الثورة نت/..
وسط استمرار الأزمة في السودان، وفي وقت تخلت فيه السعودية والإمارات عن حليفهما السابق الرئيس المعزول عمر البشير، وأيدتا المجلس العسكري الانتقالی في الخرطوم، أعلنت “قوى إعلان الحرية والتغيير” السودانية رفضها للبيان الأول للرئيس الجديد للمجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، مشددة على استمرار الاعتصامات والعصيان المدني حتى تحقيق سبعة مطالب.
قال الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، في بيانه، إنه سيتم تشكيل مجلس عسكري لتمثيل سيادة الدولة (جرى تشكيله لاحقا)، وحكومة مدنية متفق عليها من الجميع، خلال مرحلة انتقالية تمتد عامين كحد أقصى.
وتم إلغاء حالة الطوارئ ورفع حظر التجوّل الذي فُرِض عبر البيان الإنقلابي لوزير الدفاع الفريق عوض بن عوف، وإطلاق سراح المعتقلين ممن أُلقيَ القبض عليهم أثناء الحراك الشعبي، حسبما اعلن البرهان في بيانه.
وتضمن البيان وعوداً أخرى تشمل الاستمرار في “اجتثاث نظام البشير”، والتزام حقوق الإنسان والمعاهدات التي وقعها السودان في ذلك الشأن، و”الالتزام التام بمحاربة الفساد”، و”وقف إطلاق النار في السودان كله”، و”وقف العنف” و”سحب السلاح من الميليشيات” والطلب من المواطنين العودة الى الحياة الطبيعية والمساعدة في توطيد القانون وغيرها.
والبرهان، المفتش العام للجيش السوداني الذي تقلد منصب المجلس العسکري الانتقالي بدل عوض بن عوف هو مازال عسکريا من وجهة نظر المعارضين السودانيين وتمت ترقیته في مناصبه بواسطة حکومة البشير وحاکميته.
وردا على ذلك البيان، قالت “قوى إعلان الحرية والتغيير” المعارضة إن بيان الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي لم يحقق أيا من مطالب الشعب.
وأعربت عن تمسكها بسبعة مطالب، وأكدت أن الخطوة الأولى في إسقاط النظام تتأتى بتسليم السلطة فورا ودون شروط لحكومة انتقالية مدنية تدير المرحلة الانتقالية لفترة أربع سنوات، وتنفّذ المهام الانتقالية التي فصّلها إعلان الحرية والتغيير والوثائق المكملة له.
ودعت قوى الحرية إلى اعتقال كل قيادات جهاز الأمن والاستخبارات وتقديمهم لمحاكمات عادلة وفقا للدستور، وإعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات.
كما طالبت باعتقال القيادات في الأجهزة النظامية والمليشيات، المتهمة بارتكاب جرائم في دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق.
ودعت هذه القوى إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والعسكريين فورا، بمن فيهم الضباط الذين انحازوا للثورة ومطالب الجماهير.
وشددت على ضرورة حل كافة أجهزة ومؤسسات النظام والاعتقال الفوري والتحفظ على كل قياداته الضالعة في جرائم القتل والفساد المالي، على أن يُحاكموا لاحقا. وأخيرا دعت إلى الإعلان الفوري عن رفع كل القوانين المقيدة للحريات.
وقالت قوى الحرية إنه لا تراجع عن مطالب الثورة، ولا مجال للقبول بالوعود دون الأفعال، مشددة على استمرار الاعتصامات والعصيان المدني حتى تحقيق المطالب.
وعقب صدور بيان البرهان الأول، عقد المجلس العسكري اجتماعا مع وفد من المعارضة في مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم مساء السبت، لبحث العملية الانتقالية عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير الخميس الماضي.
وأعلن عضو وفد المعارضة عمر الدقير عقب الاجتماع، أن الوفد طالب بمشاركة مدنيين مع المجلس العسكري في المجلس الرئاسي الانتقالي، وسيقدم الأحد قائمة بأسماء مدنيين إلى رئيس المجلس.
هذا وتخلت السعودية والإمارات عن حليفهما السابق الرئيس المعزول عمر حسن البشير، وأعلنتا مساء السبت تأييدهما للإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري الانتقالي في السودان، في أول تعليق منهما على الإطاحة بنظام البشير وتشكيل مجلس عسكري انتقالي، الأمر الذي يدل أن هناك اتصالات بين الرياض وأبوظبي مع المجلس العسكري!
يذكر أن العسكريين السودانيين هم شركاء في التحالف العسكري السعودي الإماراتي في العدوان على اليمن، حيث يقاتل آلاف الجنود السودانيين في صفوف قوات هذا التحالف العدواني الذي بدأ هجماته في آذار/مارس 2015.
وترى المعارضة السودانية وبخاصة الاتحاد العام لنقابات السودان الذي يتقلد القيادة الخاصة بالنهضة الجديدة، أن التطورات تعد خطوة نحو الأمام لکن مازال هناك فارق ذو مغزی بين مجريات الأمور وتطلعات الشعب.
ومن وجهة هؤلاء حتی وإن لم يکن من الممکن إطلاق تسمية “الانقلاب العسکري” علی ما يجري في الساحة السودانية اليوم فإنه يمکن القول بأنه “انقلاب العسکريين”، الانقلاب الذي أدی الی تداول السلطة بين مختلف العسکريين دون سفك دم جاد. ومن البديهي أن تقتضي هذه النظرة حکومة مدنية قائمة علی القانون.
والمصير المجهول للبشير وحضور عدد من المسؤولين في الحکومة السابقة في مناصبهم وعدم حل الحزب السابق السائد والأجهزة الأمنية، والتدخل السافر لبعض البلدان کأميرکا والسعودية والإمارات – وبالطبع لم تغفل عن هذا التدخل عيون المعارضين الثاقبة- هذه کلها قد وصلت بالمعارضة الی إحاطة مفادها رصد تطورات السودان الميدانية بذکاء ودفعهم الی عدم إخلاء الساحة.