بازار ميدان التحرير بمدرسة عبد الناصر يشهد إقبالاً منقطع النظير في أيام وليالي رمضان لتشجيع المنتجات الوطنية
الأُسَرُ المُنتِجَةُ داعم أساسي للاقتصاد الوطني ورُمحٌ اخترق قلب العدوان
استطلاع وتصوير/ إيمان الحنظلي
تشهد الأسر اليمنية منذ العدوان السعودي الإماراتي على اليمن نقلة بنيوية حقيقية في مختلف المجالات الحياتية يلمسها المجتمع يوما بعد آخر من خلال الاهتمام بإبراز الحرف اليدوية والمهن ومجالات الانتاج والصناعات الصغيرة التي انخرطت فيها الأسر المنتجة، وتشارك مؤسسة بنيان التنموية في تأسيس ذلك الاتجاه عبر تقديمها العديد من المبادرات والخدمات والمشاريع ذات الهدف التنموي المستدام، لبناء الانسان اليمني ونهضة مجتمعه.
في البازار الرمضاني الذي تشارك فيه 50 أسرة منتجة حالياً في منطقة التحرير بمدرسة جمال عبد الناصر رصدت عدسة ” الثورة ” العديد من الآراء للأسر المنتجة والزوار والقائمين على البازار وكانت الحصيلة ما يلي:
تطلعات وطنية
البداية كانت مع الأخت/ أسماء المشرقي مديرة مشروع “سويت يمن” لتصنيع الشوكولاته التي تحدثت قائلة: بدأ مشروعي إثر العدوان الغاشم والحصار الخانق على بلادنا, استشعارا مني بواجب المساهمة في رفع جزء من المعاناة التي يمر بها الشعب اليمني العظيم الصامد, مشروعي كان ضمن نتاج الجهود التي تبذلها مؤسسة بنيان في تأهيل الأسر المنتجة لخلق فرص العمل, وتحسين مستوى المعيشة لدى المواطنين اليمنيين من أجل تنمية الاقتصاد الوطني, الذي يقوي الشعب اليمني ويساعده على الصمود ومواجهة العدوان الجبان, وكسر حصاره الذي بات لا يعني لنا شيئاً اذا ما كنا أسراً منتجة لا مستهلكة, وأتطلع إلى أن يصبح الشعب اليمني بأكمله شعباً صناعياً وإنتاجياً.
فرص الإبداع
شاركتها الحديث الأخت/ وئام محمد أحمد نعمان، مديرة ادارة في هيئة استكشاف وإنتاج النفط التي وجدت نفسها بعد انقطاع مرتبات الدولة نتيجة حصار دول العدوان عاطلة عن العمل قائلة: في ظل حصار العدوان الخانق وانقطاع المرتبات لا يجب أن يتوقف الإنسان، فالأزمات من هذا النوع تخلق فرصاً للإبداع والتطور والانجاز في ظل الحصار، لقد تحولت من موظفة حكومية أنتظر الراتب إلى صاحبة مشروع خاص أنتج وأوزع منتجاتي وأبدع فيها، واتمنى من كل فرد يمني أن يتجه للأعمال الخاصة المنتجة.
أنامل ذهبية
وفي إحدى زوايا البازار كان هناك معلمة اللغة العربية في إحدى المدارس الخاصة التي أغلقت أبوابها أمام المعلمات والطالبات نتيجة الأوضاع التي سببها العدوان على اليمن, فاتجهت للعمل الانتاجي مكونة مشروعها “أنامل ذهبية ” قائلة: بعد فقداني العمل كمدرسة اتجهت إلى عمل يعين أسرتي على المعيشة ويحسن مستواي المادي, بدايتي كانت من خلال البحث وتعلم أعمال الكروشيه “خياطة الصوف” من الشيلان, جوارب الأطفال والنساء, الكوافي, وغيرها, بعد ذلك تعلمت صناعة العطور والبخور, وأتقنت صناعة الاكسسوارات والمشغولات اليدوية .
وتضيف : هناك صعوبات تواجه الأسر المنتجة تتمثل في غلاء أسعار المواد الخام، وعدم إيجاد الأماكن الكافية لاستيعاب تلك المنتجات، وتأمل من الجهات والمؤسسات الداعمة توفير تلك المواد بأسعار رمزية، للسعي نحو الاكتفاء الذاتي والمحلي والاستغناء عن المنتجات المستوردة من أجل الوصول لأعلى جودة ليأخذ المنتج المحلي مكانته الأولى في دعم الاقتصاد الوطني والعملة المحلية وتشغيل أكبر عدد من الايادي العاملة.
الاتجاه نحو الصناعة
بدورها المنتجة/ ميرفت حميد المغلس تقول: لابد لليمنيين أن يتجهوا إلى التصنيع والانتاج والزراعة ويعيدوا مجد الآباء والأجداد ولن تكون قوتنا إلا في الاقتصاد القوي، الذي سيهزم العدوان ويرفع مكانة اليمن في العالم.. مشيرة إلى المعوقات التي تواجهها الاسر المنتجة كعدم توفر بعض المواد الجيدة، وانخفاض القوة الشرائية نتيجة أوضاع البلاد القاسية التي سببها الحصار والعدوان.
أسواق متاحة
من جهتها تتحدث / أم أسد قائلة : بداية مشروعي كان منذ بداية العدوان الغاشم وانقطاع الرواتب, بدأت أفكر في مشروع استطيع من خلاله أن اكفي اسرتي ذاتيا دون اللجوء إلى أحد, كانت البداية من ” المعرض الدائم للأسر المنتجة”, ذهبت إلى هناك وشاركت منذ الافتتاح وأصبح لدي نقطة بيع ثابتة في مجال العطور والبخور, الحمد لله أصبحت اشارك في كل المهرجانات والبازارات, والشكر لمؤسسة بنيان التنموية التي تدعمنا وتقوم بعمل جبار كتوفير المكان وفتح الأسواق لمنتجاتنا عبر البازارات المتكررة, ويكفي انهم وفروا المكان بالمجان خلافاً لبعض البازارات التي تقيمها بها بعض المؤسسات مقابل دفع رسوم.
ثقافة الانتاج
وتنشد الأخت/ سكينة حسين المتوكل الوصول بالبلد إلى الاكتفاء الذاتي قائلة: نقوم بتصنيع المنظفات والمطهرات بجودة تفوق المنتج الخارجي وبأسعار منافسة, ونحن نهدف إلى التقليل من الاستيراد الخارجي والوصول بالبلد إلى الاكتفاء الذاتي, كما نساهم في تشغيل الايادي العاملة, وتفعيل خريجي بعض الكليات, كعلوم الكيمياء والصيدلة في الانتاج والاستخلاص, وتشغيل عمال للتوزيع والتعبئة والتغليف والحسابات وتطوير الصناعات الكيميائية, لتصنيع واستخلاص الزيوت والعطور والمواد الطبية, ونشكر مؤسسة بنيان لعملها الجاد والمساهمة في انتشار وعرض منتجات الاسر المنتجة عن طريق البازارات وإدخالها ضمن ثقافة المجتمع لتشجيع المنتج المحلي, والاكتفاء به دوناً عن المنتج الخارجي, كما أتوجه بالنصيحة لكل أسرة يمنية بالتوجه لفتح مشروع منزلي صغير يناسب قدراتهم ويعود عليهم وعلى مجتمعهم بالفائدة الكبيرة, وعلى الوطن الذي سنبنيه معاً بأيدينا للتخلص من قيود الحصار الجائر والظالم, ونحن لها.
أيادي الصمود
وفي صمود كما هو اسم مشروعه يقف الطفل / محمد نزار الحكيم, الذي يدرس في الصف التاسع, عارضاً عطوراته الجميلة, من صنع يديه الصغيرتين, وقد خط مشروعه باسم أيادي الصمود, تيمناً بدور والده البطولي في الدفاع عن الوطن ومقارعة العدوان, الذي أسر بعد أن نكل بالأعداء في جبهات العزة والكرامة, يقول محمد: بعد أن أسر العدوان السعودي والدي, أصبحت أنا العائل لأخوين وجدة، فاتجهت لصناعة العطور مستفيدا من الدعم الذي تقدمه مؤسسة بنيان في مجال الترويج والتسويق للمنتجات, وأطمح إلى أن أمتلك محلاً خاصاً, وأكسر الحصار كما سيكسر والدي قيود العدوان.
منتجات شهية
وفي قسم الحلويات والمعجنات والأكلات الشعبية كانت المنتجة/ حياة صالح الحماطي تقوم بعرض منتجاتها الشهية قائلة : هناك اقبال من الزوار، والمبيعات جيدة.. مضيفة أنها تغطي جميع احتياجات اسرتها اليومية من مأكل ومشرب وملبس وايجار، وتسعى للوصول إلى الاكتفاء الذاتي خصوصا بعد انقطاع المرتبات جراء العدوان الغاشم على بلادنا، وتختتم قائلة : سنظل صامدين ومكافحين.
كل مصنوع مبيوع
من جهتها سبأ سيلان/ من جمعية البراءة لكفالة الايتام تقول: بعد أن واجهتنا الظروف المادية وصعوبة الاعتناء بالأيتام قمنا بفتح معملين للخياطة والمعجنات، وشغلنا الأيادي العاملة من الايتام والأسر الفقيرة، وما نحصل عليه من الدخل يعود إلى المساعدة في المصاريف التشغيلية والمشاريع التي يتم تنفيذها للأيتام، هذا البازار أتاح لنا فرصة المشاركة المجانية، وفتح سوقاً لبيع منتجاتنا، ومن هنا أدعو المستهلكين إلى تشجيع المنتج المحلي، كما أدعو الاسر اليمنية إلى اكتساب حرفة ولو بسيطة فكل مصنوع مبيوع، والعمل المتقن يبيع نفسه.
لن ننتظر المعونات
وللأسر النازحة نصيب من العمل والانتاج فقد توجهت الأخت / زينب سلطان – نازحة من محافظة تعز – إلى عمل مشروع صناعة وبيع الاكسسوارات وعن ذلك تقول : تحسنت اوضاعي وبدأت اصرف على بيتي، فلا يعني أننا نازحون أن ننتظر المعونات, بل يجب أن نعتمد على انفسنا ونثبت للعالم أن اليمنيات قادرات ومبدعات, وتضيف أن هذا البازار فتح لهن سوقاً دون تكاليف أو أعباء تجارية وساعدهن في عرض منتجاتهن كنوع من الدعم والتشجيع والاستمرار.
مشروع العسل
وتتحدث أم محمد قائلة: لبيت كلمة السيد القائد عبد الملك الحوثي، والرئيس الشهيد صالح الصماد، “يد تحمي ويد تبني “، وبدأت في تطوير مشروعي ومشروع زوجي الشهيد في صناعة العسل والطحينية، وتوكلت على الله، فعزنا لن يكون إلا عندما نصبح شعباً منتجاً.
النهوض بالاقتصاد الوطني
وأثناء تجول الزوار كان لنا اللقاء بالأخ/ يحيى محمد رسام وزوجته وهما يبتاعان بعض المنتجات ، فبادرنا الزوج قائلا: نخن هنا لتشجيع الحرف اليدوية والمنتج المحلي، ولا يكفي أن تكون الصناعة محلية وبأيادٍ يمنية، بل يجب أن تكون المواد الخام ايضا يمنية، أتمنى على الجميع تشجيع الحرف اليدوية مهما غلا ثمنها، وأن نساعد في النهوض بالاقتصاد الوطني والاكتفاء الذاتي، وأن نحافظ على قيمنا الحضارية ونكسر الحصار الظالم، وعلى الحكومة التوجه لبناء معامل لتعليم أبنائنا الحرف والمهن ليعينوا أنفسهم في ظل هذا الحصار.
وتضيف زوجته أنها لمست أنامل الابداع في تلك المنتجات، وقد اشترت العديد منها وجربت بعضها سابقا كمواد التنظيف وكانت أفضل جودة وسعرا، متمنية أن تتطور تلك السلع وتتوسع لتلبي حاجات السوق المحلي.
سلع يمنية متكاملة
إلى ذلك أشاد أحد المتسوقين – الأخ/ احمد علي الحاج – بما شاهده من المنتجات المختلفة قائلا: وجدت في هذا البازار سلعاً متكاملة جميلة وأسعارها مناسبة جدا، ووقت العرض متاح لكل فئات المجتمع ، مضيفا أن الأسر المنتجة أصبح لديها عزيمة وإرادة لتخطي الحصار ومسابقة الزمن لبناء اقتصاد اليمن وتنميته.
تمكين الأسر المنتجة
بدورها ضابط مشروع الأسر المنتجة بمؤسسة بنيان التنموية أحلام أمين الضياني تقول: ضمن برنامج تنمية وتمكين الأسر المنتجة تقيم مؤسسة بنيان التنموية البازار الرمضاني للأسر المنتجة في ساحة مدرسة جمال عبد الناصر, الذي افتتح بتاريخ 15 رمضان, ويستمر حتى 28 رمضان, ويحتوي هذا البازار على عدد من المنتجات المحلية : ملابس واكسسوارات وحقائب وبخور وعطور, والمنظفات بأنواعها, وكذلك المعجنات والحلويات.. وكلها منتجات محلية الصنع, والبازار يضم اكثر من 50 أسرة مشاركة سواءً من الأسر المشاركة في المعرض الدائم للأسر المنتجة, أومن خارج المعرض, ومازال المجال مفتوحاً لبقية الأسر المنتجة للمشاركة, تم تجهيز المكان مجاناً بجميع مستلزماته تسهيلا للنساء المبدعات والأسر المنتجة, كي نثبت اننا شعب نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع, وإن شاء الله سنكتفي ذاتياً ونغطي جميع احتياجات السوق المحلي, ونكتفي من استيراد المنتجات الخارجية, ونستبدلها بمنتجاتنا المحلية, ونحن فخورون بجميع الأسر المنتجة وسنحول معاً التحديات الى فرص بإذن الله.
مسؤولية وتوجيه
ختاماً التقينا بنائب المدير التنفيذي لشؤون المرأة بمؤسسة بنيان للتنمية أروى حميد الدين التي أوضحت بالقول:
تستند بنيان في مسيرتها إلى مبدأ التنمية المستدامة, لتحسين نوعية الحياة, مع الأخذ في الاعتبار حقوق الاجيال الجديدة في حياة مزدهرة, وبالتالي التعامل مع ثلاثة أبعاد رئيسية: الاقتصادية, الاجتماعية والبيئية, وتنظر الاستراتيجية إلى تكافؤ الفرص للجميع, وإغلاق فجوات التنمية, والاستخدام الفعّال للموارد, لضمان حقوق الاجيال ألقادمة, كما أن من أهداف مؤسسة بنيان التنموية – قطاع شؤون المرأة – تأهيل وبناء قدرات المرأة اليمنية, ومن ثم تمكينها من تخطي العوائق وتذليل الصعوبات التي تحول دون انطلاقتها, للمشاركة في كافة الانشطة والبرامج, لتغدو نواة مثمرة بل ورائدة في مجال التنمية المستدامة على المستوى المحلي عند الانطلاقة, ثم على المستوى الاقليمي والدولي بعون الله مستقبلا.
وتضيف أروى حميد الدين: لا يمكن تحقيق التمكين الاقتصادي أو التنمية الاجتماعية والاستدامة البيئية دون دور فاعل للنساء، وتأتي الجهود المبذولة من قبل مؤسسة بنيان في إطار تحملها المسؤولية الاجتماعية، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين في ظل العدوان الغاشم.
وتؤكد حميد الدين قائلة: مع تزايد أعداد الشهداء وبقاء الاسر بلا معيل كان على الأسر أن تخرج لتقاوم الحرب الاقتصادية, فخرجت المرأة اليمنية ساعية لرزقها, بعد أن وفرت لها “بنيان” الدورات المجانية التي يقيمها مركز خيرات للتدريب في عدة مجالات، وقد التحقت بهذه الدورات وتعلمت حرفة تدر عليها ما يكفيها وأسرتها, وأمام هذه الهمم العالية لدى هذه الأسر المنتجة كانت “بنيان” لهن خير سند ومعين, حيث وفرت لهن معرضاً لبيع منتجاتهن, وأقامت البازارات بين الحين والآخر, لتشجيعهن على مزيد من الانتاج, ولتسهل عليهن فكرة تسويق منتجاتهن بصورة تدر عليهن المزيد من الارباح.
وتختتم نائب المدير التنفيذي لشؤون المرأة قائلة: من خلال هذه الصحيفة أشد على أيدي الأسر، وأناشدها بالحرص على الجودة في الانتاج، للمنافسة في الاسواق، وإيصال اليمن إلى مصاف الدول المنتجة ذاتياً، بهذه الاسر نفتخر ونتطلع للمزيد من الابداعات المتميزة بجودتها وذوقها، سائلة المولى أن يوفقهن في مسيرتهن العملية للارتقاء باليمن ومنتجات أياديهن.