دلالات الأحداث الأخيرة الداخلية والدولية على الساحة اليمنية بدء العد التنازلي لوقف العدوان
منير الشامي
الأحداث الأخيرة في جنوب الوطن والتي بدأت بانقسام مزعوم لما يسمى قوات الشرعية بانقلاب مليشيات الانتقالي -الخاضعة لسلطة الإمارات – بمحاولة فرض سيطرتها على المقار الحكومية والمعسكرات في المحافظات الجنوبية عدن، لحج وابين حتى بلغت مشارف مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة وخاضت فيها أعنف المواجهات مع مليشيات الإصلاح المنضوية ضمن القوات التابعة للرئيس الفار هادي، انتهت بإعادة الانتقالي إلى عدن واستهداف قوات الشرعية بغارات امارتية راح ضحيتها نحو 300 قتيلا وجريح.
كل هذه الأحداث لم تكن عفوية البتة، أو خارجة عن مسرح عمليات تحالف العدوان إطلاقا بل هي جزء لا يتجزأ من مخططات العدوان الرامية إلى إراقة وسفك الدماء اليمنية في محاولة لتحالف العدوان للتخلص من الشرعية المزعومة بجميع مكوناتها والمرتزقة بشقيهم.
قائد الثورة -حفظه الله -في سياق حديثه عن تلك الأحداث -وهي في بدايتها بل في ثاني أيامها -كشف بحكمته هذه الحقيقة وبين مدلولها موجها النصح لأبناء الجنوب وتحذيرهم من الانجرار وراء وهم استعادة دولة الجنوب التي شددوا عليها في بيان ما يسمى بالانتقالي المعلن في اليوم الأول لتحركه.. وعدم المشاركة في إراقة الدماء اليمنية مؤكدا أن أي تحرك تحت تحكم وسيطرة المحتل لن يخدم إلا أجندته.
هذا يؤكد سعي تحالف العدوان وعلى رأسه السعودية والإمارات للتخلص من المرتزقة إيذاناً بالجلوس مع الأنصار على طاولة المفاوضات، عقب فشلهم المتعاقب وعدم قدرتهم على تحقيق أيّ انتصار عسكري ميداني يذكر منذ قرابة خمسة أعوام في مختلف الجبهات رغم إمكانياتهم الضخمة من عدة وعتاد. فضلا عن وجود 180 الف مجند في الكشوفات الوهمية لما يسمى بالشرعية ليس لأغلبهم أي وجود في الأرض. بالإضافة الى الإنفاق المهول على تدريبهم، ومقابل مرتباتهم وتسليحهم بأحدث الأسلحة، وإسنادهم بالطيران المكثف والمعلومات العسكرية الدقيقة طيلة سنوات العدوان على بلادنا.
ذلك ما جعل النظامين السعودي والإماراتي في حالة عجز تام وانهيار كامل امام المشاريع البائسة وقوة صلابة وبأس المقاتل اليمني الثابت في مختلف جبهات الصمود، وغيرها من الاسباب التي عززت من يقينهم باستحالة استمرارهم في العدوان والتي نورد اهمها في التالي:
– التطور المتسارع الذي تشهده اسلحتنا الدفاعية ( القوة الصاروخية والطيران المسير ) وتنامي قوتها وتنوعها وتوسع ونجاح عملياتها الهجومية، ووصولها إلى الدمام ومشارف ابو ظبي، استطاعت بذلك قض مضاجع العدو وإخراج عدد من المطارات والقواعد العسكرية السعودية عن الخدمة، كما اسهمت هذه الإنجازات بانهيار العامل الثاني لتحالف العدوان المتمثل بزيادة وتضاعف قوة الخصم وقدراته وكذلك العامل الثالث بتحييد 90% من طيرانه الحربي عبر منظومات دفاع جوي فعالة وناجحة عمليا، إضافة إلى انهيار العامل الرابع بتنامي قوة وامكانيات وحداتنا البرية وقدرتها اليوم على اجتياح مدن المملكة بسهولة ونجاح تام .
– إصدار قرار المجلس السياسي الرامي الى تشكيل لجنة المصالحة الوطنية الشاملة، ولم يكن توقيته في هذا الوقت جزافا ولا عبثا وانما جاء كضرورة ملحة لتهيئة الظروف لأحداث مستقبلية، واستعدادا لإجراء مفوضات يمنية دولية مع وفدنا الوطني، فربما لا تكون علنية بل سرية حفظا لماء وجه دول العدوان التي حتما ستقدم ضمانات حقيقية وقوية على جديتها وتلزمها بتنفيذ بنود الاتفاق التي سيتم التوافق عليها ومن ثم يأتي انعقاد مفاوضات يمنية يمنية تخرج بالتوافق بين مختلف المكونات على اعادة بناء الثقة ومبدأ الشراكة في بناء يمن قوي ومستقل، وتوحيد الجهود وتوجيهها نحو المصلحة الوطنية .
كما أن هذا القرار يؤكد على جدية قيادتنا وحرصها على القبول بكل المكونات التي ستكون جدية وصادقة في عزمها على تقديم مصلحة الوطن الموحد على باقي المصالح الأخرى وعلى قطع علاقتها بأي طرف خارجي أيا كانت الأسباب حتى ولو كانت من مكونات المرتزقة
– قرار البرلمان برفع الحصانة عن 35 نائبا من مرتزقة العدوان يشير إشارة واضحة إلى أن هذا القرار جاء من مصدر قوة لقيادتنا، يؤكد قدرتها على فرض نص القانون وتنفيذه على تحالف العدوان وعلى الخونة من النواب ولم يعد لديها أيّ تخوف من طرح هذه الورقة في أيّ مفاوضات قادمة أو تسوية سياسية مرتقبة ولذلك اعطت قيادتنا الضوء الأخضر ليقوم مجلس النواب بمسؤوليته الوطنية والقانونية تجاه الخونة والعملاء من اعضائه
– تطور وتنامي الإنجازات السياسية في الساحة الإقليمية والدولية والتي تمثلت باعتراف إيران رسميا بشرعية وحكومة المجلس السياسي الأعلى وطلبها تعيين سفير للجمهورية اليمنية لديها وعزمها على تعيين سفير لها في صنعاء وهي أقوى دولة في المنطقة دليل وافٍ على توافق دولي نحو الاعتراف بشرعية صنعاء في القريب العاجل وما الخطوة التي قامت بها إيران إلا الخطوة الأولى التي أجمع المجتمع الدولي عليها وألزم ايران بتنفيذها لأن إيران لا يمكن أن تخطو هذه الخطوة بصورة فردية ابدا وهو ما تفرضه عليها سياستها الخارجية وعلاقاتها مع المجتمع الدولي ، فلو كانت خطوة فردية لقامت بها في اليوم الأول لإعلان المجلس السياسي وتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني
– زيارة وفد اماراتي رفيع المستوى إلى إيران وعدم تنفيذ أي عملية هجومية عليها حتى الآن يشير إلى وجود تفاهم بين صنعاء ودبي برعاية ايرانية نحو وقف العدوان
– المواقف الدولية التي حققها وفدنا المفاوض في الساحة الدولية ولقاءاته المتكررة مع سفراء العديد من دول العالم يؤكد على وجود تفاهمات دولية إيجابية تجاه الملف اليمني واول بنوده إجماع دولي على الاعتراف بسلطة صنعاء
– الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى أعلنت رسميا عزمها على الدخول في مفاوضات مع قيادة أنصار الله وسعيها الجاد لتوسيط روسيا لفتح قنوات لها مع قيادة أنصار الله لعدم وجود أيّ قنوات بين الطرفين حتى الآن وهو ما أكده رئيس الوفد الوطني الأستاذ محمد عبد السلام في تصريحه بعد لقائه بنائب وزير خارجية روسيا في مسقط عما تم اتفاقهم خلال اللقاء عليه وهو ما يدل على حقيقتين ويؤكدهما الأولى حقيقة التوجه الدولي للإقرار بشرعية حكومة صنعاء وفي مقدمتها امريكا.
والحقيقة الثانية استعداد النظام الأمريكي للتخلي عن حلفائه بالخليج والتضحية بهم كل ما سبق يشير إلى انهيار كل العوامل التي استند عليها تحالف العدوان لأربع سنوات ونصف في عدوانه الداخلية منها والدولية.
هذه الأحداث وتلك المجريات تجعلنا على يقين أن العد التنازلي لوقف العدوان بدأ وسيمضي رغم أنف السعودية والإمارات وأنهما سيتحملان كافة المسؤولية المترتبة على عدوانهم وعلى نتائجه وآثاره على بلادنا شاءوا أم أبوا، ولم يتبق ليتحقق ذلك إلا الاتفاق على وضع الجنوب وسيتم الاتفاق إن شاء الله على ذلك خلال الأيام القادمة وطبقا لرؤية قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-والتي لن تخرج قيد أنملة عن وحدة اليمن واستقلاله وعزة وكرامة شعبه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بإذن الله وتأييده.