الثورة اليمنية جددت روحها وصبرها.. فتهاوت مشاريع الثورة المضادة


>استمرار الفعل الثوري حتى تثبيت الانتصار على الملكية والاستعمار أفشل كل مخططات التآمر

طيلة سبع سنوات من عامي الثورة السبتمبرية والاكتوبرية وابتداءٍ من العام 62م وحتى العام 69م.. كانت هناك نشاطات محمومة للقوى المضادة للثورة جعلت من العمل العسكري مهمتها الأساسية لإسقاط الثورة في مهدها وكانت أول مواجهة عسكرية تقوم بها القوى المضادة للثورة تلك التي جرت في المنطقة الشرقية بين صرواح وسهل وادي مأرب حيث استشهد فيها دينامو الثورة ومحركها “علي عبد المغني ” ..
ومن خلال سلسلة وثائق للثورة اليمنية والقوى المضادة لها بعد 1962م تطرق الكاتب محمد الشعيبي لتلك الفترة بالقول : إذ كان من الطبيعي ان تتحالف القوى الخارجية المحيطة باليمن ضد الثورة والمد العربي الزاحف الذي أصبح يهدد المصالح الاستعمارية في شمال وجنوب الجزيرة ومنطقة الخليج مما أدى إلى تشديد ومضاعفة الضغط على الثورة ومحاصرتها من جميع الاتجاهات فتدفقت الأسلحة والأموال ووضعت الخطط وصممت على أيدي خبراء أجانب..
وكان مؤتمر” عمران ” الذي عقد في 63م بعد عام من ثورة سبتمبر وما تبعته من مؤتمرات أخرى كمؤتمر” خمر ” يمثلان دْورة التأزم داخل النظام الجمهوري..
حينها كانت الثورة الوليدة تفتقر إلى جيش منظم وقيادة جماعية متجانسة واعية مما يغري أعداء الثورة في الداخل والخارج على إمكانية إنزال الهزائم المتتالية وحتى يتم التمكن من إجهاض الثورة ودفنها إلى الأبد كسابقاتها في عامي 48 1955م أو على الأقل شل فعاليتها واستنزاف قواها وإغراقها في حرب أهلية دموية تكون كفيلة بوضع الثورة ونظامها الجديد تحت الأقدام وهذا ماكانت تحلم به وتخطط له القوى الخارجية..
مؤتمر صحفي للإمام البدر
محمد الشعيبي تطرق في كتابه لأول مؤتمر صحفي للإمام البدر والذي عقده في المنطقة الشمالية الغربية وحضره بعض الصحفيين الأميركان والبريطانيين والأوروبيين والذي رتب له وأعده الملك حسين حيث كشف الإمام البدر عن خططه العسكرية لمواجهة الثورة اعتمادا على المساندة الخارجية كان ذلك في نهاية أكتوبر من العام 62م أي بعد شهر واحد من قيام الثورة.. وقد وزعت المهام التنفيذية وتم إعداد جيوش الغزو وكلف الأمراء وبعض القادة بقيادة العمليات وفتح الجهات وفقاٍ للخطط التي يضعها الخبراء العسكريون الأردنيون والإيرانيون والمرتزقة الأجانب.. كما رفضت أميركا وبريطانيا الاعتراف بالنظام الجمهوري .
حينها زحفت القوى الملكية جنوباٍ نحو العاصمة صنعاء بدعم ومساندة من المرتزقة الأجانب والضباط الأردنيين وتصدت لهم حامية سنوان التي كان يرابط فيها مجموعة من ضباط الثورة وقوات الحرس الوطني وعندما أوشكت القلعة على السقوط بعد ان حوصرت طويلاٍ افسح ضباط الثورة المجال للمحاصرين لاقتحام القلعة بعد أن وضعوا خطة للاستسلام وضمان خروج المحاربين منها..
وأعدوا أنفسهم للموت والفداء فجهزوا الذخائر والوقود وكل أدوات التدمير والفناء وكمنوا سراٍ في أسفل القلعة حتى إذا غصت بالمعتدين قاموا بعملية التفجير فانهارت القلعة فوق الرؤوس وأصبح الجميع في خبر كان بمن فيهم المرتزقة الأجانب والضباط الأردنيين وضباط الثورة أنفسهم وهم الشهيد قاسم محمد الأمير والشهيد محمد الحمزي والشهيد علي هادي عيسى وبقدر ما أحبطت هذه العملية الفدائية الزحف الملكي القادم نحو صنعاء بقدر ما أذهلت قوى الأعداء ككل وجعلتهم يفكرون ملياٍ عند الإعداد لأي غزو واعتداء جديدين..
مقاومة الثوار ضد القوى الظلامية
لقد صنع الثوار من أجسادهم وأنفسهم متاريس والغام دفاعاٍ عن عاصمة الثورة .. ورغم المحاولات المتعددة والمتكررة للقوى الملكية وحلفائها إلا أن قوى الثورة وتلاحم اغلب أبنائها وإرسال فرق المتطوعين من عدن وبقية مناطق الشطر الجنوبي من الوطن وبفضل مساندة الدول الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي بالمؤن والسلاح وبناء المشاريع الاقتصادية لم يتمكن الأعداء من إحراز تقدم أكثر..
بل تمكنت الثورة بعد أن رصت صفوفها وتعاونت مع بعض وحدات الجيش المصري من استعادة المناطق الرئيسية التي كان قد استولى عليها الملكيون مثل ” حريب ومأرب وحرض والجوف ” وغيرها..
ثورة تغيير عاصفة
” الـ30 من نوفمبر 1967م وثورة 14 أكتوبر و 26 سبتمبر 1962م وذكريات شاهد عصرها ” كانت ورقة عمل قدمها المناضل عبد القوي رشاد عضو مجلس أمناء مركز ” منارات ” تحدث فيها حول : ثورة سبتمبر 62م التي أرست أول نظام جمهوري في منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج العربي والتي كانت ثورة تغيير شاملة وكاملة وعاصفة إذ أقامت نظاما سياسيا يختلف ليس بما عهده اليمن فقط ولكن للوضع العام في المنطقة العربية بحيث اعتبرها البعض الآخر خطرا قائما على الأنظمة القائمة فقد كان للثورة آثارها على الدول المجاورة وكذلك على الدول الأخرى في المنطقة التي تختلف أنظمتها عن النظام الجمهوري الجديد وكان لابد من الصراع في محاولات لإخماد هذا النظام السياسي إذ هو صراع بين أنظمة متعارضة في مفهومها للحكم لم تعهده المنطقة في ماضيها ورأى البعض فيه مصدراٍ من مصادر تهديد الاستقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة وزاد من خطورة الأمر والحدث تزامن الثورة اليمنية واقترانها بالصراع الذي شهدته الساحة العربية بين الأنظمة الثورية والأنظمة المحافظة في الخمسينيات وأثره على الوطن العربي وانقسامه إلى قسمين احدهما يؤيد النظام الثوري الجديد في اليمن ويعمل على ترسيخه والآخر يدعم بقايا النظام القديم في محاولاته لاستعادة السلطة والحكم وتزامن الحدث بصراع القوتين العالميتين آنذاك المعسكر الاشتراكي والمعسكر الغربي والتي رأت في الثورة اليمنية خطراٍ يهدد مصالحها الاقتصادية وبالأخص احتكاراتها النفطية.
مشاركة الفكر والأهداف
كما ناقش عبدالقوي رشاد الجانب الآخر للثورة في الجنوب إذ عبرت بريطانيا عن أثر الثورة عليها بواسطة الكاتب البريطاني كنج حيث رأى أن ثورة سبتمبر 1962م بالتوحد مع الثورة المسلحة في الجنوب جعلت الوجود البريطاني في الجنوب وكذلك قواعده العسكرية في خطر حقيقي وان بريطانيا ومصالحها وتواجدها أصبحت بين فكي كماشة الثورة السبتمبرية في الشمال والحركة الوطنية المسلحة في الجنوب وفي الواقع فإن ثورة 14 أكتوبر 63م مدعومة بثورة سبتمبر أفشلت كل المخططات البريطانية المتمثلة في الحلول الوسط والتي لا تحقق أهداف الثورة اليمنية ودفعت باتجاه الهدف الوطني الأكبر وهو الجلاء الكامل للاستعمار من الأرض اليمنية ويبدو التلاحم والوضوح في الرؤية الوحدوية اليمنية بما وعته قيادة الجبهة القومية والتي رأت أن الثورة اليمنية شمالا وجنوبا هي ثورة واحدة ومشتركة الفكر والأهداف وان انتصار ثورة سبتمبر في الشمال هو انتصار للشعب وعامل أساسي في الثورة المسلحة في الجنوب فثورة سبتمبر تشكل خطراٍ كبيراٍ على التواجد الاستعماري البريطاني في الجنوب كما أن الترابط الثوري يعكس نفسه على الطرف الآخر فقيام ثورة 14 أكتوبر في الجنوب تشكل لبنة أساسية في حماية الثورة السبتمبرية في الشمال وذلك بإزاحتها للتواجد العسكري والسياسي البريطاني في عدن والذي كان مركزا للتآمر السياسي والاعتداءات العسكرية على ثورة 26 سبتمبر إذ أن بريطانيا كانت ترى في نظام صنعاء أيام الإمامة وواقع التخلف الرهيب الذي يعيشه سياجا أمنيا يحمي التواجد البريطاني في عدن انطلاقا من واقع الضعف والتخلف لنظام الإمامة والذي لا يمكن أن يكون سندا حقيقيا وفاعلا لأية ثورة مسلحة في الجنوب وهذه استراتيجية تختلف كليا عن الاستراتيجية الوطنية التي عبرت عنها ثورة14 أكتوبر والتي يمكن استخلاصها من الميثاق وخلاصتها بأن حماية ثورة 26سبتمبر يتحقق بالتلاحم بين الثورتين شمالا وجنوبا ليحقق بذلك ضغطا على بريطانيا في الجنوب يعيقها عن استمرار مخططاتها مع القوى الأخرى لضرب ثورة 26سبتمبر وجعل عدن قاعدة من قواعد التآمر والاعتداءات السياسية والعسكرية على الثورة في صنعاء.
إفشال مخططات التآمر
أدركت بريطانيا خطورة وجدية الثورة المسلحة بقيادة الجبهة القومية على مخططاتها لإقامة حكومة تابعة لها في عدن لذا عمدت إلى استباق تصاعد النضال وإجهاض الثورة المسلحة فكان أن عمدت إلى عقد مؤتمرات لندن مع القوى الموالية لها بهدف تحقيق وحدة هذه القوى ومنحها الاستقلال تحت حماية بريطانيا وفي ظل معاهدات سياسية وعسكرية.
كما أن تصاعد النضال المسلح أفزع الكثير من القوى الإقليمية التي تتعارض مصالحها ورؤيتها معه والتي كانت ترى أن نجاح الثورة المسلحة في عدن يعتبر امتدادا لثورة سبتمبر ويخلق نظاما مشابها له في آثاره ونتائجه عليها في وقت تعمل فيه من خلال اتفاقية جدة على تحجيمه لذا عمدت ومن معها ومن خلال جامعة الدول العربية إلى خلق محاولات مخادعة لوحدة القوى علما أن هذه القوى معادية للنضال المسلح وتشعر الثورة أنها تجاوزتها وأن هذه المحاولة ترمي إلى إعادة الوضع في عدن إلى ما كان عليه قبل قيام ثورة 14 أكتوبر.
كذلك أفشلت الجبهة القومية مخططات حزب العمل بتسليم السلطة إلى قوى قريبة منها وكذلك مخطط وزير الدولة البريطاني المعلن في مارس 1967م بمنح الاستقلال لحكومة الإتحاد بدعم وحماية بريطانية.
صراعات دولية وإقليمية
” اليمن الكبير ” عنوان روقة عمل قدمها المركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجيات المستقبل ناقشت الثورة بجناحيها السبتمبري والأكتوبري وترى بأنها كانت حدثاٍ تاريخيا ٍ مزلزلاٍ امتدت نطاقات تفاعلاته وتأثيراته على المستوى الإقليمي والدولي وخلال الأعوام التي لحقت قيام الثورة حتى نهاية عقد الستينيات تحولت الساحة اليمنية بأسرها إلى بؤرة ملتهبة من الكفاح والصراع والتضحيات اجتذبت في أتونها جميع أطراف الصراع الدولي والصراعات الإقليمية في ذلك الوقت آخذين في الاعتبار طابع توازنات القوى الحاكمة للأوضاع الدولية حينهافإن ما حققته الثورة وما آلت إليه كان انتصاراٍ عظيماٍ وضخماٍ وعميقاٍ حيث جرى اقتلاع النظام الإمامي الاستبدادي الذي كانت جذوره تمتد لأكثر من ألف عام من تاريخ شعبنا وترسخ النظام الجمهوري في الشمال فيما اجترح الشعب العظيم ملحمة الثورة الشعبية الشاملة والكفاح المسلح البطولي وحقق مجد الانتصار الخالد بتحرير أرض الجنوب من دنس الاحتلال البريطاني دون قيد أو شرط وإسقاط السلطات الحاكمة في أكثر من 22 سلطنة وإمارة ومشيخة وإعلان الاستقلال والسيادة الوطنية والدولية الموحدة وقيام النظام الجمهوري الثوري على كامل أراضي ومياه وأجواء جنوب وشرق اليمن الذي ظل رازحاٍ تحت نير الاحتلال البريطاني والكيانات المناطقية المعبرة عن التشرذم والتمزق التي ظل الاستعمار معتمداٍ عليها طوال 129 عاماٍ متواصلة كما تطرقت الورقة إلى نهاية عصر الستينيات وبداية السبعينيات لم يكن الوضع الدولي وموازين القوى والتوازنات الإقليمية تحتمل أكثر مما حققته الثورة اليمنية ولم تكن طاقات الثورة وموارد وإمكانات الشعب الموضوعية والذاتية قادرة على ما هو أكثر مما تحقق ولذلك فقد كان انتصار ثورة سبتمبر بترسيخ النظام الجمهوري بعد إجراء (المصالحة الوطنية عام 1970م) واعتماده على شرعية الثورة وكذا انتصار ثورة أكتوبر بتحرير جنوب وشرق اليمن من الاستعمار البريطاني وتوحيده في كيان وطني موحد واعتماد النظام الجمهوري القائم على شرعية الثورة كان ذلك بكل المقاييس والمعايير التاريخية انتقالاٍ إيجابياٍ كبيراٍ وهائلاٍ حققته إرادة الشعب خلال ثمانية أعوام فقط أطاحت خلالها بواحد من أعتى وأقدم نظم الحكم العائلي الاستبدادي في العالم الإسلامي وألحقت الهزيمة في نفس الوقت بأعتى إمبراطورية استعمارية في العالم وتحررت من قيودهما التي ظلت تكبل حياة الشعب وتغيب إرادته وتصادر حريته.
وركزت على اشهدته قوى الثورة بمختلف مكوناتها وأطرافها الوطنية في الجانبين من العديد من مظاهر الخلاف والاختلاف وصولاٍ إلى الصراع والتصفيات العسكرية التي انتهت في الجنوب بانفراد الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل بالوضع والسلطة الجديدة بعد التحرير والاستقلال ورحيل جبهة التحرير وعناصر رابطة أبناء الجنوب العربي والعديد من قيادات الجيش الاتحادي إلى الشطر الشمالي فيما انتهت في الشمال إثر حركة 5 نوفمبر 1967م وأحداث أغسطس 1968م إلى استتباب مقاليد السلطة والأوضاع بيد تحالف قوى الاعتدال واليمين المحافظ ورحيل العديد من الأطراف والقوى المحسوبة على التيارات القومية واليسارية التي كانت توصف بالتطرف الثوري إلى الشطر الجنوبي.
وقد كان لهذا الفرز الذي جرى على ساحتي الوطن والثورة امتداداته الإقليمية والدولية في ظل معطيات الحرب الباردة وموازين القوى الدولية وأثره على طابع الخيارات المعتمدة من قبل النظامين فصار كل منهما على النقيض من الآخر.
دور الشباب الريادي في صناعة التاريخ
العميد علي ناجي عبيد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في القوات المسلحة في ورقة عمل بعنوان : ثورة التغيير اليمنية صناعة أنموذج فريد يستلهم خصوصيات الواقع اليمني تطرق إلى أمثلة لريادة الشباب في صناعة الأحداث الكبرى في التاريخ المعاصر من أهمها: ثورة 26 سبتمبر 1962حيث كان دور الشباب الرئيس فيها أن قائدها هو الضابط الشاب الملازم علي عبدالمغني ومجموعة من الضباط الشباب بنفس الرتبة ثم ذهابهم للبحث عن واجهات قيادية من العناصر الوطنية التي قدمت وعانت الكثير في مسيرة حياتها تراكمت لديها من الخبرات الكثير ولقد قيل أن أحد تلك العناصر قال لأولئك الشباب الثائر والمتحمس لمن يا أولادي (ستقدمونها -للقبائل¿) ورفض تسلم زمام القيادة.
كما تم رفض إتفاق 13 يناير 1966م بدمج منظمة التحرير والجبهة القومية في منظمة واحدة جديدة هي (جبهة التحرير) حيث وافقت كل عناصر القيادة في الجبهة القومية تقريباٍ على الدمج وعلى ظهور المنظمة الجديدة (جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل) وعلى رأسهم قحطان محمد الشعبي وفيصل عبداللطيف الشعبي وعلي أحمد السلامي وسالم زين وعبدالفتاح إسماعيل وغيرهم من قيادات الصف الأول في الجبهة القومية ولكن قواعد الجبهة القومية المكونة من الشباب رفضت ما أسمته الدمج القسري ودعت إلى عقد مؤتمر إستثنائي حيث عقد المؤتمر الثالث للجبهة القومية (مؤتمر حمر) وقررت رغما عن تلك القيادات الانفصال عن جبهة التحرير ومواصلة النضال تحت مسمى الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وصنعت تاريخاٍ جديداٍ كان له أثره على وضع المنطقة العربية بشكل عام والجزيرة بشكل خاص.
أيضاٍ كما تطرقت الورقة حصار السبعين يوما من يراجع تاريخ ملحمة السبعين يوما فلابد أنه سيلاحظ رحيل معظم القيادات إلى الخارج تحت أعذار ومسميات كثيرة وغياب البعض عن صنعاء وعن ساحة المعركة وكذلك عدم التصدي للمهام من القيادات والقواعد (عسكرية ومدنية) وسير الصراع داخل الصف الجمهوري الذي كان يغلب عليه الحماسة في الغالب وقناعة البعض من القيادات الأولى بالحلول الوسط مثل (الجمهورية الإسلامية) تحت مؤثرات إقليمية ودولية إلا أن حماسة الشباب وتصميمهم الفريد على النصر تحت شعار (الجمهورية أو الموت) رغم محاولات شق الصف الجمهوري لهد تصميم وصمود أولئك الشباب وصولاٍ للتقاتل تحت شعارات الطائفية والمذهبية ولكن مثلما دفعت بهم حماستهم إلى التفكير بالتقاتل فيما بينهم إذا بهم يوجهون تلك الفوهات تجاه خصمهم وعدوهم الحقيقي الملكية وخطرها الداهم على صنعاء والجمهورية ليزيحوها بعيدا عنها وكأن شيئاٍ لم يكن.
وقبلهم كان شباب الجبهة القومية وجبهة التحرير وجناحها العسكري (التنظيم الشعبي) الذين صنعوا ملحمة الـ20 من يونيو 1967م تلك الملحمة التاريخية العظيمة التي حرورا بها كريتر وكانت ردا قويا على هزيمة 1967م المفجعة التي هدت عزائم العرب بشكل عام ودول الهزيمة بشكل خاص لقد تعاضد عمال مطارات وموانئ مصر والسودان والمغرب العربي برفضهم التعامل مع السفن والطائرات البريطانية المتجهة إلى عدن وغيرها من دول العالم مما اضطرها إلى استخدام مطارات بديلة في أفريقيا وغيرها كلفت الكثير من الوقت والمال.
شخوص ثورية
المناضل عبدالقادر سلام الدبعي رئيس تحرير صحيفة العروبة تطرق ايضاٍ إلى الجانب التاريخي وشخوص ثوار سبتمبر واكتوبر قائلاٍ : الجميع يعرف حقيقة القيادات التي قادت الثورة السبتمبرية في الشمال سابقاٍ والذي كان الدينمو المحرك والمفكر لهذه الثورة الشهيد علي عبدالمغني الذي قتل في الأسبوع الثاني لهذه الثورة وتحت دوافع قوى مضادة كانت تعمل على إجهاضها وهي في المهد وبالتالي ظلت الصراعات بالإضافة إلى المحيط الإقليمي الذي كان له تأثير لإفشال هذه الثورة وكان متمثل في القوى الاقليمية والدولية في تلك الفترة التي تبنت جحافل المرتزقة والعملاء ووقفت مع بيت حميد الدين على أمل العودة إلى النظام الملكي الذي كان سائداٍ قبل 62م وبالتالي ما يتعلق بتاريخ الثوار الحقيقيين الذين قاموا بهذه الثورة لازالت هناك الكثير من المبهمات والمحرمات التي لم تتح للكتاب والباحثين أن يتناولوها أو يتحدثوا عن الثوار الحقيقيين الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الدفاع عن الثورة وبالذات في حصار السبعين يوماٍ الذي كان محاولة لإجهاض الثورة في الحصار الذي فرض على صنعاء لمدة سبعين يوماٍ الذين صمد فيه جنود صغار وضباط صغار لا تتجاوز أعمارهم العشرينيات بينما كبرى القيادات التي تدعي البطولة والتي أتت بعد اندحار الملكية وتتآمر على هؤلاء الضباط الصغار خاصة اخبرتهم بالعمل السياسي والمكائد الإقليمية قليلة لكنهم تمكنوا من النصر ..
كتابة التاريخ
وفيما يتعلق بثورة 14 أكتوبر 63م يضيف سلام قائلاٍ : قادتها وأبطالها معروفون ابتداء من عبد الله المجعلي مؤسس حزب جبهة التحرير وحزب التنظيم الشعبي للقوى الثورية بالإضافة إلى الجبهة القومية التي كانت عبارة عن امتداد لحركة القوميين العرب التي تشكلت لدعم جمال عبد الناصر بعد حلف بغداد الذي كانت تقوده بريطانيا لإجهاض مشروع الوحدة العربية خاصة بعد وحدة مصر وسوريا والعراق واليمن هذه المشاريع التي كانت روافد أساسية لدعم النضال والكفاح ضد المستعمر في الشطر الجنوبي سابقاٍ لكن مع ذلك حصل هناك انقسام قيادات على نفسها نتيجة التآمرات الإقليمية والدولية بالإضافة إلى دور الاستخبارات البريطانية في تشويه حقيقة المناضلين الحقيقيين والفدائيين الذي تبنوا عمليات استشهادية وفدائية ضد الوجود البريطاني في عدن ابتداء من الشهيد عبود ومحمد علوان وكثير من الشهداء بالإضافة بإلى المؤامرات التي طالت جبهة التحرير التي قادت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني والتنظيم الشعبي للقوى الثورية باعتباره الجناح العسكري لجبهة التحرير ثم بعد ذلك خلق المواجهة ما بين جبهة التحرير والجبهة القومية التي كان مركز تواجدها في جهازي القوات المسلحة والأمن وفي هذا الصراع كان الاستعمار البريطاني يعرف أن جبهة التحرير هي التي كانت تتمتع بالشعبية الكبرى داخل المحافظة الأولى عدن والتي شهدت معظم معارك الكفاح المسلح بعدها من المحافظات لكنها كانت عبارة عن عمليات صغيرة أو بسيطة لكن ساحة المعارك التي كانت ضد الوجود البريطاني كانت في عدن ممثلة ” بالتواهي والشيخ عثمان وكريتر والمنصورة وخور مكسر ” هذا المربع هو الذي شهد معظم العمليات العسكرية لطرد الاستعمار ..
من كل ذلك يؤكد سلام ضرورة كتابة ثورتي ” سبتمبر وأكتوبر ” كتابة موضوعية علمية من خلال أشخاص وشخوص عاشوا هذه الأحداث أعمارهم الآن تتجاوز الستينيات والسبعينيات والثمانينيات فإذا لم يتم توثيق هذه الثورة من خلال الناس الذين عاشوا هذه الأحداث ستندثر وسيبقى الزيف والخداع الذي تم تسجيله وليس له علاقة بالثورة وسيستمر إقحام من ليس لهم علاقة بالثورة في سطور النضال الوطني واستبعاد الثوار الحقيقيين لثورتي سبتمبر وأكتوبر.

قد يعجبك ايضا