في ظل التصعيد الأمريكي ضد إيران وبينما تستضيف السعودية ثلاث قمم عربية وخليجية وإسلامية لإظهار التوحد في مواجهة الجارة المسلمة إيران، تستعد الجمهورية الإسلامية لتنظيم مسيرات جماهيرية إحياء ليوم القدس العالمي الذي نادى به الإمام الخميني الراحل قبل أربعين عاما ليکون ترجمة عملية للمقولة العلوية الشهيرة: “کونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا”.
ويحيي الفلسطينيون والعالم الإسلامي اليوم الجمعة يوم القدس العالمي في الوقت الذي تتعرض فيه هذه المدينة المقدسة لحرب تهويد شاملة عبر تكثيف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات الاستيطان والتطهير العرقي فيها وتهجير المقدسيين منها بهدف طمس المعالم العربية والإسلامية والمسيحية للمدينة.
وقال أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن يوم القدس العالمي هو مناسبة للتأكيد على أن القدس للفلسطينيين وأن الاحتلال زائل لا محالة مبينا أن أفضل رد على استهداف واشنطن والاحتلال للقدس هو استمرار المقاومة من أجل الدفاع عن القدس وحضارتها العربية والإسلامية والمسيحية.
کما لفت عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض إلى أن القدس تتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل الأمر الذي يتطلب الدفاع عنها وحماية هويتها العربية عبر تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، موضحا أن “صفقة القرن” تستهدف بالأساس القدس وحضارتها ولذلك يجب التصدي للمحاولات الأمريكية الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد المدينة.
تعيش منطقة غرب آسيا، وخاصة منطقة الخليج الفارسي تصعيدا سياسيا وإعلاميا لم يسبق له مثيل منذ الحرب العراقية المفروضة ضد إيران وإن وتيرته تصاعدت منذ تولي دونالد ترامب الإدارة الاميركية.
وإذا نظرنا إلى صفقات بيع الأسلحة إلى کل من الأردن والسعودية والإمارات، ومحاولات أمريکا الرامية إلی التخويف مما یسمی “البعبع الإيراني”، وإذا ما أمعنا النظر أيضا في محاولات الولايات المتحدة لتمرير ما يسمى “صفقة القرن” وحول إيران ومحور المقاومة أمام تمرير هذه الصفقة، فقد علمنا السر وراء کل هذه الضغوط والتصعيد السياسي ضد إيران الإسلامية.
ومنذ تأسيس الكيان الإسرائيلي قبل أكثر من 70 عاما، بذلت جبهة الاستكبار كل ما أوتيت من قوة لتوفير الأمن والحماية للكيان اللقيط، بل عمل على تأسيس أنظمة في المنطقة توفر له الحماية التي كانت في الماضي سرية وخفية، واليوم أصبحت علنية، ومن هذه الأنظمة نظام آل سعود، الذي يتحدث باسم الإسلام، ولكنه يقدم اكبر الخدمات للكيان الصهيوني والإرهاب العالمي.
ورغم كل هذه المؤامرات التي كانت السعودية ضالعة فيها، إلا أنها لم تتمكن من مسح فلسطين وقضيتها من ذاكرة الأمة، ولا من ضميرها، فبقيت هذه القضية حاضرة على مدى العقود يتوارثها جيلاً بعد جيل. إلى أن مكّن الله الشعب الإيراني بانتصار ثورته، فكان أول ما قام به الإمام الخميني (رضي الله عنه) أن أعلن بعد أشهر من انتصار الثورة، يوما عالميا للقدس في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، الأمر الذي کان بمثابة ترجمة عملية للمقولة الشهيرة: “کونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا”، کما بث روحا جديدة في جسد فلسطين الهامد، ووسع من نطاقها العربي الضيق فأصبح يوما لكل الأحرار في العالم.
ومن فوائد هذه المسيرات المليونية هي استمرار روح الجهاد لدى أجيال الأمة الإسلامية، کما أنها تساعد في بث الوعي واليقظة لدى أبناء الأمة الإسلامية، وعدم خضوعهم للمستکبرين الطغاة وتعزز لديهم الشعور بالوحدة والتضامن.
وقد أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد علي خامنئي أن ما يسمى “صفقة القرن” ستؤول إلى الفشل رغم مخططات أميركا وعملائها لتمريرها.
وأشار إلى أن يوم القدس العالمي يتسم بالمزيد من الأهمية خلال العام الجاري مقارنة بالأعوام السابقة، داعياً إلى المشاركة في مسيراته بصورة ملحمية.
ولفت إلى أن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المضطهد يكتسب جوانب دينية وشرعية فضلا عن الجانب الإنساني.
من جهته أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن القدس ليست ملكا للرئيس الأميركي ترامب ليمنحها لأحد ولن يستحوذ عليها نتنياهو إطلاقا.
وفي كلمة له مساء الأربعاء أضاف ظريف انه لا خطر أكثر إيلاماً من أن يدّعي نتنياهو الملطخة يداه بدماء الكثير من المسلمين، الصداقة مع حكام في دول إسلامية.
کما دعت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أصدرته أمس الخميس الدول الإسلامية للعمل على منع تمرير “صفقة القرن” الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأضافت: إن ظروف فلسطين والمنطقة اليوم تستوجب من الشعوب والحكومات الإسلامية الحفاظ أكثر مما مضى على الوحدة والتضامن امام الكيان الصهيوني والحفاظ على أقصى درجات اليقظة أمام هذا العدو المشترك ومقاومة مخططات هذا الكيان وحماته الرامية لإثارة التفرقة في صفوف الأمة الإسلامية ونسيان القضية الفلسطينية بصفتها القضية الجوهرية للعالم الإسلامي ومنع تمرير صفقاتهم السياسية التساومية كالمشروع المسمى “صفقة القرن” وتنظيم مؤتمر الخداع والتضليل في البحرين.
من جانبه دعا رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري الشعب الإيراني للمشاركة الواسعة في مسيرات يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، مؤكدا أن قضية فلسطين والقدس لن تمحى.
بدوره أكد أمين عام المجمع العالمي للصحوة الإسلامية علي اكبر ولايتي في بيان عشية يوم القدس العالمي ان خيار المقاومة هو الخيار الأفضل والوحيد لحل القضية الفلسطينية .
وأكد أن المجمع العالمي للصحوة الإسلامية وضمن دعمه مبادئ فلسطين والقدس الشريف يدعو جميع الأمة الإسلامية والأحرار بالعالم الى المشاركة المليونية والملحمية في مسيرات يوم القدس العالمي لإحباط المآرب والسياسات والمخططات الظالمة والأحادية للصهيونية العالمية والاستكبار العالمي وإعلام الدعم الشامل للشعب الفلسطيني المظلوم.
من جهته اعتبر حرس الثورة الإسلامية، في بيان له، ما يسمى “صفقة القرن” بأنها برهان على فضيحة أدعياء الديمقراطية وحقوق الشعوب، داعيا أفراد الشعب إلى المشاركة الملحمية في مسيرات يوم القدس العالمي.
وأضاف البيان، ان القضية الفلسطينية المليئة بالاتراح والأحزان، دخلت مرحلة جديدة من خلال مخطط خائن يسمى “صفقة القرن”، الأمر الذي جعل الانتفاضة الفلسطينية تتجاوز حدود الأراضي المحتلة، لتتحول إلى انتفاضة عالمية دولية.
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني بأن إعلان يوم القدس العالمي هو رسالة الثورة الإسلامية لإحياء القضية الفلسطينية في العالم ،مشيرا إلى أن خيانة بعض الدول العربية طوال العقود الأخيرة بحق فلسطين تحولت اليوم إلى ما يسمى “بصفقة القرن” وذلك لتدمير فلسطين بشكل كامل.
کما وجّه عدد من مراجع التقليد والعلماء في قم المقدسة نداءات منفصلة دعوا فيها الشعب الإيراني المؤمن و الثوري للمشاركة الجماهيرية في مسيرات يوم القدس العالمي.
وتترقب إيران الإسلامية وسائر أصقاع العالم الإسلامي مرة أخری مسيرات مليونية في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك تلبية لنداء الإمام الخميني الراحل في الدفاع عن القضية الفلسطينية وللتنديد بجرائم الصهاينة وحلفائهم في المنطقة والعالم. ولا شك في أن مثل هذه المسيرات الجماهيرية ستقض مضاجع الصهاينة الظالمين وستفشل مخططاتهم.