صنعاء / حميد القطواني – إبراهيم القرضي
للعيد في محافظة صنعاء طقوسه وعاداته المستلهمة من التاريخ الحضاري المتفرد بالأصالة والجمال والتي لا تختلف هذه العادات عن بقية المحافظات الأخرى.. طقوس في مجملها تعبر عن الفرح والسعادة بقدوم العيد السعيد فرحة يتقاسمها الجميع كباراً وصغاراً حيث تتجلى مظاهر الفرح من خلال مشاهدتك للناس وهم فرحون مسرورون والابتسامة ظاهرة على كل وجه خاصة الأطفال وصغار السن والذين يمثل لهم العيد فرصة للعب والحصول على العيدية كما تمثل هذه المناسبة الدينية فرصة للتسامح والتقارب وحل الخلافات وتبادل الزيارات وصلة الارحام، كما أن للعيد مذاقه الخاص في ظل ما نشاهده ونسمعه من انتصارات عظيمة يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في كل المواقع والجبهات.
صحيفة “الثورة” التقت عدداً من المواطنين وسألتهم عن انطباعهم إزاء عيد الأضحى المبارك وعن العادات والتقاليد التي تمارس خلاله: فإلى الحصيلة:
البذل بالجبهات
في البداية تحدث عن هذه المناسبة الاستاذ محمد حمود الحباري أحد الشخصيات الاجتماعية بمديرية ارحب حيث قال : مع دخول العشر الأولى من ذي الحجة نبدأ باستقبالها استقبالا يختلف عن غيرها من بقية الأيام فأغلب الناس يبدأون بنصب الارجوحات (المدرهة) على بيوتهم وعلى الأشجار المجاورة لهم والتي يرددون عليها الاهازيج والاناشيد المشيدة بحجاج بيت الله الحرام سائلين الله لهم بتقبل حجهم وأن يكتب لهم الأجر والدعوة لهم بالعودة بالسلامة خاصة بعد تعرضهم للأخطار من قبل قطاع الطرق الذين يتربصون بهم لسلب مؤنهم أو لقتلهم كحادثة مجزرة تنومه.
ومع الوضع الراهن وما يمر به الشعب اليمنى من عدوان صلف منذ ما يزيد عن أربعة أعوام فقد اختلف استقبال الشعب اليمنى لهذه الأيام المباركة والذي قال الله فيها ( وليال عشر والشفع والوتر) حيث تمازجت هذه العادات لاستقبال هذه الأيام وهذه الشعائر بمحاكاة الوضع الراهن وبدأت الاهازيج والاناشيد تمازج وتناغم الزوامل والالفاظ التي تدين هذا العدوان فهناك من يطلب السلامة لحجاج البيت الحرام والنصر لمجاهدي الجيش واللجان الشعبية والإشادة بانتصاراتهم وبطولاتهم وهناك من بدلوا اضاحيهم المعتادة وقدموا إخوانهم وأبناءهم شهداء أو مجاهدين دفاعا عن الأرض والعرض وعن دين الله وشعائره وتحولت الشعارات والاناشيد باستقبال الحج وعيد الاضحى إلى شعار واحد وهو اعيادنا جبهاتنا بل تغير مزاج الأطفال في ملبوساتهم وألعابهم إلى شراء ملبوسات عسكرية مشابهة لأزياء الجيش واللجان الشعبية وأصبحت ألعابهم هي ألعاب أسلحة قتالية تقليدا لأولئك الابطال المرابطين بالجبهات واغتناما لهذه الأيام المباركة يتوافد كل المخلصين والمجاهدين إلى كل الجبهات لكى يلقوا ربهم يوم الوقوف بعرفة يلقونه واقفين بمتارسهم محرمين بأسلحتهم، اضاحيهم ليست رؤوس الاغنام والابقار كغيرهم بل يهدون ربهم ويضحون بأنفسهم للدفاع عن أرضهم وعرضهم ودينهم.
تكبير الله تعالى
بدوره تحدث الأخ علي محمد رمضان من مديرية أرحب حيث قال: نبدأ مظاهر احتفالنا بعيد الأضحى المبارك مع بداية شهر ذي الحجة حيث يقوم معظم الأهالي بنصب “المدرهة” في أحواس المنازل أو الأشجار المجاورة أو الساحات حيث تردد الأهازيج والاناشيد المعبرة عن قدوم العيد وذهاب الحجاج إلى مكة ثم يقوم الناس بشراء مستلزمات العيد من ملابس وجعالة والمعروفة بجعالة العيد على اختلاف أصنافها وأشكالها وكذلك شراء الأضحية “كبش العيد”.
ويضيف قائلاً: أما بالنسبة ليوم العيد فإننا نستهل احتفالنا به عقب صلاة الفجر مباشرة حيث نبدأ بتكبير الله سبحانه وتعالى وتعظيمه ثم نؤدي صلاة العيد في الساحات العامة تليها المصافحة حيث تتحول الساحة إلى مهرجان للمصافحة وتبادل التهاني والتبريكات بالعيد السعيد وسط مشاعر فياضة بالمحبة والسلام ثم نقوم بذبح الاضاحي بعد التكبير والتهليل وحمد الله وتكبيره على ما هدانا من بهيمة الأنعام ثم نقوم بزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام وتهنئتهم بالعيد.
عسب العيد
ويضيف: إنه وبزغم الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة العدوان والحصار وانقطاع المرتبات إلا أن عسب العيد يكون حاضراً حيث يقوم الكبير بإعطاء الصغير مبلغاً من المال وكذلك الرجل يزور محارمه من أقاربه وأهله وأنسابه ويعطي كلاً منهن مبلغاً مالياً لدى زيارته لهن إلى منازلهن لتقديم التبريكات والتهاني بمناسبة العيد.
البرع حاضر
وأضاف: لاشك أن فرحة العيد نستمدها من موروثنا الشعبي حيث لا يخلو العيد من البرع والرقص الشعبي على إيقاعات الطبول “الطاسة” حيث يتجمع الأهالي في الساحات لمشاهدة وأداء رقصة البرع والتي تؤدى بشكل جماعي.
صلة الأرحام
الوالد الحاج أحمد حسن علي من مديرية مناخة تحدث عن المناسبة قائلاً: العيد ضيف عزيز يهل علينا كل عام ونقول لكم وللشعب اليمني عيد مبارك وكل عام والجميع في خير وعافية وبلادنا في أمن واستقرار وانتصارات عظيمة في كل الجبهات وعيد الأضحى المبارك مناسبة دينية عظيمة تتجلى معانيه السامية وفضائله بأنه يعني الخير والبركة والتواصل والتراحم وصلة الأرحام التي أوصانا بزيارتها الله تعالى ورسوله الكريم واهم شيء هو صلة الأرحام لأن العيد فرصة كبيرة ومحطة تواصل وتراحم وعطاء وللعيد عاداته وتقاليده في محافظة صنعاء مثل سائر المحافظات، فمن أبرز العادات والتقاليد الاستعداد لقدوم العيد وشراء حاجيات ومستلزماته من ملابس وجعالة وكل إنسان يستعد للعيد حسب ظروفه المهم أن الجميع يستعد للعيد لأن العيد هدية من الله تعالى لعباده المسلمين.
ويضيف قائلاً: للعيد مكانة خاصة بالقلوب وفرحة وسرور في النفس وخاصة فرحة الأطفال الذين يعتبروا أجمل صورة للعيد فكلما رأيناهم سعداء تزداد سعادتنا وتجد كل أب يشتري لأطفاله الكسوة، يعني الملابس الجديدة، وفي يوم العيد نذهب لتأدية صلاة العيد والاستماع لخطبتي العيد وبعد ذلك كل أسرة تذهب لزيارة أرحامها الأقارب في إطار الزيارات المتبادلة بين الأهل ونعطي الأرحام حق العيد وهو مبلغ من المال لكي نكسب منها الدعاء إلى الله تعالى لأن صلة الأرحام أوصانا بزيارتها الله تعالى ورسوله الكريم قال تعالى ” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “لا يدخل الجنة قاطع رحم” فزيارة الأرحام واجبة وشيء ضروري وأهم شرط من شروط العيد.
العيد رحمة
ويؤكد لنا الأخ كمال علي زاهر أن للعيد مكانة خاصة ومذاقاً فريداً لدى كل القلوب وفي يوم العيد تشاهد الفرحة والبسمة مرسومة في محيا الناس والخير والبذل والعطاء يعم الجميع ولا بد أن نجسد معاني العيد ونرسم الفرحة في كل القلوب، كما ان العيد فرصة للزيارات المعتادة بين الاهل والأقارب والأنساب كما أنه فرصة للتراحم والتكافل بين الناس وأن نشعر بما يعانيه الفقير والمسكين والمحتاج ونمسح دمعة اليتيم لكي يحس بالسعادة والفرحة مثل غيره كما أن العيد مثل النهر الذي يغتسل فيه الإنسان فتتجدد حيويته ونشاطه وأيضاً يغسل القلوب من الأحقاد ونبذ الحقد والكراهية وأن يحب الإنسان لغيره مثلما يحبه لنفسه وعلى الميسورين أن يمدوا يد العون والمساعدة للفقراء والمساكين وإعطائهم حق العيد وكذلك إعطائهم الأضاحي ليكتب الله لهم الأجر والثواب العظيم لأن الرحمة واجبة وخاصة أبناء الناس الذين لا يستطيعون أن يمدوا أيديهم للغير من التعفف الذي لديهم فالرحمة واجبة.
فرصة للتسامح
الأخ إبراهيم الحاج سألناه عن انطباعه عن العيد وماذا يعني العيد بالنسبة له فقال: عيد مبارك وكل عام وأنتم بخير والوطن في أمن واستقرار وخير دائم وبالنسبة لسؤالك عن العيد ماذا يعني لي فمن المؤكد أنه يعني أشياء كثيرة أهمها زيارة الأهل والأقارب والأرحام وإعطائهم سلام العيد وهو مبلغ من المال لأن العيد محطة تواصل بين الأهل وهو أيضاً فرصة للتسامح والتصالح ونبذ الحقد والكراهية ونشر مبدأ التسامح والخير والمحبة والعطاء والعطف على الضعفاء والمساكين ومسح دمعة اليتيم وقضاء حاجة المحتاج والشعور بما يعانيه المسكين ورسم الابتسامة على شفاه المحرومين لكي يسعدوا مثل غيرهم وهكذا.
وكما التقينا الوالد الحاج صالح احمد وهو رجل كبير في السن وسألناه عن انطباعه عن العيد وما هو الفارق بين عادات وتقاليد عيد الأضحى المبارك قديماً وحديثاً فقال: كل عام وأنتم بخير ومن العايدين وعيد مبارك يا ولدي العيد يوم مبروك وأيامه مباركة وعظيمة وعيد الأضحى المبارك يأتي والناس في أيام الحج، حجاج بيت الله، وهي أيام مباركة من بداية شهر ذي الحجة والعيد هو يوم العاشر من شهر ذي الحجة من أيام الحج وقديماً إذا سافر أحد للحج يقوم أهلة بنصب مدرهة في بيته ويأتي أهل القرية أو الحي يتمرجحون في هذه المدرهة ويعلقون عليها صورة الحاج أو ثيابه وتوضع في المدرهة المشاقر والشذاب فهناك مداره خاصة بالرجال ومداره خاصة بالنساء.