في ضوء انعقاد المؤتمر الثاني لمرضى الفشل الكلوي بصنعاء
تأكيد واسع على ضرورة تضافر الجهود للتخفيف من معاناة أكثر من 50ألف مريض ومريضة
الثورة / حمدي دوبلة / إبراهيم الأشموري
جاء انعقاد المؤتمر السنوي الثاني لمرضى الفشل الكلوي يوم الخميس الماضي ليسلط الضوء على واحدة من أبرز القضايا الانسانية الناجمة عن الأوضاع التي تعيشها اليمن في ظل الحرب والحصار منذ أربعة أعوام وكانت السبب الأبرز في تفاقمها وحدتها على شريحة واسعة من ابناء الشعب اليمني
إنهم مرضى الفشل الكلوي الذين باتوا يواجهون مصاعب لا حصر لها تهدد حياتهم بشكل يومي خاصة أن مراكز الغسيل القائمة عاجزة عن استيعاب كافة الحالات التي تحتاج للغسيل مع ازدياد كبير في أعداد المصابين بالمرض وصل بحسب تقديرات الجهات الرسمية إلى أكثر من 50 ألف مريض ومريضة.
هذا الوضع الحرج الذي يتسبب في وفاة 25 % من هؤلاء المرضى كان في صدارة نقاشات المؤتمر بحضور عدد كبير من الاخصائيين ومسؤولي المرافق الصحية الحكومية والأهلية ومنظمات العمل الإنساني، وخرج بنتائج وتوصيات وصفها المشرفون على المؤتمر في هيئة المستشفى الجمهوري ومؤسسة الشفقة اللذين نظما المؤتمر بأنها ستمثل إذا ما تم ترجمتها على الواقع انطلاقة جيدة في جهود معالجة المصابين والتخفيف من آلامهم ومعاناتهم على مختلف المستويات..
“الثورة” واكبت فعاليات المؤتمر انطلاقا من مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية في إبراز معاناة المرضى وتوعية المجتمع بمخاطر المرض وطرق الوقاية منه وقامت من خلال هذا الاستطلاع بتوضيح كثير من الجوانب المتعلقة بهذا المرض عبر عدد من المختصين واصحاب الشأن.
معاناة متفاقمة
يواجه عشرات الآلاف من مرضى المرضى الفشل الكلوي من الأطفال والنساء والرجال في اليمن مصاعب صحية واجتماعية تفاقمت بشكل مضاعف وغير مسبوق بسبب الأوضاع الكارثية التي تعيشها البلاد في ظل الحرب والحصار المتواصلين منذ أكثر من أربعة أعوام.
وتشير الاحصائيات إلى ان اعداد المصابين بالفشل الكلوي في اليمن ارتفع بسبب هذه الاوضاع إلى أكثر من خمسين ألف مريض ومريضة في وقت لا تستطيع فيه مراكز الغسيل المتوفرة استيعاب جميع الحالات ما يجعل آلاف المرضى أمام خطر الموت المحقق ..ويقدر المختصون نسبة الذين يفارقون الحياة جراء عدم تمكنهم من تلقي الخدمة الطبية من هؤلاء المرضى بـ50 %من العدد الاجمالي للمصابين.
غياب العلاج الجذري
يمثل انحصار طرق مواجهة مرض الفشل الكلوي عبر طريقتين فقط هما الغسيل الصناعي أو زراعة الكلى واحدة من المهددات الدائمة لحياة المصابين خاصة ان اليمن لا يتوفر فيها الامكانيات اللازمة لإجراء عمليات زراعة الكلى فيما لا تستطيع مراكز الغسيل المتواجدة في العاصمة صنعاء وبعض مراكز المدن الرئيسية وعددها بالعشرات ان تستوعب كافة المرضى الذين تتزايد اعدادهم بشكل متواصل.
ويقول الدكتور/عبيد الأديمي نائب رئيس هيئة المستشفى الجمهوري للشؤون الفنية والسريرية: المستشفى يعمل ليلاً ونهاراً وبواقع 4ورديات في اليوم الواحد ومع ذلك لا يستطيع استيعاب جميع المرضى حيث يستقبل يوميا 80حالة بينما عدد الجلسات المعتمدة له من قبل الصليب الأحمر 68جلسة وبواقع عجز 12جلسة يوميا الأمر الذي يوجب- كما يقول الدكتور الأديمي ضرورة تدخل كل الداعمين والجهات والمنظمات الإنسانية والعمل على تعزيز جهود الشراكة والتنسيق للوصول الى اكبر عدد ممكن من المرضى المحتاجين لجلسات الغسيل في اليمن، مشيرا إلى ان المؤتمر السنوي الثاني الذي اقيم بالتعاون مع مؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان يعد خطوة هامة في سبيل لفت الأنظار الى معاناة مرضى الفشل الكلوي وتعزيز الجهود الرامية الى مساندتهم طبيا ونفسيا واجتماعيا..
ويوجد في المستشفى الجمهوري حاليا 20جهازغسيل أحدها مخصص للمرضى النازحين وهي تتعرض لضغط شديد بسبب ازدياد الإقبال وخاصة من قبل النازحين ،ويقول الدكتور/عادل الهجامي مدير مركز الغسيل الكلوي بالمستشفى الجمهوري: المركز الذي تم افتتاحه في يونيو من العام 2014م بعدد 14جهازاً يستوعب حاليا 480حالة مرضية خلال الأسبوع ومن بين هذه الحالات عدد من النازحين الذين يوجد سرير خاص بهم ،مشيرا إلى ان المركز يعاني من شحة الامكانيات وقلة المواد والمستلزمات الطبية وخاصة مع ازدياد عدد المصابين وتحديدا في أوساط النازحين، ولذلك يسعى إلى رفع طاقته الاستيعابية الى 40جهازا على الأقل وذلك لن يتم إلا بتكاتف جهود المؤسسات الرسمية والمجتمعية، مؤكدا أن المؤتمر الثاني لمرضى الفشل الكلوي المنعقد مؤخرا في صنعاء خرج بنتائج وتوصيات هامة يجب العمل لترجمتها على أرض الواقع وبالتالي الاسهام في الحد من معاناة هذه الشريحة الاجتماعية الأكثر تضررا من الأوضاع التي تعيشها اليمن..
لماذا المؤتمر السنوي؟
المؤتمر السنوي الثاني لمرضى الفشل الكلوي اقيم في صنعاء بالتزامن مع اليوم العالمي لمرضى الفشل الكلوي، وقد شهد مشاركة واسعة من قبل المختصين وممثلي كثير من المنظمات والهيئات الرسمية والمدنية وله اهمية كبيرة للفت انظار المجتمع المحلي والدولي الى معاناة مرضى الفشل الكلوي، وكان من ابرز المبررات التي اقيم من اجلها كما يقول مسؤولو المستشفى الجمهوري ومؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان ارتفاع نسبة المصابين بالمرض وكثرة المصابين الذين يحتاجون الى عمليات زراعة الكلى اضافة الى عدم تمكن المرضى الفقراء من زراعة الكلى ذات التكلفة المالية العالية وعدم القدرة على شراء الأدوية من قبل الكثير منهم ممن يعانون الفقر الى جانب قلة مراكز الغسيل القائمة بعددها واجهزتها ومحاليلها وامكانياتها التشغيلية في العاصمة وكافة مناطق اليمن وكذا قلة الدعم من الجهات المعنية والمجتمعية وضعف التوعية بمخاطر الفشل الكلوي على الفرد والمجتمع وجهل المجتمع أسباب المرض ومخاطره..
أهداف ونتائج
المؤتمر الذي عقد في قاعة السلال بالمستشفى الجمهوري بمشاركة عدد كبير من المؤسسات والمنظمات الرسمية والمجتمعية المحلية وضع في مقدمة اهدافه تعزيز التشبيك والتنسيق مع الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في سبيل الحد من معاناة المرضى صحيا واجتماعيا ونفسيا .
ويقول مسؤولو المستشفى الجمهوري: المؤتمر جاء في ظل ظروف صعبة يمر بها الوطن ، وكذا مرضى الفشل الكلوي الذين يتعرضون لشتى أنواع المعاناة والألم ،خاصة في ظل نقص وانعدام الكثير من المحاليل والأدوية المصاحبة لعملية الغسيل، وكذا توقف الكثير من مراكز غسيل الكلى في معظم المناطق والمدن اليمنية، ما سبب ضغطاً كبيراً على مراكز الغسيل في أمانة العاصمة ومن ضمنها مركز الغسيل في المستشفى الجمهوري الذي يعاني من ضغط شديد من قبل المرضى الذين يترددون على المركز بشكل كبير وهناك صعوبة كبيرة في استيعاب كافة المرضى وتلبية كافة متطلباتهم .
كما ان من اهداف المؤتمر الذي يعقد للسنة الثانية على التوالي- بحسب المدير التنفيذي لمؤسسة الشفقة منصور القطريفي -يتمثل في توعية المجتمع وتعريفه بمرض الفشل الكلوي وأسبابه والوقاية منه وطرق علاجه ..وكذا لفت أنظار المنظمات الدولية والشركات والجهات ذات العلاقة وتشجيعهم على المساهمة في دعم جهود التخفيف من معاناة مرضى الفشل الكلوي وإنقاذ العديد منهم من الموت ..مشيرا الى ان اعداد المصابين بمرض الفشل الكلوي ارتفع مؤخرا بشكل كبير ليصل الى اكثر من 50 ألف مريض ومريضة، موضحا أن من ابرز اهداف المؤتمر الثاني تنفيذ 50عملية زراعة كلى للحالات الفقيرة وتوفير الأدوية اللازمة للمرضى ومراكز الغسيل واعادة تأهيل المراكز القائمة وتوفير ما أمكن من الأجهزة والمعدات لتشغيلها.
لذلك كان من ابرز نتائج وتوصيات المؤتمر العمل على تفعيل عملية زراعة الكلى في المستشفيات الحكومية لأهميتها في دعم مرضى الفشل الكلوي وكذا بذل الجهود لإعادة تفعيل مراكز الغسيل الكلوي بالمستشفيات الحكومية، ودعم مراكز الغسيل الكلوي المتوقفة عن الخدمة في مختلف محافظات الجمهورية واعادة تفعيلها، والدعوة إلى إنشاء مراكز غسيل كلوي في المدن الرئيسة في بقية المحافظات التي لا يوجد فيها مراكز غسيل كلوي، اضافة الى دعوة كل المنظمات الانسانية المحلية والدولية الى تخصيص جزء من ميزانيتها المالية لدعم جلسات الغسيل الكلوي في اليمن .
كما دعا المؤتمر اطباء واستشاريي الكلى والمختبرات ومراكز الأشعة الى عمل تخفيض مناسب لمرضى الفشل الكلوي .
واكد المؤتمر على ضرورة تحمل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الانسانية الفاعلة مسؤولياتها تجاه مرضى الفشل الكلوي وتخصيص كفالات رعاية اجتماعية لأسرهم .
واكد المؤتمر أيضاً على ضرورة قيام وسائل الإعلام والقنوات الفضائية بدورها في التوعية والتثقيف بمخاطر مرض الفشل الكلوي وطرق الوقاية منه.
الطفل مهند القدسي ومشاعر مؤثرة
الطفل مهند القدسي ذو الـ13عاما والمصاب بالفشل الكلوي ألقى كلمة المرضى في افتتاح المؤتمر وسقط مغشيا عليه قبل أن ينهي كلمته في مشهد انساني مؤثر جسًد بصورة كبيرة المعاناة التي يعيشها مرضى الفشل الكلوي، وفي مبادرة انسانية رائعة اعلنت مؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان وعلى لسان رئيسها واثق القرشي التكفل بالرعاية الطبية الشاملة للطفل مهند في مبادرة انسانية رائعة تستحق التقدير..
وتعمل مؤسسة الشفقة التي كانت شريكا في اقامة المؤتمر الثاني لأمراض الفشل الكلوي والسرطان منذ تأسيسها في العام 2008م على تقديم خدمات الإيواء والتغذية والرعاية الصحية والحماية والدعم النفسي وتوفير العلاجات اللازمة والمواصلات والمساعدات العينية والنقدية للمرضى، ويقول منصور القطريفي المدير التنفيذي لمؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان أن المؤسسة تركز في خدماتها بشكل رئيسي على المرضى القادمين من المحافظات، مشيرا الى انها تستوعب 106اسرة بمعدل دوران خمسة مرضى للسرير الواحد وهي قابلة للزيادة في حال توفر الدعم اللازم مع خدمة تسكين المرافقين ..ويضيف القطريفي أن المؤسسة قدمت خدماتها منذ التأسيس لنحو 90 ألف مريض ومريضة مع مرافقيهم وقدمت خلال العام الماضي 2018م دعما طبيا لعدد من مراكز الغسيل الكلوي في العاصمة وغيرها من المراكز في محافظات اخرى ناهيك عن توزيع وبشكل مستمر ادوية لمرضى الفشل داخل المؤسسة وخارجها وتسعى من خلال توسيع علاقاتها وشراكتها مع عدد من المنظمات المحلية والدولية والجهات الرسمية الى تعزيز جهودها في خدمة ورعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان.