محمد باقر ياسين
قد يستغرب البعض عند قراءة العنوان أن ظاهرة الإلحاد موجودة في السعودية، فلا نلومه، فقد جهدت السعودية في الهيمنة على العالم الإسلامي والادعاء زوراً أهليتها لريادته، وأنها الأحق تمثيلاً للإسلام كونها تستند في أحكامها اليه وفيها قبلة المسلمين وقبر نبيهم، رغم أن الكثير من الظواهر التي تنتشر في أرجاء المملكة تنزع عنها اللباس الديني الذي تتستر به، ومن أبرزها ظاهرة الإلحاد التي تتنامى في بيئة تحيطها الوهابية من كل جانب، فهل الإلحاد موجودٌ فعلاً في السعودية؟ وما هي العوامل التي ساعدت على نموه؟ وكيف تحاربه المملكة؟ وهل نجحت في ذلك؟
* وجود الإلحاد في السعودية
عندما تلفظ اسم السعودية يتبادر إلى ذهنك فوراً أنه بلدٌ يطغى عليه دين التوحيد، لكن للأسف هذا لم يعد صحيحاً مع ظهور الإسلام الوهابي الذي سيطر على المملكة وأدى بممارساته الخاطئة للدين لنمو ظواهر متعددة ومنها الإلحاد. فهذه الظاهرة لها انتشار واسع في المملكة رغم عدم وجود أرقام رسمية توضح حجم الملحدين فيها، إلا أنها تتصدر العالم العربي من حيث عدد الملحدين. فحسب معهد غلوب الدولي فإن الملحدين يشكلون 10 % من سكان المملكة أي 20 ألف ملحد، وفي عينةٍ أخرى من استفتاء أجري في تويتر شارك فيه 4500 شخص كان من بينهم 1750 ملحداً أي ما يقارب 39 % من المشاركين هم ملحدون، وللدلالة أكثر على وجود هذه الظاهرة ومدى انتشارها فقد تحدث عنها كتّاب الصحف السعودية وكذلك مؤلفو الكتب والروايات، وتحدث عنها أطباء وفنانون وممثلون كبار أمثال ناصر القصبي الذي دعا إلى احترامهم، كما حذّر منها أعضاء في هيئة كبار علماء السعودية أمثال الشيخ عبد الله المطلق والدكتور سليمان أبا الخيل، كذلك تحدث خطباء عنها أبرزهم الشيخ عبد الرحمن السديس.
* عوامل نمو الإلحاد
هناك عوامل عديدة ساهمت في نمو ظاهرة الإلحاد أبرزها:
– التطبيق الخاطئ للدين الإسلامي أي الإسلام الوهابي.
– تجاوزات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
– العنف الأسري والإجبار على أداء الفرائض بالقوة.
– الخلل في مناهج التربية الدينية التي أضعفت المناعة ضد الإلحاد.
– سياسة السعودية في الابتعاث إلى الخارج.
– سياسات ولي العهد محمد بن سلمان التي من ضمنها تجميد عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إضافة إلى فعاليات هيئة الترفيه التي أعطت الحرية للملحدين.
* إجراءات المملكة في محاربة الإلحاد
قامت السعودية بالعديد من الإجراءات للقضاء على ظاهرة الإلحاد منها:
– مساواة حكم الملحد بحكم الإرهابي.
– إعطاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صلاحيات كاملة للقضاء على هذه الظاهرة.
– توكيل علماء الدين وخطباء المساجد بمهمة التحذير منها وتبيان عقوبتها الدنيوية والأخروية.
– كتابة العديد من المقالات التي تتحدث عنها وتوعي من مخاطرها.
– تأليف عدد من الكتب والروايات التي تتناولها.
رغم كل هذه الإجراءات التي جعلت السعودية الأولى عالمياً في مكافحة ظاهرة الإلحاد إلا أنها آخذة بالازدياد يوماً تلو الآخر، لأن المجتمع السعودي اشمأز من أفعال الوهابية في تطبيقها الخاطئ للدين الإسلامي حيث الصلاة بالإكراه، والدعوة للقتل بحجة الجهاد، والتكفير بحجة مخالفة الرأي الآخر ولو كان هذا الآخر من نفس المذهب.
لقد قرر قسم كبير هجران الدين، فأي دين يأمر بقتل وتجويع أبرياء اليمن، وبمنح ثرواته لعدوه، ويأمر بقتل وتقطيع وتذويب صحافي خالف رأيه السياسي رأي الأمير؟ لقد فرّ السعوديون من الإسلام الوهابي ولجأوا إلى أحضان الإلحاد الذي زينه الغرب لهم، فمن يعيد هؤلاء الملحدين إلى الدين الإسلامي الصحيح؟ وهل سنشهد يوماً يحيط فيه بيت الله الحرام الملحدون؟