الأمريكان ..روافض ومجوس
أحمد يحيى الديلمي
لا أدري لماذا يصل الهوس بالبعض إلى حد أنهم يفقدون السيطرة والقدرة على اختيار الألفاظ التي يتحدثون بها عن الآخرين ، فتجد أنهم يخلطون بين المسميات والصفات بشكل مريب جداً ، كما حدث مع عادل الجبير الوزير الذي انتكست رايته في السعودية من وزير للخارجية إلى وزير دولة ، هذا الجبير بالأمس القريب أراد أن يُعلق على ما يجري من حراك سياسي ورفض لقرارات الحكومات من قبل بعض الأحزاب في أمريكا وبريطانيا ، فأنطلق بالحديث عن الديمقراطيين في أمريكا وحزب العمال في بريطانيا ليعتبرهم مجوسا وروافض ، وكأن لسانه من كثرة التهم التي كالها على اليمنيين والإيرانيين قد تعودت على هذا الكلام ، وبالتالي لا يهتم إن كان من سيصفهم مسلمين أو غير مسلمين ، وهكذا قال للصحفي الذي سأله عن تقييمه لما يجري من حراك مناوئ لبلاده في أمريكا وبريطانيا، بالذات من أعضاء في الحزب الديمقراطي الأمريكي وحزب العمال في بريطاينا ” هؤلاء اصبحوا روافض ومجوس ” أليست مفارقة عجيبة أن يصل الأمر بهذا الرجل إلى هذا الحد من الغفول ؟! أنظروا لو وضعنا المشهد المتغطرس المتسم بالجبروت والكبرياء للرجل نفسه عندما أعلن بداية العدوان على اليمن وهو سفير في واشنطن ، وموقفه اليوم بعد أن تدنى في المنصب إلى وزير دولة ، ولعلها لعنة اليمن ستظل تلاحقه إلى أبد الآبدين لأنه بالفعل كان أكثر الناس حماساً واختلاقاً للمبررات والأعذار كمدخل لتبرير العدوان على اليمن ، ومن رأى حاله في وارسو بعد انقضاء جلسات المؤتمر كيف أنه تهرب من الصحفيين ولم يشأ أن يقحم نفسه في موضوع قد وكل به الوزير البحراني والمدعو اليماني فهم من جاهروا بفاحشة التطبيع ولم يكتف اليماني بالمجاهرة والإعلان الصريح، لكنه جلس جنباً إلى جنب مع نتنياهو رئيس وزراء دولة الكيان الصيهوني ، وكما يقال ” أراد أن يكحلها أعماها ” حيث أرجع ما حدث إلى البروتوكول وسوء التنظيم ، فأي برتوكول يا يماني وأي شعب تتحدث عنه وأي وزارة تمثلها ؟! كلها عبارة عن تُرهات لا وجود لها إلا في ذهنك وذهن هادي وعلى كف من ألبسوك هذه الحقيبة من المعتدين السعوديين ، فأنت شئت أم أبيت مجبر على ترجمة ما يجول بخاطر الجبير كي تتحمل الأذية وأمواج الغضب العربي والإسلامي نيابة عنه ، كما هو دأب السعودية دائماً تبحث عن كباش فداء وتوظف المال لتحقيق هذه الغاية.
إنها أشياء غريبة تحدث في عالمنا العربي بالذات في الدول التي تتقاذفها أمواج التطبيع والخيانة والانسحاق النفسي مقابل الهيمنة والإذلال والغطرسة الأمريكية ، فاليماني وغيره من الوزراء وإن جاهروا بالفاحشة لم يكونوا سوى أدوات للجبير الذي رفض الإجابة على الصحفي ودفعه إلى التعليق قائلاً ” هل نعتبر السكوت علامة الرضا ؟ ” فطأطأ الجبير رأسه كما تعمل الفتاة عندما تطلب للزواج وذهب في حال سبيله ، أي أنه فعلاً راض عن كل ما جرى ، بل هو العراب ومن دفع تكلفة المؤتمر الذي عقد في وارسو بذلك الشكل الهزيل خلافاً لما كانت تتوقعه أمريكا وتسعى إليه.
فالحضور جاء متدنيا ونسبته أكثر تدنيا من حيث التمثيل والوفود القادمة من الدول المشاركة والتي بلغت (60) دولة فقط من (120)دولة وجهت الدعوة إليها وبعضها دول مزعومة كما هو حال اليماني الممثل لدولة الفنادق في الرياض.
إن الأمر في غاية الأهمية ويتطلب مواقف حاسمة كما عبر عن ذلك السيد العلم عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد المسيرة القرآنية عندما دعا إلى مواقف شعبية حاسمة وبالفعل لبت الجماهير الدعوة وخرجت بالملايين في شوارع المدن اليمنية لتواجه هذا الصلف والانسحاق العربي وتؤكد نصرة الشعب الفلسطيني .
وإن شاء الله تكون هذه المواقف مفتاحا لمواقف أقوى وأعظم في بقية الدول العربية والإسلامية حتى نتخلص من هذا الوباء وقافلة المطبعين من الزعماء الأذلاء الذين باعوا نفوسهم للشيطان المسمى أمريكا.