السعودية مكان غير آمن للاستثمارات
وول ستريت جورنال: أرقام الناتج المحلي الإجمالي مضلِّلة بشكل كبير لأن الاقتصاد السعودي لا يزال يعتمد على النّفط
الثورة /..
نُشْرِت تقارير أمريكية وبريطانية بشأن وضع الاقتصاد السعودي، و خطة “رؤية 2030م” التي أعلنها محمد بن سَلْمان سنة 2016م، والتي اعتبرتها وكالة “بلومبرغ” منذ نهاية 2018م “رؤية غير واضحة”، استنادًا إلى انطباعات المُستَثْمِرين، خاصة الأجانب الذين عبّروا عن خيبة أَمَلِهِم في إصلاحات بن سَلْمان، ويرَوْن السعودية مكاناً غير آمن للاستثمارات، مع اشتداد وتيرة العدوان على اليمن، وزيادة الإنفاق على السلاح، وقمع الحريات، رغم ارتفاع أسهم الأسواق السعودية التي تدعَمُها الحكومة عبر تقديم طلبات شراء ضخمة لمواجهة عمليات البيع، وخصُوصًا بعد اعتقال المئات من الأثرياء وأفراد الأُسْرَة المالكة في نوفمبر 2017م.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية “أن أرقام الناتج المحلي الإجمالي مضلِّلة بشكل كبير، لأن الاقتصاد السعودي لا يزال يعتمد على النّفط، الذي ارتفعت أسعاره قليلا سنة 2018م″، بينما تهدف “رؤية 2030م” إلى خفض الاعتماد على النفط.
وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر من 7.5 مليار دولار سنة 2016م إلى 1.4 مليار دولار، أو حوالي 0.2 % من الناتج الإجمالي المحلي سنة 2017م، فيما نَقَلَ السعوديون إلى الخارج حوالي ثمانين مليار دولار، سنة 2017م، وفق مجلة “إيكونوميست” التي اعتبرت أن مشاريع مدينة “نيوم” (مع الأردن ومصر) ومدينة الطاقة “سبارك”، و”حي الملك عبد الله المالي” في الرّياض فاشلة، وأن عدد الوظائف انخفَضَ في عدد من القطاعات، ومن بينها تجارة التجزئة بعد تخصيص عدد من الوظائف للسعوديين ومنع الأجانب من العمل فيها.
واعتبرت وكالة “بلومبرغ” (المختصة في مجال الاقتصاد) أن الحكومة السعودية تفتقر إلى التصميم وإلى الانضباط، وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت أن ميزانية الإنفاق لسنة 2019م تتطلب نحو 300 مليار دولار، ويَتَوقّع مُحلِّلُو الوكالة أن يبلغ عجز ميزانية السعودية (سنة 2019م) نحو 4.2 % من الناتج المحلي الإجمالي بعد ثلاث سنوات من إعلان الحكومة العمل على خَفْضِ العجْز عبر التّحول من اقتصاد ريعي إلى “اقتصاد مُتنوّع”، ولكن ذلك لم يحصل، فلم يرتفع الاستثمار في قطاعات مُنْتِجَة، ولا يزال النّفط يشكل 60 % من الناتج المحلي الإجمالي.
في المقابل ارتفعت قيمة الجباية عبر إقرار الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات بنسبة 5 % في مرحلة أولى، قبل أن ترتفع إلى 10 % (لم يُحدد تاريخ بداية المرحلة الثانية)، وفرضت الحكومة ضريبة على أرباب العمل الذين يستوردون عمَّالاً أجانب بهدف خَفْضِ نسبة البطالة، لكن الحكومة عجزت عن خفض نسبة البطالة التي بلغت 12.3 % سنة 2017م ونحو 12.7 % سنة 2018م (وهي نسبة رسمية غير موثوقة) إلى 7 %، كما كانت تتوقّع، ورفعت أسعار الوقود والطاقة وبعض السلع والخدمات (بسبب خفض الدّعم)، وكانت الحكومة تعتزم اجتذاب استثمارات أجنبية من خلال بيع 5 % من أسهم شركة النفط “أرامكو”، ولكن تأجّلت عملية البيع عدة مرات.
وقدّرت البيانات الرسمية (المتضاربة وغير الموثوقة) عدد السعوديين الحاملين لشهادات جامعية، والعاطلين عن العمل بنحو ستة آلاف سعودي وسعودية، ويقدّر عدد الدارسين حاليا بنحو سبعة ملايين وجب توفير وظائف لهم (ولهُنّ) بعد تخرّجِهِم خلال سنوات، ولم تنجح السعودية في “توطين” أو “سَعْوَدَة” الوظائف، إذ تُشير بيانات الحكومة إلى بلوغ الطاقة الاستيعابية للتوظيف 12.5 مليون وظيفة في مختلف المهن- في القطاعَيْن العام والخاص -ويشغل العاملون الأجانب منها قرابة 9.4 ملايين وظيفة (وهو رقم دون الواقع)، ولا يشغل السعوديون سوى 3.1 ملايين من هذه الوظائف، وتُشير بيانات البنك العالمي إلى احتمال ارتفاع نسبة البطالة خلال السنة الحالية 2019م والسنة القادمة 2020م، فيما قَدّرت البيانات ارتفاع نسبة الفقر إلى 12.3 % (سنة2017م)، قبل خفض الرواتب، وقبل خفض الدعم الحكومي للكهرباء والوقود، وتُفِيد تقارير البنك العالمي أيضًا بأن قرابة سبعة ملايين سعودي لا يملكون حسابات مصرفية، بينما تراجع معدل الادخار إلى 2.4 % (يبلغ الحد الأدنى العالمي 10 % )، بحسب مؤسسة “ساما” (السعودية)، ما يُشير إلى انخفاض الدّخل الحقيقي للسعوديين بعد ارتفاع فاتورة الكهرباء بنسبة 250 %، وسعر البنزين بنسبة 130 %، والاتصالات بنسبة 50 %، وارتفع متوسّط أسعار السلع الاستهلاكية بين 10 % و30 % .