“الولاية” في فلسفة قائد الثورة
أحمد يحيى الديلمي
بابتسامته الهادئة وملامحه اليمنية المتدثرة بكبرياء الزهد والتقوى وتفاؤله الدائم بالمستقبل أطل علينا السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي ليتحدث عن يوم الغدير وعيد إكمال الدين بكلمات صادقة توهجت بنور ساطع حدد ثقافة الولاية وأسس الارتباط بالإمام علي عليه السلام استنادا إلى أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الحائزة على إجماع فقهاء الإسلام والمتواترة إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فدحض كل الأساليب المبتذلة التي وجهت سهام الحقد والكراهية للإمام علي عليه السلام وأتباعه، وفي المقدمة الإنكار المنطلق لواقعة الغدير وكلما يتصل بثقافة الولاية ونعتها بالبدعة والأفكار المبتدعة من قبل الروافض والمجوس حسب زعم الوهابية ومن تناسل عنها من الجماعات الإرهابية.
فالقائد خاطب عامة المسلمين ، لم يختص بكلامه طائفة أو مذهباً ليقدم رؤية ضافية اشتملت على نصائح قيمة للمنحرفين الذين مالوا عن منهج الإسلام القويم ومشروعه الحضاري الشامل، فأشار إلى ضعاف النفوس أصحاب الارتباطات المضطربة والولاءات المشوشة الذين حاولوا تدجين الأمة وضمان تبعيتها للأعداء بمفاهيم إسلامية قاصرة انتقصت من الدين واستهانت بمنظومة القيم والمبادئ والأخلاق الثابتة في روح المنهج مما منح الأعداء التاريخيين الفرصة للقدح بالدين ونعته بالتخلف الرافض للتعاطي مع عصر الحداثة الكابح للحريات، وأخيرا وهو الأهم الخالي من مؤشرات نظام الحكم وآلياته إلى غير ذلك من الافتراءات التي أعادها قائد الثورة إلى الجهل أو القصور عن فهم دلالات النصوص أو التعاطي معها بأفق انتهازي طابعه خدمة هواة السلطة وأصحاب الرغبات المشبوهة.. مؤكدا أن هذا هو سبب الجحود بالمعنى الحقيقي لثقافة الولاية مع أنها أمر إلهي واختيار مطلق لو سلّم المسلمون بمضمونه لكانت هي السياج المنيع الذي يحمي الأمة من الضلال الفكري والاغتراب الثقافي، وبذلك استطاع قائد الثورة بكلمات موجزة ومعبرة أن يقدم فلسفة ذاتية لفكرة الولاية تجاوزت الحساسيات والتناقضات التي رافقت العملية من عصر الإسلام الأول، وبذات الاسلوب استحوذ على قلوب وعقول من تابعوه داخل وخارج اليمن، ولن نستطيع الإلمام بتلك الفلسفة، لكننا نخلص إلى أمرين :
الأول: اتمنى أن يستوعب آل سعود الدرس من خلال الاحتفال وطبيعة الحضور ليدركوا أن الملايين التي انفقوها من أجل إلغاء هذه الواقعة والاحتفال بها في كل عام ذهبت أدراج الرياح، وبالتالي فإن مئات المليارات التي ينفقونها في عدوانهم الظالم على اليمن اليوم ستذهب أدراج الرياح ولن يجنوا إلا الخيبة والخزي والعار إن شاء الله وسيكون النصر للأبطال المدافعين عن الوطن والعزة والكرامة .
الثاني: إن المسلمين بحاجة ماسة إلى مقاربة جديدة لأصول الدين والتعاطي مع مضامينها بأفق إيماني صادق مجرَّد من كل الاهواء والشبهات والرغبات المريضة لتكون المدخل الصحيح الذي يمكن الأمة من تجاوز الاختلالات المتراكمة في واقعها اليوم بأبعاده الكارثية وملامحة الشيطانية ، لتصبح المعالجة حضارية و إنسانية في آنٍ معاً وصولا إلى طريق السمو والعيش بكرامة وعزة .. والله من وراء القصد ..