الأب الروحي للإرهاب
أحمد يحيى الديلمي
منذ تقمص الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش دور الأسد الجريح وأعلن الحرب الشعواء على الإسلام عقب أحداث سبتمبر 2001م الشهيرة وحقائق العداء الصارخ للإسلام والمسلمين تتكشف تباعاً لأن الرجل استخدم في اعلانه لفظة الحرب الصليبية متأثراً بمعتقداته ومنساقاً وراء أحلام المسيخ الدجال وقاعدة ” من لم يكن معنا فهو ضدنا ومن خالفنا في ا لمعتقد فهو عدونا ” فكانت الحرب على أفغانستان عام 2001م والعراق عام 2003م وسقطت الآلة العسكرية الأمريكية لتفقد أمريكا في حربها على الإرهاب مصداقيتها لدى المجتمع الدولي مما دفع أمريكا إلى استرجاع الشعار القديم الصالح لكل زمان ومكان ، دعوى نشر الديمقراطية كأساس لتحقيق الازدهار إلا أن هذا الشعار سقط بفعل جثث وأشلاء الأطفال والنساء ، ولأن الأله العسكرية الأمريكية أانهكت اقتصادياً ولوجستياً وعجزت عن التحرك عسكرياً لاستكمال مشروعها الشرق أوسطي الكبير وزادت الخيبة بعد الانتصار الساحق الذي حققته المقاومة اللبنانية عام 2006م مما أضطر القيادة الأمريكية أن تلجأ إلى استراتيجية جديدة فوجهت العقول والقلوب والدولارات نحو جبهة غير مرئية بدعوى الحرب على الإرهاب فأنفقت الولايات المتحدة الأمريكية ملايين الدولارات بهدف تغيير وجه الإسلام ذاته واستغلال حالة ذعر الأنظمة العربية والإسلام ليكونوا هم السباقين إلى الإعلان بأن الإسلام هو الخطر الحقيقي على مستقبل الأمن والسلام في العالم ، واعتماد مصطلح (الإسلام فوبيا) لتأكيد هذه الحقيقة .
على ضوء هذه التحولات بدات مرحلة جديدة أطلق عليها البعض معركة تغيير العقول والقلوب للتحكم في مسار الحرب للانتقال من الدبابة والطائرة والبارجة والمدفع إلى التفجيرات والتفخيخ والاغتيالات الفردية والجماعية استناداً إلى عمليات استخباراتية خفية يوجه فيها المال إلى اللاعبين بالعقول والقلوب من الوعاظ والخطباء والإعلاميين وقادة الرأي في العالم الإسلامي والاستفادة من جماعات الانغلاق والغلو و التطرف لترجمة استراتيجية البيت الأبيض السرية بعنوان ( توعية العالم الإسلامي ) التي نصت أن يكون لأمريكا إشعاعها الفكري في العالم الإسلامي لكي تؤثر فيما يحدث داخل الإسلام ذاته للانتقال بفكرة التطرف من الجماعات إلى دول بذاتها من خلال وصف الدول والجماعات السائرة في فلك أمريكا بالمعتدلة مقابل نعت الأخرى المتمسكة بخيار المقاومة بالتطرف والإرهاب وتوجيه بوصلة جماعات الإرهاب والتطرف الحقيقية إلى الداخل الإسلامي بدعوى الثورة على الظلم والخلاص من أنظمة الاستبداد وفق الاستراتيجية ذاتها تبني الرئيس الأمريكي الحالي “ترامب” حملة شرسة ضد الهجرة ووضع دول إسلامية بذاتها في قائمة الحظر ومنع ابنائها من الدخول إلى أمريكا واستدراج دول أوروبا لاتخاذ نفس المواقف المتشددة حفاظاً على الهوية ومزعوم النقاء .
واستقر خطاب التحريض في أذهان جماعات التطرف اليميني المسيحي معززاً بخطابات مؤسسات الإعلام الصهيوني التي عمقت الحقد والكراهية لكل ما هو إسلامي .
من نفس النقطة يمكننا قراءة المشهد ومعرفة الأسباب الحقيقية وخلفيات الحادث الإجرامي البشع الذي استهدف المصلين بجامع النور بنيوزيلندا ، وبالتالي معرفة أن أمريكا هي الأب الروحي للإرهاب بشقيه الإسلامي والمسيحي .
من المفارقات العجيبة أن حادث نيوزيلاندا وقع في نفس اللحظة والمكان والمناسبة التي حدث فيها تفجير جامعي الحشوس وبدر وهذا يعني أن مصدر الإرهاب وصانعه والأب الروحي له واحد هو أمريكا .
والله من وراء القصد ..