أما آن لليمانيين أن يتحدوا ؟!

عبد العزيز البغدادي
لا أتساءَل هناعن الوحدة السياسية الاندماجية الديماغوجية فقد شهدنا أسوأ نماذجها ورأينا أفدح تداعيات انهيارها بسرعة البرق!،
نعم لا أقصد وحدة 22 / مايو/ 1990 التي استوردناها معلبة بدون إحساس ناضج بالمسؤولية لنقدمها قرباناً لطغاة الانتهازية والتبعية فيذبحونها بعد أربع سنوات من المعاناة الناتجة عن ارضاعها سموم الإفساد المنظم، ولأن الوحدة كقيمة ومطلب إنساني وديني وأخلاقي دائم فإننا لانزال نرى الطيبين والانتهازيين معاً يتسابقون للاحتفال بها في كل عام رغم كل المعاناة من أجلها أو في سبيلها !؛
لا أتساءل عن الوحدة الاحتفالية التي أريد لها ومن خلالها أن تكون أداة لاغتيال الحلم بوحدة حقيقية، ولا عن الوحدة الهمجية التي تم التخطيط لإضعاف اليمن من خلالها ليكون تابعا لبدو الجزيرة ولا أتحدث عن الوحدة التي قدمت اليمن لهؤلاء الأعراب على طبق من ذهب من خلال تسليم قيادة الوطن لمن يتبعون السعودية ومن يديرها وهذا مصير محتوم كان على الشرفاء من قيادات اليمن بشطريه ادراكه!
الوحدة المطلوبة ليست تلك التي قادها اللصوص وتجار الخمور والمخدرات إلى هاوية البداوة واستلاب القرار والتبعية للعملاء ولا التي سلمت من خلالها رقاب اليمنيين لمن باعوهم في سوق النخاسة ولا لمن جعلوا ارضهم نهباً لمن هم مستباحون للأجنبي أرضاً وعرضاً وكرامة؛
ولا الوحدة التي يقودها معتوهٌ قاتلْ عديم الضمير مستهتر جاهل بتاريخ اليمن ومكانتها وعمقها الاستراتيجي ونحن هنا لا نذم شخصاً في سلوك شخصي لكننا نتحدث عن شأن عام لا ينتهي بموت أحد لتعلقه بحياة الأحياء !!؛
لا اتحدث عن وحدة منزوعة الكرامة والسيادة والشرف ولا الوحدة المجردة من مقومات الوحدة إنما أعني بالوحدة تلك التي تقوي وتضم العزائم والإرادات بعضها لبعض وتحترم التنوع وتعرف كيف تستفيد منه !، وحدة تحرسها الكرامة ويغذيها شرف الانتماء، وحدة الوعي الوثاب والضمير الحي، الوحدة التي تجمع قدرات اليمن وإمكاناتها لتضعها في مكانها الطبيعي اللائق المعبر عن هذه القدرات والإمكانات التي لا يراها إلا من يملك الوعي والعقل والإحساس بالمسؤولية‘
إنما أقصد الوحدة التي يقودها الأحرار الأقوياء غير المسكونين  بالعنصرية والطائفية والمناطقية وأمراض التخلف التي أضعفت اليمن وساعدت أعداءه على استباحة أرضه بكل تفاصيلها الغنية بالثروات .
الوحدة التي لا مكان فيها للعملاء والمرتزقة وعديمي الضمير والاحساس بما يعانيه اليمنيون من هذا العدوان غير المسبوق في التأريخ!
ولا الوحدة التي يصبح فيها عميل السعودية زعيمآ أو قائدآ سياسيا شارك في دفع الجماهير المغيبة لرفع رأس الفساد على رؤوسهم أو منظرا للوحدة والثورة والجمهورية والديمقراطية تائها، ولا التي يغيب فيها الوعي عن معرفة أن الطريق إلى الوحدة الحقيقية لا تنبت إلا على أرض اليمن ولاتنموإلا فوق جبالها وفي بطون أوديتها وتكبر في قلوب أبنائها،
وحدة غير قابلة للتلاعب أو التراجع أو المتاجرة لأن أساسها متين وسقفها عال، والسلطة الشريفة لا شك عنوانها!
وبداية الطريق نحوهذه الوحدة وجود وعي يفرق صاحبه بين العدو والصديق وعصبه الإحساس بالمسؤولية، وليس عصياً على أبناء اليمن معرفة من يعتدي على وطنهم ويحتل شواطئه وموانيه ومناطق ثرواته ليتوحدوا في مواجهته أولا ولن يصعب عليهم فهم أن الوحدة سيئة الصيت قد اختير وقتها بعناية لتكون وسيلة لتمزيق اليمن وتشظيها!؛ ولا يمكن أن يغيب عن اذهانهم حتمية وضرورة التوحد في مواجهة العدوان الخارجي؟
لقد رأينا كيف سلبت المصالح الأنانية المتوحشة وعي مدعي الثقافة وغيبت ضمائرهم   عن إدراك حقيقة بديهية أدركها أناسٌ بسطاء في القبيلة وهي أن أصحاب الوطن الواحد يستفزهم أي عدوان خارجي على أي جزء من وطنهم فيتحدوا لمقاومته وينسوا أو يتناسوا خلافاتهم السياسية أو القبلية إلى أن يزول الخطر ثم بعد ذلك من حقهم أن يتحاسبوا ومن حقهم أن يعفوا (ومن عفا وأصلحَ فأجره على الله) الحكماء يجيدون توظيف حالتي العفو أو الحساب لمصلحة الوطن الذي توحدوا للدفاع عنه،
وهل يتوقع أحد ممن لجأ إلى السعودية اللاشرعية يستجديها الشرعية وهي التي أنفقت المليارات على التسلح استعدادا للاعتداء على اليمن وغزوه بحجة دعم شرعية اللصوص والقتلة وأن هذا التسلح بدأ قبل عقود ومستمر حتى اللحظة أي أنها دولة وظيفتها العدوان على اليمن والاستيلاء على أراضيه الغنية أما الكيان الصهيوني فهو صديقها الحميم وتوأم وجودها!، هل يتوقع هؤلاء خيراً من عدوٍ هذه أخلاقه؟!
الوحدة اليمنية المنشودة إذاً هي الوحدة التي يجب أن يكون سلاحها الأول المواءمة بين الوعي بقيمة اليمن والإحساس بالمسؤولية تجاهه!
يوم الوحدة الحقيقية المنشودة غير القابلة للمزايدة ولا للارتهان ولا للعمالة أو اللجوء للاستعانة بالخارج على شريك الوطن لا شك آت لأن العالم كله متجه نحو التوحد مهما وجد من عوارض مرض التجزؤ ؛
إن حالة الهوان رأينا ملامحها وآثارها في العراق وسوريا ولبنان وعشنا مآسيها ولانزال نعاني منها في يمننا العزيز، ومع ذلك أرى محور المقاومة يتبلور يوماً فيوما ولدي يقين بأن أبناء اليمن لهم وثبات كوثبات الأسود كما قيل وأبناء الجنوب الأحرار بلا شك جزء أساسي من نواته ومبتدئه لأنهم حتماً لن يرضوا باغتصاب أرضهم وهتك أعراضهم ولن يبقوا أداة ضد وطنهم !،
(قل هو الله أحد)
أيكم يضرب الرمل
أيكم يرجم الحصى
ومن يحمل عصى موسى
وطيراً أبابيل
من يهش الأراذل عن أرضنا
من يوحِّد أفئدةَ القوم ِ
ويمضي بهم نحو غاياتهم ْثم يفشي السلام
من يرفض الضيم عن عرضه لا ينام.

قد يعجبك ايضا