أمريكا تطرد سفير السعودية خالد بن سلمان ..
محمد الوجيه
بعد نحو عام وسبعة أشهر تطوى صفحة الأمير خالد بن سلمان بوصفه سفيرا للرياض في واشنطن وهي من أقصر المدد التي قضاها سفير سعودي في الولايات المتحدة الأميركية وقد ابتعثت المملكة اليها منذ تأسيسها قبل نحو تسعين عاما عشرة سفراء فقط، ليعين بعد طره من أمريكا نائباً لوزير الدفاع لتأمين المملكة السلمانية او لتأمين الدولة السعودية الرابعة كما يحب ان يسميها “الذباب الإلكتروني” التابع لمحمد بن سلمان، وكذلك يساعد أخاه ولي العهد ووزير الدفاع الذي فشل فشلا ذريعاً في عدوانه على اليمن وخسارته الكبيرة للحد الجنوبي حيث وأن أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية يسيطرون على معظم المواقع العسكرية السعودية الهامة ويلحقون بالجيش السعودي الهزيمة الكبرى بالأرواح والعدة والعتاد.
قد نجد أن المال السعودي يلعب لعبته في المنطقة لشراء الولاءات او القرارات السياسية لكنه ورغم الأموال الطائلة التي يدفعها للولايات المتحدة الأمريكية نجد هذا النظام خاضع لهذه المؤسسات الأمريكية والتي لا تنظر اليه سوى “بقرة حلوب” كما وصفهم الرئيس الأمريكي “سيدهم” دونالد ترمب، ولذلك حاول النظام السعودي ان يصوّر هذا الأمر على انه حدث طبيعي في مسار العلاقات السياسية والدبلوماسية السعودية – الأمريكية إلا ان الكثير من المراقبين توقف حول هذه القرارات الملكية ورجعوا بالذاكرة الى خطابات أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين تعهدوا بمساءلة وطرد سفير السعودية لدى أمريكا الأمير خالد بن سلمان كونه من المشتبه بتورّطهم بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وقدم تطمينات للضحية بالذهاب الى تركيا إضافة الى انه كذب بعد وقوع الجريمة بشأن قضية خاشقجي الذي قتل تقطيعا بالمنشار في القنصلية السعودية بإسطنبول بأوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحسب التقرير الذي حصلوا عليه من مدير الاستخبارات المركزية الامريكية جينا هاسبل.
السفير خالد بن سلمان كذب مرارا حول قضية مقتل خاشقجي وذلك من خلال تصريحاته المتعددة لوسائل الإعلام منها تصريحه لوسائل الإعلام الأمريكية وغيرها بأن الضحية خاشقجي دخل القنصلية لمدة ثلث ساعة ثم غادرها بعد استكمال معاملته هناك وإن المملكة العربية السعودية حريصة على أمن وسلامة المواطن جمال خاشقجي، اما الكذبة الثانية للسفير السعودي بواشنطن سابقا فقد كانت حول تصريحه بأن الكاميرات في القنصلية لا تسجل وجاء تكذيبه من السعودية نفسها وعبر بيان النائب العام السعودي سعود المعجب الذي أكد بأن كاميرات القنصلية تم تعطيلها بشكل متعمد من قِبل أحد أعضاء فريق الاغتيال.
كان لوقع هاتين الكذبتين صدى كبير داخل الكنغرس الأمريكي اذ طالب العديد من الأعضاء بمساءلة وطرد السفير السعودي خالد بن سلمان كونه كذب عليهم وبأنه أصبح جزءاً من الجريمة وبالتالي لا بد من محاسبته وطرده.
السيناتور الأمريكي ديك ديربن كان قد دعا إلى طرد السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان بشكل رسمي، بسبب أكاذيبه والتورط المباشر لشقيقه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، وجاء طلب السيناتور ديربن، بعد وقت قصير من مشروع قرار قدّمته مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يُحمّل ولي العهد السعودي مسؤولية قتل خاشقجي.
مسؤولية الأمير خالد بن سلمان الى جوار شقيقه ولي العهد أو اتهامه باستدراج الصحافي الراحل إلى قنصلية بلاده في تركيا، هو الدافع الرئيسي لطرده من أمريكا وبالتالي لم يعد بقاؤه مثمراً لا للسعودية ولا لمحمد بن سلمان، بالعكس هو كلما كان موجوداً أكثر كلما ذكّر الكونغرس والاعلام الأمريكي بقضية خاشقجي فكان من الأولى إعادته للسعودية وتعيينه نائباً لوزير الدفاع.
لكن تعيينه بمنصب نائب وزير الدفاع، أي نائباً للأمير بن سلمان وزير الدفاع، هو أمر لافت أيضاً، فولي العهد محمد بن سلمان لم يعد يثق بأمراء آل سعود، لقد خاض منذ البداية معركته مع العديد من الأمراء وقام باعتقالهم وتجريدهم من مناصبهم وجزء كبير من أموالهم، وبالتالي وضعه الى جواره لمزيد من الاحكام على المؤسسة العسكرية سيما وان قادم الأيام ربما يكون هناك تذمر كبير بعد النتائج المخزية للنظام السعودي والتي نراها في الحد الجنوبي من مقتل شبه يومي لعشرات الجنود السعوديين وتدمير واعطاب مئات الآليات والمعدات العسكرية من قبل أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية.
خلاصة القول وهو ان العلاقة بين محمد بن سلمان وكل المجتمع السياسي الأمريكي باستثناء ترمب وكوشنير هي علاقة متوترة، علاقة رفض يشوبها الريبة وعدم اليقين وبحاجة الى ترميم خصوصا عندما نتحدث عن الكونغرس الأمريكي وكذلك الإعلام الأمريكي وعن مؤسسات حقوق الإنسان أيضا، وبالتالي ما يجري من أوامر ملكية سعودية هي محاولة من ولي العهد السعودي لترميم علاقته بالمجتمع السياسي الأمريكي الرافض لتصرفاته الطائشة كمسؤوليته عن ارتكاب جرائم حرب وإبادة من خلال عدوانه على اليمن ومقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وكذلك انتهاكه لحقوق الإنسان في الداخل السعودي وتعرض بعض المعتقلات السعوديات للتحرش الجنسي والاغتصاب من قبل جنود محمد بن سلمان بحسب منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.