ثورتا سبتمبر وأكتوبر بعثتا الأمل في نفوس اليمنيين وأيقظتاهم من سباتهم



■ للأسف لم تتحقق العدالة ولا الديمقراطية وصناديق الانتخاب ليست كل شيء

كان الأمل أكبر من الخوف فانتصرت ثورتنا

فضل مصر علينا كبير ولا يمكن أن نفيها حقها

ظلمنا السلال والإرياني كثيراٍ والعمري خرج من اليمن وهو لا يمتلك شيئاٍ

نصيحتي للجميع لا تقطعوا الأمل.. و”التوافق” سبيل اليمن للخروج من الأزمة

حاوره / محمد راجح – احمد الطيار

لن تجد أفضل من حمود بيدر للحديث عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ليس لما يتمتع به من رصيد ثوري ونضالي كبير فحسب بل لما يتملكه من رؤية وطنية ثاقبة وعميقة تجعلك تشعر وأنت تحاوره بأنه لايزال هناك متسع كبير لأحلامنا وآمالنا بمستقبل أفضل .
أدهشنا ونحن نحاوره بكمية الأمل الهائلة المتدفقة في حديثه وتتمنى أن يتوقف هنا كل شيء في هذا البلد المكتظ بالصراعات والمشاكل التي لا نهاية لها.
أدركنا كم كان جيل المناضل اللواء حمود بيدر شامخا صنع ثورة عظيمة مثلت نموذجاٍ فريداٍ في المنطقة وأثارت إعجاب العالم … نترككم تكتشفون ذلك في هذا الحوار الهام الذي أجريناه فإلى التفاصيل:

• لماذا قامت الثورة اليمنية¿
– كلنا من أبناء بلد واحد وشعب واحد ولهذا قامت الثورة للقضاء على التفرقة تيار الثورة أثر على الجميع ابتداء بالأسرة الملكية إلى عموم الشعب لأن جو التغيير هو الذي ساد .
كنا الدفعة الثانية في الكلية الحربية وشاءت الأقدار أن نكون النواة للتغيير التاريخي الذي غير النظام الملكي الإمامي إلى الجمهوري .
تجاوزنا الخوف
• هل كان الناس في ذلك الوقت لديهم أمل بأن النظام الإمامي سيسقط أم أن الخوف كان اكبر من الأمل ¿
– الأمل كان هو الطاغي سأضر لكم مثلاٍ في هذا الخصوص في تعز عندما حدثت أحداث الحوبان مع العسكر حق الإمام بعد ما نهب العسكر وخربوا ودمروا حقوق وممتلكات الناس ثاروا على الإمام احمد لكن رغم ذلك كانت تعز الطليعة الأولى للثورة اليمنية يعني الوعي في مستوى كبير بحكم القرب من عدن والتغيرات التي كانت تحدث هناك والهجرة إلى الخارج والدول المجاورة وبمجرد انطلاق الشرارة في صنعاء هب أبناء تعز وإب ولحج وغيرها مهرولين إلى تعز وإلى صنعاء للتأييد والمباركة ويطالبون بحمل السلاح للدفاع عن الثورة .
الثورة كانت مستقبلنا كلنا كانت أرحب من المطار إلى الجوف حرس وطني الذي حررها من الشباب الذين جاءوا من تعز وإب وعدن وكان بعضهم يموت من شدة البرد أغلب هؤلاء كانوا صغاراٍ في السن شباب ما بين 15 إلى 22 سنة الكل يعيش على أمل المستقبل وكان هناك قناعة تامة بأن اليمن الجديد سيكون أفضل من القديم ودخلنا في مرحلة صعبة وفرضت علينا حروب ما يقرب من 40 جبهة في الشمال والجنوب الانجليز في الجنوب والسعودية في الشمال وكان حملة علينا بأننا شيوعيون وملحدون لكن كنا نقول للعالم بأننا حركة تحرر وطني .
وصمدنا رغم شحة الإمكانيات وضعف الجيش لدينا لم يكن جيشنا يتجاوز 10 آلاف جندي وهم مسيطرون على الأمن في أغلب المناطق لكن الجيش وقف مع الثورة بإخلاص وقفة رجل واحد حتى أنه في الجوف ومارب حاصروهم وجردوهم السلاح كانوا بدويين بدرجة لا يمكن وصفها درعة السنارة هي التي حمت الجيش في صعدة كان فيها مخازن الحبوب واستمر الصمود حتى وصلت الحملة من صنعاء .
عندما ضاق بنا الحال استعنا بمصر لا يمكن أن ننسى فضل مصر وجمال عبدالناصر علينا مصر قدمت الكثير لليمن وللعرب بشكل عام عندما استعنا بمصر أتت ثورتنا وأعادت الاعتبار لثورة يوليو بمصر .
نموذج فريد
• يقال أن الثورة في اليمن كانت عبارة عن صراع بين أقطاب دولية ¿
– ثورة اليمن كانت نموذجاٍ فريداٍ في المنطقة والعالم كله وقف إلى جانبها ألمانيا الغربية اعترفت بنا بعد أسبوع والاتحاد السوفيتي بعد 48 ساعة الولايات المتحدة اعترفت بنا بعد شهر وكان مشهداٍ من أعظم المشاهد التاريخية في نيويورك عندما أرسلنا مندوبنا محسن العيني إلى نيويورك للدفاع عن قضية اليمن وكان مندوب الملكية موجوداٍ هناك بعد اعتراف أميركا بالنظام الجمهوري تبعها كل العالم الحر وتم تمكيننا من مقعد الأمم المتحدة رغم أن بريطانيا وفرنسا والمغرب والسعودية رفضوا الاعتراف بنا لكن كان معنا أميركا وروسيا والأهم في نفس الوقت أنهم بدؤوا يتفهمون بأننا لسنا شيوعيين قلنا بأعلى أصواتنا نحن حركة تحرر وطني وكنا نقول هذا الكلام عندما نذهب لروسيا لطلب المساعدات العسكرية .
ثورة يمنية
• ما القواسم المشتركة بين ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وهل كان هناك تواصل بين ثوار الثورتين ¿
أنا أعتبرها ثورة واحدة وليس ثورتين بدأت من صنعاء في 62م وتجاوبت معها المناطق المحتلة في الجنوب في 14 أكتوبر 63م انتقلوا للقتال معنا في 62 وعندما عادوا بالأسلحة لمناطقهم حاول الانجليز سلبهم الأسلحة لكنهم رفضوا وهنا حصل التمرد كنا موحدين في كل شيء الجندي لدينا يحصل على راتب 25 ريالاٍ وعندهم نفس المبلغ الضابط عندنا في الشمال 40 ريالاٍ وعندهم في جنوب الوطن 40 ريالاٍ حتى الرغيف اقتسمناه معا بعدها وصلت لهم مساعدات مصر ساعدتنا وساعدتهم كان لدينا 40 مليون ريال صرفت في 6 أشهر للجيش اليمني ثم اعتمدنا على الدعم المصري لنا ولهم طبعا كان وضعنا الاقتصادي صعباٍ القبائل امتنعوا عن دفع الزكاة وإيرادات الجمارك كانت ضعيفة وكانت فيها صراعات في تعز حاول الشيخ إبراهيم حاميم شيخ الراهدة عمل إرباك والاستيلاء على إيرادات الجمارك وعلى فكرة كان ابنه يقاتل معنا مع الثورة .
بالنسبة للسلاطين في الجنوب ماذا كان موقفهم هل مع الثورة اليمنية أم ضدها ¿
السلاطين كانوا تحت السيطرة البريطانية وكانوا يتقاسمون كل شيء مع بعض جاءت ثورة 14اكتوبر و26 سبتمبر قضت على اتحاد الجنوب العربي وهي كانت أنظمة هشة وكانت بريطانيا هي المسيطرة اليمن منذ القدم وهي تعيش حركات تحرر متواصلة في كل مكان ولم يكن هناك شمال أو جنوب الدولة التي كانت تنشأ تحكم اليمن كلها عبر التاريخ نحن دولة موحدة .
تقييم
• تقييمكم لمسار الثورة بعد مرور أكثر من 50 عاماٍ ¿ هل حققت أهدافها¿
الثورة أهم منجز لها هو أنها حطمت أسوار الخوف وبفضلها انطلق الشعب من أقصاه إلى أقصاه اليوم أبناء محافظات مثل مارب وشبوه والجوف والذين كانوا مشهورين بالبداوة الشديدة ويعيشون على المطر والمرعى بفضل الثورة أصبح من أبناء هذه المناطق الجامعي والمهندس والطبيب.
صحيح الثورة لم تحقق كامل أهدافها لكنها فتحت المجال للشعب كله لم يبق العلم محتكراٍ فقط لأسرة الإمام وأقاربه وأعوانه وهذه المدارس والجامعات ومختلف الوسائل التعليمية بغض النظر عن المستوى كيف جاءت طبعا بفضل الثورة .
التاريخ كان قد توقف في اليمن وجاءت ثورتا سبتمبر وأكتوبر حركت المياه الراكدة وأعادت البلد إلى التاريخ مشكلة اليمن انه بعد قيام الثورتين واستقرار الجنوب وانتصار ثورة سبتمبر في الشمال بدأت الحرب الباردة والصراع بين القطبين الاتحاد السوفيتي مع الجنوب والعالم الغربي مع الشمال على أساس أن كل طرف يحاول فرض نظامه سواء الاشتراكية أو الرأسمالية قامت الوحدة ووقعوا على الدستور وعلى الرغم من كونهم استعجلوا لكن الوحدة اليمنية تعتبر معجزة الذي أربك الوحدة هو سير المباحثات لأن نتائجها كانت وخيمة وانتهت بحرب 94م .
الجنوبيون هبوا إلى الوحدة باندفاع كأنها الجنة لكن مع الأسف الشديد استقبلوا بجفاء في صنعاء كانت أيضا هناك مشكلة في التعددية لأنها فرخت أحزاباٍ عديدة ودينية بدرجة أساسية رغم أن الهدف من هذه التعددية هو قبول الحزبين الموقعين على اتفاقية الوحدة ببعضهما البعض لكنها تفرضت إلى 80 حزبا وهنا ضاع محتواها .
في خضم الأحداث أنا نصحت على عبدالله صالح قلت له البيض أعلن الانفصال بادروا بتعين شخصية أخرى بدلا عنه في مجلس الرئاسة ومن الجنوب ومن حضرموت نفسها واستبدلوا شخصاٍ آخر بدل سالم صالح يكون من يافع واتركوا الدستور كما هو بدون إجراء أي تعديلات عليه لأنه عبارة عن عقد اجتماعي بين جهتين .
لكن الذي حصل أنه تم تعديل الدستور وانتخاب رئيس جمهورية جاءت بعد هذه الفترة انتخابات 2006 م والانتخابات الرئاسية وكان هناك لغط كبير حول نتائجها قمنا أيضا وقلنا لعلي عبدالله صالح بأنك هذه المرة فزت بصعوبة بالغة ويجب التفكير بوضعية البلد وبمستقبلها بشكل جدي وقلنا له أشرك المعارضة معك وأعطهم الحكومة وأنت تظل مراقباٍ ومشرفاٍ عليها وضربنا له مثلاٍ ما حدث للمغرب في تلك الفترة عندما فاز حزب الملك لكنه راح سلم الحكومة للمعارضة واستمرت المعارضة لحين وفاة الملك الحسن الثاني وحزنوا لوفاته أكثر من حزبه لكن لم يعجبه ذلك .
• ماذا كان رده ¿
– قال تريدون تجريدي من صلاحيتي قلنا له البلد أهم لا تستمع “للمطبلين” والمزمرين انتبه للشعب ما أشبه اليوم بالبارحة عندما اختلف حسن العمري والسلال واحتكموا للارياني وخرج العمري إلى مصر فكانت فرصة للمطبلين والمزمرين لتخريب البلد .
من هنا ننظر للعديد من القضايا من زاوية محددة كان هناك عقد اجتماعي يربطنا والناس فرحانين في الشمال والجنوب وكان الجميع يهلل ويبارك للوحدة وهذا الذي كان موجوداٍ في الجنوب هو مذهب سياسي كلنا مسلمون والإسلام مصدر شريعتنا دخلنا في جدل معهم حول الحلال والحرام مع سن القوانين والنظم التشريعية وما إلى ذلك .
توافق
• طيب أنتم كجيل كان له دور بارز في ثورة سبتمبر.. برأيكم ماذا تحتاج اليمن حاليا لتستقر ¿
– كنا ولازلنا وسنظل حركة تحرر وطنية تحرير الإنسان اليمني من الظلم ومن القهر أهم مكون للثورة يدعو لهذا الأمر والمتمثل ببناء نظام جمهوري عادل وإنشاء مجتمع ديمقراطي ومع الأسف لم يتحقق ذلك لا عدالة ولا ديمقراطية واكتشفنا طبعا أن الصناديق ليست كل شيء .
اليمن بحاجة إلى توافق لتطمئن الناس على مستقبلهم إذا وجد التوافق بالتأكيد اليمن إلى خير وأتمنى أن نعود إلى دستور دولة الوحدة مجلس للرئاسة لأنه عندما يكون هناك مجلس رئاسي فيه تمثيل نسبي وبالتالي لن نسلم رقابنا لرئيس واحد جربنا ذلك من قبل مع المشير السلال ومع علي عبدالله صالح شكلوا مجلساٍ رئاسياٍ وأعضاؤه يختارون واحدا منهم لرئاسة المجلس ويتم تحديد فترته بالدستور بفترة واحدة أو فترتين .
يجب أن يكبر تفكير الساسة في هذا البلد الحياة مستمرة سواء كنت رئيساٍ أو وزيراٍ أو أي مسئولاٍ ليس بالضرورة أن تظل زعيماٍ وقائداٍ ومسئولاٍ المسألة ليست هكذا أنا كنت وزيراٍ ورئيس أركان وعضو مجلس قيادة الثورة والسفير الخاص بالرئيس السلال ومبعوثه إلى القادة والرؤساء والزعماء لكن ما الذي جرى لي الآن لاشيء وليس هناك أي مشكلة لقد أديت واجبي بقدر ما أستطيع والآن أنا في بيتي مرتاح الضمير لو كنت خنت بلدي وشعبي ماكنت هنا لخرجت خارج البلد إلى أي بلد آخر .
أحببت الوطن بكل عيوبه لأنه بلدنا مهما حصل أحببت كل اليمنيين بدون تمييز الناس في هذه البلد طيبون ويحبون الحاكم العادل حتى على مستوى عاقل الحارة عندما يدفع الشيخ من أمواله ليحل مشاكل الناس من حوله يتحول عندهم لشيء مقدس لكن لو مارس عليهم والاضطهاد يتمنون هلاكه في أي لحظة .
نصيحة
• نصيحتك للشباب للجيل الجديد¿
– نحن نعيش على الأمل ونصيحتي للجميع لا تيأسوا اليمن له مستقبل ومستقبل بلدنا سيكون عظيماٍ لكن يجب على الشباب أن تكون لديهم سعة صدر لا ينجرفوا مع أي تيار قضية العمل الحزبي هي مجرد وسيلة من أجل التغيير الجميع يريد التغيير وأن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب نريد دولة النظام والقانون والمساواة الاجتماعية .
من حق كل شخص أن يمتلك السيارة والعمارة وان يعيش لكن ليس من حقه امتلاك مقدرات الناس يجب أن يكون هناك عدالة وان يكون الجميع في خدمة هدف واحد وهو الوطن الرئيس في خدمة البلد وهو ليس أكثر من مجرد موظف سواء كان السلال أو الارياني أو علي صالح أو عبدربه او باسندوة وأعتقد أننا ظلمنا كثيرا السلال والارياني اكتشفنا بالفعل كم كانا نزيهين وظلمنا حسن العمري خرج ولا يمتلك شيئاٍ نصيحتي للجميع لا تقطعوا الأمل اليمن واعد وسيكون له مستقبل ولن يصح إلا الصحيح.

قد يعجبك ايضا