التكافل الاجتماعي في رمضان
عبدالفتاح علي البنوس
التكافل والتراحم من السجايا والخصال والفضائل السامية التي ما إن تسود في أوساط أي مجتمع إلا ويعم فيه الخير وتنزل على أفراده خيرات الأرض وبركات السماء ، وتختفي منه مظاهر الفقر والعوز والفاقة ، لنجد أنه لم يعد هنالك من جائع ولا عار ولا محتاج على الإطلاق ، ومما لا شك فيه أن الإسلام حث على هذه الفضيلة وأفرد لها حيزا من اهتماماته نظرا للأهمية التي تكتسبها، والآثار الإيجابية المترتبة عليها، فلو تراحم الناس وتكاتفوا وتعاطفوا بالشكل المطلوب الذي يرضي الله ورسوله لشاهدنا تراجعا ملحوظا في حالات السرقة والسطو، فهناك من يسرقون من أجل تدبير حاجياتهم الأساسية بعد أن تقطعت بهم السبل ولم يجدوا حيلة غير السرقة وخصوصاً في ظل الظروف الراهنة التي خلَّفها العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني الغاشم، وإن كانت غير مبررة للسرقة ولكننا هنا نتطرق إليها في سياق استعراض الآثار المترتبة على غياب التكافل والتراحم في أوساط المجتمع.
ونحن في رحاب الخواتيم الرمضانية المباركة والغالبية العظمى من الأسر اليمنية تستعد لاستقبال عيد الفطر المبارك بشراء حاجيات العيد من ملابس للأطفال ( وجعالة العيد) وغيرها من متطلبات العيد الضرورية ،هناك الكثير من الأسر الفقيرة المتعففة القابعة في منازلها تشكو إلى الله فاقتها وفقرها وعدم قدرتها على تلبية أبسط متطلبات العيد وتواجه إحراجات يومية من أطفالها الذين يطالبونها بشراء كسوة العيد أسوة بجيرانهم وأقاربهم ليشاركوهم فرحة العيد السعيد ، هناك الكثير من الأسر التي تحتاج إلى مد يد العون والمساعدة والإحسان إليها في هذه الأيام الفضيلة ، وهنيئا لمن جاد وأعطى وأنفق على هؤلاء ، وشارك في رسم الابتسامة على محيا أطفال الأسر الفقيرة والمحتاجة وعلى وجه الخصوص الأسر المتعففة التي يحسبها الناس من الأسر الميسورة الحال ، ولم يحصل منها أن مدت يدها للآخرين تنشد منهم المساعدة وتقديم يد العون.
نحن في ليالي القدر وهي ليال للبذل والعطاء والجود والإحسان ، فيا من فتح الله عليكم، وأسبغ عليكم نعمه من التجار ورجال المال والأعمال والميسورين من كبار المزارعين وأصحاب المهن الحرة ، لن تجدوا أفضل من هذه الأيام والليالي لتقديم صدقاتكم ومساعداتكم ، تلَّمسوا أوضاع أقاربكم وأرحامكم وجيرانكم ، ابحثوا عن الأسر المتعففة التي لا تسأل الناس إلحافا ، دعوا عنكم التباهي بالعمرة والاختباء في العشر الأواخر لحرمان الفقراء والمحتاجين من صدقاتكم ومساعداتكم ، دعوا عنكم الرياء وصفِّ الناس ذكورا وإناثا أمام منازلكم ومحلاتكم واحرصوا على إيصال المساعدات والصدقات للمستحقين المتعففين ، فثمرة الصدقة تتحقق مع هؤلاء والأجر يكتمل بتقديم العون والمساعدة لهم ، وليكن لأبناء الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين نصيب من صدقاتكم ومساعداتكم في هذه الأيام وستلمسون بركات ذلك في حالكم ومالكم وتجارتكم وأولادكم.
بالمختصر المفيد: التكافل في ظل العدوان وفي رمضان وتحديدا في العشر الأواخر منه فرصة قد لا تعوض، وسيحرم من يمتلكون المال من الأجر الكبير إن هم تقاعسوا أو تكاسلوا عن القيام بها واغتنامها ، والكل معني بالتكافل والتراحم في حدود ما هو متاح لهم من إمكانيات ، والكل معني بأن يسهموا في تبصير وإطلاع التجار والميسورين وأهل الخير على الأسر المتعففة المستحقة للمساعدة ،ولن يحرموا من الأجر والثواب ، فالدال على الخير كفاعله، بالتكافل نقهر العدوان ، ونعزز عوامل الصمود والثبات والتحدي ، بالتكافل تسمو وترتقي المجتمعات وتستقر الحياة وتطمئن القلوب وتسمو النفوس ، فالله الله في ذويكم وأرحامكم وجيرانكم والفقراء والمحتاجين في حيكم وقريتكم ومدينتكم لا تتفرجوا عليهم وعلى معاناتهم ، تراحموا يرحمكم الله.
صوماً مقبولاً ، وذنباً مغفوراً ، وعملاً متقبلاً ، وإفطاراً شهياً ، ونصراً مرتقباً بإذن الله وتوفيقه وتأييده.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.