قتيل على باب الكهف..!!

الخطأ وارد في كثير من الأحوال.. ولكن الخطأ في هذه الواقعة أودى بحياة شخص وهو المجني عليه الذي أزهقت روحه وهكذا بلا سابق مقدمة أو إنذار ما.. وكان القتيل «المجني عليه» هو من سار إلى الجاني بنفسه.. ونادى عليه وأخذه من بيته ثم ذهب وإياه إلى المكان الذي تعرض فيه لإطلاق الرصاص عليه وقتله.. والأغرب من ذلك أن السبب الذي أدى للجريمة لم يكن دافعاٍ شخصياٍ ولا ثأراٍ انتقامياٍ وإنما أمر آخر هو أقرب للخيال وأبعد من أي تصور بل وقد لا يخطر على بال.. وما قد يأتي بين السطور هو أكثر غرابة وأعمق إثارة.. ومع التفاصيل والوقائع من البداية.
اليوم الجمعة والوقت كان الثانية عشرة إلا ربعاٍ قبل حلول موعد صلاة الجمعة حين تم إبلاغ إدارة البحث الجنائي بمنطقة رداع محافظة البيضاء من أحد المستشفيات بالمدينة عن وصول شخص اسمه «ابن أحمد» وعمره «40» عاماٍ وهو مصاب بإطلاق نار في ساقيه اليمنى واليسرى والإصابة أدت إلى وفاته أو مقتله والجاني هو شخص يدعى «بن علي»… و…
فانتقلوا عقب هذا البلاغ من البحث إلى المستشفى وهم الضباط المناوب وبعض الضباط من زملائه الذين كانوا متواجدين بالإدارة ومنهم الأخ فيصل العبدلي والأخ صالح الكولي وكذا خبير الأدلة الجنائية الأخ عبدالعزيز سميع ثم لحقهم مدير البحث العقيد عبدالله المطلاعي وبعض الأفراد من أمن رداع.
حيث قاموا هناك بإجراءاتهم المتبعة تجاه الحالة وهي المعاينة لجثة المجني عليه وتصويرها وتحديد الإصابات فيها وإيداعها بعد ذلك ثلاجة المستشفى للحفظ مؤقتاٍ إضافة إلى ضبط بعض الأشخاص وأولهم الشخص الجاني المدعو «بن علي» الذي كان متواجداٍ في المستشفى ولم يحاول الفرار أو الاختفاء وهذا مما كان من حسن حظهم وتوفيقهم..
وقد تم إيصال من تمكن رجال الشرطة من ضبطهم إلى إدارة البحث وباشروا بنفس اليوم فتح محاضر الاستنطاق معهم في الوقت الذي قاموا فيه بالتواصل مع أهل القتيل واستدعائهم وأخذ إفاداتهم ومنهم شقيقا المجني عليه واللذان أحدهما اسمه عبدالله والآخر حسين واللذان أفادا بما يؤكد أنهما تبلغا عن مقتل أخيهما عن طريق أحد أولاد عمهما والذي اتصل بهما هاتفياٍ وأخبرهما خلال ذلك: أن أخاهما «القتيل» ذهب إلى عند المدعو بن علي «الجاني» وطلب منه أن يأتي معه بسلاحه الآلي لكي يبحثا عن أحد الكلاب ويقوما بقتله كون الكلب المشار إليه تعرض لولد أحد الأصدقاء من الأهالي واعتدى عليه وعضه بوحشية ثم هرب باتجاه أطراف المنطقة فلبى المدعو بن علي طلب أخيهما «المجني عليه» وسار معه بسلاحه واتجها للبحث عن الكلب في أطراف المنطقة حتى وصلا إلى مكان رأيا فيه الكلب المقصود والمكان كان بالقرب من كهف «جرف» أسفل جبل أو حصن فسارعا نحو الكلب وحاول المدعو بن علي تصويب سلاحه باتجاه الكلب يريد إطلاق النار عليه وقتله ولكن الكلب والذي كان أشبه بالوحش المسعور والمفترس قفز خلال ذلك على (أخيهما) المجني عليه كمن أراد عضه ونهشه وأكله وهرب منهما إلى الكهف (الجرف) في الحصن أو الجبل فقام المدعو بن علي في اللحظة بإطلاق النار عليه (أي على الكلب) وأصيب أثناءها شقيقهما (المجني عليه) عن طريق الخطأ.. أو هكذا ذكر الشقيقان للمجني عليه في إفادتيهما وحسب ما أخبرهما به ابن عمهما الذي اتصل بهما وأبلغهما عن مقتل أخيهما.
في حين ورد في أقوال المتهم المدعو بن علي فتح محضر جمع الاستدلالات معه واستنطاقه بعد ذلك بما يكشف ويوضح أو يثبت أنه المتهم الوحيد ومرتكب الواقعة دون غيره وأن الجريمة وكيفيتها حدثت كما سبق ووردت في إفادتي أخوي القتيل وبالأخص منهما الأخ حسين الذي توافقت وتطابقت افادته مع أقواله -أي مع المتهم- واعترافه بالواقعة كأنها هي.. وأضاف المتهم (الجاني) بأن الواقعة وقعت بالفعل بلا قصد ولا عمد كانت بالخطأ كما أنه لم يكن هناك خلاف وعداء من أي نوع بينه والمجني عليه من قبل وأن علاقته به كانت ودية وعلاقة صداقة ومن النوع الوثيق والمتفاهم المتقارب جداٍ وليس ثمة ما يثير الشك بشأن ذلك.
وكان بهذا الاعتراف الصريح والواضح للمتهم المدعو بن علي وتأييد ما سبق وجاء في إفادتي أولياء الدم له وبالذات شقيقي القتيل ومنهما الشقيق حسين الذي تطابقت افادته تماماٍ مع ما سرده المتهم في اعترافه ومن البداية حتى النهاية أن اكتملت أوراق القضية وتبينت معالمها وأركانها وانكشفت ملابساتها بل وأزيل الستار عن أي غموض بحيث أمست أمام فريق التحقيق والبحث برداع مستوفية وجاهزة لإحالتها وإرسالها مع المتهم «الجاني» لجهة الاختصاص وهي النيابة المعنية كقضية جنائية جسيمة هي الأولى من نوعها في سرعتها وسهولتها من ناحية الإجراءات والمتابعة والضبط فيها على عكس القضايا الأخرى وبالذات منها «القتل» التي غالباٍ ما تكون معقدة وغامضة وصعبة كثيراٍ في متابعتها وانكشاف ملابساتها وضبطها وبعض ما قد تكون خطيرة وفيها مغامرة ومواجهة ما هو أسوأ.. وما أكثر هذه الأنواع من القضايا التي واجهوا فيها الخطر وغامروا أثناء متابعتها وضبطها..
فتحية لرجال مباحث وأمن رداع وتحية لكل رجال الشرطة القابعين في مواقع أداء الواجب أينما كانوا.

قد يعجبك ايضا