عدن.. لا صوت يعلو فوق صوت الاحتلال..
عادل العصار
“.. لا صوت يعلو فوق صوت الامارات ولا سلطة في الجنوب غير سلطة الاحتلال..” بهذه الجملة القصيرة يمكننا وصف المشهد السياسي والعسكري والأمني الذي تعيشه ويعيشه اليمنيون في المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة لسلطة الاحتلال السعودي الإماراتي، الذي وإن كان قد غلف تدخلاته في الشأن اليمني وحربه التي يشنها على اليمن بالكثير من الشعارات والعناوين البراقة إلا أن الكثير من الأحداث التي شهدتها اليمن خلال أكثر من أربعة أعوام من العدوان تثبت غير ذلك وتؤكد أن السعودية والإمارات جاءتا إلى اليمن مثقلتين بالأطماع.
وإذا ما توقفنا لقراءة سيناريوهات الحرب والعدوان الذي يستهدف اليمن، إنسانا وخارطة وموارد وثروات، وأوكلت إلى السعودية والإمارات مهمة تنفيذه من خلال كيان عسكري ولد فجأة من رحم سراب صحراء التناقضات العربية واطلق عليه مسمى “التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن” فسنجد أن الكثير من الأسرار التي تحاول هاتانش الدولتان ومن ورائهما إخفاءها، لم تعد أسرارا وأصبح بإمكان المتابع البسيط بل والمواطن العادي معرفتها وقراءتها في كل ما يدور حوله.
يكفي أن نتوقف أمام المسمى الذي تم اطلاقه على مثل هذا الكيان العسكري الذي اختصر في خمس كلمات المسمى والأهداف التي وجد من أجلها، لندرك أن “التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن” الذي ولد مكتمل العضوية والتمويل والتسليح والأهداف والمساندة والدعم الدولي والأممي، ليس له من اسمه نصيب –كما يقول المثل العربي- وغير معني بترجمة ما حمله مسماه، وهي الحقيقة التي تجلت وتزداد تجليا ووضوحا كل يوم وكل لحظة ويمكننا اختصارها في عدة نقاط أبرزها ما يلي:-
أولا:- تدعي السعودية والامارات أنهما تخوضان حربهما العدوانية على اليمن تحت مظلة كيان عسكري عربي يستند إلى مشروعية وإجماع عربي، وتسعيان من خلال هذه المغالطات منح عدوانهما اطارا قانونيا من خلال تزييف وعي الرأي العام العربي والعالمي اللذين يدركان أن إنشاء هذا الكيان العسكري المسخ وشن العدوان على اليمن سبق اجتماع القمة الطارئة للجامعة العربية التي انعقدت في شرم الشيخ المصرية بطلب سعودي، وهو الاجتماع الذي عبرت فيه دول عربية عن رفضها للعدوان على اليمن الأمر الذي يؤكد أن قرار الحرب على اليمن كان قرارا سعوديا أمريكيا لا علاقة للعرب فيه.
ثانيا:- سعت السعودية والإمارات لتزييف حقيقة العدوان والتغطية على أصحاب المشروع والمستفيدين الرئيسيين الذين خططوا ووضعوا السيناريوهات وأوكلوا إليهما مهمة التنفيذ، من خلال هذا المسمى العروبي الذي لم يدم طويلا حتى أطلت أمريكا برأسها وأعلنت ومعها بريطانيا وفرنسا والكثير من الدول الغربية دعمها ومساندتها العسكرية للتحالف الذي قيل أنه عربي.
ثالثا وهو الأهم: ارتكز تكوين وإنشاء ما يسمى بـ”التحالف” على مبادئ وأهداف رئيسية تمثلت في دعم الشرعية واستقلال اليمن ووحدة أراضيه، لكن كل هذه المبادئ والأهداف سرعان ما تلاشت وتحولت إلى سراب، وسرعان ما تحول القادمون لدعم الشرعية إلى غزاة ومحتلين يتقاسمون إرث الشرعية التي تم تجريدها من شرعيتها ومصادرة قرارها السياسي وتحويل قادتها السياسيين إلى رعايا وتابعين مسلوبي الإرادة لا يمتلكون حتى حق تقرير مصير أنفسهم.
وإذا كان هناك من استدلال على حقيقة ما ذكرناه فإن ما شهدته وتشهده المحافظات الجنوبية المحتلة خير دليل وخير شاهد على ذلك، ومن خلال مراجعة ما نتج عن الاحتلال الإماراتي في هذه المحافظات يمكن لنا التعرف على حجم الدعم الذي تلقته الشرعية من تحالف دعم الشرعية والذي اجتهدت الامارات في ترجمته بصورة لم يكن يتخيلها أكثر مسؤولي الشرعية تشاؤما.
اجتهد الإماراتيون وأسرفوا كثيرا في دعمهم للشرعية في عدن وبقية المحافظات الجنوبية لدرجة تدمير مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية واستبدالها بالمليشيات التي تدين لها بالولاء وتناصب الشرعية العداء، كما قامت بإضعاف سلطة الدولة وعززت قوة مليشياتها وأمدتها بالسلاح والإمكانيات العسكرية التي تؤهلها لبسط سيطرتها على كل مفاصل الدولة.
أسرفت الامارات كثيرا ومثلها أسرفت السعودية في دعم الشرعية التي يتوزع قادتها بين مستعمراتهما في المحافظات اليمنية “المحررة” في عناوين نشرات الأخبار وفنادقها الشبيهة بالمعتقلات ومعسكرات اللاجئين.
وهنا وفي خضم كل هذه المغالطات وكل هذا الضجيج الإعلامي الموجه لتجميل قبح “التحالف” تبرز الكثير من التساؤلات التي لم نعد في حاجة للبحث عن اجاباتها المتجلية ويمكننا قراءتها في كل ما حدث ويحدث، وعن أي دعم وأي شرعية تتحدثون.. وأي دعم أكثر من هذا تريدون لتثبت لكم السعودية والإمارات حسن نواياهما وأنهما تعملان بجد ومثابرة في ترجمة أهدافهما الحقيقية وأطماعهما على أرض الواقع، ..؟!!
بعد ترحيل أبناء المحافظات الشمالية:
مليشيات الاحتلال تُدخل عدن مرحلة من الركود التجاري
شهدت أسعار الخضروات والفواكه ارتفاعاً جنونياً في مدينة عدن بسبب انعدام اليد العاملة بعد أن أقدمت مليشيات مسلحة في المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات على تهجير ونهب ممتلكات معظم المواطنين اليمنيين المنتمين للمحافظات الشمالية من عدن بما فيهم العمال وباعة الخضروات والفواكه.
وقال سكان في مدينة عدن “إن الأسواق الشعبية بدت شبة خالية من الباعة أصحاب البسطات الذين ينتمي معظمهم إلى المحافظات الشمالية، بعد أن تم اعتقال الكثير منهم وإجبارهم على مغادرة المدينة ومغادرة آخرين خوفاً من تعرضهم للاعتداء من قبل مليشيات ما يسمى بالحزام الأمني.
وخلال الأيام الماضية نفذت المليشيات التابعة للاحتلال الإماراتي حملة انتهاكات واسعة بحق المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية، والذين معظمهم يمارسون مهناً مختلفة إما عمال انشاءات وبناء، أو بائعين في بسطات ومحلات تجارية، وبعضهم مستثمرين في المطاعم وأسواق الجملة.
ووفقا لإحصائيات أولية فقد أحرقت مليشيات الحزام الأمني نحو 112 محلياً تجارياً، ونهبت 23 شقة سكنية، كما تم اختطاف 133 مواطناً، وإطلاق الرصاص الحي والمباشر في الأسواق بشكل عشوائي، كما أظهرت ذلك مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبية الانتهاكات على أساس مناطقي وعنصري يستهدف أبناء المحافظات الشمالية.
وأشارت الاحصائيات إلى قيام مليشيات الاحتلال الانفصالية بإعلاق سوق الخضار المركزي بمديرية المنصورة وطرد العاملين فيه، مما تسبب في حدوث أزمة خانقة في الخضار والفواكه في مدينة عدن بشكل عام، وارتفاع أسعارها بشكل جنوني حيث بلغ سعر الكيلو البطاط إلى أكثر من 2000 ريال.
وأكد سكان في مدينة عدن أن أسعار الخضروات ارتفعت بشكل جنوني فاقت 150 % من أسعارها الطبيعية حيث تجاوز سعر البطاط 2000 ريال للكيلو الواحد فيما تجاوز سعر الطماطم 2500 ريال للكيلو الواحد كما اختفت الكثير من الخضروات في أسواق المدينة.
وأضاف السكان: إن معاناتهم زادت بالتزامن مع إغلاق محلات بيع الدجاج والأسماك لأبوابها إثر عزوف الناس عن شرائها لعدم توفر الخضار للطبخ.
ونشر نشطاء من محافظة عدن مقاطع فيديوهات على مواقع التواصل تظهر مواطنين يبحثون عن البطاط والخضروات في أسواق الخضار.
وفي منشور يبين حجم معاناة أهالي محافظة عدن قال القيادي والناشط الجنوبي فتحي بن لزرق في منشور على صفحته في “فيسبوك”:
“منشور ليس للمزاح..
الاخوة المقيمون في عدن احتاج للأشياء التالية وبأي ثمن لكي نستطيع ان نصنع وجبة عشاء هذه الليلة.
حبة بطاط وحبة بصل و 3 حبات طماطم و 4 قرون بسباس وحبة كوسة وربطة كبزرة.
لمن يستطيع توفيرها لي الرجاء التواصل معي على رقم هاتفي الموجود بالصفحة، وشكرا”.