الجنوبي الأصيل لن يكون في مهب الريح!

 

عبد العزيز البغدادي
بعض من يدعون تمثيل القضية الجنوبية يتاجرون  بها لدى من يعلمون  أنه العدو التاريخي لليمن بحجة أن الشريك الشمالي قد طعن الوحدة في مقتل ، وبعض هؤلاء حين كنت أبدي تحفظي على اندفاعهم  الغريب نحو الوحدة التي أعقبت نشر كتاب (البريوسترويكا) أو إعادة البناء الذي أعدته المخابرات المتشاركة في تغذية أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي ، وكان ذلك البعض  في أحسن الأحوال يتجاهل ما أطرح من تحفظ على ذلك الاندفاع هروباً من أي نقاش جاد ، ويمكن ارجاع الانهيار إلى الأيديولوجيا الصارمة وممارسات قادتها ، ومن أسباب اندفاع النظام في الجنوب نحو الوحدة بأي ثمن  هروبهم إليها كما قيل عقب تخلي ذلك الاتحاد الهش عن شركائه بتلك السرعة ، وحقيقة الأمر أن نظامي الشطرين قد هربا إليها الشمال محملاً بهشاشة الدولة الناتج عن ركام الفساد بكل أشكاله  ، والجنوب محملاً بثارات الاقتتال والتصفيات الرعناء  وهذه وقائع تحتاج لدراسة واسعة ومعمقة وصادقة !!.
وقد اعتقد هذا البعض  أن الدولة في الشمال يحكمها ملائكة وحقيقة الأمر أن النظامين لم يكونا سوى أتباع أحدهما للشرق والآخر للغرب ، لكنها المكابرة والسباق على السلطة التي دفعت بهما بعيداً عن المحاولة الجادة لبناء دولة تليق باليمن الموحد وبعضهم لم يدرك أن المصلحة التي خضع لإغرائها ستكون نتيجتها وخيمة إلى الدرجة التي وصلت إليها أما تجار السياسة فلا تهمهم نتائج ما يصنعون  ، والبعض وصل بهم عمى الحقد إلى درجة  الاستعانة بقرن الشيطان وذيله وتجريد السياسة من المبادئ ، وذلك ما يجلب الكوارث وأعباؤها دائماً يتحملها الشعب الضحية التي يتحدث الجميع  باسمه !
ومع ذلك كنت ومازلت أعتقد أن الجنوبي الأصيل شأنه شأن الأحرار لن يكون ألعوبة في مهب الريح أو يستجدي من دويلة القراصنة ومملكة الأعراب هوية أو ملاذا يحميه من أخيه الشمالي الذي كان وما زال شأنه كشأن الجنوبي ضحية لغرائز الاستبداد ونزوات الحكام الفاسدين الذين اعتبروا الوحدة كعكة انهمكوا في تقاسمها فتشوه وجهها وتمزق روحها أشلاءً !.
الجنوبي الأصيل  يعي الفرق بين الإنسان الذي دفعته فطرته السليمة نحو  الاندفاع أو دفع به نحو كارثة دولة (الوحدة بأي ثمن) ومن أبرزهم  المناضل الوحدوي  المرحوم عمر الجاوي وبين الإنسان الذي تهيمن عليه نظرية ( السياسة مصالح ) بوحشيتها ، ذلك الاندفاع كان خطأ تكتيكياً في حسابات حسني النوايا إن لم يكن خطأ استراتيجياً لما ألحقه بالوحدة من تمزق وما جلبه  زعماء الفساد من ويلات  نتيجة هذا الفعل المندفع ورد الفعل المقابل وهذا ما بينته السنوات منذ 1990م حتى اللحظة ، ولأننا نفصل النتائج عن الأسباب فإننا ننسب الوحدة إلى زعماء الفساد الذين قتلوها في المهد بممارساتهم !!.
الجنوبي الأصيل يعرف الفرق بين تأريخ دويلة القراصنة (الإمارات) التي أسست برعاية الصهيونية في جزء من الصحراء اليمنية الكبرى التي يسمونها بالربع الخالي ودولة الأعراب (آل سعود) وبين تأريخ  اليمن قبل الإسلام ودورهم في الإسلام وحكمتهم التي خلدها الرسول الأعظم الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق بمنطق التراكم المعرفي والأخلاقي ، وهذا مغيب عن عقول وأذهان المحللين السياسيين  المستأجرين المقيمين  في اسطنبول والرياض والقاهرة ولندن يتتبعون حلقات العنف والعنف المضاد بين فردتي نعال السعودية والإمارات الذين قذفت بهم البارجات متعددة الجنسيات إلى الشواطئ اليمنية تستجير فردة رمضاء السعودية لإنقاذ الشرعية المزعومة من نار فردة الإمارات متجاهلين  أن الفردتين تتبادلان الأدوار بصورة دراماتيكية ملحوظة.
والجنوبي الأصيل يفرق جيداً بين الخطأ والصواب ولا يقبل أن يكون ورقة في مهب الريح تدفعه تارةً نحو روح الوحدة لتتقاذفه تارة أخرى رياح التجزئة والتشرذم الممولة من هذا البدوي وذاك القرصان!.
نعم لقد شوه بعض من يطلق عليهم بالزعماء زوراً وجه الجنوبي الأصيل وإلا فهل يجهل بأن اليمني شماليا كان أم جنوبيا لا يمكن أن يستعين بمن أُسست لهم دويلة ودولة قبل حوالي سبعين سنة لبناء دولة لبلد قامت فيه دول وحضارات قبل سبعة الاف سنة ، إنها مهزلة لا يمكن تصورها دفعت بمتصحري الضمير إلى استهداف بسطاء الشمال وترحيلهم  مُشيعين بأقذع الألفاظ ، هذه ليست عدن وليس هذا الجنوب الحر لأن هذا ليس فعل الاحرار إنه فعل عبيد البدو والقراصنة ، والجنوبي الأصيل لا يفوته معرفة كون الإنسان الذي يمتلك قدرا من الحكمة والمروءة لا يعجز عن معرفة أن الأحقاد لا تغذي سوى الأحقاد والعنف لا يولد الا العنف !!.
الجنوبي الحقيقي يفرق بين العنف الهمجي والمقاومة ولايمكن أن يُستدرج لجلب البدو والقراصنة لاحتلاله، لا يمكن أن يكون تافهاً لهذه الدرجة ولايميز بين العدو والصديق والمقاومة والعمالة والارتزاق.
وملامح الجنوبي الحر نشهدها في قسمات المناضل الحريزي الذي يؤكد في كل وقفاته على التمسك بانتمائه المهري اليمني العربي ويرفض هو وكل شرفاء المهرة أي تواجد سعودي على أرض اليمن، فالجنوبي الحر موقعه ضمن حركات المقاومة المناهضة للسفه السعودي الإماراتي المنتشر كالسرطان الذي صار يجاهر بانتمائه الصهيوني بصلافة ويهزأ بأبناء الجنوب ويعتبرهم مجرد أتباع ومرتزقة.
الخيارات الخطأ يمكن تصحيحها بالبصيرة والبحث عن الموقع اللائق بين الأحرار و الجنوبي الأصيل  ينتمي في معظمه إلى الإسلام  الذي جاء رحمة للعالمين وليس من يستجدي الحرية من العبيد !!،هذه النظرة تعفي كل إنسان عن البحث في الأصول لمراكمة  وصناعة  الطائفية السياسية التي تجلب الأحقاد لتنميها وتستثمرها ، وتجار الحروب والأزمات  يدرسون المجتمعات ويتصيدون أقذر الأدوات بغرض خلق المتناقضات والأزمات واستثمارها بدلاً عن البحث عما يوحد الإنسانية ويساعدها على العيش في محبة وسلام  ونبذ وسائل  التطييف السياسي التي صارت ورقة الصهيونية التي تقوده ويا للعجب باسم السنة بدعم  أمريكا ضد محور المقاومة الذي يمثل  نبض العروبة ، والإسلام الباحث عن الشراكة في إنقاذ الإنسانية من لغة المصالح المتوحشة .
واليمن عند من يقرأ التأريخ بوعي لا يستقر إلاّ في ظل دولة موحدة تسودها الحرية والعدالة وهذه البضاعة لا تستورد من السعودية أو الإمارات لأن فاقد الشيء لا يعطيه! .
عندما ترتقي النفس نحو العُلى
تغيب المسافات
ولا يبلغ النصر إلا المدافع عن أرضه
والعرض دون المروءة أنّى له أن يصان.

قد يعجبك ايضا