■ العميد القاعدي: الأمن مسؤولية جماعية ونسعى لتجاوز هذا الوضع
استطلاع/ وائل شرحة
لم يتأسف جمال بنعمر منذ أن قدم إلى اليمن مبعوثاٍ ومستشاراٍ للأمين العام للأمم المتحدة لشئؤون اليمن وحتى اللحظة على الأوضاع التي شهدتها اليمن إلا على الوضع الأمني الذي يشهد انفلاتاٍ وربما تقاعساٍ وغياباٍ لا تدركه وزارة الداخلية المعنية بتحقيقه وغيابه بشكل أساسي… هذا الوضع لم يكن مثار أسف وحسرة المبعوث الأممي فحسب بل لكل أبناء المجتمع اليمني والقوى والفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني..
ونتيجةٍ لتزايد الهجمات والانفجارات التي تستهدف الوطن وأبناءه سواء كانوا مدنيين أو عسكريين جعل الجميع يتساءل أين وزارة الداخلية¿! وما هو دور رجال الأمن تجاه ذلك¿ وأين منظمات المجتمع المدني وقادة البلاد السياسيين¿! وماهي الحلول العاجلة التي يجب اتخاذها فوراٍ لردم الهوة الأمنية¿ والمعوقات التي حالت بين الداخلية وتحقيق واجبها¿.. المزيد في السطور التالية..
مواجهات مسلحة شهدتها مديريتي العشمة والقفلة بمحافظة عمران بين قبيلة حاشد والحوثيين واستمرت لأيام وتحديداٍ من مساء الاثنين قبل الماضي وحتى الأربعاء الذي يليه إي أيام بلياليها راح ضحيتها 18 شخصاٍ 12 من الحوثيين و6 من أبناء قبيلة حاشد وفقاٍ لتقارير أمنية.
وبحسب ت قارير أمنية أيضاٍ فإن أسباب القضية هو اختلاف القبيلتين على قطعة أرض واقعة في حدود مديريتي” العشة والقفلة” بينما يرى مراقبون أن ” الاختلاف السياسي والطائفي ما بين الطرفين منذ زمن ليس ببعيد هو السبب الرئيسي في تبادل إطلاق النار برصاص الأسلحة الثقيلة وأن قطعة الأرض لم تكن إلا عذر للطرفين أثناء المواجه” في ظل غياب واضح لأجهزة الأمن المعنية في تلك المناطق.
مدير أمن مديرية العشة محمد الراعي قال “توقفت الاشتباكات بين الطرفين صباح الأربعاء قبل الماضي بعد وساطات قبلية لكنها تجددت في المساء وبأكثر من السابق إذ أن الطرفين يحشد قواه ومسلحيه مما يجعلنا نؤكد بأن الوضع يمكن أن ينفجر وقد تشهد المنطقة مواجهات عنيفة “.
وأضاف الراعي ” في ظل استعراض القوة من كلا الطرفين ستصاب المساعي القبلية والرسمية بالعقم مادام الطرفان يحملان أحدث الأسلحة الثقيلة التي ربما لا يملكها رجال أمن المديرية كالمدافع وقذائف اِر. بي. جي”
تقاعس وصمت السلطات المحلية ورجال أمن المديرية ـ إن وجدوا ـ والمحافظة بعمران هم سبب المواجهة بحسب مدير عام مديرية العشة صدام غوبر مشيراٍ إلى أن هناك صمتاٍ مخيفاٍ من قبل رجال الأمن حيال ما يحدث بالإضافة إلى عدم شعورهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.
حرب الشغادرة ونجرة
قضية أخرى أو مواجهات مسلحة وقعت بين أسرتين من مديريتي الشغادرة ونجرة بمحافظة حجة كان زمن بدايتها قبل شهر رمضان بأيام وتحديداٍ أثناء امتحانات طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية العامة راح ضحيتها شاب لم يتجاوز عمره الثلاثين من أبناء مديرية نجرة وإصابة 4اِخرون 2 من الشغادرة و2 من الطرف الآخر.
هناك حيث تشاجر أحد أبناء مديرية نجرة “هم” مع أحد أبناء الشغادرة “مس” حول سيارة قام بأخذها” الضحية” بالغصب من أحد أبناء تهامة بعد أن باعها قبل سنة عبر معرض سيارات تابع “مس”.. الرجل التهامي الذي تم أخذ سيارته خيم في بيت صاحب المعرض الذي فشل تواصله مع مشائخ نجرة وأهالي الضحية الذين عجزوا عن إحضار السيارة.
وما بين وقت الظهيرة والعصر كان الشيطان يدبر لمكيدة ما في حدود المديريتين حيث نشب شجار ما بين “هم” و”مس” وهو قادم من العاصمة صنعاء أو محافظة المحويت كما يقول المواطنون لكن الشجار في ذلك الوقت انتهى دون ضحايا.. الأمر الذي أوصل القضية والإختلاف على 1500ريال سعودي إلى الحرب هو “انتزاع الآلي والمسدس الخاص بـ”هم” وتسليمه لمدير مديرية الشغادرة من قبل “مس” وذلك لمحاولته بإطلاق النار” كما يقول أحد الأعيان.
تشابك القضية
محبو الشر والفتن وتجار الحروب كان لهم دور في نشوب الحرب إذ اشترى “هم” بندقية أخرى من أحد التجار ليعود مسرعاٍ وقت المغرب لنفس الموقع ويقوم بعملية إطلاق النار التي انتهت بمفارقته الحياة برصاصة لم يعرف مصدرها حتى الآن وذلك لانعدام الأمن ورجال البحث الجنائي بالمديرية.. بدأت أصوات المعدلات الثقيلة من مديريتي نجرة إلى الشغادرة بعد ساعات من وقوع “هم” ضحية على الأرض لتستمر أسبوعاٍ كاملاٍ وتتوقف خلال شهر رمضان بأكمله بعد وساطات قبلية وبعد أن حبس أكثر من 5 أشخاص من أبناء الشغادرة على ذمة القضية.. وهذا دون أي تدخل من وزارة الداخلية وأجهزتها التابعة لها في المنطقة والمعنية بحفظ الأمن.
ثالث أيام العيد عاد إطلاق النار من طرف واحد ” نجرة” وأخذ سيارة أحد أبناء وجهاء الشغادرة… لتتحول الحرب ما بين أهالي الضحية وبين أسرة الشيخ الذي أخذ صالونه الوحيد عبر التقطع الذي باشر به أهالي “المجني عليه” وذلك لإطلاق سراح ثلاثة أشخاص من المحبوسين على ذمة القضية من قبل المحكمة كون أحدهم كان مرسلاٍ من قبل مدير مديرية الشغادرة والآخران كانا حاضران إثناء الحادثة.
مديرية بدون رجال أمن
وحول هذه القضية أوضح لنا مدير مديرية الشغادرة طايف شعلان ” ليس هناك رجال أمن بالمديرية وهذا ما جعلني اتصل بأحد وجهاء المنطقة وأوجهه بالذهاب إلى مكان القضية وحل النزاع بين الأطراف المختلفة لكنه لم يستطع ذلك.. كما أنني بلغت أمن المحافظة بإرسال أطقم أمنية للسيطرة على الوضع قبل تفاقمه لكن ذلك لم يجد نفعا إذ أن رجال الأمن لم يصلوا إلا بعد ثلاثة أيام من موعد إطلاق النار ولم يستمروا أكثر من نصف يوم بالمديرية لعجزهم عن السيطرة على الطرفين”.. وأشار شعلان إلى أن غياب الأمن هو السبب الرئيسي في تفاقم المشكلة.
قراضة والمرزوح
حتى المرأة المسنة ذات الخمسين عاما لم ترحمها رصاص المعدلات الثقيلة التابعة لإحدى العصابات المسلحة والتي تحاصر قرية المرزوح بمحافظة تعز منذ سبعة أشهر فقد اخرجت عينها اليمنى وأرسلتها إلى دار الآخرة صباح يوم الخميس الماضي.
وأشار أحد أقرباء الضحية والذي قام بنشر صورتها في مجموعة أصدقاء الشرطة إلى أن القتيلة تحتل رقم”5” في خانة القتلى.. مشيراٍ إلى أن العصابة منعت المواطنين من إسعاف المصابين أو دخول الأطباء القرية ولم يسمحوا إلا لوفد من نساء الهلال الأحمر لإيصال القتيلة إلى ثلاجة إحدى المستشفيات بالمدينة والجميع كان ويناشد كل قيادة الدولة بالتدخل العاجل والسريع لإنقاذ المنطقة من الدمار وإزهاق الأرواح.
وفي السياق ذاته أوضح أمين عام المجلس المحلي أحمد الحاج أن هناك مساعُ قبلية وحكومية وأمنية لحل القضية بين الطرفين خلال هذا الأسبوع.. مبدياٍ قلقه فيما إذا فشلت المساعي في ايجاد الحلول وفك الحصار وإيقاف إطلاق النار بين الطرفين.
شهداء الجوية
استهداف أفراد الأمن والقوات الجوية من قبل عناصر تنظيم القاعدة.. كان آخر هذه الأحدث التي شهدتها أمانة العاصمة الأحد قبل الماضي من تفجير حافلة تابعة للقوات الجوية راح ضحيتها الرقيب أول محمد أحمد علي الشغدري وإصابة الآخرين بإصابات بليغة ومتوسطة في شارع الستين الشمالي وتحديداٍ ما بين جولتي عمران والجمنه أثناء توجههم إلى مقر عملهم “قاعدة الديلمي الجوية”.
قبل هذه الحادثة تم اغتيال مدير عمليات الأمن السياسي بمحافظة عدن العقيد علي هادي وابن شقيقه على إثر إطلاق رصاص عليهما من قبل عناصر تنظيم القاعدة بحسب تصريحات أمنية اِنذاك..
مسؤولية الدولة
تخاذل القائمين على الأجهزة الأمنية تجاه من ينتهك القوانين ويقلق أمن واستقرار المواطن وعدم استشعارهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم بالإضافة إلى المماحكات السياسية التي يسهل عليها التخريب ويصعب على صاحبها من رجال الأمن العمل للوطن من أهم الأسباب التي أدت إلى الانفلات الأمني كما قال لنا قائد الشرطة الراجلة سابقاٍ العقيد عبدالغني الوجيه.
وأعتبر الوجية تدخل رئيس الجمهورية بإلزام كل الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والقبلية وكذا رجال السلطة بالوقوف مع رجال الأمن ومساندتهم بمنع حمل السلاح من الحلول الأساسية لأنهى الانفلات الأمني.. مشدداٍ على ضرورة اقرار حملة منع حمل السلاح في الوقت الراهن من قبل مجلس الوزراء ويتبع قرار الحكومة تنفيذ على أرض الواقع وكذلك ضبط كل من يعرقل الحملة ومعاقبته من قبل السلطات المحلية لأن إي عرقلة للحملة ستكون عرقلة للمبادرة الخليجية التي اجمع عليها أبناء اليمن بكافة فئاته.
وأشار الوجية إلى أن إعادة هيكلة قيادة الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بحسب الكفاءة والقدرة والنأي بها عن الحزبية والطائفية ستساعد بشكل كبير على انهى الانفلات الأمني.
نسعى لتقليل الضعف
يختلف مدير عام التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بوزارة الداخلية العميد الدكتور/ محمد أحمد القاعدي مع من يصف مايحدث بـ ” الانفلات الأمني” نظراٍ لما يقوم به رجال الأمن من عمليات ضبط لبعض الجرائم سواء قبل أو بعد وقوعها.. مضيفاٍ “نستطيع أن نقول أن الوطن يمر بضعف أمني ناتج عن الأزمة التي مرت بها اليمن خلال الأعوام الماضية التي شهدت انقساماٍ في السلطة والقبيلة والمجتمع ايضاٍ والوزارة تسعى جاهدة إلى تقليل هذا الضعف”.
وبين العميد القاعدي أن الحروب القبلية التي تشهدها بعض المديريات في المحافظات ليست بجديد على المجتمع اليمني فهو يعيش هذه الأحداث والمواجهات منذ القدم.. منوهاٍ بأن هناك من استغل الضعف الأمني في إقلاق الأمن والاستقرار ومخالفة القوانين والهيمنة بالسلاح.
تعاون المجتمع
تعاون المواطنين والمجالس المحلية ومنضمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام مع رجال الأمن في تحقيق الأمن والاستقرار الذي يعتبر مطلب جميع اليمنيين من أهم العوامل التي ستساهم في تغييب هذا الضعف بحسب القاعدي.. موكداٍ بأن عدم تهاون المحاكم والنيابات مع المجرمين المضبوطين من قبل رجال الأمن وعدم اخراجهم من السجون بالضمانات سيكون له دور كبير في بث التفاؤل والانتصار في نفوس رجال الأمن.
وزارة الداخلية مشغولة
كان قد حاولنا التواصل مع قيادة وزارة الداخلية لعدة مرات لإثراء هذا الموضوع براوية الوزارة والإجراءات التي سيقومون بها من أجل أنهاء الغياب الأمني لكنهم لم يتجاوبوا معنا ولا نعلم ماهي الحكمة من الامتناع عن توضيح ذلك للمواطن وعن الأسباب التي أدت إلى هذا الفتور الأمني.. كان منهم وكيل الوزارة لقطاع الأمن والشرطة اللواء/ عبدالرحمن حنش واللواء/ فضل عبدالمجيد وكيل الوزارة لقطاع الخدمات واحد أعضاء اللجنة العسكرية وكذلك مدير مكتب الوزير العميد/ أحمد السنيدار وعدد من الأكاديميين والمتخصصين في الجانب الأمني.