حياة البساطة في عالم الماديات والشكليات
محمد أحمد المؤيد
ما من فرد وجد في هذه الفانية – في أي مجتمع كان – إلا وتجد في داخله رغبة جامحة ومساعي حثيثة بغية إشباع النفس البشرية بكل ما من شأنه جلب السعادة في محتواه وتحقيقها في عالمه، وذلك عبر أي شيء كان من شأنه إيجاد ذلك الشعور الغريزي الذي يكمن في كل نفس , وهو الأمر الذي دائما ًما نجد غالبية الناس إن لم نقل جميعهم يتفننون بشتى السبل والوسائل من أجل تحقيق ما أمكن من هذا الشعور الغريزي المتمثل بالسعادة , ولذا نجد من الناس من يسلك طريقا وعرا ومضنياً كي يحقق السعادة ومنهم من يسلك طريق البساطة والسهولة من أجل ذلك , وهذا يعتمد بالضرورة على قناعات الأفراد حول ماهية الطريقة التي تناسب شخصهم والمجتمعات التي يمضي نسق حياتهم معها ويتفاعلون مع مقتضيات الحاجة فيها , وكل هذا وذاك قد يجلب للفرد في داخل مجتمعه إما الشقاء والعناء أو الراحة والطمأنينة والسعادة والرخاء , بل إنه كلما تناسبت القناعات مع مقتضيات العيش ووجد عامل الرضا للشخص عن نفسه ووجدها مناسبة مع وضعه كلما انعكس ذلك على حياته كلها والعكس تماماً.
يجدر بالإنسان أن يتخير لشخصه ونفسه ما يناسبه ويروق لطبعه ولا يجد الإكراه والتذمر فيه ومعه , لأن الحياة عموما ً لو وجدنا لها تفسيراً واحداً لكانت حياة الإكراه والتصنع هي من تفتك بالسعادة حتماً , ولأن الإكراه حتى مع النفس ذاتها يفقد النفس صوابية ادراك معاني صفاء العيش , حتى لكأن الإكراه يبتعد بالنفس عن عامل البساطة الذي يعد الرقم الأعلى في عالم السعادة على العكس تماماً مع الإكراه الذي يجلب التكلف والتصنع الزائد عن حده الذي ما إن يستمر الفرد في سلوك هذا الطريق الوعر إلا ويجد نفسه ذات يوم وقد فقد كل ما من شأنه جلب السعادة سواء ً للشخص مع نفسه أو أسرته والمجتمع من حوله , حتى أننا نجد الإكراه هو من يخرج الشعوب عن الطوع وهو ما يحدث وحدث في عالمنا العربي تحديدا ً وما سمي بالربيع العربي , فعندما وجد الناس جموداً في سياسة الحكام مع التعامل بعامل الإكراه والتضليل خرجوا عن إرادة حكام تولوا أعداء هذه الأمة وباعوا قضاياه المصيرية كما هي قضية فلسطين المحتلة من قبل الصلف الصهيوني الغاصب , وقد نجد الإكراه يلعب دور المنغصات في الحياة الزوجية أو الأخوية أو المجتمعية وخاصة إن وجد تكلف فهو بلا شك يوجد بيئة خصبة للإكراه والتذمر , الذي لو تعامل الناس بمبدأ البساطة والرحمة الذي يجلب اليسر والسهولة , وهي بطبعها تكون بيئة خصبة لكل ما من شأنه جلب معاني السعادة في حياة الناس عموما ً, فكلما كان هناك إدراك وتحر في التعامل بالبساطة والبشاشة وعدم التكلف والتنغيص على حياة الناس مع بعضهم البعض أو حتى مع ذواتهم أولا ًكلما رقا الناس بحالهم وترحالهم نحو السعادة الغامرة المليئة بالحب والاحترام المتبادل , الذي يجلب حتما ً السعادة , خاصة إن رضي الناس ببعضهم كما هم وعلى قدر حالهم وتعاملوا في ما بينهم على مبدأ الإنسانية , التي لا تتجرد من النظر للناس بعين الماديات والشكليات التي أوجدها لنا عالم اليوم بكل غث وسمين وضروري وثانوي وكمالي , الأمر الذي يدعو الناس لانتهاج البساطة فيما بينهم فهذا أحسن.
فالإنسان بإنسانيته ونخوته ومبادئه وتمسكه بدينه وأسلافه ومجتمعه الأصيل , التي تبعده عن التكلف والإكراه والتصنع والنظر إلى الآخرين بما يمتلكونه من سيارات فارهة أو عقار ومبانٍ متناثرة أو أموال طائلة والتعمد في إغفال جانب الخير بين الناس وبما يمتلكه الآخرون من مناقب وأخلاق إنسانية راقية ورائعة لا تعيب نقص أو قل ظروفهم ومادياتهم , التي تبدو كشكليات مهما كانت – لأن الإنسان يستطيع الاستغناء عنها ويعيش بدونها – قد يكون ضررها أكثر من نفعها , فثقافة البساطة في جل تعامل الناس فيما بينهم أصبحت من الضروريات في عالم اليوم , وذلك حتى لا يفقد الناس صوابيتهم إلى الطريق التي تجلب السعادة والهناء والرخاء الاجتماعي في عالمهم ومجتمعاتهم , والذي سينعكس حتماً على عالم الناس , وذلك من خلال التسهيل على كواهلهم وأنفسهم الضعيفة ” ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ” , وخصوصا ً نحن اليمنيين اليوم وما يمر به بلدنا الحبيب اليمن من كوارث إنسانية أوجدها لنا ذلك العدوان الهمجي (السعوأمريكي) الظالم , وما وصل إليه الناس من حالات إنسانية تستدعي من كل عاقل وفطن أن يدرك أن تعامل الناس فيما بينهم بالبساطة والرحمة وعدم التكلف والإكراه هو السبيل الأمثل لتدارك ما يمكن تداركه داخل المجتمع وأفراده كي يدوم عامل الود والاحترام وتلافي أي أخطاء وإشكاليات ومشاكل اجتماعية بما من شأنه صلاح وسعادة المجتمع والأسر والأفراد والجماعات , والذي باعتقادي إن هذا هو ما سيخفف عن الناس معاناتهم , لأنه إن قل جاهك أو مالك فقد تكون زوجة صالحة تنظم أمورك وحياتك أو أخ يعينك ويواسيك أو أخت تفرح بطيب كرمك ولين قلبك أو صديق يسأل عنك ويهتم بحالك أو أستاذ يعلمك وووووو وأي شيء به نسمو بحياتنا نحو العلا والسعادة “بالحاصل / الموجود كثيره أو قليله ” .
ولله عاقبة الأمور