يتوقع خبراء الطاقة أن يلعب الهيدروجين دورا رياديا وفعالا في مجال الطاقة في المستقبل بدلا من مصادر الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة والمحدودة في باطن الأرض.
وينطلق خبراء الطاقة من تفاؤلهم هذا من اعتبار أن عملية إنتاج الهيدروجين للطاقة لا تطلق غاز ثاني أكسيد الكربون كما هو حاصل بالنسبة للطاقة المنتجة باستخدام الوقود الأحفوري، وهذا سيسهم بشكل فعال في التخفيف من حدة تركيز غازات الاحتباس الحراري في جو الأرض، بالإضافة إلى توفر الهيدروجين في الكون والأرض والمياه العذبة ومياه البحار.
وعلى الرغم من أن الهيدروجين لا يوجد في الطبيعة غازا منفردا، فإنه يتم فصله من المركبات، ومنها الماء الذي يتكون من عنصري الأكسجين والهيدروجين، باستخدام التحليل الكهربائي أو الفصل الحراري أو عن طريق الطاقة الشمسية.
وتعتبر طريقة إنتاج الهيدروجين في المختبرات بواسطة عملية التحليل الكهربائي هي الطريقة الشائعة، والتي تتم عن طريق تمرير تيار كهربائي في وسط مائي مغموس فيها قطبان كهربائيان، أحدهما يسمى “الكاثود” وهو القطب السالب، والآخر يسمى “الأنود” وهو القطب الموجب.
وعند توصيل القطبين بمنبع كهربائي، تمر الكهرباء في الماء من خلال القطبين، ويؤدي ذلك إلى تفكك جزيئات الماء حيث يتشكل نتيجة لذلك غاز الهيدروجين على الكاثود في حين يتشكل الأكسجين على الأنود.
رغم توافر الهيدروجين في الماء، فإن الحصول عليه من المياه العذبة بشكل كبير هو في حد ذاته مشكلة في ظل شح المياه التي يعاني منها كوكب الأرض.
ولأن كوكب الأرض تشكل فيه مياه المحيطات والبحار حوالي 74% من مساحة سطحه، وتشكل 97.6% من مجموع مياهه، اتجهت أبحاث وتجارب العلماء بكثافة في السنوات الأخيرة نحو تلك المياه المالحة للحصول على الهيدروجين.
من تلك التجارب والأبحاث ما قام به فريق علمي من جامعة ستانفورد الأميركية في خليج سان فرانسيسكو، والتي نشرت في ورقة علمية بعنوان “تحليل مياه البحر بالطاقة الشمسية إلى الهيدروجين والأكسجين” في موقع مجلة وقائع الأكاديمية الأميركية للعلوم في عددها الصادر بتاريخ 18 مارس 2019.
وتوصل الباحثون من خلال تلك التجارب إلى طريقة أكثر فعالية وأقل تكلفة من سابقاتها في هذا المضمار من حيث استهلاك الطاقة الكهربائية أو تكلفة مواد جهاز التحليل الكهربائي، خاصة الأقطاب الكهربائية التي تكون عادة مصنوعة من مواد نفيسة.
إذ أجرى الفريق العلمي تجربتهم باستخدام الخلايا الشمسية لتوليد التيار الكهربائي اللازم لعملية التحليل الكهربائي لتحليل جزيئات الماء، ولمواجهة تآكل جهاز التحليل الكهربائي طوّر الفريق العلمي جهازا نموذجيا يمكنه فصل الهيدروجين والأكسجين عن المياه المالحة دون تآكل الجهاز المستخدم في فصل الهيدروجين والأكسجين عن الماء، وذلك بابتكاره طلاء معدنيا جديدا للأقطاب الكهربائية المستخدمة في عملية التحليل الكهربائي، مما يسمح لها بمقاومة التفاعل الكيميائي الذي يحدث في مياه البحر ويؤدي عادة إلى تآكلها.
ويمكن لخلايا الوقود الهيدروجينية المبتكرة هذه أن تعمل على تشغيل معدات الغوص، في حين أن الأكسجين الناتج عن التفاعل الكيميائي يمكن أن يبقى مخزونا في البحر للمساعدة على تنفس الغواصين.
Prev Post
Next Post