واشنطن/
خديعة جديدة تُحضّرها الإدارة الأمريكية للالتفاف على القضية الفلسطينية وتصفيتها عبر العرب وضدهم، ومن حسن حظ الإسرائيليين أن بعض العرب ينساقون خلف مطالب واشنطن حتى لو كانت هذه المطالب ضدّهم ويوقّعون على بياض للإدارة الأمريكية دون حتى أن يعرفوا الخلفيات التي تعمل عليها أمريكا.
مؤتمر المنامة الذي يعقد في 25-26 يونيو الحالي في دولة البحرين، هو خير مثال على تورّط بعض العرب في تصفية القضية الفلسطينية، ومن المتوقّع أن يشهد هذا المؤتمر إطلاق الجزء الاقتصادي من “صفقة القرن”.
بعض الدول سارعت إلى إعلان حضورها هذا المؤتمر مثل السعودية والإمارات والبحرين ، على اعتبار أنها تستضيف أعمال المؤتمر، إلا أنّ دولاً أخرى مثل الأردن ومصر لم تعلن بشكل رسمي المشاركة حتى اللحظة، وهذا ما جعل الإدارة الأمريكية تقلق حيال نجاح هذا المؤتمر، وحالياً تضغط الإدارة الأمريكية على الدول العربية للمشاركة في أعمال المؤتمر لأن عدم إعلان مشاركتهم سيصعّب الأمور في طريق تحقيق بنود “صفقة القرن”.
وبحسب المحلل باراك رافيد، فإن الإدارة الأمريكية مارست ضغوطاً كبيرة على كل من الأردن ومصر والمغرب وعُمان والكويت، لدفعها إلى إعلان مشاركتها العلنية في الورشة الاقتصادية، كي تتمكن الإدارة الأمريكية- لاحقا- من تقديم دعوة علنية لـ”إسرائيل”، وذلك على ضوء الدعوات الفلسطينية للدول العربية بمقاطعة المؤتمر.
وفي المقابل هناك حملة مضادة تقودّها القوى الفلسطينية لإفشال مؤتمر المنامة والحيلولة دون مشاركة الدول العربية فيه، وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت أنها ستقاطع مؤتمر البحرين، ولا تعتبر ترامب وسيطاً نزيهاً بعد اعترافه بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قال إنه لم يتم التشاور مع الفلسطينيين بشأن المؤتمر “لا من ناحية المدخلات أو المخرجات أو التوقيت”.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أن حلّ الصراع يجب أن يكون سياسياً ويتعلق بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أمس الأول إن الإدارة الأمريكية تستهدف ازدهار المستوطنات الإسرائيلية وليس الفلسطينيين عبر ورشة عمل ستنظمها في البحرين هذا الشهر.
وقال عريقات في تغريدة على (تويتر): “يريدون استبدال مبدأ الأرض مقابل السلام بالمال مقابل السلام، مشاريع الكهرباء والمياه والمجاري والطرق ستكون مشتركة مع المستوطنات” الإسرائيلية، وأضاف عريقات “إنها حقاً ورشة عمل لازدهار المستوطنات”.
التاريخ يثبت أن أمريكا لا تريد إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي منحازة كل الانحياز للجانب الإسرائيلي وما تفعله مع الفلسطينيين مجرد وهم لخداعهم من جديدة.
الآن وفي حال قبل الفلسطينيون بالمشروع الأمريكي الجديد من سيضمن أن واشنطن لن تمضي في مشروع جديد يستهدف تصفية القضية الفلسطينية؟!
وإذا كانت أمريكا جادّة فيما يخصّ مساعدة الفلسطينيين فلماذا أوقفت واشنطن دعم وكالة الأونروا البالغ قيمته 360 مليون دولار، وأوقفت الدعم المادي للحكومة بقيمة 250 مليون دولار، والمعونات الإنسانية المقدمة للجمعيات الخيرية بقيمة 225 مليون دولار، وأوقفت الدعم المقدم للخدمات الصحية والمستشفيات، البالغ 90 مليون دولار.
“إسرائيل” لن تشارك
في الجانب الآخر كشف مسؤولون إسرائيليون أن “إسرائيل” لم تتلق بعد دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر البحرين الذي تقوده أمريكا والذي يتوقّع أن يشهد إطلاق الجزء الاقتصادي من “صفقة القرن”.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن عدم تلقّي “إسرائيل” دعوة رسمية لحضور المؤتمر يعدّ مؤشراً على الصعوبات التي يواجهها مؤتمر البحرين نتيجة للضغوط الفلسطينية على الدول العربية والإسلامية من أجل عدم حضور المؤتمر.
ونقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين أن أمريكا تشعر بالقلق من أن مصر والأردن ودولاً عربية وإسلامية أخرى لم تنشر بيانات عن نيتها في حضور المؤتمر.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن جاريد كوشنر- مستشار الرئيس ترامب وصهره الذي يتولّى مسؤولية ملف تسوية القضية الفلسطينية في البيت الأبيض- أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال اجتماعهما في القدس في 30 مايو أن أمريكا تنتظر ردّ المزيد من الدول -خصوصاً الدول العربية والإسلامية – على الدعوة لمؤتمر البحرين، وعندها ستعلن واشنطن دعوة “إسرائيل” رسمياً للمؤتمر.
ومن جانبه قال المحلل الإسرائيلي باراك رافيد إن السعودية والإمارات فقط أعلنتا رسمياً مشاركتهما في المؤتمر إضافة للبحرين باعتبارها الدولة المضيفة، ونقل رافيد عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو اجتمع مؤخراً بوزير المالية موشيه كحلون لبحث المشاركة الإسرائيلية، وأضاف المصدر أن كحلون يدرس زيارة أمريكا قبيل انطلاق الورشة الاقتصادية للتنسيق مع وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين والاجتماع مع غاريد كوشنر، حول المسائل التي سيتم بحثها في المؤتمر.
الأمم المتحدة لن تشارك
وفي وقت سابق أعلنت الأمم المتحدة أنها لن تشارك في مؤتمر السلام خاصة الجانب الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية بين “إسرائيل” والفلسطينيين التي ستعقد في البحرين.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة فرحان حق ردّاً على سؤال بشأن حضور الأمم المتحدة المؤتمر: “في هذه المرحلة، لم أبّلَّغ بحضور أي شخص”.
ويستعد جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره منذ أشهر لكشف خطة للسلام بين “إسرائيل” والفلسطينيين، ولمّح كوشنر إلى أن أمريكا لن تمارس ضغوطاً من أجل إقامة دولة فلسطينية.
ولم تتوقف المساعي الأمريكية لتنفيذ صفقة القرن عند “ورشة” المنامة، بينما امتدت لتشمل منظمة الأونروا للاجئين، حيث دعت واشنطن إلى ضرورة حلّها.
في الختام.. أكد الفلسطينيون أن أمريكا تهدف إلى تصفية القضية عن طريق خطة كوشنر التي تحاول إخراج الصراع من إطاره السياسي إلى الاقتصادي، مؤكدين أن فلسطين لن تسمح بتمرير تلك الصفقة.