استمرار الرفض الفلسطيني في انتفاضة ثورية متجددة

ورشة البحرين.. أنظمة عربية تمنح ما لا تملك لمن لا يستحق

> هنية: شعبنا يقف في مواجهة المؤامرة الصهيوأمريكية
> الحريري: الحكومة والبرلمان في لبنان يعارضان الخطة الأمريكية للسلام
> الغارديان: ورشة المنامة تجسد الفجوة بين وهم كوشنر والواقع
> الوفاق: العار سيلاحق النظام البحريني لاستضافته مؤتمر الخيانة

الثورة / عواصم/ وكالات
وسط مقاطعة فلسطينية حكومية وفصائلية وشعبية وعربية وإسلامية تواصلت أمس ورشة البحرين التي اعتبرها الفلسطينيون تطبيعاً مع الاحتلال ومقدمة لتصفية قضيتهم حيث أكدوا أن فلسطين ليست للبيع رافضين الصفقات والمؤتمرات والورش التي تبحث في تكريس الاحتلال.
حيث عم الاضراب الشامل لليوم الثالث على التوالي جميع الأراضي الفلسطينية رفضا للمؤتمر الخائن للقضية الفلسطينية ولجميع الخطط التي تستهدف انتزاع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني حيث تحوَّلت المظاهرات في الأرض الفلسطينية إلى اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتوشح قطاع غزة بسواد الرفض المطلق لصفقة ترامب، كما أغلقت المحال التجارية أبوابها وكذلك معظم المؤسسات الحكومية أبوابها في الأراضي الفلسطينية المحتلة لإعلان الاضراب الشامل في مختلف المرافق الرسمية والشعبية والذي دعت اليه القوى والفصائل الوطنية للتأكيد على “الرفض الفلسطيني لصفقة القرن ومؤتمر البحرين” إضافة الى تعطيل عمل البنوك بقرار من سلطة النقد، وتعليق الدوام في معظم الجامعات والوزارات الحكومية، بما فيها المحاكم.
ورفعت الأعلام الفلسطينية الى جانب الرايات السوداء في الشوارع الرئيسية وعلى أسطح المنازل وفي الطرقات والأزقة. وتوجه العشرات من الشبان الفلسطينيين الى عدة محاور في المناطق الحدودية مع الاراض الفلسطينية المحتلة للتعبير عن احتجاجهم وإضرام النيران في الإطارات المطاطية، حيث أطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع تجاههم، ما أدى الى إصابة عدد منهم بحالات اختناق وإصابة 12 فلسطينياً، منهم 3 بالرصاص الحي؛ جراء اعتداء جيش الاحتلال الإسرائيلي على متظاهرين خرجوا احتجاجا على مؤتمر العار، قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وانطلقت عدة مسيرات حاشدة منددة بمؤتمر البحرين في عدد من المدن بقطاع غزة والضفة الغربية.
ففي غزة قام المتظاهرون أيضا بإحراق صور ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وعلى مستوى المحافظات الفلسطينية تستمر الفعاليات المنددة لليوم الثالث في محافظة رام الله والبيرة، حيث أُعلن يوم تصعيد ضد الاحتلال.
فيما ستقام صلاة الجمعة على الأرض المهددة بالاستيلاء عليها في قرى سالم وعزموط ودير الحطب شرق نابلس، ثم ستنطلق مسيرة غاضبة قرب مستوطنة “الون موريه”.
كما أُعلن عن يوم غضب في جميع القرى والمخيمات في محافظة أريحا على مدار اليوم.
وفي السياق، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن “فلسطين ليست للبيع، ولا للصفقات والمؤتمرات التي تبحث في تكريس الاحتلال على أرضنا”.
وقال هنية، خلال المؤتمر الوطني الفلسطيني المناهض لورشة البحرين: “نقف اليوم في لحظة تاريخية فاصلة فوق أرضنا، وفي كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني لنقول بكل وضوح وجلاء: فلسطين ليست للبيع ولا للصفقات والمؤتمرات”، مشددا على أن “شعبنا اليوم يقف في خندق واحد وفي مربع واحد في وجه هذه الصفقات”.
وأضاف هنية : إن “شعبنا الفلسطيني يقف اليوم في مواجهة مؤتمر البحرين؛ في انتفاضة متجددة وثورة سياسية واستشعارًا منهم بالتهديد الاستراتيجي غير المسبوق الذي تتعرض له القضية الفلسطينية”.
وأشار قائلا: إن “شعبنا لم يفوض أحداً كائناً من كان للتنازل والتفريط. والأرض لنا، و القدس لنا، والله بقوته معنا”، لافتا إلى أن مؤتمر البحرين سياسي بغطاء اقتصادي، وأن أمريكا التي فشلت في كل سياساتها وتطويع المنطقة لن تنجح في تمرير هذه الصفقات.
وأوضح أن مؤتمر البحرين وصفقة ترامب يهدفان إلى العمل والتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية، وإعطاء الضوء الأخضر للاحتلال ليبسط احتلاله وسيطرته على كل الضفة الغربية، وفتح باب التطبيع بين الدول العربية وبين الاحتلال، وإعادة ترتيب مصفوفات ما يسمى الأعداء في المنطقة على قاعدة دمج هذا المحتل في المنطقة العربية وتنصيب عدو من داخل الأمة كأنه هو العدو لشعبنا وأمتنا.
وذكر أن “صفقة القرن ومؤتمر البحرين ليسا قدرًا على الشعب الفلسطيني”، موضحا أن “الشعب الذي أفشل كل المخططات وكل الصفقات قادر على أن يُفشل هذه الصفقة”.
ولفت إلى أن “توقيت مؤتمر البحرين يأتي في التاريخ نفسه الذي تمكنت فيه فصائل المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام تنفيذ عملية الوهم المتبدد وأسر شاليط”.
ووجه هنية رسالة إلى المجتمعين في المنامة قائلا: “إن مؤتمركم وهم سيتبدد على صخرة صمود شعبنا ووعيه وإرادة الجماهير الفلسطينية”، مشيرا إلى أن “الموقف الفلسطيني موحد في مواجهة صفقة القرن”.
كما دعا هنية إلى بناء إستراتيجية وطنية تقوم على أولويات، وهي التأكيد على التمسك الثابت الصارم بكل ثوابت القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس وحق العودة والدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس على التراب الوطني الفلسطيني كاملا.
وقال: إننا في حركة حماس جاهزون من الآن للقاء يجمعنا بالأخ أبو مازن وقيادة حركة فتح في غزة أو في القاهرة أو في أي مكان، داعيا إلى عقد الإطار القيادي المؤقت وفق اتفاقية القاهرة عام 2005م.
وشدد على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير شؤوننا في غزة والقدس والضفة، وتحضر لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فلسطيني حسب اتفاقيات 2017م في القاهرة وبيروت.
بدوره أكد رئيس الحكومة “محمد اشتيه” إن عدم مشاركة الفلسطينيين في ورشة البحرين الاقتصادية أسقط الشرعية عنها، واصفا محتواها بالهزيل ومخرجاتها بالعقيمة.
وأضاف رئيس الوزراء في حديثه للصحافيين قبيل الجلسة الأسبوعية للحكومة في رام الله: “حتى التمثيل في هذه الورشة لم يكن كما يجب، وأهم تمثيل فيها لفلسطين التي تغيب عن هذا المؤتمر، بل نحن رفضنا أن نشارك”.
وقال اشتيه “هذا المؤتمر يعقد بغيابنا، وهذا يسقط الشرعية عنه، والقضية الفلسطينية حلها سياسي متمثل في إنهاء الاحتلال وسيطرتنا على مواردنا، وسيكون بإمكاننا بناء اقتصاد مستقل”.
وأكد القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خضر حبيب في كلمة له في التظاهرة الشعبية أمام مكتب الاونروا في غزة رفضا لورشة البحرين انه لن نقبل بملياراتكم مقابل التنازل عن تراب ارضنا.
وقال القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خضر حبيب: “نرفض بشكل قاطع كل ما تروج له الادارة الامريكية من مشاريع تآمرية وان شعبنا الفلسطيني ومعه كافة احرار العالم لن يسامحوا من يتآمر على شعبنا”.
وشدد حبيب: ” لن نقبل بملياراتكم مقابل التنازل عن تراب ارضنا ولن نركع ولن نساوم ولن نقبل بما يسمى السلام الاقتصادي وندعو الى تشكيل وحدة وطنية واجبها التمهيد للانتخابات “.
ودعا حبيب الى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية والى تشكيل جيش وطني فلسطيني.
وقال حبيب: “يجب العمل على انجاز المصالحة الفلسطينية”.
وشارك عدد من المواطنين وممثلي القوى الوطنية والإسلامية والفصائل في قطاع غزة أمس الأربعاء في مسيرة احتجاجية انطلقت من أمام مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” باتجاه مقر الأمم المتحدة رفضا مؤتمر المنامة.
وتجمع المشاركون أمام مقر الأمم المتحدة معبرين عن غضبهم، ومنددين بالموقف الأمريكي داعين الدول المشاركة إلى التراجع عن موقفها، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعم حقوقه
وكانت الفصائل الفلسطينية قد وجهت دعوة للمشاركة في المسيرة، في إطار الفعاليات المستمرة لمناهضة ورشة البحرين، وتعبيرا عن الغضب الفلسطيني تجاه هذه الورشة .
من جانبها أصدرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بياناً أمس حول ما عُرف بورشة البحرين الرامية لبيع القضية الفلسطينية.
وأكدت الوفاق على أن العار سيلاحق النظام البحريني ورموزه الذين تحولوا إلى نواطير لدى الكيان الصهيوني باستضافتهم لورشة الخيانة.
كذلك شددت الوفاق على أن شعب البحرين بكل أطيافه ومكوناته أعلن البراءة منهم ورفضه المطلق لاختطاف البحرين لمصلحة خدمة المشروع الصهيوني الإرهابي التوسعي الاجرامي.
وأضافت: إن ورشة المنامة قد كشفت بكل تفاصيلها منذ الإعلان الأول وصولاً لكل الاستعدادات والخطوات والتحركات حتى تنفيذ الورشة بأن النظام ورموزه تعمّدوا مع سبق الإصرار والترصد أن يدوسوا على القضية وعلى كل العرب والمسلمين بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بالإصرار على الإساءة لكل المقدسات والقيم والعادات والاديان ولم يعبؤوا بأحد لا بحكومات ولا بعلماء ولا بمؤسسات ولا بقوى ولا بشعوب الامة العربية والإسلامية وذهبوا لتنفيذ أكبر مما يريد الصهاينة.
كما أكدت الوفاق أن القدس وفلسطين عقيدة راسخة في عقول وقلوب البحرينيين والعرب ولن يفرّطوا في حبة تراب منها، وان صفقة القرن وورشة المنامة لن تزيد الحق إلا رسوخاً وإيماناً أكبر، وأن المطبعين والخونة فشلوا وفشلت صفقتهم وستشهد الايام هذا الفشل بمزيد من التماسك الفلسطيني والالتحام العربي والاسلامي.
إلى ذلك أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس أن الحكومة ومجلس النواب في لبنان يعارضان الخطة الأمريكية للسلام، لافتا إلى أن الدستور اللبناني يمنع التوطين.
وقال الحريري ردا على أسئلة النواب حول “صفقة القرن” خلال جلسة في البرلمان، إن “تنامي الدين مسؤولية مشتركة بين المجلس والحكومة، ولا علاقة لذلك بالتوطين”.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، قد أكد أن “لبنان واللبنانيين لن يكونوا شهود زور أو شركاء في بيع فلسطين بـ30 من الفضة”، وقال إن “التلويح ببضع مليارات من الدولارات لن يغري لبنان للتخلي عن ثوابته”.
وانطلقت أمس الأول المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحياء عملية السلام بـ”ورشة البحرين”، التي تهدف إلى جمع استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار لصالح الفلسطينيين.
الجدير ذكره، أن لبنان كان تلقى دعوة للمشاركة في “ورشة البحرين” لكنه رفض، مبررا قراره بعدم مشاركة الفلسطينيين فيها.
ودعا خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إلى تفعيل المقاومة بكافة أشكالها، والتمسك بفلسطين كاملة، محذرا من التعاطي مع نتائج مؤتمر البحرين، الذي وصفه بأنه سياسي بلباس اقتصادي تنموي.
وقال البطش في تصريح صحفي : “إن جاريد كوشنير (مستشار الرئيس الأمريكي) يخدع العرب لتمرير صفقة القرن ويعيد طرح مشروع الليكود” للسلام الاقتصادي ” برؤية جديدة”.
وأضاف: ما سمعناه في مؤتمر تصفية القضية بغرفة العمليات السوداء في البحرين ، لا يعدو كونه تطبيقًا لرؤية السلام الاقتصادي لحزب الليكود الحاكم بـ “تل أبيب” في ثمانينيات القرن الماضي لإنهاء الصراع مع العرب والمسلمين عبر بوابة الاستثمارات والتشغيل, لكن تطبيق الرؤية تأخر لعدم توفير الأموال الكافية”.
وأشار البطش إلى أن الأمريكان تمكنوا من تمرير اتفاق “أوسلو” في العام 1993م وما تلاه من محطات أخرى أوصلتهم مؤخرًا إلى فتح بوابات عدد من العواصم العربية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن ذبحت الأمة بنتائج ما يسمى بالربيع العربي وبروز بعض الأطراف العربية التي أعلنت أنها جاهزة لدفع المليارات المطلوبة لتسوية القضية بهدف التفرغ لقتال العدو البديل الوهمي.
وتابع بالقول: “تحولت إسرائيل إلى دولة شقيقة وحليفة لبعض الأنظمة، ومن هنا حرص كوشنير على تقديم القضية الوطنية كقضية انسانية “فقر وجوع وكهرباء” يمكن حلها بسخاء المتبرعين العرب”.
وأكد البطش أن المشاركة في مؤتمر البحرين لتصفية القضيّة الفِلسطينيّة تواطؤ معلن ولا يغير خفض مستوى التّمثيل من هذه الحقيقة ولا يبرئ المشاركين فيه.
وقال: رصد المليارات لبيع فِلسطين للاحتلال إهانة للعرب والمسلمين والمسيحين، فازدهار الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتحقق على أيدي من يقتلونه ويحاصرونه في الضفة والقطاع، ويسرقون القدس من أصحابها ويصادرون حقه في قيام دولته المستقلّة، وعودة كافة لاجئيه إلى مدنهم وقراهم”.
ودعا البطش إلى إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وسحب اعترافها بالاحتلال الإسرائيلي، وإلغاء اتفاق “اوسلو” وملحقاته، واستبدال ذلك باستعادة الوحدة الوطنية في مواجهة العدوان.
وخصصت صحيفة “الغارديان” افتتاحيتها للحديث عن ورشة البحرين التي افتتحت لتكون مرحلة أولى على طريق إعلان “صفقة القرن” التي تعهد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتقول الافتتاحية -نقلا عن “عربي21”- إن الاستقبال الساخر للمرحلة الأولى من “خطة السلام” في الشرق الأوسط جاء في محله.
وتشير الصحيفة إلى أن “بعض الأداء السياسي يسلِّط الضوء على الموضوع، والبعض الآخر يربكه، مثل تمثيلية هذا الأسبوع الهزلية في المنامة، عاصمة البحرين التي كان يقصد منها إخفاء الموضوع الرئيس، وكانت تمثل الإعلان عن المرحلة الأولى لـ(صفقة القرن) التي تركز على الملامح الاقتصادية بطريقة مثيرة للغرابة ومدعاة للغثيان، فقد رفض الفلسطينيون المشاركة في الورشة، ما يعني أن “إسرائيل” غائبة عنها أيضا”.
وتقول الافتتاحية: “هذه مسرحية غاب عنها نجومها ونصف الممثلين أيضا، فالدول العربية التي شاركت أرسلت ممثلين من الدرجة الثانية، بل إن الشخص الذي يقف وراءها وهو صهر الرئيس ترامب “جاريد كوشنر” الذي تحدث عن ورشة عمل بدلا من مؤتمر، ورؤية وليس خطة”.
وتلفت الصحيفة إلى أن “(نهج الاقتصاد أولا) تمت تجربته من قبل، وفشل في تقديم خطة طريق واقعية والحصول على جمهور يثق فيه، فالفجوة بين وهم كوشنر وواقع هذا النزاع الذي مضى عليه سبعة عقود واضحة، وتم تضمينه في وثيقة للسلام والازدهار وليس خطة، وهي كتيب صغير وليست خطوط عمل، وتم إلغاء معظم ما جاء فيه بعد أن أوقفت الولايات المتحدة الدعم عن الفلسطينيين، ما ترك آثارا قاتمة”.
وتجد الافتتاحية أنه “من الواضح أن إدارة ترامب كانت تأمل في استبدال الحقوق الأساسية بالمحفزات الاقتصادية، وحتى لو فكر الفلسطينيون بقبول هذا التبادل -ووحدتهم في مقاطعة هذه المناسبة تثبت أنهم لن يقبلوا، لأن معظم هذه المحفزات قائمة على الوهم”.
وترى الصحيفة أن “هذه خطة خيالية بـ50 مليار دولار ودون تمويل، ويبدو أن واشنطن أخطأت في فهم رغبة دول الخليج (العربي) في تطوير علاقات مع “إسرائيل”، واستعدادها لتبني موقفها بشكل علني وتمويل الخطة، أي دفع الفاتورة، فقد تم اقتراح الكثير من هذه المشاريع من قبل، ومنذ عقد، ولا يمكن تحقيقها في ظل الظروف الحالية”.
وتنوه الافتتاحية إلى أن “الخطة تتبنى هذه المشاريع رغم فشلها في الاعتراف بالمعوقين الرئيسيين للتنمية في الضفة الغربية، وهما الحصار والاحتلال”.
وتقول الصحيفة إنه “من غير المعلوم ما إن كان الجزء السياسي للخطة سيظهر للعلن، على الأقل قبل الفترة الثانية لترامب، إلا أن سجل الإدارة الحالية يقدم فكرة عما يتوقع حدوثه، فالحب الذي منحه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، وإغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، والاعتراف بضم “إسرائيل” للجولان، دمَّر إمكانية قيام الولايات المتحدة بدور الشريك النزيه في العملية السلمية”.
وتفيد الافتتاحية بأن “الكثيرين يشكُّون في أن هدف كوشنر الحقيقي لا يتمثل في إقناع الفلسطينيين برؤيته، بل تحميلهم المسؤولية باعتبارهم عقبة للسلام عندما يرفضون عرضا لا يمكن قبوله، في وقت تواصل فيه حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، وبتشجيع أمريكي، إعادة تشكيل الوقائع على الأرض، وقد تتحرك نحو عملية الضم التي اقترحها فريق باراك أوباما ذات مرة”.
وتبين الصحيفة أن “كوشنر عبَّر في هذا الشهر عن شكه في قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم، فيما قال السفير الأمريكي في “إسرائيل” ديفيد فريدمان إن من حق “إسرائيل” ضم أجزاء من الضفة الغربية، ورفضت الإدارة مرارا وتكرارا حل الدولتين، وقال المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات إنه لا حاجة لاستخدام هذا المصطلح فـ(كل طرف ينظر إليه بطريقة مختلفة)”.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بالقول: “هناك بديل واحد لهذا كله، وهو حل الدولة الواحدة، الذي لا تكون فيه “إسرائيل” يهودية ولا ديمقراطية، وعليه فإن الفنتازيا التي قدمت في المنامة لم تفعل الكثير لإخفاء الواقع”.
ومن المعروف ان عرَّاب صفقة ترامب هو صهره ومستشاره جاريد كوشنير، وكوشنير يمسك بأعمال كثيرة لعائلة ترامب، وهو يتصرف بعقلية رجل الأعمال المستعد لفعل أي شيء لإتمام صفقته، وعلى عكس ما يشاع عن كوشنير فإن تقارير تؤكد أنه لا يدرك اصول وقواعد السياسة حيث اكتشف اعضاء فريق ترامب انه لم يكن يعرف ماذا يقال في اغلب الاجتماعات وان صمته المخادع كان نتيجة جهله بكثير من القضايا السياسة.
هذا الكلام يوضِّح كيف أن كوشنير ركز مؤخرا على البعد الاقتصادي لصفقة ترامب، معتمدا على عوامل عدة:
العامل الاول يتمثل في استغلال الوضع الاقتصادي الصعب للفلسطينيين لاسيما في قطاع غزة، حيث حياة صعبة وازمات اقتصادية وخدماتية تصل حد الكارثة، فكان الاعتماد على استغلال هذا الواقع لاغراء الفلسطينيين بالمليارات والمشاريع الاقتصادية والرفاهية مقابل التخلي عن المقاومة وإبرام السلام الوهمي مع كيان الاحتلال الاسرائيلي.
العامل الثاني يتمثل في أن صفقة ترامب وتمريرها اقتصاديا يحتاج للأموال، وبالتالي فإن كوشنير صاحب عقلية رجل الصفقات لن يغامر بدفع مبالغ طائلة في صفقة يعرف جيدا هو والادارة الاميركية أنها قد تفشل لأي سبب، والاسباب كثيرة، لذلك كان عليه استدعاء الانظمة العربية التي تدين لواشنطن ببقائها واستمراريتها والحماية التي تحظى بها، فكان الجزء الاكبر من تمويل صفقة ترامب من الدول العربية النفطية ومنها البحرين التي تستضيف الورشة الاقتصادية.
اما من الزاوية العربية للصفقة فإن ما تشهده الساحة العربية من تغير وجوه القيادات وظهور اسماء متحررة من أي التزام اخلاقي وتاريخي وجغرافي واثني وديني وإنساني تجاه القضية الفلسطينية، إضافة إلى أن هذه الاسماء جهزت لتكون حاضرة للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي مقابل الحماية الاميركية والبقاء فوق العروش لسنوات وعقود.
وبما أن حملة تشويه حركات المقاومة في المنطقة وبطبيعة الحال المقاومة الفلسطينية مستمرة، كان سهلا على هذه الانظمة العربية أن تزرع من يروج لها لدى الشارعين العربي والاسلامي، وكل العالم شاهد اعلاميين وفنانين وغيرهم من هذه الدول وهم يروجون للتطبيع ضمنا وعلنا.. كل هذا مهد لمرحلة الفرض والتهديد الذي مورس على الفلسطينيين لاسيما كلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال انه على الفلسطينيين ان يقبلوا “بالسلام” مع كيان الاحتلال او ليصمتوا. كما تشير تسريبات إلى أن ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد لعب دورا في محاولة الانقلاب على ملك الاردن عبد الله الثاني، كما يحاول الضغط على عمان لقبول صفقة ترامب والمشاركة في ورشة البحرين.
يضاف لما سبق الدور الذي تلعبه مصر كراعية للفرقاء الفلسطينيين بحكم الجغرافيا، لكن هناك امراً من الضروري الالتفات إليه وتفهمه واشنطن وحلفاؤها العرب وهو الاجماع الفلسطيني على رفض ورشة البحرين وصفقة ترامب.
فهناك كلام عن أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكد في احدى الجلسات انه لا يريد ان يختم حياته بالخيانة وبيع فلسطين، اما المقاومة الفلسطينية فهي في موقع اليوم اقوى من أي وقت مضى، وبالتالي لا تعاني من أي نقطة ضعف قد تدفعها للموافقة على الصفقة، ناهيك عن الموقف المبدئي بعد التعامل مع كيان الاحتلال.
هناك من يقول إن القضية الفلسطينية تتعلق في جزء منها ببعد يتخطى السياسة والاقتصاد، وهو العلاقة الوجودية بين فلسطين واهلها، والمبنية على قاعدة ان الاجيال التي اتت بعد سبعين عاما من النكبة متعلقة بهذه الارض ربما أكثر من الاجيال السابقة، فلا هي تنسى قضيتها ولا هي مستعدة لبيعها رغم اللجوء والحصار والقتل والاجرام.
وعليه فإن ورشة البحرين مهما كانت مخرجاتها لن تحقق اهدافها، لسبب بسيط هو انه حين يرفض صاحب الشيء بيعه، فإن أي طرف آخر لا يملك الحق في بيعه وإلا يعتبر ذلك سرقة، والفلسطينيون يرفضون بيع أرضهم وقضيتهم ولا يملكون حق بيعها وأي طرف مهما كان سواء دولة نفطية أو نظاما معينا لن يستطيع بيعها، وبالتالي يعتبر هذا سرقة واحتلالا، ومن حق الفلسطيني أن يسترجع أرضه.. ولو بعد حين.

قد يعجبك ايضا