الضعف العربي وحدود إسرائيل المتحركة
محمد ناجي أحمد
إسرائيل لا وجود لتنفسها إلاَّ جوَّ الضعف العربي ، وهذا الجو لن يبقى لها إذا استعاد العرب عافيتهم بوحدتهم ، يومئذ سيعود اليهود إلى العيش بسلام في كل مكان جاؤا منه ، بدلا من أن يبقوا ” على خط النار مع العرب ” بحسب تعبير خروشوف ” .
يتحدث كتاب ( الصهيونية بين تاريخين ) لعبد الله النجار والدكتور كمال الحاج –الصادر عن دار العودة ،بيروت 1972م -عن مقال للحاخام (ليون سبثي”الذي نشر في مجلة ( العبراني الأمريكي ) آذار 1946م ، بعنوان “الموت لأعداء السامية ” وقد تضمن المقال أقوالا ل(ترومن ) الرئيس الأمريكي ، ففي 25اكتوبر 1948م يقول (ترومن) ” نؤيد إسرائيل في حدودها المقررة ، وفي كل تعديل توسعي لها ترضى عنه” ووعد بعد أربعة أيام من هذا التصريح بأن ” تكون إسرائيل من السعة والحرية والقوة ، بحيث يكون شعبها آمنا رخيَّ البال ” وتحدد ( غولدا مائير )حدود متحركة لإسرائيل ، في آذار 1971م قائلة ” إن المنطقة بين المتوسط والعراق لا تتسع لدولتين ” .ويرى ( بن غوريون ) أن تقسيم فلسطين مرحلة إلى أرض إسرائيل الأوسع.
حدود إسرائيل مفتوحة بمدى توحش الامبريالية الغربية ، ففي عهد نبي الصهيونية (هرتزل ) كانت حدودها وفق أحلامه وآماله في كتابه ( الدولة اليهودية ) الذي نشر أواخر القرن التاسع عشر – تمتد من الأناضول حتى قناة السويس . وجعلها غيره من النيل إلى الفرات ، وفي سنة 1919م طلب الوفد اليهودي في مؤتمر (فرساي ) جعل حدودها الشمالية تصل إلى صيدا في لبنان ، وإلى جسر (الفرعون ) .ص188 المرجع السابق .
لهذا لم يكن (بن غوريون ) يجيب على رسائل ( ديغول ) المتعلقة بأسئلته الملحة عن حدود إسرائيل ، ولا يجد ردا عليها .
وعن القدس يقول (حاييم ويزمن ):”لا يهمكم بقاء جانب من القدس خارج الدولة الإسرائيلية ، اندماجه فيها سوف يتم بسلام …فاصبروا ” ولهذا راهن بن غوريون على ضجر العرب من الصراع الإسرائيلي فقال ” الزمن معنا … العرب سوف يضجرون ، ويضطرون في النهاية إلى الاتفاق معنا على توطين اللاجئين في خارج فلسطين ، بقروض تدفعها أمريكا” والحقيقة أن قادة مشيخات الخليج هم من سيدفع !
من أجل تأسيس الكيان الصهيوني واستيطانه في فلسطين ،اختلق الصهاينة نسبا يهوديا لمن يريدون دعمه من أغنياء ولوردات أوروبا ، وكان هؤلاء جاهزين للتصديق خدمة لمشروع امبريالي في المنطقة العربية .
كان بلفور ولويد جورج وولسون وترومن وايزنهاور وغيرهم من قادة الغرب الرأسمالي يعلنون أنهم صهاينة ، ولهذا نقول بأن إسرائيل ذراع متقدم للإمبريالية العالمية في المنطقة العربية عملوا على غرسها وكيلة لهم هنا . يقول لويد جورج ل حاييم ويزمن ” إن ما نحتاج إليه في فلسطين يا ويزمن إنما هو رجال تهمهم حقا سياسة الوطن القومي ” ما يحتاج إليه الغرب هو وكلاء منغمسون في الأساطير اليهودية بخصوص فلسطين ، يستطيعون من خلالها أداء الدور الوظيفي في خدمة الاستعمار الغربي عن عقيدة وإيمان .
لقد كان أعداء العرب الألداء هم من حولوا أساطير الصهيونية إلى دولة استعمارية واستيطانية في فلسطين ، بالعنف وما سموه انتدابا والهجرات المفتوحة ليهود العالم :تشرتشل واللورد سَسِل والجنرال سْمَطسْ وبلفور و لويد جورج وترومن الخ.
عندما أصبح تشرتشل وزيرا للمستعمرات البريطانية في شباط 1921م سافر مباشرة إلى القاهرة ، واجتمع مع اللينبي وكوكس ، وفيصل وعبد الله الذي أصبحت (إمارة شرق الأردن ) له. وهناك خاطبهم بأنه لا يريد نقض تصريح بلفور المشهور ب(وعد بلفور )ولا الحد من الهجرات اليهودية إلى فلسطين ، وقال لهم ” من الحق الصريح لليهود المشتتين أن يكون لهم وطن قومي يجمع شملهم ، وهل يكون هذا الوطن غير فلسطين ، التي ما برح اليهود من ثلاثة آلاف سنة مرتبطين بها ؟
نرى ذلك لخير العالم ، ولخير اليهود ولخير الامبراطورية البريطانية ، ولخير العرب القاطنين في فلسطين ، لأجل ذلك نريده … أُلفت انتباهكم إلى القسم الثاني من وعد بلفور الذي يضمن حقوقكم المدنية والدينية تمسكوا به… سننجز الوعدين معا . انتبهوا لعبارة وطن قومي ، لا الوطن القومي . الفرق كبير في المعنى بينهما …إقامة وطن قومي لا تعني حكومة يهودية تحكم العرب …لا تخافوا من المستقبل …إننا لا نطيق أن تغتصب جماعة مِلْك جماعة أخرى …شيئا فشيئا سنوصلكم إلى حكم ذاتي . ولكن سيقضي أحفادنا قبل أن يتحقق ذلك “ص135 المرجع السابق.