كلمة الثورة : خطاب المصالحة ونداء الإخاء

 

لقي الخطاب الذي ألقاه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين أمس الأول السبت للتعليق على عملية “توازن الردع” على حقل الشيبة النفطي السعودي ، ارتياحاً وترحيباً واسعين من قبل مختلف شرائح المجتمع ومكوناته الرسمية والشعبية ومن القيادات السياسية والمواطنين في مختلف المحافظات, مؤكدين أن هذا الخطاب يرسم ملامح اليمن الجديد المُتشكّل عن صمود خمس سنوات أمام آلة الحرب الأمريكية السعودية ، وتطور القوة الذاتية التي امتلكها شعبنا اليمني العزيز في سياق الحرب الوطنية المشروعة التي يخوضها تصدياً لبغي آل سعود وحلفائهم.
وقد وضع الخطاب قواعد شاملة للمواجهة وطبيعتها ، فهو حدّد مهام المرحلة مع المعتدي من آل سعود ومن حالفهم على ضوء عملية “توازن الردع” ، ومع الخارج ممن لا صلة له بالعدوان والحصار على بلادنا بقول الشاعر العربي: “مَن جاءنـا يا مـرحباً بمجـيئهِ:: يجد عندنا ودّاً قديماً ثبوتُهُ” ، ومع الداخل ممن انخرطوا في صفوف العدوان خاطبهم الضمير وناشدهم الإخاء والدين والرحم ، أن عودوا إلى يمنكم ، فلا عزة ولا منعة لأحد إلا بوطنه ودينه وعقيدته.
وتتضاعف أهمية الخطاب من كونه شمل صياغة التوجهات والخيارات والمسارات المختلفة لهذه المرحلة ، فقد حدد طبيعة الحرب على العدوان وما ستكون عليه انطلاقا من العملية التي نفذها سلاح الجو بعشر طائرات مسيرة على حقل الشيبة النفطي وسُميت بعملية “توازن الردع “، ووضع أساساً لما يتعلق بالداخل وطبيعة العلاقات المفترضة بين المكونات والأحزاب والأطراف في اليمن ، وقد كان من الواضح والجلي أن الانتقال بالمعركة مع العدوان إلى “توازن الردع” ليست منفصلة عن توجهات المصالحة والحوار مع جميع اليمنيين ، وما سبق وأن قدمته القيادة من مبادرات في هذا الصدد عززت من قيم المصالحة والوحدة والإخاء والحوار حول مختلف القضايا وضمن الثوابت الوطنية ، ومن تلك المبادرات العفو العام عن المخدوعين ممن انخرطوا في صفوف العدوان ، وكذا دعوات المصالحة والتواصلات التي تجري ضمن هذا المسار مع المكونات المختلفة ، واعتزاز فخامة الأخ الرئيس بتشكيل لجنة مصالحة شاملة تُعنى بهذا الشأن ، ذلك أن الوعي بطبيعة العدوان ومكوناته وأحلافه يقضي بجعل المواجهة له مبنية على بصيرة ومعرفة ويقين بمن هو العدو ، وما هي أهدافه ، ومن هو المخدوع به وبعناوينه الزائفة ، فالعدو الذي استخدم السلاح المذهبي وتمزيق النسيج الاجتماعي والفرقة والتنازع مستغلاً لحالة الاستلاب في الوعي والمشكلات والأزمات المتراكمة وحالة الاستقطاب التي انتعشت في ظل الصراعات السياسية ، للوصول إلى تحقيق أهدافه الاستعمارية قد انكشف اليوم وبانت حقائقه للجميع دون استثناء بما فيهم أولئك المخدوعين في صفوفه سواء ممن انساقوا تحت تأثيرات عقدهم المناطقية والحزبية والتمذهب السياسي أو دفعتهم حسابات المصالح الشخصية ، فراهنوا على الشيطان ، وبه أيضا لأن يكون لهم لا عليهم ، فما عادت الصورة اليوم كما كانت ، الانكشاف الحاصل يجلي الحقائق أمام الرائين جميعا، والمطلوب من الجميع تلقف الدعوات الوطنية الحريصة والمسؤولة ، والعودة إلى اليمن وفتح حوارات (يمنية- يمنية) تضم الجميع ، ولمصلحة الجميع ، وتحت سقف اليمن للجميع.
وعلى القوى التي تنخرط في صف العدوان بمختلف مسمياتها أن تستقرئ سنوات العدوان والحرب والدمار ، وما الذي حصلت عليه ، وماذا أنجزت وحققت من المكاسب لها ولبلادها، كل ما في الأمر أنها مكّنت العدوان من أن يكون صاحب الآمر الفاعل ، والسلطة الحقيقية في كل سيادة يمنية احتلها بحراً وأجواءً وأراضي وثروات ، ومكنته من نفسها ومن قراراتها ووجودها ويمنيتها ، فحتى عودة البعض إلى عدن باتت مرهونة بإذن ضباط مخابرات إماراتيين وسعوديين ، وانطلاقاً من واقعها هذا فإن من المصلحة لها ولليمن أن تنحاز إلى نداء التصالح والإخاء ، وأن تتجه في مسار وطني تحت سقف الوطن بعيداً عن اجترار ماضي التبعية والعمالة ، وبعدما ثبت لكل متابع بأن في ذلك دماراً وهلاكاً وقتلاً وقهراً واستعباداً ، وفيما سواه يمن قوي عزيز للجميع ويحتمي به الجميع بلا استثناء.
لقد حان الوقت أن يعي “المجلس الانتقالي والإصلاح ، وأتباع هادي وكل المنخرطين في فصائل وتشكيلات الارتزاق والعمالة ممن هم في الساحل أو في عدن أو في غيرها ويعملون تحت إمرة الأجانب وفي صفوفهم أننا جميعا أحق باليمن وبأنفسنا ممن يريدون استعبادنا وقتلنا والتحكم في مصائرنا ، وليكونوا على يقين بأن الحرب الأجنبية هي حرب على الجميع ، بهم وعليهم ، وعلينا وعلى كل يمني ، والشواهد كثيرة على ذلك.
وأخيراً..إلى من قبلوا باحتلال بلادهم وقاتلوا وقُتلوا لذلك ، ورضوا بقتل أهلهم في ديارهم وأسواقهم وتجمعاتهم في سفرهم وحضرهم ، وصفقوا لتدمير البنى وإعاثة الفساد في الأرض ، ومن باركوا التعدي على السيادة والحرمات والمحرمات ، ومن تخلوا عن كل روابط الدم والدين والوطن ، ومن أصبحوا بلا عزة ولا منعة من دينهم ووطنهم ، ومن نسوا أنفسهم حتى اندثرت مشاعرهم الفطرية بالعزة والحرية والكرامة ورفض الضيم والاستعباد والقهر ، أن عودوا لحظة إلى ضمائركم أولا ، وإلى أهلكم وذويكم ثانيا وتذكروا أن البعيد لم يكن إلا عابثا محتلا مستعبدا لكم قاتلا لأهلكم ، فلتعودوا اليوم إلى دياركم ، ولترحموا أنفسكم إن كنتم من طينة هذه الأرض ومن أهلها.

كتب / رئيس التحرير عبدالرحمن الاهنومي

قد يعجبك ايضا