الثورة نت/..
للمرة الأولى منذ ما يزيد على عشرة أعوام، تلقّت السعودية توبيخاً في مجلس حقوق الإنسان، شاركت في توقيعه دول الاتحاد الأوروبي كافة. لكن هذا التوبيخ، الذي يأتي على خلفية تصاعد الاعتقالات ورفض التعاون في قضية جمال خاشقجي، يقابله تشبّث بإبقاء صفقات الأسلحة مع الرياض، ورفض متواصل لأي خطوة عقابية ضد المملكة
توازياً مع رفضها إدراج السعودية على قائمة الدول المتهاونة في مكافحة تمويل الإرهاب، أيّدت الدول الأوروبية بياناً في مجلس حقوق الإنسان يدعو المملكة إلى إطلاق سراح عشرة نشطاء، ويطالبها بالتعاون مع التحقيق الأممي في مقتل الصحافي جمال خاشقجي. مفارقة تجلّي طبيعة التكتيكات الأوروبية في التعامل مع الرياض، القائمة على رفض اتباع خطوات من شأنها تهديد المصالح التي تجمع تلك الدول بالسعودية، وفي الوقت نفسه عدم ممانعة اتخاذ مواقف كلامية لا تكلّف حكومات الاتحاد الأوروبي ثمناً. مع ذلك، يبقى لهذه المواقف دورها في عرقلة جهود المملكة لمحو آثار مقتل خاشقجي، خصوصاً أنها تتوازى مع تصاعد المزاج المناوئ للرياض داخل الكونغرس الأميركي.
يوم أمس، وللمرة الأولى منذ تأسيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2006، تلقّت السعودية أول توبيخ لها، سطّرته أكثر من 30 دولة، بينها كل دول الاتحاد الأوروبي الـ28. ودعا البيان، الذي تلاه مبعوث أيسلندا إلى مكتب الأمم المتحدة هارالد أسبيلوند، إلى الإفراج عن النشطاء لجين الهذلول، إيمان النفجان، عزيزة اليوسف، نسيمة السادة، سمر بدوي، نوف عبد العزيز، هتون الفاسي، محمد البجادي، أمل الحربي، وشدن العنزي. وتأتي هذه الدعوة في أعقاب إعلان السعودية، السبت الماضي، اعتزامها إحالة المعتقلين المذكورين على «المحكمة المختصّة» بعد «انتهاء التحقيقات»، التي تخلّلتها عمليات تعذيب بالكهرباء والجلد، فضلاً عن انتهاكات جنسية. وجددت السلطات اتهام النشطاء، الذين اعتُقلوا على خلفية حراكهم الحقوقي، خصوصاً في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، بـ«العمل المنظم على النيل من أمن المملكة واستقرارها وسلمها الاجتماعي، والمساس باللحمة الوطنية».
وفي ردّها على ذلك، أعربت الدول الموقعة على بيان الأمس، الذي أيدته كندا وأوستراليا دون الولايات المتحدة، عن «القلق في شأن استخدام قانون مكافحة الإرهاب، وغيره من الأمور الخاصة بالأمن القومي، بحق أفراد يمارسون حقوقهم وحرياتهم بشكل سلمي». وحول قضية خاشقجي، جدد البيان إدانة حادثة القنصلية السعودية في إسطنبول، مطالباً بـ«تحقيق مستقل وموضوعي وشفاف فيها»، وحاضّاً السعودية على التعاون مع التحقيق الذي تقوده مقررة الأمم المتحدة الخاصة لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون، أغنيس كالامار. وهو ما رأت فيه كالامار «خطوة مهمة لضمان المحاسبة»، لافتة إلى أن «على المجتمع الدولي مسؤولية مشتركة لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان، في بلد استطاع حتى الآن التملّص من هذا النوع من التدقيق».