تعز وصراع المرتزقة
عبدالفتاح علي البنوس
تعيش الحالمة تعز مرحلة هي الأكثر خطورة في تاريخها ، حيث تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة مرتزقة السعودية والإمارات اشتباكات ومواجهات مسلحة ، تستخدم فيها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة ، حيث تحولت هذه الأحياء إلى جبهات مواجهة دامية بين مليشيات حزب الإصلاح الممولة والمدعومة سعوديا المحسوبة على المحتل السعودي ، وبين مليشيات أبو العباس السلفية الممولة والمدعومة إماراتيا المحسوبة على المحتل الإماراتي ، والتي دخلت مرحلة بالغة الخطورة مع سقوط العديد من المدنيين الأبرياء داخل منازلهم.
قصف مكثف على المنازل التي تحولت إلى دروع بشرية للمليشيات المتناحرة والمتصارعة على النفوذ داخل تعز ، حالة رعب غير مسبوقة يعيشها سكان الأحياء الملتهبة منعت الكثير من الطلاب والطالبات من أداء الامتحانات النهائية للعام الدراسي الحالي لصفوف النقل في المرحلتين الأساسية والثانوية ، وحالت دون ممارسة المواطنين مهامهم اليومية الوظيفية والمعيشية ، المواجهات المستعرة والمشتعلة تتجه يوميا نحو التصعيد الخطير حيث تتمدد يوميا وسط أنباء عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى في الجانبين ، بالإضافة إلى سقوط العديد من المدنيين بينهم نساء وأطفال ، حيث تسعى مليشيات حزب الإصلاح لطرد مليشيات أبو العباس من المناطق التي يتمركزون فيها.
وما بين كر وفر تعيش المناطق المحتلة في الحالمة تعز معاناة شديدة في ظل إصرار أطراف الصراع على المضي في القتال والإحتراب غير مكترثين بمعاناة المواطنين وصعوبة حصولهم على أبسط مقومات الحياة وفي مقدمتها مياه الشرب بعد أن أفرغت رصاصات مرتزقة السعودية والإمارات محتويات الخزانات الخاصة بالمياه التي تعتلي أسطح المنازل ، وعلى الرغم من المناشدات التي أطلقها أبو العباس لما يسمى بالتحالف للتدخل لإنهاء المواجهات ، بالتزامن مع تعالي الأصوات المطالبة بإنقاذ الأهالي داخل الأحياء الملتهبة من شبح الموت الذي يتهددهم يوميا بعد أن تحولت منازلهم إلى أهداف لقصف ورصاص المتناحرين الذين يرفضون خروج الأهالي من منازلهم ويصرون على التأزيم والتصعيد.
كل هذه الأحداث الدامية والدنبوع هادي وحكومته الفندقية ومحافظهم المرتزق نبيل شمسان يغرقون في صمت مريب ، ويكتفون بالفرجة ، يرقبون لمن ستكون الغلبة ، ومن سيفرض سيطرته على المناطق المحتلة داخل الحالمة تعز ، يأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه أطراف الصراع حشد المناصرين وطلب التعزيزات في توجه يشير إلى رغبة المحتل السعودي والإماراتي في إطالة أمد الصراع في تعز من خلال الدفع بمرتزقتهما للمضي في مواجهاتهم المسلحة وحربهم الضروس التي تمثل التهديد الخطير للحالمة ، والتي سبق وأن تم تحذير أهلها من مغبة السير خلف قوى العدوان والانخراط في صفوف مرتزقتهم الذين رفعوا شعار شكرا سلمان ، وهللوا وكبروا للعدوان على بلادنا ، وأعلنوا تأييدهم له ، ليحصدوا وبال أمرهم ويجنوا ثمار مواقفهم المؤيدة للعدوان والمتحالفة مع الغزاة والمحتلين.
بالمختصر المفيد، ما يجري في تعز هو نتاج صراع نفوذ سعودي -إماراتي تنفذه أياد يمنية من أبناء تعز ، باعوا أنفسهم للشيطان وتحالفوا معه ، وتجندوا تحت رايته ، وتحولوا إلى أدوات رخيصة ومبتذلة له ، ولا بد هنا أن يدرك من تبقى من المغرر بهم في صفوف العدوان بأن السعودية والإمارات لا تريدان الخير لتعز ، ولا لأهلها ، وأنهم وقود هذه المواجهات ، وأن عليهم إعادة النظر في مواقفهم الداعمة للعدوان ، ويبادروا لإعلان البراءة من العدوان والعودة إلى جادة الحق والصواب ، فالوطن يتسع للجميع ، ولا يمكن أن يحمل الغازي المحتل أي خير معه ، وكما يقول المثل اليمني ( ما من دخيل عافية) فكيف بالغازي المحتل الذي يحمل أجندة وأهدافا استعمارية استغلالية استبدادية تسلطية.