مع انطلاق ماراثون الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة في تونس، اختار كثيرون مخاطبة أنصارهم واستمالة ناخبين جدد عبر شعارات تنوعت في مضمونها، في حين أثار بعضها الجدل، لكن الغاية كانت واحدة وهي الفوز بكرسي الرئاسة.
26 مرشحا للانتخابات الرئاسية يمثلون أحزابا وائتلافات، وآخرون مستقلون، بدؤوا الاثنين بشكل تدريجي تعليق صورهم وملصقاتهم الدعائية في شوارع تونس، في وقت ابتكر فيه آخرون أساليب جديدة للتعريف ببرامجهم الانتخابية.
«يلزمها حمة»، شعار اختار مرشح الجبهة الشعبية حمة الهمامي أن يخاطب به أنصاره، وهو مستوحى من المخيال الشعبي التونسي في إشارة «للرجل المناسب في المكان المناسب»، وفق العضو في حملته الانتخابية وائل نوار.
وقال نوار للجزيرة نت إن حمة الهمامي «بماضيه النضالي وبنظافة يده» هو الرجل الأنسب لقيادة البلاد، لافتا إلى أن شعار الحملة كان مقترحا من أنصار الحزب خلال الحملات التي قادها المرشح بين مناطق عدة بتونس.
مرشح التيار الديمقراطي محمد عبو اختار شعار «دولة قوية وعادلة» للترويج لحملته الانتخابية، حيث اعتبر مدير حملته محمد العربي الجلاصي أن الشعار لم يكن اعتباطيا، بل رافق المرشح لسنوات طويلة وطبّقه حين كان في الحكم وفي المعارضة.
وقال الجلاصي للجزيرة نت إن إرساء دولة قوية وعادلة سيكون من أولويات عبو حال وصوله للحكم، وفي إطار الصلاحيات الدستورية الممنوحة له، منتقدا استغلال الموجودين في سدة الحكم لمؤسسات الدولة والقضاء لخدمة مصالحهم الشخصية.
ووصف أداء الحكومات السابقة بالضعيف «مما انعكس سلبا على صورة تونس في الداخل وخارجها، وهز ثقة التونسيين في الطبقة السياسية برمتها»، حسب قوله.
وفي حين جعل منصف المرزوقي «المستقبل يجمعنا» عنوانا لحملته الانتخابية، اختار لها مهدي جمعة «مستقبل تونس». أما شعار نبيل القروي، المسجون بتهم فساد، فهو «في قلب تونس»، في حين كان شعار حملة حمادي الجبالي «هيا تونس تستنى» (هلموا إلى تونس).
سرقة الشعارات
مرشحون كيوسف الشاهد وعبد الفتاح مورو تعرضوا لهجمات شرسة من خصومهم السياسيين بتهمة سرقة شعارات حملاتهم الدعائية من أحزاب وشخصيات سياسية من داخل تونس وخارجها.
اختيار يوسف الشاهد لشعار «تونس أقوى» رآه كثيرون سرقة واضحة لحملات انتخابية لرئيسيْ فرنسا السابقين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، في حين رد الشاهد على هذه الاتهامات بأنه تشابه من محض الصدفة.
بدوره اتهم النائب في البرلمان ومؤسس حركة «أمل» ياسين العياري أحزابا بسرقة شعار حزبه «أمل وعمل»، في وقت اتهم فيه أنصار مرشح حزب التيار الديمقراطي محمد عبو عبد الفتاح مورو بسرقة شعار الحزب «دولة قوية وعادلة».
أسلوب الدعاية
ويقر الأستاذ الجامعي والمختص في علوم الإعلام والاتصال الصادق الحمامي بتغيّر الخطاب السياسي الدعائي للمرشحين مقارنة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2014.
وقال للجزيرة نت إنه وخلافا للاستقطاب الأيديولوجي الذي ميّز الخطاب السياسي والدعائي للمرشحين قبل خمس سنوات، عرف المشهد الانتخابي اليوم مشاركة واسعة من أطياف متنوعة فكريا واجتماعيا بعد أن انحصرت المنافسة في تيارين اثنين ممثلين في النهضة ونداء تونس.
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن المشهد السياسي يطغى عليه التشرذم حتى داخل العائلة السياسية والحزبية الواحدة، مما صعد في وتيرة المنافسة الدعائية وجعلها أحيانا تكتسي منحى خطيرا، حسب وصفه.
وأشار الحمامي إلى اهتمام بعض مرشحي الرئاسة بمظهرهم الخارجي وبطريقة مخاطبة الجمهور، في حين اختار آخرون التخلي عن البدلة الرسمية وربطة العنق، سواء عبر ملصقاتهم الدعائية أو في جولاتهم داخل المدن.
استخدام الحافلات لتعليق صور المرشحين طريقة اعتبرها الحمامي مبتكرة لبعض المرشحين على غرار مهدي جمعة ومحمد عبو، مقابل ما وصفه بصمت غير مفهوم لمرشحين آخرين على غرار المرشح قيس سعيد.
يشار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس حددت سقف الإنفاق الإجمالي للحملات الانتخابية للمرشحين بنحو مليون و50 ألف دينار (نحو 360 ألف دولار)، في حين تم إحداث لجنة لمراقبة تمويل الحملات الانتخابية وتوزيع 1200 مراقب محلف بكامل المحافظات.