
– عايشت النكبة ولعبت للنادي اليوناني.. ودربت الظرافي والشبيبي والأكوع
– (رعاية الشباب) بداية العمل المؤسسي.. والمجلس الأعلى أول هيئة رياضية
شكل الشباب الشرارة الأولى التي أشعلت فتيل ثورة 26 سبتمبر المجيدة وأحدثوا البركان الثائر ضد الحكم الإمامي الكهنوتي المتخلف وكانوا طلائع التحرير والشعلة التي أنارت شعاع الحرية وحطمت أسطورة الرجعية.
وبفضل جيل الشباب الواعد وتضحياته الكبيرة انكسرت قيود الظلم والطغيان وعانق شعبنا اليمني شمس الحرية متجاوزاٍ حقبة مظلمة من الحكم الكهنوتي المستبد البغيض.
وكانت الثورة اليمنية المباركة موعداٍ لانطلاق الزخم الشبابي والرياضي نحو آفاق التألق والإبداع وتحولت ساحات الإعدام التي رواها الشهداء الأحرار بدمائهم الطاهرة إلى واحات للمنافسات بين شباب الوطن وتحولت سجون الظلم إلى منارات للعلم والمعرفة ومنتديات للأدب والثقافة.
ورافق قيام الثورة المجيدة ثورة شبابية مكنت قطاع الشباب من تفجير طاقتهم الخلابة وإبراز قدراتهم ومواهبهم الفذة حيث بدأت مرحلة من النشاط الشبابي والرياضي التي تجاوزت مخلفات الإمامة وبدأت بوضع اللبنات الأساسية لإيجاد إطار يهتم بشريحة الشباب والرياضيين الذين لم يجدوا حقهم من الرعاية والاهتمام قبل الثورة وكانت أنشطتهم تمارس على استحياء في ظل إمكانات معدومة وعلى ساحات ترابية تفتقر إلى مقومات الملاعب الرياضية وبلا وسائل وأدوات تساعد على مزاولة الأنشطة بصورة صحيحة.
البداية الفعلية للحركة الشبابية والرياضية في شمال الوطن حينها كانت في فبراير 1963م من خلال إنشاء إدارة رعاية الشباب التابعة لوزارة المعارف وعين وزيراٍ للوزارة في ذلك الوقت الأديب والقاضي الراحل الشهيد محمد محمود الزبيري وأصبحت إدارة رعاية الشباب أول إطار رسمي يعني بتطلعات وأنشطة شريحة الشباب.
(الثورة) استقصت بداية الحركة الشبابية في بلادنا والظروف التي واكبت مرحلة التأسيس والأطر الرياضية التي تشكلت منذ فجر الثورة والمحطات الشبابية التي شهدت ولادة الأندية والاتحادات الرياضية والمجلس الأعلى لرعاية الشباب والمشاركات الأولى لليمن على المستوى الخارجي.
تفاصيل كثيرة.. وذكريات متعددة.. ومواقف مؤثرة.. وغيرها من الأحداث التي تم استحضارها في حوار خاص أجريناه مع الأخ محمد عبدالوالي مستشار وزارة الشباب والرياضة والذي يعد أبرز المؤسسين للحركة الشبابية والرياضية في بلادنا وأول من استحدث إدارة رعاية الشباب بوزارة المعارف وشغل منصب مدير الإدارة بعد عام من قيام الثورة المجيدة بالإضافة إلى كونه أول كادر يمني حائز على مؤهل جامعي في التربية الرياضية عام 1962م وأول الكوادر اليمنية الحائزة على جائزة اللجنة الأولمبية الدولية عام 1999م.. بالإضافة إلى مهامه الرياضية المتعددة تدريباٍ وتأهيلاٍ وتحكيماٍ وغيرها من المهام التي شغلها في المجال الشبابي والرياضي خلال حقبة زمنية تجاوزت الخمسين عاماٍ حفلت بالكثير من العطاء الشبابي.. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• هل كانت هناك أنشطة شبابية ورياضية تمارس قبل الثورة.. وما طبيعتها¿
– كانت هناك أنشطة رياضية لكنها كانت شحيحة جداٍ وتمارس في بعض الأحياء في صنعاء وكنا نسمع عن بعض الفرق مثل الكلية الحربية والفريق الأحمر والفريق الأصفر لكن لم تكن هناك منافسات ثابتة ولا تقام أنشطة رسمية تحت إشراف جهة معينة ولا يوجد أندية محددة وإجمالاٍ فإن النشاط الرياضي قبل الثورة يكاد يكون في حكم المعدوم وقد كان الرياضيون قبل الثورة يعدون بالأصابع لندرتهم ومنهم إبراهيم رشدي وأحمد الحبشي ومحمد غنيمة والذين كانوا يقيمون بعض الأنشطة المتقطعة وفي أوقات نادرة وكانت تقام بعض المباريات في الأحياء الشعبية والساحات ولم يكن هناك أي وجود لمدربين متخصصين أو مشرفين على الأنشطة الرياضية حيث كان النشاط قبل الثورة غير منظم وغير مؤسسي.
• متى تم إنشاء أول كيان شبابي في اليمن¿
– عقب قيام ثورة 26 سبتمبر المباركة وتحديداٍ في شهر فبراير 1963م وكان الشهيد أبو الأحرار محمد محمود الزبيري وزيراٍ للمعارف وتم تعييني مديراٍ لإدارة رعاية الشباب بالوزارة وفي ذلك الوقت لم يكن هناك أي نشاط رياضي باستثناء نشاط كرة القدم في الكلية الحربية وبعض الفرق الأخرى ولكنه نشاط داخلي في مدينة صنعاء فقط.
• كيف تم تعيينك مديراٍ لرعاية الشباب في عهد الزبيري¿
– كنت أدرس في جمهورية مصر العربية وتخرجت في أغسطس 1962م حيث حصلت على مؤهل بكالوريوس تربية رياضية وقبل قيام ثورة 26 سبتمبر بشهر تعرفت على الشهيد الزبيري بالصدفة حيث قابلته في القاهرة حينما كنت في إدارة الوافدين لاستلام شهادة التخرج وكان معنا الأخ حسن الحبيشي الذي عرفني بالقاضي الزبيري والذي أبدى سعادة كبيرة بأني أحمل مؤهل البكالوريوس واصطحبني معه حيث تناولنا وجبة الغداء سوياٍ وتناقشنا حول مواضيع عديدة وبعد أن علم بأني سأعود إلى اليمن أعطاني عدة نصائح وفور وصولي إلى اليمن كان الزبيري قد تم تعيينه وزيراٍ للمعارف كما كانت تعرف قبل الثورة ودعم الزبيري فكرة استحداث إدارة رعاية الشباب بالوزارة والتي عْينت مديراٍ لها.
• وكيف كانت علاقتك بالزبيري¿
– عرفت الشهيد الزبيري إنساناٍ مناضلاٍ جسوراٍ يحمل هم الوطن على كاهله وبالرغم من تعيينه وزيراٍ للمعارف إلا أني لم ألتق به سوى مرتين فقط حيث لم يكن الزبيري يحضر باستمرار إلى الوزارة حيث كان يتولى مهام الوزارة نائب الوزير العزي اليريمي بينما كان الزبيري يطوف في القبائل للتوعية بأهمية الثورة والحفاظ على الجمهورية وبناء النظام الجمهوري العادل وقد قابلته آخر مرة في منزله بحضور عدد من المسئولين في وزارة المعارف (التربية والتعليم) وبوجود عدد من الخبراء المصريين وبعدها لم أقابله كونه تم اغتياله.
• عند تعيينك في رعاية الشباب كيف كانت الظروف حينها¿
– في ذلك الوقت بدأت الحرب ضد الثورة بين الجمهوريين والملكيين وكانت الظروف صعبة للغاية وقد تأسست إدارة رعاية الشباب بدون ميزانية ولم يتم توفير أي أدوات ونظراٍ لوضع البلاد حينها فقد كانت الإجراءات الأمنية تعيق إقامة الأنشطة الرياضية باستمرار وبالتالي كان نشاط الشباب مقتصراٍ على تنظيم الاحتفالات في أعياد الثورة والتي كانت أبرز الأنشطة في تلك الفترة.
• هل كان هناك آلية لإقامة تلك الاحتفالات¿
– حينما نقارن أعياد الثورة الآن وسابقا نجد هناك فرقاٍ شاسعاٍ ففي ذلك الوقت لم تكن الإمكانيات متوفرة وكنت اشرف بمفردي على جميع فعاليات الاحتفالات بدءاٍ بإجراء التدريبات للمشاركين في طابور العرض والقيام بتجهيز المتطلبات وشراء الأدوات والملابس والمستلزمات الرياضية وتوزيعها على المشاركين في صباح يوم الاحتفال.
• متى تم التأسيس الفعلي للأطر الرياضية¿
– في أغسطس 1969م قمت أنا والأخ أحمد يحيى الكبسي بتشكيل أربع لجان رياضية في كل من صنعاء وإب وتعز والحديدة وعقب ذلك تم عقد اجتماع في صنعاء لأعضاء الهيئات الرياضية للجان الأربع وتم إقرار تشكيل مجلس أعلى للرياضة والذي يعد أول كيان رياضي أهلي وحققت تلك الخطوة ثمار إيجابية فلم تمضي سوى أربعة شهور وتحديداٍ في 2 نوفمبر 1969م حيث صدرت قرارات جمهورية بإنشاء المجلس الأعلى لرعاية الشباب والاتحاد الوطني الرياضي الذي كان بمثابة لجنة أولمبية والاتحاد الرياضي العسكري والأمني.
• ما الأهمية التي اكتسبها ذلك القرار¿
– القرار شكل بداية العمل المؤسسي في مجال الشباب والرياضة في ظل وجود مجلس أعلى للشباب يكتسب الصفة الرسمية بالإضافة إلى أن أول رئيس للمجلس الأعلى لرعاية الشباب كان علي سيف الخولاني والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء للشئون العسكرية والأمنية والشباب وبعدها بشهور تم تعين الأخ يحيى جغمان نائباٍ لرئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية والشباب ليرأس المجلس الأعلى للشباب وخلفه بعد ذلك الأخ عبدالله حمران وقد تضمن أول قرار للمجلس تعيين كل من أحمد يحيى الكبسي وكيلاٍ للمجلس ومحمد عبدالوالي أميناٍ عاماٍ للمجلس وبعد أربع سنوات تم تغيير مسمى المجلس إلى المجلس الأعلى للشباب والرياضة وحينها لم تكن هناك ميزانية من الدولة وتم اعتماد مبلغ مقطوع لتسيير الأنشطة ليتم إيفاد ثلاث دفعات إلى الجزائر للانخراط في دورات تدريبية وهم القيادات الشبابية الذين عملوا بعد ذلك في وزارة الشباب والرياضة.. كما عملت بالتعاون مع الأخ أحمد الكبسي وبالتنسيق مع السفارة الجزائرية للحصول على المنح الدراسية وإعداد وثائق المرشحين واستكمال إجراءات ابتعاثهم ليتم تأهيل مجموعة من القيادات الشبابية القادرة على قيادة الأطر الرياضية وتجاوز مرحلة التأسيس وقد أوجد ذلك العمل المؤسسي الرياضي الحكومي فكان هناك نشاط وبطولات في ألعاب مختلفة وفي العديد من محافظات الجمهورية كما أقيمت العديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية حيث تم الاستفادة من الذين تخرجوا من الجزائر وخاصة المتخصصين في جانب الثقافة الشعبية باعتبار أن الآخرين تخصصوا في مجال الرياضة وتم إعداد برنامج للمؤهلين في الثقافة الشعبية لإقامة برامج ثقافية وتنظيم ندوات ومحاضرات متنوعة.
• هل حقق المجلس التطلعات الشبابية المأمولة¿
– المجلس الأعلى لرعاية الشباب شكل المرحلة الأولى للانتقال من العمل الأهلي إلى العمل المؤسسي الرسمي ومر بمراحل متعددة ونظراٍ لوجود مصلحة الشئون الاجتماعية والعمل مع مجلس رعاية الشباب في نفس الوقت فقد تم إقرار دمج المجلس الأعلى لرعاية الشباب ومصلحة الشئون الاجتماعية والعمل وتم إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والشباب عام 1974م ليرتفع مستوى تمثيل الشباب لأول مرة إلى وزارة وإن كانت تلك الوزارة متعددة المهام والاختصاصات وقد تعاقب على الوزارة عدة وزراء وفي عام 1981م تم إنشاء المجلس الأعلى للشباب والرياضة برئاسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وعضوية عدد من الوزراء المعنيين في التربية والصحة والإعلام والمالية والشئون الاجتماعية بالإضافة إلى رئيس الأركان عبدالله البشيري ورئيس جامعة صنعاء الدكتور عبدالعزيز المقالح وعدد من الجهات المعنية وتم تعييني حينها مستشاراٍ للمجلس واستمر المجلس حتى عام 1987م حينما تم إنشاء أول وزارة للشباب والرياضة وكان أول وزير للشباب الدكتور محمد الكباب وتعاقب على الوزارة منذ إنشائها وحتى الآن عدة وزراء وعقب الوحدة شهدت الوزارة دمج القطاع الرياضي بين شطري الوطن في وزارة واحدة بهيكل تنظيمي واحد.
• ماذا عن مرحلة تأسيس الاتحادات الرياضية¿
– خلال المراحل السابقة تم إنشاء عدد من الاتحادات الرياضية وتم المطالبة بعضوية تلك الاتحادات عربياٍ ودولياٍ كما تم مخاطبة اللجنة الأولمبية الدولية للاعتراف بتلك الاتحادات خاصة بعد استيفاء الشروط وتوفر خمسة اتحادات وهو العدد المطلوب وقد تم مراعاة الألعاب المتواجدة فعلياٍ عند إنشاء الاتحادات حيث كانت أبرز الألعاب التي تمارس حينها كرة القدم والطاولة والسلة وبعد ذلك انتشرت ألعاب أخرى.
• وكيف تم صياغة اللوائح والنظم الرياضية¿
– بعد تخرجي من مصر كنت أول حائز على بكالوريوس تربية رياضية على مستوى اليمن عام 1962م وحينما عدت إلى اليمن كنت مؤهلاٍ للتدريس كما كان معمولا به في مصر حينها حيث كان الخريجون يتجهون للتدريس وكل زملائي تم توزيعهم على ست دفعات لأنه كان هناك نقص في خريجي التربية الرياضية في ذلك الوقت فتم توزيعهم على الوزارات بتعيين مباشر قبل الجامعيين لأن خريجي الكليات الجامعية كان يتأخر توظيفهم وكان الذين يعملون في المناطق النائية يحصلون على حوافز وعندما وصلت اليمن كان الهدف هو تدريس التربية الرياضية لكني وجدت واقعاٍ مختلفاٍ حيث زاولت عملاٍ تنظيمياٍ وإدارياٍ وتخطيطياٍ وهو عمل تقوم به جهة حكومية بينما قمت به بمفردي فبدأت بالتواصل مع المختصين في مصر وحصلت على نماذج من اللوائح الرياضية وبدأت بإعداد لوائح مختلفة تتناسب مع خصوصية وضع الرياضة في اليمن وقمت بتوزيعها على الأندية عندما تم إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الشباب الرسمي وذلك استرشادا باللوائح الخارجية ولكن وفقا لظروف الرياضة في اليمن وأصبحت تلك اللوائح المرجعية الأساسية منذ ذلك الوقت والتي يتم العمل وفقها في مختلف الأطر الرياضية مع حصول بعض التعديلات أو الإضافات لكن الهيكل والأساس للوائح يظل ثابتاٍ كما تم وضعه سابقاٍ.
• متى بدأت عملية تأهيل الكوادر الرياضية في بلادنا¿
– كانت أول دفعة عام 1973م والتي ضمت (20) كادراٍ والتي التحقت بالدراسة في مجال التربية الرياضية بالجزائر وكان من بين المشاركين حسن الخولاني ومحمد منصر وغيرهم وقد تم توزيع المشاركين على الجانب الرياضي وجانب الثقافة الشعبية كما يقال في الجزائر (الجانب الشبابي) وبعد عودة المشاركين من الجزائر منهم من استمر في المجال الرياضي وتوزعوا في المحافظات ومنهم من توجه إلى أعمال أخرى نظراٍ لعدم تسوية أوضاعهم ومنهم أحمد الذهباني والبعض أصبح طيار وآخرين ذهبوا إلى جامعة صنعاء وجهات حكومية أخرى.
• متى كانت المشاركة الرياضية الأولى لليمن خارجياٍ¿
– في عام 1965م أقيمت الدورة الرياضية العربية الخامسة بالقاهرة وحينها كنت متواجد في القاهرة حيث ذهبت لأحد الأصدقاء في الجامعة العربية وهو الأخ أمير الرفاعي الذي أصبح الآن مدير إدارة الشباب والرياضة بالجامعة العربية والذي كان عضو إدارة نادي الزمالك وتحدثنا حول مشاركة اليمن في الدورة فأبلغته بعدم وجود الإمكانات التي تساعد على المشاركة فأبدى الاستعداد بتمويل المشاركة من الجامعة العربية على أن يتم توفير المشاركين فالتقطت الفكرة وعملت على توفير عدد من الطلاب اليمنيين المتواجدين في مصر حيث كان هناك مجموعة من الطلاب يدرسون في الكلية الحربية ومنهم الدكتور محمد حجر وإخوانه عبدالإله وعبدالكريم وكانوا سباحين مشهورين في نادي هليولودو بالقاهرة كما قمت بتوفير مجموعة من الطلاب اليمنيين الملتحقين بالكلية الحربية بالقاهرة ومنهم المرحوم يحيى العذري ومجموعة من الرياضيين الآخرين وتم صرف مبلغ 200 جنيه من الجامعة العربية وهو مبلغ جيد في ذلك الوقت وتم تسليم المبلغ للمؤسسة الاقتصادية العسكرية لتوفير البدلات الرسمية للوفد وتم مشاركة وفد بلادنا في طابور السير بينما لم يشترك في المنافسات إلا أولاد حجر الثلاثة في منافسات السباحة واحتل محمد حجر المركز الثالث في التصفيات وكان احد المنظمين في الدورة بلعبة السباحة أحد الأساتذة الذين درسوني حيث أبدى إعجابه واستغرب من تفوق اللاعب وحصوله على المركز الثالث في الوقت الذي لا تمارس رياضة السباحة في اليمن فأوضحت له أن اللاعب محمد حجر طالب في مصر ويلعب في أحد الأندية وشكلت تلك المشاركة أول دورة تشارك فيها اليمن بشكل رسمي وفي ذلك الوقت لم يكن أحد يعرف داخل الوطن أن اليمن شاركت في الدورة العربية وهو السبب وراء التضارب الحاصل في تاريخ مشاركة اليمن في الدورات العربية حيث يعتبر البعض أن اليمن بدأت المشاركة في الدورات التي أعقبت الدورة الخامسة عام 1965م.
• هل هناك مشاركات تم خلالها إحراز مراكز متقدمة في مرحلة البداية¿
– في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات بدأت المشاركات الرياضية الخارجية وبدأت تنظم وفود رياضية مختلفة لألعاب مختلفة عبر الاتحادات ففي سنة 1971م تم المشاركة في الدورة الآسيوية الإفريقية الأولى لكرة الطاولة في الصين وشاركت فيها بعض دول أمريكا اللاتينية والتي حاز فيها اللاعب أحمد زايد المركز الرابع وكان عمره حينها بحدود 10 سنوات وسألني أحد المنظمين عن عمر اللاعب فقلت له عشر سنوات فأوضح أنه في عمر أحمد زايد كان لا يزال يتدرب على الإمساك بالمضرب وذلك الشخص توج قبل سنوات ببطولة العالم للفردي وأعتزل اللعب وهو نائب رئيس الدورة وعند المقارنة بين اللاعبين فقد كان أحمد زايد أفضل منه في المستوى ولو توفرت له البيئة المناسبة التي تساعد على التألق لكان وضعه مختلف.
• ماهي طبيعة المواقع الرياضية التي شغلتها¿
– في الجانب الرسمي شغلت موقع أول مدير لإدارة رعاية الشباب في وزارة المعارف (التربية والتعليم) ولم يكن حينها يوجد أي شخص يملك مؤهل في التربية الرياضية ولا توجد خبرات في نفس المجال وحينما تم إنشاء مجلس رعاية الشباب بقرار جمهوري تم تعييني أميناٍ عاماٍ للمجلس بدرجة مدير عام وذلك في عهد الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني وبعدها شغلت منصب أمين عام مجلس رعاية الشباب في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والشباب بدرجة وكيل وزارة في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي وحينما تم إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الشباب والرياضة في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح تم تعييني مستشاراٍ للمجلس بدرجة وزير وعقب ذلك تم إنشاء وزارة الشباب والرياضة وتم تعييني مستشاراٍ بدرجة وزير وهو الموقع الذي ما زلت أشغره حتى الآن أما في المجال الأهلي فقد عملت مدرباٍ وحكماٍ وقمت بوضع اللوائح والنظم الفنية للألعاب والهيئات الرياضية كما عملت في مجال الإعلام مطلع السبعينات حيث تم إعداد وتقديم برنامج عالم الشباب والرياضة في الإذاعة وبعد ذلك التحق بالبرنامج الدكتور حمود العودي والمرحوم أحمد الرعيني وبعدها بفترة تولى إعداد وتقديم البرنامج علي العصري وكان ضمن طاقم العمل الفني بالبرنامج المهندس عبدالله هديان.
• كيف تقيم تجربتك في مجال التدريب¿
– حقيقة دربت عدة فرق حيث دربت فريق أهلي صنعاء لفترة قصيرة بداية السبعينيات حتى تولى مهمة تدريب الفريق المرحوم علي محسن المريسي وانتقلت بعد ذلك إلى تدريب فريق وحدة صنعاء وشاركت في تحكيم مباريات كرة القدم وكنت أقوم بتخطيط الملاعب حيث لم يكن أحد يمتلك القدرة والخبرة في تخطيط الملاعب حينها وأتذكر من اللاعبين الذين دربتهم المرحوم يحيى الظرافي الذي كانت تربطني به علاقة قديمة حيث دربت المنتخب الوطني لفترة وكان المرحوم الظرافي حارساٍ للمنتخب وكان حينها يوجد كوكبة من النجوم والمواهب المتعددة التي تفوق نجوم الزمن الحالي حيث كان يتنافس على هداف دوري كرة القدم أكثر من لاعب وعلى سبيل المثال في نادي الوحدة كان اللاعب أحمد العذري ظهير مهاجم وكان يتنافس مع نصر الجرادي على هداف الدوري وكان يوجد في أهلي صنعاء لاعبون مميزون مثل يحيى العذري وحسين الأهجري والسراجي ومجموعة من اللاعبين الآخرين وفي الحديدة كان هناك النجم محمد بشير وكانت الأندية تمتلك مجموعة من النجوم ويوجد لديها أكثر من هدافين وكان خط الوسط يضم أكثر من سبعة لاعبين يمكن الاختيار منهم.
• كيف كان وضع المنشآت والملاعب الموجودة حينها¿
– كان الموجود ملعب الظرافي وملعب الأهلي وكانت أرضية الملعبين ترابية وغير محسنة ولم يتم تحسينها إلا بعد استحداث وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والشباب عام 1974م وكانت مدرجات الجمهور بملعب الظرافي مقتصرة على المنصة الرئيسية الحالية والتي تستوعب 200 شخص وبعدها تم توسيع المدرجات حتى أصبحت بالوضع الحالي لتستوعب أعداد كبيرة من الجماهير.
• شواهد تعيد الأذهان لما قبل الثورة¿
– في ظل التطور الهائل الذي أعقب قيام الثورة المباركة وحين يتم مقارنة الحاضر بالماضي فتكون المقارنة مستحيلة ففي مجال التعليم كان هناك ست مدارس في صنعاء وكان التعليم فيها محدوداٍ ولم يأخذ طابع الثانوية والإعدادية والشهادات التي طبقت بعد الثورة وقد تحولت تلك المدارس والمراكز إلى منارات للعلم وتوسعت المدارس وازداد الإقبال على التعليم والتحق عدد كبير من الطلاب والشباب بها كما أن هناك شواهد تستحضر الذكريات والأحداث المؤلمة حيث كنا خلال تنظيم الأنشطة الرياضية على ملعب الشهداء بمحافظة تعز نسمع عن الإعدامات التي كانت تتم للثوار على ساحة الملعب وقصص مأساوية متعددة للجرائم التي شهدها ذلك الملعب الذي احتضن إعدام العديد من رموز النضال الوطني ليتحول الملعب إلى واحة للتنافس الخلاق بين شباب الوطن الواحد.
• كيف وجدت الاستفادة من المبتعثين للخارج¿
– كان عدد الخريجين اليمنيين قليل وعندما عدت لليمن سكنت في دار الضيافة الذي تحول إلى وزارة الداخلية وأصبح الآن المتحف الحربي وكان يستقبل جميع الخريجين القادمين من مصر وخاصة الطلاب من خارج صنعاء وقد قابلت حينها المرحوم عبدالعزيز عبدالغني الذين كان من الدفعات التي تخرجت قبلي وكذلك علي محمد عبده والدكتور مكي ومحمد أبو بكر باسندوة والمساوى وكان عدد الخريجين محدوداٍ مما يجعل عملية حصر الخريجين أمر سهل وكان هناك خبراء مصريين وعرب وأجانب مقيمين في دار الضيافة كانوا يعملون في مختلف المصالح والوزارات وقد توزع الخريجين للعمل في مختلف المرافق الحكومية.
• أحداث هامة عايشتها خلال دراستك¿
– عايشت العدوان الثلاثي في مصر حينما كنت طالباٍ في بورسعيد وشاهدت الأزمة والدور الذي قام به أبناء بور سعيد التي سميت بالمدينة الباسلة حينما دافعو عن البلد أيام ناصر بعد أن أعلن تأميم القناة وتصدوا للتحالف الثلاثي وبعد أن بدأ العدوان ودخل المعتدين مدينة بورسعيد لم يتخطوا سوى 14 كيلو في خط القناة بين بورسعيد والإسماعيلية وتصدى أبناء المدينة للعدوان وافشلوا العدوان خلال بضعة شهور ليتم تحرير بورسعيد في 23 سبتمبر الذي أصبح عيد النصر.
• كيف كان التواصل الشبابي والرياضي بين شطري الوطن قبل الوحدة¿
– الجانب الرياضي والشبابي كان له الأسبقية بجانب الأدباء والكتاب في عملية التهيئة للوحدة من خلال التواصل والتنسيق وتبادل الزيارات حيث كانت هناك لقاءات رياضية كثيرة بين شطري الوطن مثل كأس اليمن وفي عام 1971م تم إقامة بطولات اشتركت فيها فرق الشطرين بالإضافة إلى ليبيا وكان نصر شاذلي رئيس وفد الشطر الجنوبي من الوطن وعلى الصعيد الخارجي كان وفدي الشطرين ينسقان المواقف ويتحدثان بصوت واحد وعند إجراء انتخابات الهيئات الرياضية العربية والآسيوية يتم التنسيق بين الوفدين لدعم المرشح منهما فكان الجانب الرياضي سباقاٍ في تجسيد الوحدة.
• هل يوجد مجال للمقارنة في للجانب الرياضي قبل وبعد الثورة¿
– لا يوجد أي مجال للمقارنة فعلى صعيد المنشآت الرياضية كان يوجد ملعب الظرافي وملعب الأهلي ولا توجد أي منشآت رياضية أخرى ولا يتم تنظيم مسابقات ولم تكن هناك قاعدة رياضية قبل الثورة وبعد الثورة توفر العمل التنظيمي المؤسسي للرياضة وتم إيجاد المنشآت وتحققت كل الانجازات التي تفوق الوصف وبالتالي يمكن القول أنه قبل الثورة لم يكن هناك شيء يذكر.
• أبرز القيادات الرياضية الذين تتلمذوا على يدك¿
– الأجيال التي تخرجت من الجزائر هم الذين أشرفت على إعدادهم وابتعاثم ومن الذين أشرفت على تدريبهم في المهرجانات الشبابية والكرنفالات التي كانت تتم في أعياد الثورة عبدالرحمن الأكوع رئيس اللجنة الأولمبية حينما كان طالباٍ وشارك في أعياد الثورة وذلك خلال التمارين الجماعية التي إشترك فيها الكثير حيث كانت التشكيلة الواحدة تضم 400 طالب كما كان اللواء علي محمد صلاح وأحمد الشبيبي من ضمن الطلاب الذين دربتهم بالإضافة إلى حسين الأهجري وقائد الشرجبي وحجيرة وعبدالله الهمداني وهناك مجموعة كبيرة من الذين دربتهم وتقدموا في السن ونسيتهم وأحياناٍ ألتقي بالبعض منهم ويذكروني بالماضي ومنهم وزراء وقادة عسكريين وأمنيين حيث عملت 50 عاماٍ في المجال الشبابي والرياضي وبعض من دربتهم تجاوز عمره 60عاماٍ.
• حدثنا عن سيرتك ورحلتك الشبابية والرياضية¿
– ولدت بمدينة بورسعيد عام 1937م ودرست الابتدائية ثم الإعدادية أول ما تم تطبيقها في عهد جمال عبدالناصر وحصلت على الثانوية والتحقت بالمعهد العالي للتربية الرياضية في الإسكندرية وتخرجت سنة 1962م وبعد تخرجي عدت لليمن مباشرة وخلال دراستي في بورسعيد كنت ألعب كرة القدم مع نادي يوناني قبل تأميم قناة السويس وكان يوجد نادي ايطالي آخر وأندية مصرية وكان الناديين اليوناني والايطالي يلعبان في الدرجة الثانية وكانت تلك الأندية تضم لاعبين أجانب يعملون في شركات ملاحية بالإضافة إلى لاعبين مصريين وأيضاٍ أسست إدارة رعاية الشباب بوزارة المعارف سنة 1963م وكنت أول يمني حائز على جائزة اللجنة الأولمبية الدولية 1999م وأول خريج تربية رياضية في اليمن وعملت أنا وأحمد الكبسي في إنشاء أول برنامج رياضي شبابي كما عملت في التخطيط والتنظيم والإدارة والتدريب والإعلام إضافة لذلك فقد كتبت لصحيفة الثورة في عهد المرحوم محمد ردمان الزرقة الذي نشر بعض المقالات بحكم النشاط المحدود وكان الزرقة ضمن الوفد المشارك في الدورة الآسيوية الإفريقية في الصين عام 1971م وكان ضمن الوفد أيضاٍ يحيى الكحلاني والمرحوم رشاد البعداني ومحمد مطهر لاعب كرة الطاولة الذي يعمل حالياٍ في وزارة السياحة والذي كان يلعب كرة قدم وطاولة في نادي الوحدة كما كنت عضواٍ في اللجنة التابعة لمجلس وزراء الشباب والرياضية العرب حيث كانت هناك لجنة شبابية ولجنة رياضية تقوم باستقبال ملاحظات الدول ومقترحاتها لعرضها على اجتماع وزراء الشباب العرب حيث كنت ضمن اللجنة الرياضية وكان الأخ محمد الفقيه في اللجنة الشبابية وكنا ندرس المقترحات ونعد التوصيات ونرفعها للمكتب التنفيذي ومنه إلى مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب وكان المكتب التنفيذي مكون من تسعة وزراء وقد عاصرت عدة وزراء وعملت بكل إخلاص وتفانُ من أجل خدمة البلد ولم أبحث عن مناصب أو مغانم ولا زالت أسخر كل خبراتي لتطور المجال الرياضي والشبابي وتفجير قدرات المواهب والواعدين ومن أبرز محطاتي أنني التقيت بالنجم الراحل علي محسن المريسي داخل اليمن ولم ألتقيه أثناء الدراسة في مصر لأني كنت مقيماٍ في الإسكندرية أدرس التربية الرياضية وكان المريسي يدرس في الكلية الحربية بالقاهرة وقد ظهر من خلال المسابقات التي نظمتها وزارة التربية والتعليم بمصر وشق طريقه حتى وصل إلى نادي الزمالك وأخذ فرصته وشهرته.
• كلمة أخيرة¿
– بالنظر إلى واقع الرياضة قبل الثورة وما أصبحت عليه الآن فأنا متفائل كوني عاصرت اللاشيء ووجدت أشياء ملموسة وما أراه اليوم يفوق الخيال لما رأيته فجر الثورة حيث لم تكن هناك منشآت أو ملاعب أو رياضيين بالمعنى الواسع أو أبطال وصلوا للقمة وخلال 50 عاماٍ عملت في هذا المجال أجد نفسي متفائلاٍ والعجلة تدور أحيانا سريعة ومرات ببطئ ولكنها تسير للأمام والعوائق التي قد توجد يمكن تجاوزها والنتائج تتحسن وإن كانت أحيانا بشكل طفيف لكن الأمور تسير والمهم أنه وجدت القاعدة الرياضية العريضة التي تعمل الآن والتي لم تكن موجودة في السابق وأصبح لدينا أعضاء في الاتحادات العربية والمنظمات الدولية وهذا لم يكن موجوداٍ كما أصبح لدينا وضع يختلف كثيرا عن الوضع السابق سواء على الجانب الإداري أو الفني أو اللاعبين.