السعودية وتدخلاتها في اليمن
محمد الوجيه
لم يكن تحالف العدوان بقيادة السعودية هو التدخل الأول في اليمن وشؤونه الداخلية من قبل النظام السعودي وانما جاء هذا العدوان بعد سلسلة من التدخلات السعودية المباشرة وغير المباشرة على مدى عقود مضت.
السعودية تخاف من يمن قوي وموحد الى جوارها، فالباحثين في العلوم السياسية والعلاقات الدولية يفسرون العلاقات اليمنية السعودية من خلال وصية للملك عبد العزيز أل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، ومفاد هذه الوصية أن الملك عبد العزيز جمع أولاده قبل موته وقال لهم ما معناه إن “خيركم في ذُلّ اليمن وشركم في عز اليمن”.
على مدى التاريخ السياسي دأبت السعودية على التحكم برؤساء اليمن والمسّ بسيادته وأراضيه، والتحكّم في نظامه السياسي؛ وذلك خشية وصول الثورة إلى المملكة، والتحكّم في الإقليم بشكل عام.
وقفت السعودية موقفا سلبيا من اليمن في العديد من محطاته السياسية على سبيل المثال عدوانها على اليمن في ثلاثينيات القرن الماضي واحتلال محافظات جيزان ونجران وعسير، ثم كان لها موقف سلبي من النظام الجمهوري فيما كان يعرف باليمن الشمالي، ثم موقفها المعادي باتفاقية الوحدة و حرب صيف 94م وتداعياتها اللاحقة، ثم اتفاقية الحدود عام 2000م مروراً بتدخلها العسكري في الحروب الست على صعدة وصولا لعدوانها الوحشي والبربري الذي شنته في مارس من العام 2015م والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 250 الفاً بحسب الأمم المتحدة، وفرض الحصار الجوي والبري والبحري، والتدمير الشامل والممنهج للبنية التحتية اليمنية.
ومنذ سنوات طويلة والسعودية تخصص ميزانية ضخمة لدعم مشائخ قبائل وشخصيات عسكرية بمرتبات مغرية وذلك لشراء ذممهم وولائهم بينما عجزت منظمات خيرية أن تحصل من السعودية على ما يعادل راتب شيخ او جنرال من أدوات السعودية.
الجميع من ابناء اليمن يتذكر مشروع الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي وخطته الخمسية لأجل النهضة في اليمن وربط شمال اليمن بجنوبه وصولاً لتفاهمات عقدها مع الرئيس الجنوبي حينها سالم ربيع علي فاغتالته السعودية عبر ملحقها العسكري في اليمن وبالتعاون مع ادواتها في الداخل عشية زيارته لعدن في العاشر من اكتوبر عام 1977م.
لقد فرضت السعودية رؤيتها على النظام العتيق السابق، فجعلت من اليمن الغني فقيرا، لا يسمح لأبناء اليمن بالتنقيب عن الثروة وانما تريدهم عالة وبيدها القرار السياسي والاقتصادي، اليمن بلد غني بالثروة ومصادرها من نفط وغاز وثروة سمكية ومعادن وأحجار كريمة ويملك موقعاً استراتيجياً هاماً كباب المندب وعشرات الجزر الهامة في المنطقة. ولهذا النظام السعودي يشعر بالخوف والقلق من أي ثورة يمنية ترفض الوصاية السعودية ويكون اليمن سيد قراره بنفسه وهذا ما حصل في ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م فقد خرج اليمن من العباءة السعودية والحديقة الخلفية كما كان يطلق على هذا المصطلح في وسائل الإعلام السعودية.
كان خطأ السعودية ومن معها كبيراً جداً عندما شنت العدوان على اليمن وكان باعتقادها ان تجهز على اليمن وتقضي عليه خلال ساعات او ايام، ها هي اليوم تغرق في بحور وصحاري ووديان وشعاب وجبال اليمن للعام الخامس على التوالي، لقد رمت السعودية بكل اوراقها في اليمن، والهدف إعادة اليمنيين الى بيت الطاعة والعودة باليمن كحديقة خلفية للرياض، لكنها فشلت وأصبحت الخيارات امامها مرّة وصعبة وهذا ما اكده مؤخرا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية قائلاً ان الخيارات اليوم بخصوص اليمن هي بين السيئ والأسوأ وهذا اعتراف واضح وصريح بفشله في التدخل العسكري.
التدخل السعودي في اليمن لا يقتصر على التدخلات العسكرية وفرض أجندتها السياسية والاقتصادي، بل انها ومنذ سنوات طويلة تعمد على تصدير الإرهاب والإرهابيين الى اليمن كما هو دأب هذا النظام السعودي الذي يصدر الإرهاب لمعظم دول العالم.
اليوم هناك العديد من المليشيات والجماعات الإرهابية تعمل تحت راية النظام السعودي الذي يزودهم بالمال والسلاح لقتال اليمنيين وتدمير اليمن، زعيم ما يسمى بعناصر القاعدة في اليمن أعلن في بداية العدوان على اليمن بأنهم منشغلون في إحدى عشر جبهة داخل اليمن تحت لواء السعودية والإمارات لقتال ما اسماهم «الرافضة» (الجيش اليمني واللجان الشعبية)
وعلى الرغم من تدخلات السعودية في اليمن لسنوات طويلة إلا انها اليوم تدرك ان اليمن لم يعد كما كان عليه في السابق، وان القيادة اليمنية الجديدة لا تساوم، وتعي أهمية اليمن ومكانته، وفي المقام الأول تحافظ على عزة وكرامة هذا الشعب الذي ضرب أروع مثال في الصمود والتحدي والمقاومة بوجه العدوان وأدواته، ما جعل من النظام السعودي يهرب من فشله نحو ارتكاب المجازر بحق المدنيين في محاولة منه لإخضاع اليمن واليمنيين لكنه فشل ولم يحصد سوى الخيبة والهزيمة وسجل مليء بجرائم الحرب والإبادة وجرائم ضد الإنسانية، (الإنسانية) الذي لا يعرفون عنها شيئاً يذكر لأن هم مجموعة من الإرهابيين تربوا وترعرعوا على هذا النهج الوهابي التكفيري.