
لقاءات / عبد الواحد البحري –
,بعد نصف قرن من الثورة واليمن في “ألف باء” مشاريع تنموية وخدمية
,جاءت (الثورة) الشبابية في 2011م لتزيل تسرب الحكم العائلي إلى النظام الجمهوري
,لا نزال نراهن على الحكمة اليمانية التي جعلت من الربيع اليمني أنموذجاٍ يحتذى
نحن اليوم نعيش ذكرى العيد الـ 51 لثورة سبتمبر التي امتدت إلى كل مظاهر الحياة بهدف إحداث التغيير حيث خرجت الجماهير إلى الساحات والميادين مطالبة بالتغيير نحو أفق جديد وحياة يطمح إليها كل يمني, ولأن حياة الإنسان قائمةَ على مبدأ التغيير والتحول نحو الأفضل والأجمل والأحسن والأكمل فقد بينت لنا ثورتا سبتمبر وأكتوبر أهمية ذلك من خلال المبادئ والأهداف التي ما تزال شاهدة على عظمة الثورة اليمنية فاستمرار وحدتنا وتمسكنا بها وباستقلالنا الوطني وحقنا فى التحرر والانطلاق نحو غدُ أفضل تجسد إيمانا بمبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر.. واليوم يحدو اليمنيين الأمل في مخرجات الحوار الوطني وما سينتج عنه من قرارات مصيرية لليمن واليمنيين.
وفى ذكرى سبتمبر وأكتوبر الثورتين المجيدتين اللتين زلزلتا الأرض تحت أقدام الإمامة والاستعمار نستطلع آراء عدد من الأكاديميين والسياسيين عن ما تم تحقيقه من أهداف الثورة اليمنية ” سبتمبر وأكتوبر” لإحداث تغيير في حياة اليمن وطنا وإنساناٍ ودور ثورة الشباب السلمية في الدفع بعملية التغيير الشامل لبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة فإلى التفاصيل:
بداية يقول الأستاذ الدكتور عبد السلام محمد الجوفي – وزير التربية والتعليم السابق والأستاذ بجامعة صنعاء :إن سبتمبر ميلاد جديد لوطن كاد أن يحتضر لقد أنعش سبتمبر الآمال بل صنعها ليس فقط لدى اليمنيين ولكن الآمال العربية خاصة أن الثورة السبتمبرية أتت بعد انفصال الاتحاد بين مصر وسوريا وكان سبتمبر مقدمة ومحركا لنجاح يمني عظيم في 30 نوفمبر67 والذي أتي في زمن عربي حرج بعد هزيمة يونيو1967م وكانت انطلاقة عجلة التقدم اليمني نحو بناء الإنسان وتحقيق الحلم الأجمل في 22 مايو 1990 والذي أتى في زمن انكسار عربي آخر سبتمبر هو من صنع أحلام الشباب ومن يجادل عليه قراءة أهداف الثورة بل وينظر في تاريخها الناصع وانجازاتها العظيمةاليوم ونحن نعيش التبادل السلمي للسلطة ونعيش الحوار الوطني الشامل نستطيع أن نقول أن ثورة سبتمبر وأهدافها وقيمها حاضرة اليوم في لجان الحوار وقيم سبتمبر حاضره في احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والفصل بين السلطات وفي تنمية الإنسان التي كانت غاية الثورة السبتمبرية وكل الحركات الإصلاحية اللاحقة وحتى اليوم إن أي حديث في اليمن عما تم ويتم وعن الإنسان وتنميته والتغيير نحو الأفضل ما هو إلا امتداد للحديث عن أهداف الثورة السبتمبرية والاكتوبرية.
سبتمبر التغيير
من جهته يقول محمد عبد الله زبارة – ناشط وباحث : عندما أبان لنا خاتم الأنبياء والمرسلين مقصدا من مقاصد الدين الهامة في قوله (الناس سواسية) هذه الجملة استوعبها أهل السبق في الإسلام فكانوا إخوة لبلال وعمار في حين استنكر أكابر قريش كما استنكر المتكبرون من قبلهم استنكروا مساواتهم بعبيدهم.
هذا التساوي هو أساس دعوات التغيير بالرسالات السماوية فكل رسالات السماء قامت على هذا الأساس فقصص القرآن الكريم التي أمرنا الله أن نتدبرها وان نسير في الأرض لنعرف كيف كانت عواقب الذين خلوا من قبلنا كل تلك القصص في مجملها هي تجارب الأنبياء في التغيير لواقع الناس.
ومجملها يدور حول إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وهي جوهر الناس سواسية والإشكال أن هذا المفهوم المهم تسرب إلى الأمم من قبلنا حتى قال بنو إسرائيل ( نحن أبناء الله وأحباؤه) ومثلما تسرب إليهم تسرب إلينا فكانت أولى عرى الإسلام نقضا هي الحكم فزال منها تساوي الناس باسم القرشية أو الهاشمية من هنا كانت أهمية سبتمبر الثورة كروح تغييريه تسعى نحو تساوي الناس كما جاءت (الثورة) الشبابية في 2011م لتزيل تسرب الحكم العائلي إلى النظام الجمهوري حتى يبقى الناس سواسية.
من هنا نؤمن أن سبتمبر التغيير سيبقى روحا تسري في نفوس اليمانيين ليكونوا جميعا سواسية وما أجملها وأعمقها من عبارة الناس سواسية سمت على الأسرة والقبيلة لتصل إلى التساوي الإنساني الذي اليوم نعاني من غيابه بالإرهاب الذي يقض مضاجعنا إرهاب اليوم يرتكز على تمايز باسم الدين هذا التمايز هو من عدم استيعاب أن الناس سواسية وان النفس بالنفس أتمنى لنا جميعا أن نرتقي في أفكارنا وتصرفاتنا إلى أن يكون الناس سواسية جميعا وهذه رسالة للجميع عليهم أن يستوعبوا أن برامجهم إذا لم تقم على أن الناس سواسية فهم لم يدكروا ويأخذوا العبرة في من مضى قبلنا ومشاريعهم إلى زوال لأنهم يقومون على زبد والزبد يذهب جفاء ولا يبقى إلا ما ينفع الناس.
تحديات
أما الدكتورة سعاد السبع الأستاذة بجامعة صنعاء فتقول : التغيير مستمر بفعل الزمن والحياة ووجود الإنسان ولكنه تغيير إلى الأسوأ إلى يومنا هذا.. الفقر والبطالة والفساد واللامبالاة والانفلات الأمني لا تزال هذه التحديات تنمو بفعل الخلافات السياسية .. ولا أعرف متى تتجه عجلة التغيير نحو التنمية .. ..هناك حراك سياسي نحو التغيير الإيجابي يتحمل مسئوليته أعضاء الحوار ..لكن في الواقع هناك حراك مضاد يهدف إلى تدهور الأوضاع يتمثل في الحالة الأمنية المنفلته ربما ما يحدث أمنيا أداة من أدوات عرقلة النتائج الإيجابية التي خرج بها الحوار ..وقد يكون لبعض القوى النافذة يد طولى في هذا الحراك السيئ وفي تدهور الحالة الأمنية والعمل على استمرار الفساد في مؤسسات الدولة .. الرؤية لم تتضح بعد إلى أين يتجه اليمن … لكنا لا نزال نراهن على الحكمة اليمانية التي جعلت من الربيع اليمني أهدأ ربيع في الوطن العربي بقبول المبادرة الخليجية ونتمنى أن يستمروا في تطبيق المبادرة بكل مكوناتها وأن يعرفوا أن الحقد والإقصاء والمطالب التعجيزية لن توصل الوطن إلى بر الأمان نحن ننتظر أن يتم توافق عادل بين الفرقاء وأما الشعب المغلوب على أمره فليس أمامه إلا أن ينتظر رحمة الله . وبمناسبة عيد سبتمبر أوجه رسالة للعابثين بأمن اليمن وأقول لهم لا تركنوا إلى ضعف الدولة فإن هناك قوة الله التي تمهل ولا تهمل وقوة الشعب الذي يترقب الوضع ولسان حاله يقول: ماذا بقي لديه ليحافظ عليه غير أن يكون أو لا يكون.. وإن الدماء التي تسيل كل يوم بفعل الاغتيالات لا شك تتجمع لتكتب تاريخكم الملعون للأجيال.
لا يدركون المخاطر
ويرى الأخ سعيد عبد الله خالد الشرعبي- أمين عام منظمة وفاق للتأهيل الديمقراطي
أن عجلة التغيير تسير ببطء شديد خلال المرحلة التي نمر فيها , ونحن نعيش أفراح العيد الحادي والخمسين للثورة السبتمبرية التي خطط لها الأذكياء ,ونفذها الأبطال واستغلها الانتهازيون!!
نحن اليوم في أمس الحاجة إلى مراجعة أنفسنا بما يحيط بنا من مؤامرات ومما يحاك ضد اليمن لغرض تفتيته وتجزئته وتمزيقه وتقطيعه والكارثة أن ذلك يحصل بأيادي بعض أبناء اليمن أنفسهم ممن يفتقدون للوعي والإدراك بما يحاك ضد اليمن, وما سيلحق بالوطن والمواطن جراء هذا التمزيق والتشظي.
والتغيير الكل ينشده ولكن يجب علينا وضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار, ومخرجات مؤتمر الحوار هي بارقة الأمل والنور التي طالما انتظرها أبناء اليمن مؤمنين أن الوحدة قدر ومصير أمه ومستقبل أجيال وما يزال الأمل يحدونا في أن يحتكم العقل والمنطق وبتجرد للعمل من اجل مستقبل مشرق ووضاء تعم خيراته أرجاء اليمن الواحد بأرضه وثوراته المتجددة فمن يشاركون في لجان الحوار هم من يتوقف عليهم تشكيل لوحة اللحظة التاريخية الراهنة ومسارات التوجهات نحو مستقبل اليمن الجديد الذي بكل تأكيد يتوجب أن يسوده التضامن والتلاحم والوئام المؤسسي على قاعدة راسخة من المحبة والتسامح المنبثق من التوافق والاتفاق على مخرجات الحوار.
فالله تعالى يقول: (إنِ اللِهِ لِا يْغِيرْ مِا بقِوúمُ حِتِى يْغِيرْوا مِا بأِنúفْسهمú) [الرعد: 11]. إذن هناك تغيير يجب أن يبدأ من داخل النفس وسوف يؤدي ذلك إلى تغيير في الظروف المحيطة بك وهذا الكلام كلام الله تعالى يجب أن نثق به.
الإطاحة بالحاكم القديم
ويقول الأخ ياسر ثامر- كاتب وباحث سياسي: مع قيام الثورة اليمنية 1962م أصبحت الثورة مجرد تاريخ وذكرى زمنية لنحتفل كل عام بالسادس والعشرين من سبتمبر بينما ظلت فكرة الثورة وأهدافها خافتة وغير واضحةº ويعود ذلك إلى القصور الذي اعترى مفهوم الثورة بفعل الثقافة السياسية السائدة في مجتمعنا اليمني والتي لا تزال مسيطرة حتى اليوم ذلك أن معظم المستفيدين من النظام الجمهوري الجديد – بقيادة الرئيس عبدالله السلال – قد اختزلوا معنى الثورة في “الإطاحة بالحاكم القديم” بينما ظل تأثرهم بذات لنموذج القديم يعيق قدراتهم على تكوين رؤى واضحة لمشروع المستقبل الذي يمكنه ترجمة أهداف الثورة على نحو سليم.
فقد شكل الوعي المحدود بماهية الثورة أرضية خصبة لنشوب الاضطرابات والصراعات السياسية على السلطة والتي بدأت بين قوى التحديث والتغيير الجمهوري وقوى التخلف والرجعية التي اعتقدت أن سبتمبر سيفقدها قوتها وما ان تصالحت تلكما القوتان تحت أطار الولاء للثورة والجمهورية حتى بدأت الصراعات تدب من جديد في صفوف النخب الحاكمة التي ما كانت تلبث ان تتماسك حتى تنقسم إلى فريقين ينازع كل منهما الآخر على السلطة والنفوذ باسم أهداف الثورة والجمهورية على حد سواء وبطبيعة الحال لم تكن تلك الصراعات بعيدة عن تأثير الدور الإقليمي والدولي في تحديد النتائج على الأرض وهو ما أضعف فعل التغيير المنشود وحرم اليمنيين من الثمار التي وعدت بها الثورة.
واعتقد رجال حركة الخامس من نوفمبر 1967م أنهم استعادوا ثورة الشعب من ايدي العسكر وحرروها من التبعية المصرية ووعدوا بتحقيق غايات الثورة وتطلعات الشعب على يد المثقفين والمتعلمين برئاسة القاضي عبدالرحمن الارياني لكنهم في واقع الحال سلموا مقاليد الحكم لنفوذ القبيلة وسيطرتها لدرجة الاستبداد القبلي الذي جعل من مصالحه الخاصة أساساٍ لتحقيق أي مصلحة يتلمسها العوام وبالمقابل وكردة فعل مضادة جاءت حركة الثالث عشر من يونيو 1974م لتعيد هيمنة المؤسسة العسكرية من جديد رافعة شعار تصحيح مسار الثورة وحماية النظام الجمهوري من هيمنة القوى الرجعية المتمثلة برجال القبيلة ورموزها وهو ما لقى نوعا من الرضى الشعبي المتنامي تجاه الرئيس إبراهيم الحمدي الحاكم العسكري الذي حاول الاستقلال بالقرار اليمني بعيدا عن التبعية واقامة دولة نظام وقانون يتساوى فيها المشائخ والرعية دونما تمييز والتوجه الجاد نحو إنهاء تشطير اليمن ولهذا لم تهدأ الصراعات والاستقطابات بين المؤسستين القبلية والعسكرية في ظل هيمنة بعض الأجندات الخارجية وهو ما زاد الوقع السياسي والاجتماعي تعقيدا وانتهى بالأحداث الغامضة والمفجعة التي اغتالت الرئيس الحمدي وخليفته الغشمي في بضعة أشهر خلال العامين 1977-1978م وما تلتها من مواجهات مسلحة على حدود شطري اليمن آنذاك وهو ما أوقف عجلة التغيير في اليمن وأعادها إلى مربع إجهاض ثورة سبتمبر من جديد.
وأوضح ثامر أن التحالف العسكري القبلي مثل في صنعاء أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات حلا حتميا يضمن استقرار اليمنحتى أصبح الجيش والقبيلة والرئاسة لحمة واحدة بعدما تقلد رجال القبيلة –أهم المواقع في قيادة الجيش خصوصا وفي المواقع الحكومية بشكل عام ولا شك أن الاستقرار الذي تحقق بفعل ذلك التحالف قد مثل بيئة مناسبة – وان لم تكن مثالية – لتحقيق بعض النجاحات المحسوبة لثورة سبتمبرومع ذلك بدا أن عجلة التغيير لم تكن تمضي على النحو الأمثل في تحقيق أهداف ثورة سبتمبرº نتيجة لاستئثار المؤسستين العسكرية والقبلية بمقاليد النفوذ والسلطة والثروة ودأبهما نحو تعظيم وتغليب مصالحهما على حساب المصلحة العامة ومع ذلك لا يمكن إنكار أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وإقرار التعددية السياسية في 1990م يمثلان – على الإطلاق – أهم الأهداف التي حققتها ثورة سبتمبر وأكتوبر على مدى نصف قرن من الزمان.
تهشيم عرى الوحدة
وأضاف ثامر كانت الآمال معقودة على أن تستكمل دولة الوحدة تحقيق غايات سبتمبر وأكتوبر غير أن السياسة الخارجية اليمنية تجاه الأحداث الإقليمية أثرت على علاقاتنا الدولية وكان لها تداعياتها الوخيمة على اليمن اقتصاديا وسياسيا لدرجة كادت معها الوحدة اليمنية أن تفشل أمام مشروع الانفصال الذي قضت عليه حرب صيف 1994م ورغم أن تلك الحرب حافظت على الوحدة الجغرافية إلا أنها للأسف أحدثت انتكاسة كبيرة في الواقع اليمني حيث تم – بقصد أو بدون قصد – تهشيم عرى الوحدة الوطنية وتراجعت مؤشرات التحول الديمقراطي الذي تلمسه اليمنيون في السنوات الأولى من الوحدة حيث بدا التحالف المنتصر في الحرب ممثلا بأحزاب النخبة العسكرية والقبلية والدينية يعيد صياغة الدولة بالشكل الذي يحقق لهذا الحلف أسباب الثروة والسلطة في ذات الوقت الذي لم تهدأ فيه الصراعات الخفية والانقسامات المتكررة بين أفراد ورموز تلك النخبة وهو ما قاد إلى تهتك ذلك التحالف بشكل تدريجي على مدى ثلاثة عقود من الأخطاء المشتركة.
ألف باء مشاريع
الأخ قائد الحسام باحث أكاديمي يقول: أن ثورة سبتمبر نقطة فارقة في حياة اليمن واليمنيين ونقلة عظيمة أخرجت اليمن من براثن الجهل والتخلف والاستبداد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فحياة اليمنيين قبل الثورة حياة بدائية تفتقد لأبسط مقومات الإنسان وأدنى حقوقه وحرياته وان كانت الثورة إلى الآن لم تحقق كامل أهدافها كما رسمها الثوار بسبب اختلال نظام الحكم وتربع الفاسدين على مقاليد الأمور ورضا الناس بالقليل الموجود وبعد نصف قرن على ثورة سبتمبر ولا زلنا في ألف باء مشاريع أساسية وبنى تحتية خدمات قاصرة وهشة ومنعدمة أحيانا بعض الأحياء الرئيسية في العاصمة لم يصلها مشروع المياه مثلا خدمة الكهرباء وهي من الخدمات الضرورية لا تزال تنطفئ صباح مساء معيشة الناس تعليمهم الخدمات الصحية تفشي الأمية لكن نؤمل خيرا ونعول على المخلصين من أبناء هذا الوطن العمل على استعادة الأمجاد لليمن والمضي صوب التغيير المنشود.
