بينما كان وزراء الخارجية العرب وكبار القادة السياسيين يخطون عبارات الشجب والإدانة لقرار نتنياهو بضم غور الأردن والضفة للسيادة الاسرائيلية كان صاروخان للمقاومة الفلسطينية يكتبان عبارات الشجب والإدانة ولكن بقلم متفجر اخترق منظومة القبة الحديدية ونثر حبره ليكون ضمن جدول أعمال نتنياهو الانتخابي ..
فبغير إرادة حزب الليكود يجد زعيمهم نفسه مضطراً للهرب من صاروخ فلسطيني ربما قوته العسكرية لم تتعد مجرد حفرة على أرض مدينة اسدود المحتلة لكنها تحولت إلى فجوة سياسية ما بين نتنياهو والناخب الاسرائيلي حاول أن يملأها بالتهديد والوعيد وأن جيشه يستطيع أن يمحو هذه الصواريخ ، لكن نتنياهو أمام هذا المشهد الأخير استنزف آخر أوراقه الانتخابية، فغزة من وجهة نظر الناخب الإسرائيلي هي شوكة في الحلق يزداد ألمها مع زيادة عدد الصواريخ المتساقطة عليهم ، وتهديدات نتنياهو بعدوان رابع على غزة لم يعد هو ما يبحث عنه الناخب، فالثابت لدى العقل الباطن الاسرائيلي أن ثلاثة اعتداءات سابقة لم تستطع أن تحسم أمر المقاومة في قطاع غزة فالناخب الاسرائيلي لم يعد يتعطش لمشاهد دماء الفلسطينيين بقدر ما يتعطش لعدم سماع صافرات الانذار التي جعلتها صواريخ المقاومة الفلسطينية ضمن أبجديات حياته اليومية ، فكلما حاول قادة الاحتلال تضليل الرأي العام بوهم القضاء على مستودعات الصواريخ وهدم الأنفاق ووقف الإمداد باغتهم تطور نوعي في أداء المقاومة ، فدقّة الصواريخ في الزمان والمكان هي الأمر اللافت مع بداية هذا العام ، كما أن الرصد والمتابعة لقادة جيش الاحتلال وعمليات اختراق الحدود وتسيير حوامة بحرية وطائرات مسيّرة ، كلها ألغام توضع في طريق المرشحين للفوز بكرسي رئيس وزراء الاحتلال..
ولأن هذا التطور حدث في عهد نتنياهو فإن فرص فوز حزبه في هذه الانتخابات ضئيلة جدا ، حتى وإن كان عهده قد شهد انطلاق صفقة ترامب فنُقلت السفارة الأمريكية للقدس ، وفُتح ملف تصفية حقوق اللاجئين ويُستكمل الآن بوعده ضم أراضٍ من الضفة المحتلة، لكن الناخب الاسرائيلي يبحث عن أمنه بين هذه القرارات ولا يجده ، حتى التطبيع العربي الذي يتجلى في أبهى صور الخيانة في عهد نتنياهو لم يعد كافياً لإيقاف تطور صواريخ المقاومة الفلسطينية، ولهذا فالصواريخ باتت لاعباً أساسياً ولم تعد اللاعب الثانوي الذي يسقط على أطراف المستوطنات الاسرائيلية المحيطة بغزة .
فكابوس الصواريخ الذي مسَّ هيبة نتنياهو أمام الكاميرات سيظل يلاحقه ولن يستيقظ منه إلا عندما تُطلق القبة الحديدية صافرة نهاية مستقبله السياسي .