
لقاء/ أحمد الطيار –
> الجنود وقفوا بكاملهم مع الثورة منذ ليل الـ 26 سبتمبر ووضعوا أنفسهم تحت تصرف القيادة
> ترافقت أنا ومقاتلون من أبين ويافع وشبوة في ميادين المقاومة ضد الملكية
يتذكر المناضل حسن عبد الله القديمي أحد الجنود الأبطال في الثورة كيف أن يديه تسمرتا منتصف ليلة الأربعاء 25 سبتمبر من شدة ما قام به من اطلاق للنار من رشاش الدبابة المقتحمة لقصر البشائر الخاص بالبدر ويقول بمجرد اقتحامنا لساحة القصر كان رد الحرس الملكي قويا لكننا واجهناهم ببسالة لم يكونوا متوقعين لها وكانت طلقات الرشاش الذي معي مدوية عجلت النصر.
المناضل حسن القديمي كان ليلة الثورة ضمن فريق النقيب عبد العزيز السكري كجندي متخصص في المدفعية داخل الدبابة الثانية التي اقتحمت القصر ودمرت سوره المنيع لكن المناضل القديمي يشعر بالحزن على رفقائه الذين قضوا في الدبابة الأولى التي احرقها عبد اسود للبدر اسمه صمصام حين سكب عليها بنزين واحرقها بطريقة ماكرة.
في هذا اللقاء نستذكر مع المناضل القديمي قصة نضال متواصل في حياة الجندية التي وهبها للوطن ويؤكد اليوم أن الثورة مكسب عظيم غير مجرى تاريخ اليمن فيجب المحافظة عليه.
• بداية حدثني عن رحلتك العسكرية ¿
– أنا من مواليد محافظة المحويت عام 1935م التحقت بالجيش عام 1952م في لواء كان يسمى فوج البدر وكانت مهمتنا الرئيسية حراسة قصر السلاح ولدينا معسكر كنا نتدرب فيه على أسلحة ضعيفة طيلة 4 سنوات وفي عام 1956م قمنا في الفوج بمطالبة البدر بتسليحنا بسلاح جديد متطور فكان ردهم علينا أن تم إيداعنا السجن حيث سجنت 6 أشهر في سجن حجة و6اشهر أخرى في سجن السنارة وبعد ذلك تم إرجاعنا للجيش وتم نقلنا ضمن كتيبة إلى لواء تهامة واستقرينا في الحديدة وكان القائد للكتيبة هو الشهيد محمد العلفي والذي كان أيضا ضابط المستشفى الملكي بالحديدة وتم فيه إنجاز أضخم عملية عسكرية للقضاء على الإمام احمد عام 1958م وهي العملية الثورية البطلة التي تم فيها إطلاق الرصاص عليه وأدت إلى عجز الإمام ومرضه.
• أين كنت ليلة قيام ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م¿
كان قد تم نقل كتيبة الفوج من تهامة سنة 1961م إلى صنعاء وعدت أنا لأعمل في قصر السلاح متخصصاٍ في الإشارة وكنت مستلما للمفردة (الهاتف ) حيث عملت عليه في تلك الفترة فيما كانت كتائب وسرايا الفوج موزعة على قصر غمدان والقلعة وليلة الثورة كنا نحن في الفوج على علم مسبق باندلاع الثورة حيث كان الشهيد علي عبد المغني قد المح إلينا بالثورة فقلنا له توكلوا على الله ومن خلال عملي في الفوج تم توزيعنا بالمهمات ضمن طاقم كل ضابط من الخلايا العشر التي تولت مهمة الاقتحام فكان نصيبي أن أكون ضمن فريق النقيب عبد العزيز السكري والذي كان ضمن الحرس الملكي والمكلف بالهجوم على البدر شخصيا وأحب هنا أن أشير أن تلك الليلة في الساعة 12 ليلا تم ضرب قصر الإمام بالدبابة بثلاثة طلقات فأحدثت انهيارا كبير في القصر ونحن من جانبنا دخلنا في معركة ميدانية مع الحرس واستخدمنا الرشاشات بكثافة واستمرت المعركة عدة ساعات انتصرنا في الأخير وهرب الحرس وهرب البدر معهم وكان الضباط قد تمكنوا من الاستيلاء على الطرقات الرئيسية والمنشآت العسكرية والمرافق الحيوية ولم تكاد تشرق شمس صباح يوم 26سبتمبر حتى خرج الطلاب والمثقفين والناس جميعا لتأييد الثورة والمناداة في مظاهرات حاشدة عاشت الجمهورية اليمنية وللحقيقة فلم يكن هناك من معارض ثورة بل إن الجميع رحب بها لأننا كنا قد ذقنا الأمرين من بيت حميد الدين وكانوا ينظرون إلينا في الجيش كعبيد وموالي لهم ولا يهتمون بنا ولا يعترفون بأي قيمة لنا.
خطط
• ماهي الاستعدادات التي تم تأهيلكم بها للدفاع عن الثورة¿
من ضمن الاستعدادات التي قام بها الضباط هو تدريب الفوج الذي كنت فيه على رشاش ثقيل دخل الخدمة حديثا ولم نكن نعرف لماذا يدربونا عليه وفهمنا فيما بعد أنها الاستعدادات للدفاع عن الثورة الوليدة وليلة الثورة حضر إلينا الضابط علي عبد المغني وقال لنا سيتم إعلان الثورة وإقامة نظام جمهوري فما رأيكم¿ فقالنا كلنا في الفوج بلسان واحد على بركة الله تقدموا ونحن معكم وتمت الانطلاقة الساعة 12 ليلا.
يوم الثورة
• صباح يوم الثورة ماذا حدث¿
– كان همْ الثوار والضباط تأمين إمدادات السلاح ولهذا ففد تم إرسال دبابة وفريق من العسكر إلى قصر السلاح لفتحه واستلامه من المستلمين له ونحن في الفوج قمنا بفتح البوابة الرئيسية للقصر وأعلنا تأييدنا للثورة وولاءنا للقيادة الجديدة فتم إبقاؤنا في عملنا ولكن حصلت مشكلة في قصر السلاح حيث رفض أمين المستودع تسليم المفاتيح للثوار بحجة إنه يريد أمراٍ من الإمام البدر فحصل إطلاق نار انتصر بعدها الثوار وتم استلام القصر وفتح المستودع وإمداد الثوار بالسلاح.
وقمنا بتحميل سيارة كبيرة بذخيرة الدبابات تسمى الشنفرة وتم توزيعها على مراكز الحماية في صنعاء ومداخلها
ويمكن القول أن صنعاء شهدت هدوءاٍ لم يكن متوقعا فالجميع أيد الثورة ولم يتم أي محاولة للمقاومة.
موقف الشعب
• كيف تصف موقف الشعب تجاه الثورة¿
– في الحقيقة انه بمجرد أن اندلعت الثورة هب الشعب جميعهم مع الثورة ومباركة أهدافها وأعلنوا الولاء للقيادة الجديدة ففي الصباح الباكر تحركت المظاهرات في الشوارع مما اضطر البدر إلى الهروب ظهرا بعد أن أيقن ان لا احد يؤيده مطلقا وقام بالاتجاه نحو حجة ولكن حجة كانت قد سبقته إلى الثورة فلم يستطع دخولها وهرب تجاه الحدود اليمنية السعوديةوهنا نشير إلى أن محافظتي تعز والحديدة أعلنتا التأييد في نفس اليوم وكذلك تبعتها كافة المناطق.
معارك
• صف لنا ما تم بعد ذلك من معارك الدفاع عن الثورة¿
– ظل الجيش والشعب في ملحمة الدفاع عن الثورة والجمهورية ملتحمين طيلة 8 سنوات فقد حاول الملكيون تجميع بعض القوات الموالية لهم وشنوا هجمات متفرقة على عدة محاور وكانوا يقومون بحرب استنزاف وللأمانة فإن موقف الرئيس جمال عبد الناصر والجيش المصري في اليمن مع الثورة كان له ابلغ الأثر فبفضلهم تم تثبيت الثورة وبتضحياتهم معنا استطعنا الانتصار والصمود في وجه المتآمرين الملكيين والمرتزقة الذين كانوا يتحالفون معهم.
• كيف وقف أبناء الشعب اليمني مع الثورة¿
– كل القبائل وقفت صفا واحدا مع الثورة فمن شمال اليمن وجنوبه كانوا يدا واحدة تحمل السلاح في وجه الملكيين الذين كانوا يحاولون عودة عقارب الساعة ودعني هنا أضرب أمثلة للبسالة التي كان يقوم بها أبناء الشعب اليمني جميعا حيث كان معنا في الدفاع عن الثورة زملاء من يافع ومن شبوة ومن لحج التحقوا بالنضال معنا وكانوا سباقين للدفاع عن الثورة الوليدة ولم يقفوا متفرجين علينا بل حركهم الدم الواحد والوطن الواحد والبلد الواحد للوقوف مع الثورة ولم تكن هناك حدود أو فواصل أو تفرقة تذكر بين أبناء اليمن وإيمانهم بالدفاع عن الثورة راسخ أنها ملك للجميع وأنها ليست محصورة على جزء من الوطن فقد كان الوطن أيضا يعاني من الاستعمار البريطاني وكان لا بد من تعاون أبناء الوطن كلهم على تحريره فكانت الثورة في صنعاء مفتاحاٍ لدعم الثورة في عدن في 14 أكتوبر 1963م.