حسن الدبعي
دار العام دورته وها هو رمضان يعود وكما في كل مرة يحمل معاني الإيمان بأنقى ما يكون الإيمان والخير بأصدق ما يكون والخير والعبادة بأعمق ما تكون العبادة يعود شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان” يضم بين لياليه المباركة ليلة القدر خير من ألف شهر.
ولئن كانت عظمة الإسلام كالشمس ساطعة على مشارق الأرض ومغاربها بغير حاجة إلى دليل أو براهين، ولئن كان هذا الدين الحنيف هو الدين الذي أراده الخالق سبحانه وتعالى خاتمة للأديان في الأرض والسماء فإن شهر رمضان المعظم يعتبر مدماكاً من مداميكه وفيه تزداد نسبة الطاعات وترتع فيه النفوس بالأجر الجزيل، فطاعة الصيام تمثل إرادة الإنسان في قهر شهواته إرضاء لإرادة الله التي من خلالها يمحص معادن الخلق والقدرة على تحمل المصاعب والصبر على أداء المهمة الدينية بوتيرة عالية من الجهد والتحمل.
فشهر رمضان من رحمة الله وكرمه جعله محطة لها خصوصية عن غيرها تتميز أوقاته المباركة باستجابة الدعاء إذا صدق العبد مع ربه فجعل سبحانه وتعالى في كل سنة شهر رمضان فيه فضل عظيم في آيامه ولياليه ومنها العشر الأواخر التي تدخل فيها ليلة القدر وفضلها على سائر الليالي وبين النبي صلى الله عليه وسلم فضلها بقوله “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله” .. فشهر رمضان هو ضيف كريم وموسم عظيم يجب أن يعطى حقه من الاحترام واللياقة وحسن الاستقبال.
وكان نبينا الكريم يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان فيقول: “جاءكم رمضان سيد الشهور فمرحباً به وأهلاً جاء شهر الصيام بالبركات فأكرم به من زائر هو آت”.. ففي هذا الشهر تكون العبادات متنوعة ومتوزعة بحسب أعمال الإنسان فجعل بعضها على القلوب كالإيمان بالله والخشية له والخشوع والحب والرجاء وغيرها وجعل بعضها على اللسان كالذكر والدعاء وقراءة القرآن وجعل بعضها على البدن كالصلاة والصيام والجهاد وجعل بعضها على المال كالزكاة والنفقات الواجبات والمستحبات ونحو ذلك.. هذا من فضل الله ورحمته.
فيا عباد الله سابقوا إلى الخيرات وتزاحموا على الرحمات وانبذوا المنغصات فإنها فرصة طيبته لكم في الأعمال الصالحات .. وتذكروا أن الله سبحانه وتعالى قد جعل شهر رمضان مضماراً للتسابق إلى الخيرات والتنافس في الطاعات.. وليعلم المسلمون أن هذا الشهر يفوت ويحسب من العمر وليس له عوض من الشهور الأخرى ينوب عنه فاحرصوا على حفظ الصيام وأخلاقياته واغتنام الفرص الطيبة والابتعاد عن قول الزور وفعل الفجور والكذب والغيبة والنميمة كما في الحديث الشريف ” ما صام من ظل يأكل لحوم الناس “وفيه أهون الصيام” الصيام عن الطعام والشراب وفيه من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه وفيه إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وجوارحك وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.