رمضان هلّ هلاله

 

عائشة محسن شروان

مضت الأيام والشهور.. ليأتي شهر الرحمة والمغفرة.. ويدخل علينا بالخير البركات.. والعمل الصالح والقربات.. ويمحو ما كان من سيئات فيبدلها حسنات ودرجات .. نعم إنه خير الشهور شهر القرآن والتزود بزاد التقوى والقرب من الجليل المنان حيث قال الله جل في علاه (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) ففيه ترفع مآذن الخير والعطاء لتصل ببرها للمساكين والفقراء .
ونحن نستقبل هذا الشهر وأرواحنا تواقة للصيام والقيام والصلاة والقرآن لما لها في هذا الشهر من أعلى مقام فأجرها كثير وعطاؤها جزيل لتسمو الروح عن كل بوح ولغو يوقع اللسان في غيابت الآثام.
فتسكن النفس بالدعاء .. ويلهج اللسان بالشكر والثناء لخالقها رب الأرض والسماء الملك المعطاء.
فتتشوق الجوارح للعمل الصالح وتخطو الخطوات صادقة ترجو ابتغاء رضوان الله لتنال النصيب الأكبر من الأجور والخير الوفير من الحسنات .
ومما هو حري بنا أن نعمله في بداية شهرنا هو تصفية النفوس من الأحقاد والتوبة عن الزلات والندم على الرجوع للمهالك والمسيئات والتكاتف والتعاون..
وكذا عمل خطة واضحة وجدول عملي وروحاني يمتد الى هدف واضح وهو نيل رضا الله والجزاء والخير ومن خلال هذه الخطة يستغل كل سويعات ودقائق يومه في هذا الشهر الكريم في طاعة الله قولا وعملا قصدا ويقينا واخلاصا فلا ينشغل بالتلفاز ومسلسلات رمضان ولا يستحوذ الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي كل وقته وينسى ذكر الله وليجعل نصب عينيه هذه الآية (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) آية 36 الزخرف، وبالمثل رباة البيوت اللاتي يشغلن اكثر أوقاتهن في المطبخ متناسيات أن هذا الشهر هو للعبادة وليذكرن قول الله جل في علاه (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ) الكهف..
إن شهر رمضان هو للعبادة والاستزادة من فضل الله الكريم ..وعطائه الجزيل الذي يحفظه الله في ميزان كل عبد أخلص النية وأحسن العبادة وأتقن العمل فكان هذا الشهر له بمثابة خير جليس وأنيس أحسن ضيافته وأكرم صحبته ..وعانق ساعاته بالقرآن والدعاء والخضوع والرجاء.
فأقام ليلهُ .. وداوم على صلاته .. وحفظ لسانه.. وأعطى من ماله صدقة تطهره وتزكيه وجاهد نفسه فكان لها خير معين فنهاها عن المعاصي وروّضها على فعل الطاعات للوصول للمعالي .
وأخذ بقول الله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا).. وما أجمل أن يستقبل الناس شهر الخير بالفرح والسرور والرضا بالمقدور والتعاون والتآخي فيما بينهم ومساعدة كل منهم الآخر بما تجود به نفسه ليظل مبدأ التكافل سائدا بيننا مهما مرت بنا السنون والأعوام ومهما داهمتنا الحروب والعدوان الغاشم فديننا واحد وسلاحنا كتاب الله وسنة نبيه ليظل هو جوهر كل زمان وليبقى اهل اليمن خير اناس ينشرون الخير سباقين للعطاء في شهر الكرم شهر رمضان .

قد يعجبك ايضا