تماسك ثورة الـ21 من سبتمبر والالتفاف الشعبي الكبير ومن مختلف شرائح المجتمع اليمني حولها , كما يؤكده مراقبون محليون، جعل الثورة تمضي في خطى قوية للقضاء على الفساد وتحقيق الأمن والازدهار ,وهو ما لم تستسغه دول العدوان الداعمة للإرهاب ,والتي سعت منذ عقود لتمزيق اللحمة الوطنية وتفتيت الوطن وتمزيقه, إضافة إلى التدخل المباشر ومحاولة تصفية الثورة عسكريا بعد فشلها في تصفية الثورة عبر الطرق والوسائل السياسية والاقتصادية.