ذكرى استشهاد الرئيس الصماد حدث تاريخي
حاتم شراح
الرئيس الشهيد يعتبر رمزا إسلاميا بامتياز حيث يمثل القيادة المسلمة التي تلتزم الدين وتسير وفق توجيهاته ، حيث تعتبر ثقافته وجهاده وسلوكه وأخلاقه تمثل الإسلام في أنصع صوره ، وهذا ما أفزع الأعداء ، بينما كان الخصوم السياسيون يرتضونه ويرشحونه دون تردد لما يرون من نزاهته وصدقه والتزامه, وهذا الأمر كان محل تخوف من الأعداء حيث سارعوا إلى التخلص منه كما يفعلون دائما حيال القادة العظماء الذين يرون فيهم حجر عثرة أمام مؤامراتهم ومشاريعهم التدميرية للشعوب .
إن الشهيد الرئيس الصماد يعتبر رمزا وطنيا ستتذكره الأجيال لقرون عديدة لما مثله من عزوف عن الدنيا وزهد فيها بينما كان يقود الحياة المدنية بنشاط وحركة منقطعة النظير ، وكأنه يحجز لنفسه بنشاطه وعمله للأمة موقعا متقدما في قلوب الناس ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه .
لقد كان الرئيس الصماد قائدا بكل معنى الكلمة, تخلق بأخلاق القائد العظيم منذ وقت متقدم في خلال تاريخ حياته ، وكانت ثقافته والأحداث هي من كان لها التأثير في سير حياته ، وعندما وصل إلى سدة الحكم لم يكن ذلك ليغير شيئا من أخلاقه الطيبة ، وسلوكه الملتزم ، فقد بقي على تلك الأخلاق حتى ختم حياته وهو حريص على أن تكون أعماله مدروسة لتعطيه وتمنحه عظمة ما بعدها عظمة, عندما تناهى إلى علمه بأن موكبه تم رصده ، ابتعد بموكبه عن الأسواق والتجمعات السكانية لكي لا تزهق أرواح بسببه ولو أنه اتجه بموكبه إلى سوق مثلا ، وتم استهداف هذا السوق وإن بقي حيا لن يهدأ له بال ولهذا سارع إلى المخاطرة بنفسه ، وإن كان قد أعطى قاتليه فرصة أن اغتالوه بمفرده مع كوكبة من مرافقيه ، ولكن هي العظمة تبرز نفسها حتى في آخر اللحظات ، وهذا لم يحصل لأحد من الزعماء الذين كانوا يحوطون أنفسهم بترتيبات أمنية .
وهنا لا نقول أن الرئيس الشهيد كان مفرطا بل كان يأخذ بالأسباب غير أنه لم يكن في تخوف من الموت بل كان يريد الشهادة من خلال نزوله إلى الحديدة ، و عندما كان يقول للمجاهدين: ليست دماؤنا أغلى من دمائكم, ليس هذا من باب الكلام الذي لا يمثل واقعا بل كان يقول ذلك وكان صادقا فيما يقول ودفع حياته ثمنا لما يقول وجَسَّدَ التضحية واقعا ، ومثل الرمز الذي جب أن يُقْتَدَى به ، ولعل العظيم لا يقتدي إلا بعظيم مثله ، وهناك من رموزنا الوطنية من يمثلون قامات لا يمكن المزايدة عليهم كالرئيس الحمدي مثلا ، والموت في سبيل الله غاية كل مسلم ، وتولي قيادة الناس وأمر الأمة يمثل مسؤولية عظمى لا يسلم من تبعاتها إلا من رحم الله ، ولعل الرئيس الصماد ممن رحم الله ، فقد اختاره الله وهو في ميدان المعركة يجاهد في سبيل عزة وكرامة وطنه ، وكان لديه إحساس مفرِط بالمسؤولية جعله لا يبالي أن يدفع ثمن ذلك حياته ، وقد كان ثمن ذلك أن نال ما يبتغي من نيل الشهادة أولا والفوز بمحبة الناس وخلوده في الذاكرة الوطنية التي لن تنسى ..هذا الزعيم العظيم الذي كان يرسم لبلده موقعا وموضعا متميزا ويبذل كل ما بوسعه لنيل ذلك ، وما حرصه على وحدة الصف الوطني وسعيه الصادق لرأب الصدع بعد كل مشكلة تطرأ بين أبناء الشعب إلا دليل على أنه كان ابن المرحلة وقد كان فعلا ابن بجدتها كما يقال ، فرحمة الله عليه خالدا في الشهداء والصالحين ، ورمزا خالدا يتربع فوق عرش القلوب .