> قائد الثورة: السعودية والإمارات تدفعان بالخونة إلى مقدمة المعارك وعندما يتراجعون تقومان بقتلهم
> ناطق التحالف يتحدث عن هدف عسكري والصليب الأحمر يكذِّبه
> تعذيب جسدي وجنسي في سجون الاحتلال وتعليم وتدريب في سجون المجلس السياسي الأعلى
الثورة / عبدالقادر عثمان
بينما كانوا يتأهبون لمغادرة السجن في صفقة تبادل للأسرى بتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، انهال العدوان السعودي الإماراتي عليهم بغارات حولتهم أشلاءً اختفت الكثير منها بين لهب النيران وركام الأنقاض.
751 أسيراً كانوا إلى قبل اعتقالهم يقاتلون في صف من حكم عليهم بالإعدام بصورة جماعية ولم يتردد عن تنفيذ الحكم بصورة تعكس حجم الحقد الذي يتملكه تجاه الشعب اليمني دون استثناء، وتعبر عن احتقاره لكل المنضوين تحت لوائه للقتال ضد أبناء وطنهم.
خمسون جريحاً فقط من بين الضحايا يتلقون العلاج في مستشفيات مختلفة في صنعاء وذمار، بينما بقية العدد قتلى وآخرون منهم لا يزالون تحت ركام مبنى كلية المجتمع في ذمار، والذي استهدفه العدوان بسبع غارات في وقت متأخر من مساء السبت، عشية الأول من سبتمبر الجاري.
هدف عسكري
عقب الاستهداف بادر المتحدث الرسمي باسم تحالف العدوان العقيد تركي المالكي للتصريح بأن الموقع الذي قصفه التحالف في ذمار هدف عسكري هو مخزن للذخيرة والطائرات المسيّرة وليس سجنا، وأن التحالف اتخذ كافة الإجراءات لتحييد المدنيين أثناء استهداف الموقع المذكور.
لكن الصليب الأحمر الدولي فنّد تلك الادعاءات، مؤكدا أن التحالف استهدف سجنا للأسرى الذين كانت تجري اتفاقات لإطلاق سراحهم في صفقة تبادل بين الأطراف اليمنية، فيما قالت منظمة العفو الدولية “في واحدة من أكثر الهجمات المروعة هذا العام، دمرت غارة جوية شنتها قوات التحالف مركز احتجاز في ذمار في اليمن وبشكل كامل كان يتواجد فيه 170 معتقلاً، ما أسفر عن مقتل معظمهم” داعية إلى إجراء تحقيق مستقل في الجريمة.
إدانة على استحياء
وكان بيان مشترك صادر عن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والمنسق الأممي المقيم في البلاد ليز غراندي، الأحد، وصف ما حدث بأنه يمثل «مأساة»، مطالباً التحالف ببدء التحقيق في الحادثة. وشدد المبعوث على أهمية مساءلة المسؤولين عن الهجوم، وقال إن السبيل الوحيد لإنهاء القتل والبؤس في اليمن، يتمثل في إنهاء الحرب الدائرة منذ سنوات.
وأوضحت غراندي أن «عدد الضحايا صادم»، مشيرة إلى أن الغارات الجوية أجبرت المنظمات الإغاثية على تحويل الإمدادات الطبية المخصصة للتعامل مع تفشي مرض الكوليرا إلى مستشفيات ذمار، قائلة: «ليس لدينا أي خيار».
إفلاس إنساني وأخلاقي
وشهدت الجريمة إدانات واسعة من قبل الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني واستهجانا كبيرا من قبل النشطاء اليمنيين، لكن لم يعلق أحد من القيادات التابعة للعدوان (حزب الإصلاح وبقية المرتزقة) على الجريمة ولو بكلمة واحدة.
يقول قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي إن «جريمة العدوان بحق الأسرى تعكس الحقد والإفلاس الإنساني والأخلاقي لتحالف العدوان وتخبطه وانسداد الأفق في حربه العبثية على الشعب اليمني»، مضيفا ”جريمة العدوان بحق الأسرى شاهد إضافي على أن تحالف العدوان يستبيح كل أبناء الشعب اليمني حتى الموالين له”.
وأشار السيد عبدالملك إلى أن من قدم الخدمات للعدو وأيدهم وبارك جرائمهم بحق شعبه يرى اليوم أنه لا كرامة ولا قيمة له، وأضاف «السعودي والإماراتي يدفعون بالخونة إلى مقدمة المعارك وعندما يتراجعون يقومون بقتلهم وأحيانا يقصفونهم للضغط عليهم».
دعوة شاملة
من جانبه يقول رئيس لجنة الأسرى في الوفد الوطني عبدالقادر المرتضى «يبدو أن أسرى المرتزقة أصبحوا هدفاً لطيران العدوان وأن هناك قراراً بالتخلص منهم لأسباب كثيرة».
ووجه المرتضى دعوة «إلى كل الأطراف اليمنية المقاتلين إلى صف تحالف العدوان وتحت رايتهم لإجراء تبادل كامل وشامل لجميع الأسرى والمعتقلين اليمنيين عبر أي طريقة مناسبة للجميع وعبر أي وساطات يتم التوافق عليها»، لكن دعوات المرتضى لم تلق سوى التجاهل من قبل تلك الأطراف.
شركاء الجريمة
ويؤكد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن التحالف يُمعن في قتل اليمنيين منذ خمس سنوات دون التمييز بين أحد، وأن صمت المنظمات الدولية عما يحصل يدل دلالة واضحة على اشتراكها معه في كل جرائم الحرب التي ينفذها، وأنها تعمل بشكل استخباراتي لصالحه، في إشارة إلى أن الصليب الأحمر أجرى عدة زيارات لسجن الأسرى في ذمار ومنح الأسرى بطائق تعريفية يحصلون من خلالها على الحماية والرعاية الكافية.
من جانب آخر، يرى نشطاء وصحفيون أن «التحالف ينفذ عمليات تصفية بحق المرتزقة التابعين له ويوصل إليهم رسائل واضحة بأنهم سيكونون أهدافا لطائراته حتى إن ظنوا أنهم ناجون من الموت، وبالتالي ليس لديهم سوى القتال معه سواء مقابل المال أو تحت التهديد، لأنه يدفع ثمنهم مسبقا على هيئة مرتبات، وبالتالي فهو يراهم مِلكْاً له وأدواتٍ يحركها كيف يشاء».
ليست وحدها
وعلى الرغم من أن جريمة سجن ذمار ليست الأولى التي يرتكبها العدوان بحق الأسرى إلا أنها الأكبر من حيث عدد الضحايا، فقد استهدفت طائراته عدة سجون قبل ذلك، منها سجن شفر في محافظة حجة في مايو من العام 2015، وراح ضحيتها 15 قتيلاً و25 جريحاً من المدنيين، وفي أكتوبر 2016، ارتكبت طائرات العدوان مجزرة بحق نزلاء سجن الزيدية في محافظة الحديدة راح ضحيتها 34 قتيلاً وعشرات الجرحى، وذلك بثلاث غارات أحالت مبنى السجن ركاما، أما في العام 2017 فقد استهدف التحالف مبنى الشرطة العسكرية في أمانة العاصمة بسبع غارات خلّفت أكثر من 30 قتيلاً وعشرات الجرحى، وتعرض أحد السجون التابعة لصنعاء لنحو 15 غارة.
انتهاكات وسجون سرية
وارتكب التحالف خلال أربع سنوات من العدوان على اليمن مئات المجازر بحق المدنيين وحتى الأطراف التابعة له، كما حصل في نقطة العلم جنوبي اليمن قبل أقل من شهر حينما قصفت طائرات الإمارات تجمعا لمرتزقة حزب الإصلاح والمستقيل هادي مخلفة أكثر من 300 قتيل ومئات الجرحى الذين عملت على تصفيتهم في مستشفيات أبين.
وفي هذا السياق، أنشأت الإمارات منذ دخول قواتها قرابة 18 سجناً سرياً في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، ومارست فيها مختلف الجرائم والاعتداءات اللفظية والجسدية والجنسية، وأودعت فيها الإمارات ومرتزقتها كافة المعارضين للتواجد الأجنبي في اليمن، وكذا الرافضين لحملات التجنيد الإجباري لأبناء الجنوب كمرتزقة في صف دولة ابن زايد والمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال.
اعتداءات جنسية وجسدية
وقد كشفت تحقيقات دولية تعرُّض الآلاف من الجنوبيين للتعذيب داخل هذه السجون على طريقة تعذيب الأمريكيين لشباب العراق مطلع الألفية الثالثة في سجن أبو غريب، عقب الاجتياح الأمريكي لبلاد الرافدين واحتلالها بحجة تخليصهم من نظام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، وتشير التحقيقات إلى أن السجناء في معتقلات الإمارات السرية ربُطت أعينهم وأذرعهم وحُشروا في حاويات كبيرة مليئة بالبراز وروث الحيوانات.
ليست الإمارات وحدها من تمارس الانتهاكات بحق السجناء، إذ أودعت القوات السعودية آلاف المرتزقة في صفها سجونا كبيرة وجرى جلدهم وتعذيبهم على خلفية محاولاتهم الفرار من الحدود بعد قتالهم معها ضد الجيش واللجان، وما شهدوه من انهيارات كبيرة في صفوفهم وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى دون تحقيق أي تقدم.
سجون المجلس السياسي
وعلى العكس من ذلك فقد لقي السجناء الذين وقعوا في أيدي الجيش واللجان الشعبية اليمنية اهتماما كبيرا من السلطات اليمنية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى، إذ حظي الأسرى بالرعاية الصحية والبدنية دون تعرضهم لأي اعتداءات من قبل القائمين على السجون، وبلغ عدد الدارسين في محو الأمية (765) سجيناً، أساسي (108)، ثانوي (102) جامعي (97)، ماجستير (7)، تحفيظ قرآن (909) سجناء، لكن التعليم في معظم السجون يكاد يتوقف بسبب تدمير العدوان للمنشآت التعليمية.
وقد قامت مصلحة السجون خلال العامين 2017- 2018 بإعادة تجهيز وتطوير خمس وحدات صحية بالسجون المركزية في محافظات (إب، الحديدة، عمران، ذمار، حجة)، ونفذت العديد من البرامج مثل (التطريز، الخياطة، النجارة، صيانة الموبايل، الربط الشبكي) لتأهيل وتدريب النزلاء ودمجهم في المجتمع بعد خروجهم منها.
مصير مجهول
ويبقى مصير الأسرى اليمنيين مجهولاً تعرقل حريتهم دول العدوان وأياديها من المرتزقة، ويستمر التحالف بالضغط لإعاقة ملف الأسرى الذي أبرم بين الوفد الوطني ووفد الرياض في مباحثات ستوكهولم بين الطرفين أواخر العام المنصرم، ومع اقتراب بلوغ الملف عامه الأول فإن التحالف ومرتزقته يستمرون باتخاذهم في كل مرة حيلة للانقلاب عليه؛ ما يؤكد رغبتهم في تعذيب الأسرى وإمعانهم في قتلهم حتى وإن كانوا ذات يوم مخالبهم التي يبطشون بها وأنيابهم التي يسحقون بها أحلام ملايين الأطفال في اليمن.