
> تكالب الأعداء على الثورة زادنا عزيمة وتصميما على تحقيق الانتصار
> نجحنا في إسقاط الإمامة وفشلنا في تثبيت النظام الجمهوري على كامل الأرض اليمنية
> مخطط إقصاء الثوار تم بعد سنوات من الثورة وتأثير القبيلة ظهر بسبب ضعف الجيش
.. في ذروة المعارك التي كانت محتدمة بين المدافعين عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والنظام الجمهوري والقوى المعادية لها من فلول نظام الإمامة والقوى الرجعية الداعمة لها في سنوات مابعد الثورة ظهرت على الساحة الوطنية قوى جديدة من أصحاب المطامع الشخصية الذين لاتمثل لهم الثورة سوى غنيمة فراحوا يتقاسمونها فيما بينهم ولم يقفوا عند هذا الحد بل إنهم سعوا إلى رسم مخططات تآمرية لإقصاء كل الذين لهم أدوار مشرقة في صناعة هذا الحدث العظيم .
مخططات هذه القوى والخلافات التي أثرت على مسار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بعد سنوات من قيامها وغيرها من القضايا كانت محاور لقاءنا مع اللواء أحمد قرحش أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار الذين أشعلوا الشرارة الأولى لهذه الثورة وفيما يلي حصيلة هذا اللقاء:
يوم خالد
ونحن نحتفل بالعيد الـ51 للثورة المجيدة ماذا يمثل لكم يوم 26 سبتمبر¿
– يوم السادس والعشرين من سبتمبر بالنسبة لي هو يوم من الأيام الخالدة في حياتي واعتقد أن كثيراٍ من المواطنين يشاركونني هذا القول لأن هذه المناسبة المتمثلة بقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م هي حدث مهم جدا غير مجرى التاريخ الجامد إلى تاريخ متحرك وطني شامل بكل ماتعنيه الكلمة من معنى . كما أن هذه المناسبة تمثل لي أيضا ذكرى جميلة ومؤلمة في نفس الوقت نظرا لما لحق بهذا الحدث من أذى وأضرار سياسية كبيرة أضرت به ولكنه من حيث المبدأ لايزال هو اليوم الخالد في ذاكرتي وفي ذاكرة كل اليمنيين.
مواقع قيادية
حدثنا عن أبرز الملامح لمشاركتك في صناعة هذا الحدث العظيم¿
– أنا واحد من ضباط الثورة النشطين قبل هذا الحدث (الثورة) وقبل قيام الثورة كان لي دور كبير في أكثر من موقف سواء في تنظيم الضباط الأحرار أو في الإعداد لقيام الثورة حيث توليت قيادة سرية قبل الثورة وتوليت أكثر من قيادة عسكرية في أكثر من موقع بعد الثورة من المواقع التي حصلت فيها الخلافات والنزاعات والتي دارت فيها الحرب بين المدافعين عن الثورة والجمهوريين والملكيين من بقايا نظام الإمامة وهذه الأحداث كثيرة ومتشعبة لايمكن سردها بهذه العجالة لكن المعايش لهذه الأحداث التي مرت بها الثورة يمكن القول انها كانت بمثابة (بركان) زلزل نظام الأئمة وأركانها ودخلت اليمن في ميزان الأمم شرقا وغربا شرقا مناصرون وغربا معارضون للنظام الجديد ليس للنظام الجمهوري بحد ذاته ولكن معارضة لدخول المد القومي بقيادة مصر والزعيم الراحل جمال عبدالناصر ودخول المد الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي ودعمهما ومساندتهما لثورة 26سبتمبر وترسيخ النظام الجمهوري وفي المقابل دخل الغرب هذه المواجهة دفاعا عن مصالحه ومصالح أنصاره بكل قوته وإمكانياته ضد الثورة وضد التواجد المساند للثورة ويمكن القول أن اليمن كانت مسرحا لقتال القوى الخارجية والضحية كان الشعب اليمني.
لا تراجع
في هذه الفترة الصعبة هل كانت نسبة تفاءلكم بنجاح الثورة كبيرة¿
– الحقيقة أن المعركة كانت محسوبة تماما (خسارتها أو نجاحها) وكان لدينا تقييم لمحيطنا وبالذات في المدن الرئيسية كان تقييمنا أن نجاح الثورة مضمون قد لايكون (100%) لكنه مضمون بنسبة من (50 -80) % ويضاف إلى هذا التقييم قناعتنا بأن نظام الإمامة لا بد أن يزول لكثرة مساؤه ولهذا فإن رؤيتنا وتقييمنا لمجمل العوامل التي كانت قائمة آنذاك بأن الثورة مضمون نجاحها أكثر من فشلها وفي حالة الفشل لم نكن خائفين في حال فشلت الثورة لأنه كانت لدينا إرادة وطنية ثورية لايمكن التراجع عنها مهما كان الثمن وهو ماحصل بالفعل لقد نجحنا في إسقاط نظام الإمامة لكننا فشلنا في تثبيت النظام الجمهوري على كل الأرض اليمنية والسبب كما أشرت سابقا أن اليمن دخلت في ميزان الشرق والغرب وبسبب تكالب الأعداء من الداخل والخارج على الثورة.
إرادة قوية
كيف كان تأثير تكالب القوى المعادية على معنويات الثوار والمدافعين عن الثورة¿
– الأحداث التي مرت بنا ومرت بها الثورة تدل على أننا لم نتزحزح يوما عن النظام الجمهوري ولا عن الأهداف الستة للثورة ولاعن المقاومة ولا عن المشاركة في كل الحروب التي حدثت في مختلف الأماكن والمواقع التي وقعت فيها المعارك بين الثورة واعدائها كانت الإرادة قوية وظلت وماتزال قوية رغم أن بعضاٍ من الضعف حل بنا نتيجة تقدم السن لكن الهدف والرؤية والمسار والعمل مازال هو لم يتغير حتى اليوم ولا في أي مرحلة من المراحل التي مرت بها الثورة رغم الصعوبات والخلافات التي شهدتها اليمن سياسيا وبنا كـ(سبتمبريين) وهذه الخلافات بدأت منذ يوم الثورة ولكننا مازلنا محتفظين بقدرتنا ورؤيتنا وشجاعتنا واخلاصنا .
رؤى مختلفة
ماهي أبرز الأخطاء التي أثرت على مسار الثورة¿
– الحديث عن موضوع الأخطاء أو الخلافات التي رافقت قيام الثورة طويل وهذا الخلاف هو سنة الله في الأرض لا بد أن يختلف الناس وبخاصة فيما يتعلق بطريقة التنفيذ فكما هو معلوم أن الثورة كانت لها أهداف ستة ولم يكن هناك أي اختلاف حولها لكن هذه الخلافات حصلت في بعض المراحل خاصة في مرحلة التنفيذ ففيما يتعلق بتنظيم الضباط الأحرار فقد تركوا مركز الحكم واتجهوا إلى جبهات القتال وتم تسيير أمور الثورة كل بطريقته على الرغم من أن الذين جاءوا لقيادة الثورة لايقلون حماسا وإخلاصا ووطنية لكن كان لكل واحد رؤيته الخاصة بإدارة أمور الثورة فأنا شخصيا اعتبر أن الجمهورية مرت بمرحلتين الأولى تمثلت في الحفاظ على الثورة والجمهورية والثانية تمثلت بمرحلة بناء الدولة وكان لكل نظام من الأنظمة التي تعاقبت على الحكم عقب الثورة طريقته في إدارة البلد لكن تنظيم الضباط الأحرار نأوا بأنفسهم عن مراكز الحكم لأنهم اعتبرو أنفسهم مسوؤلين عن كبح جماح الجبهات المعادية للثورة والتي استمرت حتى فترة مابعد حكم القاضي الارياني ومنذو ذلك الحين بدأت الأنظمة تعمل من أجل الجمهورية والتنمية وبدأت الثورة تقل وزنها ودخلت الصراعات الحزبية والأيدي الخارجية بهدوء للأسف وكانت فترة حكم الشهيد إبراهيم الحمدي – رحمه الله – أكثر حماسا لبناء الدولة لكن بعدها حصلت نكسات كبيرة للثورة رغم أن النظام الجمهوري ظل قائما لكن دخلت فيها القبلية والطائفية والمناطقية..
انحراف مسار الثورة
هناك من يرى أن أهداف الثورة لم تتحقق على صعيد الواقع بل إن هناك من يقول أن الثورة قد سرقت أو انحرف مسارها بعد سنوات من قيامها . ماهو تقييمك لما حققته الثورة وما اخفقت فيه¿
– نعم الثورة خرجت عن مسارها وكان مسارها معروفاٍ يسير باتجاه تحقيق أهدافها الستة التي صحيح أننا استطعنا الإطاحة بنظام الإمامة وإنشاء النظام الجمهوري لكن بعض من أهداف الثورة لم يتم تحقيقها فلم نبن جيشاٍ وطنياٍ ولم نقض على الفوارق بين الطبقات ولم نحقق العدالة الاجتماعية وكل ذلك بسبب دخول أصحاب المصالح الشخصية على الثورة الذين أساءوا للثورة واهانوها وقضوا على الجيش وأوجدوا العنصرية والطائفية والمناطقية.
تأثير القبيلة
ماهو تقييمك لمشاركة القبائل في دعم الثورة من واقع تجربتك الشخصية في كثير من المواقع والمناطق التي شاركت فيها¿
– القبائل التي ساندت الثورة كان فيهم شخصيات وطنية مخلصة للثورة لايقلون إخلاصا عن الثوار المدافعين عن الثورة وكان مصيرهم نفس مصير كثير من ضباط الثورة هو الاقصاء والابعاد والإهمال وماكان في خاطر أبناء القبائل أن مشاركتهم في الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري على أساس قبلي كما أن تأثيرالقبيلة في الحياة السياسية لم يكن بارزا في هذه الفترة لكن التأثير القبلي بدأ يظهر عندما ضرب الجيش الذي بني أيام نظام الإمامة وكان لديه وحدات حديثة لكنها اهملت نتيجة عملية سياسية خبيثة تحت مبررات أن ولاءهم لايزال لنظام الإمامة وتوزع أفراد هذه الوحدات على كثير من المناطق وتم استبدالهم بالحرس الوطني الذي اهمل أيضا وانتهى وهنا بدأت حكاية اسمها القبيلة وتأثيرها في العملية السياسية ومنذ فترة العام 1965م تقريبا بدأت تظهر ماسمي بالقبائل الملكية والقبائل الجمهورية او(المجمهرة) وكل منهما استعان بأنصاره ومشائخه وصار دور القبائل هو الأقوى خصوصا في ظل ضعف الجيش وهكذا كلما كانت تتم عملية إعادة بناء الجيش يضعف دور القبيلة والعكس وفي فترات لاحقة عندما كانت تأتي أنظمة جديدة كان كل نظام يتخلص من وحدات الجيش السابق كما كان للانقلابات دور في اضعاف الجيش وفي فترة مابعد حكم الرئيس إبراهيم الحمدي تم استقطاب القبائل بشكل أكبر في الحكم خصوصا في الجانب العسكري.
قوى جديدة
في سنوات مابعد الثورة حصل تهميش وإقصاء لكثير من القوى الوطنية إلى ماذا ترجع سبب هذا الإقصاء¿
– الأنظمة التي تعاقبت على الحكم بعد الثورة كان كل منها يرتكز في حكمه على جماعته وأنصاره حتى أن كثيراٍ من الثوار اقصوا من المشاركة في سنوات ما بعد الثورة حتى أن تنظيم الضباط الأحرار تحول اسمه إلى (السبتمبريين) وهذا الاسم أو المصطلح كان يطلق على من تبقى من تنظيم الضباط الأحرار المشاركين في الثورة الذين هم في الأصل عدد محدود ومن هنا برزت قوى أخرى بعضها كان لها دور في المشاركة في الثورة ومناصرتها وأصبحت فيما بعد قيادية وهم الناس الذين انخرطوا في الدفاع عن الثورة من أول يوم لقيامها سواء في صفوف الجيش النظامي الذي تم بناؤه في فترة الإمامة أو في صفوف الحرس الوطني الذي تأسس مع فجر يوم الثورة وهؤلاء وقفوا في كافة الميادين والجبال والبعض الآخر لم يكن لهم لا ناقة ولا جمل ولم يشاركوا في أي من أحداث الثورة فقط كان لهم في هذه الثورة مطامع شخصية حصلوا عليها وحقيقة أن هؤلاء تدحرجوا في الثورة من أول يوم ومازالوا حتى اليوم يتدحرجون حتى كبروا مثل كرة الثلج وكانت لهم يد في هذا الحال بل انهم أثروا تأثيرا كبيرا في المسار الوطني من حيث هم وأثروا أيضا في المراحل التي مرت بها الثورة والجمهورية وهنا تفرقت القياده الحقيقية للثورة ولم تعد هي من تمسك بزمام الأمور وهذه الفتره من أكثر الفترات صعوبة وضعفا نظرا لغياب التنظيم الموحد الأمرالذي ساهم في حصول الانحراف في مسار الثورة والجمهورية إضافة إلى ماسبق كان للأحزاب دور في زيادة الانشقاق وكانت القوى الأكثر استفادة من هذا الوضع هم القوى أو الجماعات التي لم تكن ترغب في في قيام النظام الجمهوري في اليمن وهذه القوى هي التي فككت عرى البلد وبسببهم ماتزال البلد تعاني من هذا التفكك حتى اليوم نظرا لأن تأثير هذه القوى كان هو الأقوى وجاءت في مناخ هادئ وكان كل همها هو مواجهة القوى الوطنية في الساحة والتي كان أكثرها تضررا هم القوى الوطنية في المناطق الوسطى وفي المحافظات الجنوبية وبالذات بعد أحداث 1994م المشوؤمة.