الثورة/..
تقرير فرنسي نشر يوم الإثنين الفائت يكشف عن تورط باريس بصورة مباشرة في العدوان على اليمن هذا الى جانب تصدير السلاح للسعودية والإمارات لاستخدامه في عدوانهما على اليمن.
التقرير قامت به الاستخبارات العسكرية الفرنسية وقد قُدّم إلى كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزيرة الدفاع فلورانس بارلي ومكتب رئيس الوزراء إدوار فيليب ووزير الخارجية جان إيف لو دريان خلال اجتماع مجلس الدفاع حول الحرب على اليمن، الذي عُقد في قصر الإليزيه في 3/أكتوبر 2018، وتضمّن جداول تفصيلية توضح نوعية ومصدر الأسلحة الجوية والبرية والبحرية التي استخدمتها القوات السعودية والإماراتية -كلٌّ على حدة- في الأراضي اليمنية، فضلا عن خرائط مفصّلة للبلاد بتاريخ /سبتمبر 2018، تبيّن أماكن استخدام الأسلحة بحرًا وجوًّا وبرًّا.
ويحتوي التقرير المسرّب على خرائط ورسومات تُظهر للمرة الأولى ما حاولت الحكومة الفرنسية إخفاءه، وهي قائمة مفصّلة بالأسلحة الفرنسية التي تشكّل جزءًا من الترسانة المستخدمة في العدوان على اليمن.
كما يتضمّن تقرير الاستخبارات العسكرية الفرنسية خريطة بعنوان “السكان المعرضون لخطر القنابل”، تشير الى وجود 48 مربضاً مدفعية من طراز CAESAR بالقرب من الحدود السعودية اليمنية، تواجه فوّهاتها ثلاث مناطق مختلفة في اليمن، تقع فيها بلدات وقرى ومزارع مأهولة بالمدنيين.
وتثبت الوثيقة المسرّبة ما حاول أعضاء حكومة ماكرون نفيه، وهو أن ترسانة من الأسلحة الفرنسية تستخدم في العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، بما في ذلك المناطق المأهولة بالمدنيين.
وبحسب ما جاء في التقرير الاستخباراتي، فإن الأسلحة الفرنسية هي دبابات قتالية Leclerc وذخيرة مخترقة للتحصينات وطائرات مقاتلة من طراز Mirage 2000-9، وأنظمة الرادارات COBRA، ومركبات Aravis المدرّعة، وطائرات هليكوبتر من طراز Cougar و Dauphin، ومدافع هاوتزر محمولة على شاحنات.
المشاركة في الحصار البحري
ويؤكد التقرير الاستخباراتي “مشاركة سفينتين عسكريتين من صناعة فرنسية في الحصار البحري على اليمن، وهما فرقاطة “الرياض” من فئة لافاييت و”مكة” التابعة للبحرية الملكية السعودية، إضافة الى سفينة عسكرية إماراتية من طراز بينونا-فرنسية الصنع- وهي جزء من دعم العمليات الأرضية التي تتمّ على الأراضي اليمنية، أي أنها تشارك في قصف الساحل اليمني.
ومن بين ما ورد في التقرير، تحالف العدوان السعودي يستخدم مروحيات COUGAR القتالية لنقل القوات السعودية، وطائرات إعادة التزود بالوقود من طراز A330 MRTT التي تصنعها شركة إيرباص ومقرّها فرنسا التي كانت قد سلمت ستاً منها إلى السعودية وثلاثاً إلى الإمارات.
كذلك يشير تقرير الاستخبارات العسكرية الفرنسية إلى استعمال الدبابات الفرنسية في أربع مناطق في اليمن، وأن المقاتلات السعودية مجهّزة بتكنولوجيا Damoclès، وهي تقنية استهداف عالية الأداء من إنتاج شركة Thalès الفرنسية تُثبَّت عند الجانب السفلي للطائرة، وتوجّه الصواريخ بالليزر إلى الهدف.
يُذكر أن الوثيقة التي نشرتها مؤسسة Disclose هي واحدة من 5 تحقيقات صحافية استقصائية، وقد طابق التحقيق الصحافي الاستقصائي المُعنون بـ “وثائق اليمن” معلومات وثيقة الاستخبارات الفرنسية، بصور أقمار صناعية ومعلومات صحافية استقصائية.
عناوين أخرى
أما العناوين الأخرى في الملف الاستقصائي فهي “مسار رحلة شحنة سرّية”،”حرب الغذاء”،”اليمن: أزمة من صنع البشر”، و”لماذا ينشر Disclose وثائق عسكرية سرّية”.
وفي السياق نفسه، رجّح موقع “إنترسبت” الذي نشر ما كشفته مؤسسة Disclose الفرنسية، أن يسبّب نشر التقرير الاستخباراتي السري عواقب للحكومة الفرنسية، خاصة أنها تدافع عن صفقات بيع السلاح للسعودية، بالتوازي مع التظاهر بقلة معرفتها بكيفية استخدام السعودية للسلاح الفرنسي في اليمن.
ويقول الموقع إن هذا التقرير يُبيّن اعتماد السعودية والإمارات على المعدات العسكرية الفرنسية أكثر بكثير ممّا أقرت به حكومة باريس.. اذ تؤكد الاستخبارات العسكرية الفرنسية، في تقريرها، إن “السعودية والإمارات تستخدم عدة أنواع من الأسلحة التي سبق واشترتها من فرنسا في حربها على اليمن”.
24 الف غارة
وكشف موقع انترسبت الأمريكي -بالاستناد إلى الوثيقة المكونة من 15 صفحة- أن العديد من أنظمة الأسلحة التي يستخدمها التحالف السعودي الإماراتي لا تعمل إلا بذخيرة وقطع غيار وأنظمة اتصالات أنتجت في الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مما يعني أنه ينبغي للسعودية والإمارات تغيير قسم كبير من ترسانتهما العسكرية ليتسنى لهما الانتقال إلى استعمال أسلحة روسية وصينية الصنع.
وأضاف الموقع أن القيادة العسكرية الأميركية الوسطى تنفي بشدة قيام الطائرات الأميركية الموجهة بأي دور عملياتي متعلق بتحديد الأهداف في حرب اليمن، لكن من بين ما كشفه التقرير الفرنسي أن الولايات المتحدة لا تساعد غارات التحالف ببيع السلاح والتزود الجوي بالوقود وحسب، بل إن الطائرات الأميركية المسيّرة قد تقدم المساعدة بتحديد الأهداف بدقة للقوات السعودية.
وأضاف انترسبت ان تحديد الطائرات الأمريكية الموجهة الأهداف لغارات القوات السعودية والإماراتية قد يعني إن تلك الطائرات تلعب دورا أكثر فعالية في عملية الاستهداف مثل توجيه ذخيرة التحالف عن طريق اللزر.
وذكر التقرير السري الفرنسي أن التحالف السعودي الإماراتي نفذ ما مجموعه 24 ألف غارة جوية منذ بدء التدخل العسكري عام 2015 وحتى سبتمبر/أيلول 2018 موعد صياغة التقرير، مشيرا الى أنه رغم التفوق التقني للسعودية على باقي دول التحالف في اليمن فهي تفشل في تحقيق أهدافها، لذا ينبغي تحسين عمليات استهدافها.
ويؤكد الموقع على انه “رغم هذه العملية العسكرية السعودية التي سخرت لها إمكانيات كبيرة، فإن الجيش اليمني اللجان الشعبية لا يزالون يحتفظون بقدراتهم العسكرية من مدفعية وإطلاق صواريخ وعبوات ناسفة ونصب كمائن للسعوديين وتنفيذ عمليات تسلل إلى داخل الأراضي السعودية.”
الكفاءة السعودية الضعيفة
يتناول التقرير أيضاً أداء الطيارين العسكريين الإماراتيين قائلا إنهم أفضل من نظرائهم السعوديين، ذلك أنهم حسنوا من قدراتهم على استخدام الذخيرة الموجهة، وأن أداءهم يضاهي أداء طياري حلف الناتو.
وكشف تقرير الاستخبارات العسكرية الفرنسية عن عملية سعودية كبيرة لتأمين حدودها مع الحوثيين، استخدم فيها 25 ألفا من عناصر الجيش والحرس الوطني، ولكن هدفها غير المعلن هو اختراق الحدود مع اليمن، والوصول إلى محافظة صعدة شمالي اليمن، لكن السعوديين يفتقرون إلى القدرة على التحرك مما يجعلهم أهدافا سهلة لهجمات الحوثيين.
وبحسب وكالة “فرانس برس” فإن السلاح الفرنسي المملوك للسعودية والإمارات استخدم في هذه الحرب التي أوقعت ما لا يقل عن 10 آلاف قتيل منذ 2015 وأوصلت ملايين اليمنيين إلى حافة المجاعة.
وفي نوفمبر/ 2018، قالت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية، إن 85 ألف طفل دون سن الخامسة ربما توفوا بسبب الجوع والمرض وسوء التغذية، خلال الفترة الممتدة بين أبريل/ 2015 وأكتوبر/ 2018.
بدورها قالت رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان اليمنية، في بيان للمنظمة صدر اليوم الثلاثاء، إن “من المخزي أنه وبعد مرور أربع سنوات على تصاعد النزاع المسلح في اليمن، تواصل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى بيع الأسلحة لأعضاء التحالف وخصوصاً للسعودية وللإمارات”، مضيفةً أن “التحالف يعتمد على حقيقة أن الدول الأخرى تغض الطرف عن انتهاكاته”.
واليمن هي “الأسوأ في العالم من ناحية الكارثة الإنسانية”، على حد تعبير ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، وكل جرائم الانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها النظام السعودي، كانت كفيلةً بتسليط الضوء على الدور الأمريكي وفتح المجال لمناقشة طبيعة السياسة الأمريكية التي تعد شريكاً للسعودية والإمارات في الحرب، وفقاً لتقرير سابق لنيويورك تايمز.
Prev Post