5 % والعمل ماشي
مطهر يحيى شرف الدين
عندما توكل إلى جهة رسمية مهام رقابة ومحاسبة الجهات العامة وبالذات الإيرادية منها فمن الطبيعي جداً أن تكون هذه الجهة على قدر كبير من تحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية وما يجب أن تكون عليه كأسوة ونموذج يقتدى به في مكافحة الفساد وتصحيح الأوضاع المالية والإدارية في مؤسسات الدولة وترشيد الإنفاق والتقشف وبما يتناسب مع الوضع الاقتصادي للدولة ككل وكذلك ما يجب أن تكون عليه تلك الجهة من التزام وظيفي وممارسات يحتذى بها في النزاهة و القضاء على كثير من أوجه الفساد وصوره.
ومن ذلك الحفاظ على المال العام من العبث وبما يعود منفعة وفائدة لصالح الشعب ، ولذلك تعجبت وتفاجأت مما تحدث به علي العماد رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن بعض صور الفساد ومن ذلك حديثه عما كان يتم اعتماده من موازنات للوزارات والمؤسسات الحكومية قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م مقارنة بما تم اعتماده بعدها ، صورة من صور الفساد وهدر المال العام كانت سائدة في الوزارات والمؤسسات الحكومية وهي الموازنة السنوية لمؤسسات الدولة الخاصة بنفقات التشغيل اللازمة لتسيير مهام وأعمال وحدات السلطة المركزية والسلطات المحلية ، العماد في مقابلة أجرتها معه قناة اليمن في برنامج الحاصل قال بكل شفافية ووضوح إن ” 5% هي نسبة ما يتم اعتماده للجهاز مما كان يتم اعتماده للجهة المذكورة قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م والعمل ماشي”.
ويعني ذلك أنه ليس هناك أي عائق أو إشكال في تسيير مهام وأنشطة وأعمال الجهاز بتلك النسبة المتواضعة جداً.
وذلك إن دلّ على شيء فإنما يدل على هدر للمال العام وتلاعب كان سائداً خلال سنوات ما قبل العام 2014م ، وبالتالي فإن كل الوزارات والمؤسسات والمصالح العامة كانت بلا شك على هذا المنوال وهذا النهج الذي نجده أيضاً في صور وأوجه أخرى للفساد يتمثل بعضها في التلاعب بدفاتر تحصيل موارد الدولة واتخاذ أساليب التحايل على الحصيلة العامة بهدف اختلاس جزء منها أو عدم الشفافية والنزاهة في تقييم وتحديد النسبة الصحيحة المفروضة على المكلفين وكبار المكلفين سواء كانت ضريبة أو زكاة أو رسوم خدمات لجهات إيرادية أخرى وكثير من أروقة ودهاليز تلك المؤسسات التي كانت تفوح منها روائح الفساد ، والسؤال الذي يفرض نفسه إذا كانت 5% كافية لإدارة وتسيير الأعمال في جهاز رقابي متعدد المهام فأين كانت تذهب الـ 95 % من تلك الموازنات وكيف كان يتم تصريفها ولصالح من ؟
بالطبع المستفيد من ذلك هم قيادات عدد من تلك المؤسسات وأعوانهم ممن يسيئون استخدام السلطة ويهدرون المال العام ، المسألة الأخرى التي تثير فضول كل من لديه حس وطني ومسؤولية أخلاقية هي هل وُجد مسؤول أو قيادي كان يتربع على كرسي وزارته أو مؤسسته خلال تلك السنوات الماضية قدم اعتراضا أو ملاحظة أو توصية لوزارة المالية أو للبنك المركزي حول الاعتمادات التشغيلية الباهظة تفيد بعدم وجود مبرر لكل تلك الاعتمادات العبثية.
وطالما وأن 5 % كافية لتشغيل وإدارة جهاز بشكل فعّال ولديه من القطاعات المختلفة وال%