كروز أبها المُجنَّحْ

مصباح الهمداني
خرج ناطق التحالف، ليصيح وينوح، ويعلن أن ضربة يمانية صاروخية؛ استهدفت مطار أبها، في الساعة الثانية وواحد وعشرون دقيقة…
فيما كان بعض السعاودة يغردون بغباء، ويمتهنون الكذِبَ ليلاً ونهارا…
لقد خاطبَ السعوديون، منذ وقتٍ مبكر؛ صادِق هذا الزمان وأمينه، وحفيد سيد البشر ووارثه، وخاطبهم كذلك؛ عميد الإعلام العربي، وناطق أنصار الله؛ فلم يُعيروا للتحذير أذنًا، ولا للنذير سمعا.. وتوالت التحذيرات براءةٌ للذمة من ناطق الجيش واللجان، وعمدة السياسة، ووزير الإعلام..لكنَّ ملكَ القممَ الثلاث، أبى واستكبر.. وظن أن ضربة أرامكو الموجعة ستكون آخر القاصمات، ونهاية العذابات…
أرسَلَ اليمانيون، سلاحهم الأبابيل الفتاك إلى مطار نجران، وأحالوه إلى خردة يترزق منها الباكستاني والبنقالي والهندي…ولم يصحُ الملك من خرافته، ولم يتخلص ابنه المهفوف من بطانته..
فانحرفت الأبايل في مهمةٍ ثانية إلى مطار جيزان، وفعلت فيه ما تفعله الحرائق في الغابات، وسقط بين الرماد؛ الأمريكي والبريطاني وجنسيات كثيرة…
يلتفتُ المهفوف إلى الأمريكي فيجده رافعًا إبهامي يديه، ويقول له
“مصانعنا تشتغِل، وسفننا تتحرك، ولا عليكَ إلاَّ أن تدفَعْ، وكل ما احترق سنعوضه”
يلتفتُ كرةً أخرى إلى الفنادق؛ فيسمع الأصوات التي تشبه صغار الطيور في أوكارها؛
فاليدومي يصيح؛ “يامنعاه لا تفلتوناش في نص الطريق” وكأنه هاربة من بيت زوجها في منتصف ليل، والتقت بعاق ليوصلها إلى بيت أهلها الذي جرفه السيل..
ويرى الآنسي وهو يسكب دمعَ التماسيح، فلا يَعلَمْ أهو حزنٌ لما أصابَ المملكة، أم اشتياقٌ لأهله الساكنين في صنعاء، وتجارته الكثيرة والكبيرة..
ويشاهد المركوز، وقد انبطح تحتَ أقدام شيبو يمسجه بها وقد غط في نومٍ عميق…
وينظر بعيدًا نحو ناقة الشر الضبيانية؛ فيجده يُخبره؛ بأنه أصبحَ يخاف أكثر منه، وأنَّ معلوماتٍ مؤكدة وصلته؛ بأن مطار العين وأبو ظبي ودبي من ضمن أهداف الحوثيين..
لكنَّه لم يستكمل شفط جزيرة سقطرى، ويستحث المهفوف في مد ذراع النفط من المهرة قبلَ أن تشتعل صحوة أبنائها التي بدأت تتزايد…
وجاءت الضربة الموجعة في قاعدة خالد الجوية بخميس مشيط..إنها قاعدة ومطار.. بل هي أم المطارات الحربية، ومخزن المخازن بعد مطار عسير؛
تحولت بعد الزيارة المسددة؛ إلى كومة قَشْ، في صورة أبشع وأنكى مما حدث في مطاري نجران وجيزان…
وانتظر اليمانيون الأشداء، أولي البأس والحكمة؛ لساعات..
لعلَّ السعودي يراجِعُ نفسه، ويفُك حصاره عن مطار صنعاء، ويترك لآلاف المرضى حرية السفر للعلاج، وللطلاب والمسافرين حرية العودة إلى بلدهم.. لكنَّ الملك في سابع بدروم، والمهفوف كضفدع في مستنقع؛ يُسمعُ نقيقها ولا يُرى موضِعها؛ يتنقلُ بين الصالات المكيفة تحت الأرض، ويُقلِّد شيوخ دويلة ساحل عمان، وقد أصبحوا يتكيفون للعيش في البدرومات الضخمة المضاءة…
وبينما الباتريوتات؛ تُعلنُ عجزها وفشلها في رؤية الطائرات المسيرة، وتجدُ نفسها ملطومة ومضروبة ومحترقة وكأنها عمياء صمَّاء، لا تعرفُ عن الهجوم إلا بعدَ أن تشتعل النيرانُ في أجنحتها الذابلة..
ويُعلنُ الفرنسي والبريطاني بأنَّ راداراتهم، وطائراتهم المتحركة في الجو لأربع وعشرين ساعة عاجزة عن رؤية هذا النوع من الطائرات البدائية اليمنية المرعبة…
كانتْ الأعينُ مفتوحة، من البحر، والبر والجو، تراقب كل طائر يطير، وكل فراشة تتحرك، وكل جرادة تضل طريقها وتصعدُ إلى الأعلى؛
لكنَّ اليمانيون رأوا أنه من الواجب تغيير الوجَبات، ولابد من إكرام الضيوف بطعام جديد، خاصة وقد اجتمعوا من كل بلاد وجنسية، ومن كل حدبٍ وصوب، وخبأوا ما تبقى من تكنولوجيا حديثة في مكان بعيد، وظنوه آمنًا ومطمئنًا…
فجاء المجنح، لا يثير غبارًا لقربه من الأرض، ولا يصطدم بطائرة إن ارتفع في الجو، يصعد ويهبط، وكأنه صقر شاهين، يلاحق طرائدة،
إنه صقر لكن حجمه بالأطنان، وطوله بالأمتار، وحمولته من سعَّير، وصل الأمير ابن الأمير؛ إلى مطار أبها، ولم يجد في استقباله طلقات الترحيب، ولا أصوات الترغيب، ولا صفارات الترهيب..
فتقدم بنفسه، وعرف عن شخصه، بالوصول إلى مركز القيادة والسيطرة، وهبطَ بكل قوة؛ وتوزعَ جنوده في كل مكان؛ وأبعدَ الحديد والزجاج والكراسي والشاشات، وأخذ يبحث عن الطائرات الأجنبية، والصواريخ الأمريكية النائمة، ومخازن العتاد الصهيونية، واشتعلت الحرائق في طريق كل جندي من جنوده المتوزعين في كل الأرجاء…
وخرج بنو سعود ليصيحوا ويبكوا وينادوا العالم، وما زالوا حتى اللحظة على هذا الحال…
ولن يجدوا حلاً فوق هذه الأرض يحميهم من بأس أولي البأس؛ إلا أن يكفوا عدوانهم ويوقفوا حصارهم، وإلاَّ فإنها كما قال القائد العَلم؛
المطار بالمطار والميناء بالميناء والقادم أعظم!

قد يعجبك ايضا